لا يقل الحادث الإرهابي الغاشم الذي تعرض له أقباط المنيا بشاعة عن حادث تفجير طائرة »لوكيربي» 1988والذي وقعت بعده ليبيا مع عائلات الضحايا الأمريكيين اتفاقًا عوضت بموجبه عائلات الضحايا بحوالي 2.7 مليار دولار، ووافقت علي دفع ما يصل إلي عشرة ملايين دولار لكل أسرة من أسر الضحايا، ثم قامت بدفع 4 ملايين دولار لعائلة كل ضحية، وبعدها دفعة أخري بنفس القيمة، عندما أسقطت الولاياتالمتحدة عقوباتها ضد طرابلس، ثم دفعة أخيرة قدرها مليونا دولار لكل أسرة عندما أزالت واشنطن اسم ليبيا من قائمة الدول الراعية للإرهاب. إذا كانت جميع الأدلة والشواهد والقرائن تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن دويلة قطر هي المتورط الرئيسي في الحادث الإرهابي، الذي تعرض له أقباط المنيا، بما توفره من مأوي للإرهابيين، واحتضان للمتطرفين، ونشر للأفكار المسمومة ضد مصر وشعبها عبر قناة الجزيرة، التي تنشر الفتن ضد مصر بدعم قطري صريح، فلماذا لا ترفع مصر قضية دولية ضد قطر تُطالب فيها بالتعويض لأسر ضحايا المنيا البالغين 28 وأصيب فيه 25 آخرون؟ ومن الجهات المنوط بها إقامة الدعوي؟، وما الجهات الجنائية التي توجه لها الدعوي؟ وما حجم التعويضات التي يمكن أن تصرف لكل أسرة؟ وما المدة الزمنية التي ستستغرقها القضية لصدور الأحكام؟.. هذا ما سنحاول الإجابة عليه في السطور التالية.. الدكتور نبيل مصطفي خليل أستاذ القانون الدولي، يقول: إنه يجوز لأهالي الضحايا الادعاء بالتعويض بأشخاصهم أو محامين عنهم أمام المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مباشرة، إنما إذا ثبت أن المنفذين ينتمون لتنظيم دولي متعدد الجنسيات هنا الدولة المصرية هي التي تتبني القضية إما عن طريق الحماية الدبلوماسية أو اللجوء إلي القضاء الدولي الذي يحدد إذا كان للحكومة المصرية الحق من عدمه في رفع الدعوي. وإذا ثبت حق مصر في إقامة الدعوي سيكون أمام إحدي جهتين إما المجلس الدولي لحقوق الإنسان أو اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للامم المتحدة، وتحريك الدعوي من خلاله لأنه قتل منهجي وانتهاك لحق الضحايا في الحياة وستحال القضية إلي المحاكم التي تقتضيه جنسية المتهمين. تابع، وإذا ثبت أنهم أوربيون مثلًا سنلجأ إلي المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وإذا كانوا أفارقة سنتوجه إلي اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان، أما إذا ثبت أن المتهمين متعددو الجنسيات سيحيل المجلس الدولي لحقوق الإنسان القضية إلي المحكمة الجنائية الدولية، وفي الحالة الثانية إذا رأت الحكومة المصرية أن الحادث تكرر أكثر من مرة ويحدث إخلالا بالسلم الدولي وتعديا علي سيادة الدولة فيمكن اللجوء إلي مجلس الأمن وتحريك الدعوي من خلاله، ومجلس الأمن سيحيل الأمر إلي المحكمة الجنائية الدولية لأن المتهمين تنظيم دولي متعدد الجنسيات للتعرف علي المنفذين الأصليين باعتبارهم قادة وأمروا بتنفيذ هذا العمل الإجرامي علي الضحايا للحكم عليهم أولا بعقوبة جنائية ثم المطالبة بتعويض. خليل، أوضح انه لا يوجد تشابه بين ضحايا طائرة لوكيربي وتفجير المنيا من حيث منفذي العملية الإرهابية، فالمسئولون عن حادث لوكيربي كانوا ليبيين بحسب أصل جنسيتهم الليبية، إنما المتهمون بتفجير حادث المنيا، لهم جنسيات متعددة، مشيرًا إلي أن حجم التعويضات التي قد يحصل عليها أهالي الضحايا ستكون علي غرار حجم تعويضات قضية لوكيربي والتي تصل لمليارات الدولارات لأنها قضية دولية تمس الأمن القومي المصري والتعدي علي سيادتها لكن تقديرها بالتحديد متروك للجانب القضائي بحسب عدد الضحايا ومراكزهم والتي ستستغرق سنوات طويلة من البحث والتحقيق. الدكتور علي الغتيت، أستاذ القانون الدولي، يقول إن الانتقال من العبارات السياسية إلي العبارات القانونية موضوع يجب أن يكون له وقائع وأدلة حتمية ووجود دراسة حقيقية لقوة الأدلة، وأيضا الدول التي تطرح هذا الشان تكون لديها أدلة تحسم الموضوع، وفي المسائل الدولية هناك قواعد للتعامل بين الدول فمرتكبو هذه الجرائم الدولية إن كانت لهم صلة بالحكومات فليس لهم صلة بالشعوب والدول لا تمثل الحكام وإنما تمثل الشعوب وبهذا الشكل نري أن المسألة مرتبطة بعناصر متعددة لا يجدي فيها مجرد البيان السياسي لأن مثل هذا الإجراء إذا اتخذ من غير توافر الشروط السابقة من شأنه أن يعرض الدولة التي تتصرف في الإطار الدولي وتوجه اتهامات جنائية دولية إلي المسئولية فهي مسألة نظمها القانون الدولي، فلا يمكن أن نستبق الأحداث، والمفترض أن ننتظر حتي يتم تحديد هوية منفذي الجريمة الإرهابية. الدكتور سعيد اللاوندي خبير العلاقات السياسية الدولية، يري أن رفع قضية تعويض علي قطر أو تركيا خاضع لمدي وجود أدلة مادية ملموسة لتورطهما في هذه الأحداث الإرهابية، فإذا توافرت الأدلة وأصبحت مؤكدة أصبح من حق أسر الضحايا رفع قضايا علي هذه الدول، وأعتقد أنه لا بد من أن يثبت بالدليل القاطع تورط هذه الدول بتوفير الدعم المادي وتوفير الملاذات الآمنة لتلك العناصر الإرهابية، والتأكد من أنها قامت بتدريب وتسليح بما يفيد تورطها في العملية الإرهابية التي تمت، ففي هذه الحالة يمكن لأهالي الضحايا أن يرفعوا دعوي تعويضية أمام المحكمة الجنائية الدولية، وتمثلهم فيها السلطات المصرية، وهذا ما سيتضح من اعترافات بعض المجندين أو المقاتلين الذين يقومون بتلك الأعمال الإرهابية، إذا تم القبض علي بعضهم. أضاف: »استخدام قطر لبعض وسائل الإعلام بشكلها الواسع سواء كانت مسموعة أو مقروءة أو مرئية إذا ثبت بالدليل القاطع أنها تقوم بالتحريض من خلال المقالات أو البرامج أو الأعمال الإذاعية فهي من الآليات التي يمكن الاعتماد عليها في تأكيد تورط هذه الدول في ارتكاب العملية الإرهابية. الدكتور مصطفي كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، قال نحن لا نعلم الحقائق عما جري في المنيا وبالتالي مادمنا نجهل هوية منفذي الحادث لا يمكن أن نُطالب بتعويض من أي جهة، ففي لوكربي كان معروفا منفذو الحادث أو علي الأقل بعد سنوات طويله ثبت أن واحدا فقط من المتهمين هو منفذ العملية، وأن الآخر ليست له صلة فنحن لا بد أن نعرف بصفة مبدئية مَن منفذو الحادث ثم بعد ذلك يمكن طلب تعويضات. ويتفق معه في الرأي، الدكتور عبد الله المغازي أستاذ القانون الدولي، لافتًا إلي أنه لابد من معرفة الجاني أولاً، فقضية لوكيربي كانت بوازع من الحكومة الليبية نفسها وباعتراف العقيد الليبي معمر القذافي، وهنا تعتبر الحكومة أو الدولة هي الجاني، وبعد سنوات طويلة تم حل القضية باتفاق سياسي بموجبه دفعوا تعويضات قدرت بالمليارات. أضاف، يمكن القول بأن الجناة يمولون بسلاح من قطروتركيا مثلًا إذن هنا يتضح أن الذي يمول هؤلاء الجماعات الإرهابية هي الحكومة القطرية والتركية، وبالتالي فمن حق الحكومة المصرية في هذه الحالة أن ترفع قضايا تعويض ويمكن لمصر إذا أثبتت بالدليل القاطع أن الحكومة القطرية والتركية هما الممولتان فنحن نوجه أصابع الاتهام إلي من يوجه هؤلاء الجناة الفعليين، وإذا كان لدي قطر أو تركيا رصيد مالي يمكن الحجز علي هذه الأرصدة تعويضا لأهالي الضحايا الذين ستحكم لهم المحكمة. وأشار إلي أن الحكومة المصرية هي التي تساعد أهالي الضحايا وتتضامن معهم والأفضل أن نحدد أماكن بقية المتهمين ولو ثبت بالدليل القاطع كما نتداول في المجتمع الدولي عن تمويل تركياوقطر لهم إذن هنا نرفع قضية علي الدول الراعية للإرهاب ونطالب بالتعويض منها بل والمطالبة بالمحاكمة الجنائية لحكام هؤلاء الدول أمام المحكمة الجنائية الدولية. الدكتور أيمن سلامة، يقول إن هذا الطرح يحتاج إلي أدلة ثبوتية دامغة وأسس قانونية تؤكد أنهم مرتكبو الحادث إما بأوامر أو بتحريض أو بمساعدة أو تسهيل ففي حال توصلت لجنة تقصي حقائق وطنية مصرية محايدة وإما لجنة من جامعة الدول العربية أو لجنة دولية من مجلس الأمن أو منظمة الاتحاد الأفريقي ليثبتوا تورط قطروتركيا فهذا يمكننا من تحريك الدعوي علي الفور.