بعيداً عن حجم الفاجعة التي ألمت بالمصريين وذوي ركاب الطائرة المنكوبة من مختلفي الجنسيات، فإن هناك ست حالات رصدتها "آخرساعة" اختلطت فيها مشاعر أبطالها بين الحزن والفرح، حيث كانوا علي مسافة ساعات وربما دقائق من الموت في الطائرة المنكوبة، لولا أن القدر صاغ سيناريو مختلفاً، جعلهم يغيبون عن رحلة ذهاب الطائرة رقم 803 ورحلة عودتها رقم 804. رحاب.. إجازة مرضي أنقذتها "لكل أجل كتاب" فمن كان مقرراً صعودهم علي متن الطائرة المنكوبة في رحلة الذهاب من مطار القاهرة إلي مطار "شارل ديجول" الفرنسي، يوم الثلاثاء الماضي 17 مايو، أرجأ القدر ساعتهم، وأنقذتهم العناية الإلهية من "موت الفجأة"، الذي طال 69 شخصاً كانوا علي متن الطائرة في رحلة العودة، الخميس الماضي، حين تحطمت الطائرة فوق مياه البحر المتوسط، علي ارتفاع نحو 37 ألف قدم. وعلمت "آخرساعة" من مصادر مقربة من طاقم ضيافة الطائرة أن هناك مضيفتين جويتين كانتا من المقرر أن تكونا ضمن الطاقم لكن أسباباً حالت دون ذلك، ما أدي إلي كتابة عمر جديد لكل منهما. المضيفة الأولي التي نجت من الموت بأعجوبة تُدعي رحاب محمد تعمل في شركة "مصر للطيران" منذ سنوات، وقبل حادث الطائرة بفترة أصيبت بوعكة صحية، وكانت تتابع حالتها في المستشفي الجوي بمنطقة "التجمع الخامس" وأن الأطباء منحوها إجازة مرضية إلي أن تستقر حالتها الصحية، وتكون قادرة علي مواصلة عملها كمضيفة في الرحلات الجوية التي تنظمها الشركة بحسب جدول يصدر بصفة دورية كل 15 يوماً ويتضمن أسماء طواقم العمل علي الطائرات. وبحسب المصادر انتهت الإجازة المرضية لرحاب قبل يوم واحد من موعد رحلة الطائرة المنكوبة، وكانت تستعد للسفر، لكن حين ذهبت إلي المستشفي قام الأطباء بتمديد فترة الإجازة لمدة خمسة أيام أخري قبل 24 ساعة من انطلاق الرحلة، وبالتالي تم استبدال مضيفة أخري بها، وظلت رحاب في المنزل، لتتابع في صباح اليوم التالي خبر اختفاء الطائرة ومن ثم سقوطها في البحر! مروة.. رخصة الضيافة منعتها أما المضيفة الثانية وهي صديقة رحاب أيضاً، فتُدعي مروة، وكانت قبل موعد الرحلة بيوم واحد علي علم بأنها ستكون ضمن طاقم الضيافة في الطائرة، وذهبت بالفعل إلي مطار القاهرة صباح يوم الثلاثاء 17 مايو، معتقدة أن الطائرة التي علي وشك الإقلاع من طراز "بوينج 800"، وهو الطراز المُدرج في رخصتها كمضيفة، لكنها فوجئت أن الطائرة طراز إيرباصA320 ، وبالتالي ليس لها أن تكون ضمن طاقم الضيافة لأن رخصتها لا تشمل العمل علي هذا الطراز، وهنا غادرت المطار إلي منزلها، وتم استبدال مضيفة أخري بها. وتنفرد "آخر ساعة" بنشر صورة بطريقة Screen Shot من محادثة تمت بين المضيفتين الناجيتين رحاب ومروة، علي جروب خاص يضم 131 من المضيفين الجويين بشركة "مصر للطيران" علي موقع "تليجرام" باسم cabin crew chatting وذلك عقب علمهما بنبأ تحطم الطائرة، ووفاة كل من كان علي متنها بمن فيهم زملاؤهم في طاقم الضيافة. وفي هذه المحادثة قالت رحاب: "أنا كنت علي الرحلة دي بس كنت (أجازة) مرضي، وكنت هاخد لياقة عشان أطلعها، والمستشفي الجوي مد لي المرضي 5 أيام كمان ومرضيش يديني لياقة قبلها بيوم"، وتابعت: "أنا منهارة.. فعلاً قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا"، فيما ردت عليها زميلتها مروة قائلة: "الحمدلله علي كل حال"، فقالت زميلة أخري تدعي رانيا عادل: "تعددت الأسباب والموت واحد". حكيم.. غيّر موعد الحجز قبل يوم واحد هذه القصة هي الأغرب، نشرتها مجلة «لوبوان» الفرنسية، ولم تلتفت إليها الصحافة العربية نهائياً، لولا أن الكاتبة المصرية المقيمة في باريس فابيولا بدوي تلقفت الخبر الصغير بالصدفة أثناء تصفحها للمجلة وترجمته ل«آخرساعة». وبطل القصة بحسب المجلة هو مواطن مصري يُدعي حكيم فضل عدم ذكر اسمه بالكامل - وقد نجا بمعجزة من الحادث، حين قرر أن يغير موعد الحجز علي نفس الرحلة في اللحظة الأخيرة. فقد كان اسمه علي الطائرة المنكوبة، لكنه قبل الرحلة بيوم واحد غيّر موعد الحجز، لا لسبب سوي أن الطائرة ستصل إلي القاهرة في وقت متأخر ولم يكن يريد أن يرهق عائلته التي ستكون في استقباله. وقال حكيم: «أنا محظوظ ومطمئن أنني نجوت، لكنني أشعر بألم شديد حتي هذه اللحظة في معدتي، وبالحزن علي ضحايا الطائرة وأسرهم». وليد.. أخصائي أمن طيران أنقذته «آخرساعة» من شائعة الموت من المفارقات أيضاً أن أحد موظفي شركة «مصر للطيران» يعمل أخصائي سكرتارية، ويُدعي خالد توفيق، علم بطريق الخطأ أن صديقه «وليد سامي» الذي يعمل أخصائي أمن طيران كان علي متن الطائرة المنكوبة، ونشر بالفعل صورة لوليد علي موقع «فايسبوك» ينعيه فيها، وكتب معلقاً علي الصورة: «هذا صديقي وزميلي وليد ظابط الأمن كان متواجداً علي الطائره.. الله يرحمه.. رجاءً الدعاء»، لكن «آخرساعة» أوضحت له أن طاقم الطائرة لا يشمل اسم وليد سامي، فكانت فرحته كبيرة لنجاة صديقه من الموت، وقال لنا: «استقبلت خبر وفاته علي متن الطائرة صباح الخميس الماضي من زملاء لي في الشركة، كانوا هم أيضاً يعتقدون بالخطأ أنه ضمن طاقم الرحلة، وحزنت حزناً شديداً، لكن الحمدلله أنه بخير حيث علمت أنه لم يكن ضمن طاقم الطائرة بسبب مرضه». وكانت «آخرساعة» حصلت علي صورة من بيان أسماء طاقم الرحلة General declaration والذي تُدرج فيه أسماء طاقم الطائرة ويقومون بالتوقيع عليه بعد الوصول إلي المطار، ويتضمن أرقام جوازات سفرهم وتاريخ ومحل ميلاد كل واحد منهم، وترسل نسخة منه إلي مطار شارل ديجول، ولم يكن من بينهم «وليد سامي»، حيث يوضح البيان أن عدد الطاقم كان 10 أفراد فقط، وهم قائد الطائرة محمد شقير، ومساعده محمد عاصم، ورئيسة طاقم الضيافة ميرفت زكريا، إلي جانب أربعة مضيفين هم «عاطف لطفي وسمر عز وهيثم مصطفي ويارا هاني» بالإضافة إلي ثلاثة من أخصائيي الأمن، هم «محمود عبدالرازق، وأحمد محمد مجدي، ومحمد الكيال». منير.. فرنسي تخلَّف عن الرحلة فنجا منير نامور (فرنسي من أصل عربي)، أسعفه الحظ في النجاة من حادث الطائرة، بعدما تخلف عن الرحلة. والتقته وسائل إعلام فرنسية بمطار «شارل ديجول»، وبدا منير متأثراً وهو يتحدث من نفس الصالة التي غادر منها راكبو رحلة الطائرة 804، وقال: «أنا حقا محظوظ لأني لم أغادر علي متن هذه الطائرة»، وتابع: «كان الإحساس صعباً بعدما علمت بمصير تلك الطائرة التي كنت علي وشك الصعود إليها». عبدالرحيم علي.. «الصندوق الأسود» يكتب عمراً جديداً له بخلاف الحالات السابقة، فإن هناك حالة أخري تحدثت عنها الصحافة خلال الأيام الماضية، وهو الإعلامي عبدالرحيم علي الشهير ب«الصندوق الأسود»، حيث كتب علي صفحته بموقع «فايسبوك» عقب الحادث بيوم واحد: «كان من المقرر أن أخوض تلك التجربة التي خاضها ركاب طائرة مصر للطيران رقم 804 التي تحطمت بالأمس، ولقي كل ركابها وطاقمها المكون من عشرة أشخاص مصرعهم». وتابع: «غيرت رأيي في اللحظة الأخيرة واتصلت بالشركة التي أتعامل معها لتجعل الحجز علي رحلة الخميس 18 مايو في الرابعة عصراً، كنت أشعر بالإرهاق والتعب ولم يكن في استطاعتي أن أمكث خارج الفندق متسكعاً في شوارع باريس من الثانية عشرة ظهر الأربعاء حتي الثامنة من مساء نفس اليوم، حيث يتوجب عليَّ التواجد بمطار شارل ديجول في انتظار إقلاع رحلتي.. ربما كتب لي عمر آخر عندما اتخذت قراري بالمبيت ليلة أخري لكي أحزن كثيراً وأفرح كثيراً وأعمل كثيراً من أجل مزيد من الأمل في حياة أفضل لكل المصريين». رواد.. طالب ليبي تأخر عن موعد الإقلاع نجا طالب ليبي يدرس في فرنسا يُدعي رواد العرفي من الموت علي متن الطائرة المنكوبة، وتناقل ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي صوراً له وهو يقوم بذبح خروفين احتفالاً بنجاته من الحادثة، وفي اتصال هاتفي مع صديقه في ليبيا الإعلامي بهاء الكواش، قال ل«آخرساعة»: رواد كان متواجداً في فرنسا حيث يستكمل دراسته العليا هناك، وكان مقرراً أن يسافر علي متن هذه الطائرة، لكنه تأخر عن موعد إقلاع الطائرة، وعند وصوله إلي مطار «شارل ديجول» في باريس وجد الطائرة قد غادرت، فانزعج تماماً، لكنه حين علم بسقوط الطائرة في البحر وبنجاته من موت محقق شكر الله وذبح خروفين.