قامت ثورة الثالث والعشرين من يوليو علي مبادئ ستة، هي القضاء علي الإقطاع، وعلي الاستعمار، وعلي سيطرة رأس المال علي الحكم، وإقامة حياة ديمقراطية سليمة، وإقامة جيش وطني قوي، وإقامة عدالة اجتماعية، ومن يقرأ دفتر أحوال الشعب المصري قبل الخامس والعشرين من يناير، يتأكد أنه كان لزاما علي الشعب أن يثور من جديد، فقد تشابهت الأحوال قبل 23 يوليو مع ما قبل 25 يناير من رشوة وفساد وعدم استقرار الحكم، والأهم السعي الي عودة الملكية من جديد، وكما تسبب المرتشون والمغرضون في هزيمتنا في حرب فلسطين، تسبب نظراؤهم قبل 25 يناير في ما وصلت إليه مصر، من تدن في كل المستويات، محليا وعربيا ودوليا، ناهيك عن أن الشعب استشعر ضرورة العمل علي إحياء مبادئ ثورة يوليو، فالإقطاع عاد من جديد بصورة مختلفة، قلة من أفراد الشعب يملكون الأراضي في كل ربوع مصر، وهو ما أدي إلي ارتفاع الأسعار، وعدم قدرة كثير من المصريين علي الحصول علي مسكن مناسب، في حين تملك الاقطاعيون الجدد القصور والفيلات والشاليهات، كما عادت من جديد سيطرة رأس المال علي الحكم، وأصبح الفاسدون من رجال الأعمال وزراء وأعضاء في البرلمان، وهم أصحاب الحل والعقد، لقربهم من السلطة، ويعرف القاصي والداني أن من الأسباب الرئيسية لقيام الثورة، ما حدث من تزوير وانتهاك لإرادة الشعب في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وكان وراء ذلك أحد رجال الأعمال الفاسدين، بمباركة من الأسرة المالكة، كما غابت عن مصر في الثلاثين سنة الأخيرة كل أركان الحياة الديمقراطية السليمة أو العدالة الاجتماعية، فالحياة الحزبية كانت مشوهة، الأحزاب فيها كرتونية، مجرد لافتة وصحيفة، وحدث ولا حرج عن العدالة الاجتماعية في عهد النظام السابق. مما أعجبني: للشعوب حكمها الخاص في القضايا الهامة التي تمثل علامات بارزة في تاريخها، فقد تمحو مئات السيئات بسبب حسنة واحدة، وقد تمحو مئات الحسنات بسبب سيئة واحدة.