بلحيته الكثة، وعمامته السوداء، يتربع على عرش الحاكم، يُوقّع حكم تنصيب رئيس الجمهورية، بعد انتخابه، وله الحق فى عزله بأخذ مصالح البلاد فى اعتباره، وله الحق فى العفو عن المحكوم عليهم أو التخفيف من عقوباتهم. بأمر الدستور الإسلامى، ونظام «ولاية الفقيه»، اللذين أقرتهما الثورة الإيرانية، يقبع على عرش قائد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أو ما يُعرف إعلامياً ب«المرشد الأعلى للثورة الإسلامية» أو «الولى الفقيه»، الذى يحدد السياسات العامة، ويشرف على سير السلطات الثلاث فى البلاد. هو القائد الثانى للثورة الإسلامية فى إيران، آية الله على الخامنئى، تم انتخابه عام 1989، فى اليوم التالى لرحيل الإمام الأول روح الله الخمينى، وحصل بإجماع الآراء على المنصب، حيث تنص المادة الخامسة من الدستور الإيرانى على أن ولاية الأمر وإمامة الأمة فى الجمهورية الإيرانية فى زمن غيبة الإمام المهدى، تكون بيد «الفقيه العادل المتقى، العالم بأمور زمانه، الشجاع الكفء فى الإدارة والتدبير»، وتكون أحكامه نافذة واجبة الطاعة مهما يحدث. يقول خامنئى فى معرض حديثه عن حياته: «روحانية أبى هى العامل والسبب الأساسى فى اختيارى لهذا الطريق النير، وكانت والدتى أيضاً راغبة فى هذا المنحى وتشجعنى على خوضه»، وكانت دراسة الآداب والمقدمات عند والده وغيره من الأساتذة هى أساس حياته. هو أحد تلاميذ الإمام الأول الخمينى، إلا أن البوارق الأولى لتحركه السياسى وعمله فى مواجهة نظام الشاه الإيرانى، أشعلها فى ذهنه مجتبى نواب صفوى، فقد كان الخطاب الحماسى الذى ألقاه عام 1952 فى مدرسة «سليمان خان»، حول إحياء الإسلام وسيادة الأحكام الإلهية، هو بداية طريق الخامنئى فى السياسة. دائماً ما كانت تصريحاته وتصريحات قادة بلاده نارية، فإما هى تحدٍ لدولة ما فى سياساتها رغم الحظر والعقوبات المادية والمعنوية عليها، وإما تكون تلك التصريحات تعرض التقارب على دولة ركدت مياه العلاقات معها منذ زمن طويل. وفى خطوة جديدة، وجه 17 عالماً ومفكراً إيرانياً رسالة إلى الرئيس محمد مرسى، أعلنوا فيها استعدادهم لنقل التجارب العلمية المكتسبة فى إيران إلى مصر. وطالب خامنئى الرئيس المصرى بأن يستوحى نظام حكم «ولاية الفقيه» الإيرانى فى مصر، والانضمام إلى طهران فى بناء ما سموه ب«الحضارة الإسلامية الجديدة». دائماً ما كانت سياسات «خامنئى» سبباً فى الاتهامات التى لاحقت بلاده بالتدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى، فالمراقبون الدوليون يتهمون نظام «الخامنئى»، بإثارة الفتنة الطائفية فى العراق، ومساندة النظام العلوى فى سوريا، ومحاولة «تشييع» المصريين. ورغم كل ما تواجهه بلاده من عقوبات دولية، جراء المشروع النووى الإيرانى، فإنه ما زال مستمراً فى سياساته، ويخرج يوماً بعد يوم يتباهى بعدم تأثير العقوبات -إلا قليلاً- على اقتصاد بلاده وعلاقاتها بالدول الأخرى.