حالة الهدوء الدائمة جعلت من الرجل وجهاً مقبولاً منذ لمع نجمه فى الجمعية التأسيسية، ليتحول إلى أحد أهم المدافعين عن جماعة الإخوان المسلمين. ولكن الانتقال إلى خندق الإخوان لم يكن بلا ثمن. هو الدكتور جمال جبريل، أحد أبناء كوم حمادة بالبحيرة، صاحب الوجه الباسم دائما، الذى أصبح فجأة فى كل المناصب. له الكثير من المؤهلات أبرزها الهدوء وعدم الجنوح السياسى والإلمام الكبير بدساتير وقوانين العالم، وهو رئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق جامعة حلوان، إلا أنه تحول إلى إحدى أدوات الإخوان المسلمين والمدافع الأكبر عنهم فى كل المحافل، ولكن مقابل ذلك شغل العديد من المناصب، منها أنه عضو المجموعة القانونية لاسترداد ثروة مصر، ورئيس لجنة نظام الحكم بالجمعية التأسيسية لوضع الدستور، وعضو مجلس الشورى المعين، وأخيراً عضو جبهة الضمير الوطنى، ويطمح فى مقعد وزارى فى الحكومة المقبلة. السؤال الذى حير الجميع هو كيف وصل جمال جبريل إلى سدة الحياة السياسية؟ ولكن الأمر كان بسيطا يتسق مع طبيعة وتطورات المرحلة، يتلخص فى أن مفتاح اللغز هو الدكتور محمد محسوب وزير الشئون القانونية السابق، نائب رئيس حزب الوسط، الذى جاء برجاله إلى الجمعية التأسيسية. وعلاقة جمال جبريل بدأت بمحسوب عندما كان كلاهما فى حقوق المنوفية، وهى الكلية التى كان تمثيلها كبيراً فى لجنة الصياغة التى شكلها محسوب. ثم تلقفه الإخوان الذين تلقفوا محسوب نفسه من قبل، ولكن عصفت بطموحاته خلافات الإخوان وحزب الوسط، ليخرج الإخوان جمال جبريل خروج محسوب من الصورة. كان جمال جبريل من أبرز اللاعبين فى صناعة دستور مصر، وهو رئيس لجنة نظام الحكم التى صاغت وأعدت أكثر من 3 أبواب، بل إنه كان دائما رغم هدوئه وابتسامته الفاعل الرئيسى عندما يشتد الخلاف بين لجنتى نظام الحكم والصياغة، وهو صاحب المفاوضات الشهيرة مع حاتم بجاتو، نائب رئيس المحكمة الدستورية فى حينها، حول مواد المحكمة الدستورية فى الدستور التى كانت نتيجتها استبعاد 8 من قضاتها. وكانت المكافآت تتوالى على جمال جبريل؛ فتم تعيينه فى لجنة استرداد أموال مصر، بل إن الأمر لم يتوقف عند ذلك، حيث تم تعيينه من ضمن ال90 المقبولين من الإخوان المسلمين فى مجلس الشورى. وبالطبع تبارى جمال جبريل، الذى لا ينتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين، فى الدفاع عن الدستور وسياسات وشرعية الرئيس والهجوم على جبهة الإنقاذ، حتى جاءت فكرة جبهة الضمير الوطنى ومرة أخرى نجد جمال جبريل خلف محسوب وفى ركابه الذى لم يتخلف عنه إلا فى مكان واحد وهو منصب محسوب فى الوزارة، ليستمر جبريل فى لعب دور المدافع النزيه غير المنتمى، وكيف لا وهو يشغل كل هذه المناصب بل ربما أصبح أحد الطامحين فى منصب فى حكومة الإخوان المقبلة؟