مشكلة تواجه ثلاثة ملايين و600 ألف مصري، بحسب أرقام الجهاز المركزي للمحاسبات، المعلنة في مايو العام الماضي، وقد تزايدت أعداد العاطلين عن العمل في أعقاب ثورة يناير 2011 لكن الغريب هو أن تطال هذه المشكلة تخصصات مهمة مثل الطيارين. هذا ما نتعرف عليه في سياق السطور التالية. علي الرغم من أن نسبة العمالة في قطاع الطيران المدني لا تتجاوز 55% إلا أن هذه النسبة إذا انخفضت في السوق العالمية إلي 10% فقط، لأصبحت أزمة مجتمعية، لكن في مصر يوجد 900 طيار عاطل عن العمل مع غياب خطة لتجاوز هذه الأزمة مستقبلاً، بعد إغلاق أربع شركات خاصة في مصر. وبالإضافة إلي ذلك هناك صعوبة في إلحاق الطيارين بسوق العمل العالمية، لاشتراطها خبرة وتأهيلاً وتدريباً يتكلف آلاف الدولارات للطيار الواحد، وكذا اللجوء إلي دارسة الطيران في الخارج لتكلفتها الباهظة في مصر، ما أدي إلي تزايد مستمر في أعداد الطيارين دون وجود حلول واقعية لاحتوائها. حملة مؤهلات هذه المهنة لا يستطيع خريجوها من الطيارين المقيدين بعضوية نقابة الطيارين المدنيين، أن يجدوا عملاً بديلاً، بعد أن تكلفت دراستها 500 ألف جنيه، ليجد الطيار نفسه في النهاية بدلا من أن يكون محلقا في السماء، مازال واقفاً علي الأرض، بل واحدا من بين طابور طويل يضم مئات العاطلين عن العمل. وقد قفز هذا الرقم الكبير خلال الثلاث سنوات الماضية إلي 900 طيار عاطل، بعد أن كان 200 فقط قبل ثورة يناير 2011 نظراً لتوقف التدفقات السياحية، وغلق الكثير من الشركات الخاصة لانعدام فرصها في سوق العمل المحلية. من جهة أخري، لم تعتمد الأكاديمية المصرية لعلوم الطيران وسلطة الطيران المدني، سياسة تطبيق تحديد أعداد الدارسين، ما أدي إلي زيادة أعداد الطيارين الحاصلين علي إجازة طيّار تجاري إلي أكثر من ألف طيار، والذي أدي بدوره إلي تكدس سوق العمل بأعداد كبيرة من الطيارين، نظراً لزيادة العرض وقلة الطلب، ما قد يؤدي بدوره إلي خسائر فادحة في الموارد البشرية. الكابتن طيار أحمد مشعل أمين عام نقابة الطيارين يقول: تأسست نقابة الطيارين المدنيين المصرية منذ ثلاث سنوات وهي تأخذ علي عاتقها حل مشكلة الطيارين غير العاملين في أعقاب "25 يناير"، فقبل ذلك التاريخ كانت فرص العمل أكثر، ولجأ عدد كبير من الدارسين إلي تعلم الطيران، لأن الطيار من الوظائف المرموقة وحلم يداعب الكثيرين، ما أدي إلي تزايد أعداد الراغبين في الالتحاق بدراسة الطيران، كما أن هناك من كانوا يعملون في مجالات أخري وحصلوا علي قروض وتعلموا في بعض مدارس ومعاهد الطيران بالخارج، فزاد العدد دون وجود فرص عمل في السوق المحلية نتيجة كساد قطاع السياحة بعد الثورة، فوجدوا أنفسهم عاطلين فجأة. يتابع مشعل: نقابة الطيارين المدنيين تحارب لأجل خلق فرص عمل لبعض الطيارين، للاستفادة بخبراتهم وتأهيلهم لتسفيرهم للعمل خارج البلاد من خلال تدريب وتسويق الطيارين لأسواق العمل العالمية، في الدول المحتاجة لطيارين، كان جزءاً من المشروع لكن اصطدم بمشاكل كثيرة، أبرزها سياسات الدولة خلال الوزراء المتعاقبين، لكن بدأت المشكلة تنفرج مع تولي حسام كمال وزير الطيران الحالي منصبه، لأنه يولي اهتماماً كبيراً لهذه المشكلة للعمل علي محاولة حلها، فمنح تخفيضاً علي مركز "تدريب مصر للطيران" للطيارين غير العاملين من أعضاء النقابة بنسبة حوالي 50% وهذا سيساعد في إكسابهم الخبرات اللازمة لحل المشكلة. وأضاف: إحدي الدراسات التي أجرتها منظمة "الإيكاو" خلصت إلي احتياج سوق العمل العالمية إلي 15 ألف طيار بحلول عام 2020 فأندونيسيا يوجد معها مشروع ضخم مشترك، لكن الصين هي المشكلة لأن التعامل معها يحتاج تدخلاً حكومياً دبلوماسياً، لأننا نستورد فقط من الصين والحاجة الوحيدة التي نستطيع أن نصدرها للصين هي الطيار المصري، لكن الصين لا تستقبل الطيارين المصريين منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 لأسباب أمنية، حيث إن مصر تقع علي قائمة تضم 40 دولة ممنوع الاعتماد علي طيارين منها، إلا حال امتلاك الطيار لجواز سفر أجنبي، وتقوم وزارة الطيران بإجراء اتصالاتها لرفع هذا الحظر، ومازال الأمر قيد المتابعة. ثمة حل آخر للأزمة يقدمه الكابتن طيار أحمد مشعل، وهو إعداد وتدريب الطيارين لتلبية احتياجات الشركات العالمية، التي تعاني عجزاً في أعداد الطيارين، سواء عن طريق مشروع مشترك بين وزارة الطيران المدني المصرية والشركة الوطنية وبتمويل من المؤسسات الوطنية والدولية المختلفة، أو عن طريق الشركات التي تعاني عجزاً في أداء الطيارين، وخصم تكاليف تدريب الطيارين من رواتب الطيارين، بعد الالتحاق بالشركات عن طريق عقود عمل طويلة المدي. أما الكابتن طيار أكرم الحصري، عضو مجلس إدارة النقابة فيقول: هناك معايير يتم اختيار الطيار بناء عليها منها اللغة والكفاءة العلمية لديه، حيث تنظم اللجنة العلمية بالنقابة دورات تدريبية، لتعليم تقنيات الطيران وتنمية اللغات وتجهيزه لسوق العمل واللجنة قامت بمجهود يشهد له في وزارة الطيران والتي قدمت من جانبها تسهيلات جيدة من خلال توفير القاعات للمحاضرات. وتابع: المشكلة الأساسية هي تزايد الأعداد بسبب قلة التوعية العامة من خلال وزارة الطيران لراغبي دراسة الطيران الذين يلجأون إلي الدراسة بالخارج التي لا تتكلف سوي نصف ما تتكلفه الدراسة في مصر والبالغة 70 ألف دولار، حيث استقبلت أمريكا 42% من أعداد الطيارين المصريين الدارسين، وجنوب أفريقيا 5% والفلبين 3% وكندا 2% بينما كانت مصر حصتها 43% من الطيارين الدارسين بها ثم يأتون إلي مصر ليثقلوا سوق العمل المحلي بأعداد أخري، والمطلوب من الوزارة عمل حملات توعية، لأن التدريبات العامة وغيرها لعدد الطيارين غير العاملين تتكلف خمسة مليارات جنيه، في حين أن الأكاديمية تستوعب أربع دفعات في السنة والدفعة مقسمة ثلاث مستويات كل مستوي يتكون من 30 إلي 40 طيارا، فيتخرج 300 طيار سنوياً في ظل وجود بطالة ووجود سوق لا يستوعب كم الأعداد الرهيبة. فيما يقول الكابتن طيار محمد عصام الدين، نائب نقيب الطيارين: لابد من خلق فرص عمل متساوية بين طياري القوات الجوية الذين أحيلوا للمعاش المبكر، وانضمامهم لقطاع الطيران المدني، لأن الطيار المدني الذي يتخرج بعد دراسة صعبة وينتظر فرصة عمل يفاجأ بشغل مكانه من طياري القوات الجوية المحالين للمعاش المبكر من سن 45 وجميع الطيارين ليس لديهم اعتراض علي استيعاب هذه الخبرات، لكن نطالب بأن يكون هناك تكافؤ فرص بين الطيارين المدنيين والحربيين. يضيف: يمكن تسهيل إجراءات إصدار تراخيص الشركات الخاصة والاستفادة من انضمام مصر لاتفاقية "كيب تاون" بفتح شركات جديدة فتح مجالات جديدة في السوق المحلية مثل شركات الدعاية والإعلان الجوي وشركات التاكسي الجوي ورحلات الطيران الترفيهي، وعمل توعية عامة لراغبي دراسة الطيران قبل البدء في الدراسة نظرا لانعدام فرص العمل في السوق المصرية مما يعمل علي حفظ المبالغ الطائلة والموارد البشرية المهدرة في شكل الطيارين غير العاملين.