حتي منتصف يناير استمر معرض الفنان الكبير عمر النجدي بقاعة بيكاسو بالزمالك حول شخصية المهرج أو "البلياتشو" قدمه برؤية فلسفية تجلت في عرضه الكبير عن"البلياتشو" والذي قال عنه إنه يعكس فلسفياً عصراً بكامله والتي قضي الفنان السنوات الثلاث الأخيرة في الإعداد له وتنفيذه لتأتي بصمته واضحة متألقة وسط المناخ المجتمعي الذي نعيشه كأنه شاهد علي هذه السنوات الثلاث الأخيرة من خلال تعبيره الفني ولما للفن من دور ناقد ومحفز في المجتمع .. ولتأتي رؤيتي لهذا العرض في هذا التوقيت كأنه كاشف لحالة وحلة النفاق التي يرتديها البعض كالعادة مع كل توجه للسلطة الي جهة ما وليأتي تغيير المواقف وإرتداء زي النفاق بسهولة سهولة ارتداء قناع وخلعه مع كل مصلحة وتملق كآفة اجتماعية يتعاطاها مُنتظرو ومُترقبو إلي أي اتجاه تتجه بوصلة المصلحة الوقتية الذاتية الرخيصة دون مصلحة الوطن الكبري.. ورغم أن عالم "البلياتشو"هو عالم البراءة والشقاوة إلا أننا اليوم نري كثيرين وقد ارتدوا ثوب "البلياتشو" السياسي ولونوا الوجوه وقاموا بحركاته لا ليقدموا مشاهد البراءة والشقاوة الفكهة بل ليقدموا وجوها مختلفة تتفق والمصالح هروبا من سوء الذات والأغراض للاختباء وراءه بارتداء أكثر من وجه أو قناع حتي تنتابنا الحسرة عليه أو علي من يرتدي ثوبه لينال مصالح وفتات الموائد في أي مجالات علي تعددها وتنوعها .. ليعيش في النهاية من يرتدي ثوب "المهرج "أو "البلياتشو" حلماً زائفا وواقعاً يخدع به نفسه ليعيش أكذوبة تتداعي علي إثرها الأكاذيب والرؤي الخادعة المخادعة تماماً كالقناع الذي يعتقد بمهارته أنه صار جزءا من جلد وجهه لكنه يهترئ سريعاً من كثرة النزع والإرتداء.. لكن هل متقمصو شخصية "البلياتشو" السياسي هم بيننا فعلاً من دم ولحم؟ أم من مصالح وأغراض ذاتية رخيصة ؟ وهل يرون في أنفسهم أُناسا هامشيين فيبحثون عن أدوار بارتداء الأقنعة الملونة المبهرة لمن ينظر إليهم وينخدع ؟ وهل يعمل "البلياتشو" السياسي بعدم ثبوته علي تفكيك أصول منطق الحياة وترخيصها ؟ وهل من كثرة ارتدائه للأقنعة الملونة يفقد وجهه الحقيقي ويفقد نفسه رخيصاً وبفعل يديه مقابل لاشئ إلا أنه أصبح مثاراً للسخرية .. وكثيرون ممن يرتدون ثوب "البلياتشو" من كثرة الأقنعة تجمدت تعبيرات الوجه والعين وفقدوا القدرة علي تلقي العالم الخارجي ببراءة تضاهي براءة البلياتشو الحقيقي في نقائه دون أقنعة مما يجعلك تتعرف عليهم علي الفور .. وبينما يلعب "البلياتشو" الحقيقي علي المتناقضات لاستخراج البسمة نري الوصوليين يعيشون علي التناقض بين الداخل والخارج فيظهرون مالا يبطنون حتي درجة الإتقان في مفارقة شديدة .. في لوحات المعرض تبدو أكثر لوحات الفنان في دلالتها التي لا تكشف عن حركات "البلياتشو" المضحكة بل عن سلوكيات مرتدي زيه والمتلوني الوجوه حتي يصل بهم الموقف إلي الوقوف فوق الرأس حتي يصبح رأس الإنسان أعلي منطقة في جسد الإنسان والمعبرة عن كرامته ليسقط بها أرضاً ويقف علي رأسه رخيصاً حقيراً لتحقيق مآربه .. كتب الفنان عن تجربته هذه وبلسان المهرج قائلاً : " هل أستطيع رسم وجهك ؟ نعم يمكنك ذلك لكن لا تستطيع رسم أعماقي كالبحر في ذاتي .." الفنان عمر النجدي تعمقت تجربته الفنية عبر عشرات السنين ليصل بأعماله الفنية إلي العالمية حتي يُقام متحف خاص باسمه في فرنسا لأعماله الفنية ..