منح القدر هانى أبو ريدة فرصة تاريخية كى يخرج بالبقية الباقية من احترامه ويرحنا ويستريح، بعد أن قررت لجنة الطعون القضائية استبعاده من انتخابات رئاسة اتحاد الكرة، والقرار بغض النظر عن حيثياته والأسانيد القانونية التى استند إليها، فإن فيه حلا عبقريا للأزمة النفسية والعصبية والشيزوفرنيا التى تعيشها كرة القدم بين شعب يتطلع للحرية وإسقاط عبودية رجال النظام القديم وسيطرتهم على مفاصل الرياضة، وبين واقع رياضى بائس لم تصل إليه دماء الثورة يتحكم فى مصيره وجوه قديمة بالية مستهلكة، ترفض التغيير وتتحدى إرادة الزمن وتقاتل من أجل البقاء حتى ولو على حساب جثث الأبرياء فى مدرجات استاد بورسعيد. هانى أبو ريدة واحد من هؤلاء الجاثمين على صدر كرة القدم، الذى ارتبط اسمه بشلل ومصالح وصفقات وعمولات وعقود ملابس وقرارات تعلى المصلحة الخاصة على العامة، هو رجل عاش داخل بلاط اللعبة منذ ما يزيد على عشرين عاما، عاش فى العشرة الأواخر منها، كان رجلا ثانيا، شارك فى صنع أغلب القرارات والصفقات وأدار اتحاد الكرة مع سمير زاهر بنظام العزبة أو الوسية، وسياسة الشلة، حيث أغلقت اللعبة على مجموعة من الأسماء يتبادلون المقاعد والمناصب والأدوار، وكان من ضمانات بقاء هذه الشلة هى الارتباط بمنظومة فساد النظام السابق، ولعب أدوار سياسية لخدمة ولى العهد، فقدم أبو ريدة نفسه باعتباره مهندس التوريث فى كرة القدم، وبمجرد دخوله الحزب الوطنى ارتقى فيه بسرعة البرق ليخوض انتخابات 2010 عن إحدى دوائر بورسعيد ويفوز ويدخل مجلس الشعب على حصان أبيض، وينتخب رئيسا للجنة الشباب والرياضة متخطيا أقدمية آخرين فى «الوطنى» فعرف بمعجزة عصره وأوانه والطفل المعجزة الذى نجح فى اختراق أباطرة لجنة السياسات، وعندما قامت الثورة ومثل كل المتحولين الذين تتغير جلودهم ثلاث مرات فى اليوم، تغير أبو ريدة وخلع قميص الحزب الوطنى وارتدى ثياب الثوار الغاضبين والحالمين بوطن نظيف ومعلنا نفسه قائدا لحلم التغيير والتطوير فى اتحاد الكرة، معتمدا على أن هذا الشعب طيب إلى درجة العبط وأمير إلى حد الهبل، وسينسى تاريخه، ومستخدما نفس الأساليب القديمة فى استمالة الجمعية العمومية عن طريق سماسرة الأصوات وبائعى الأندية ومراكز الشباب وإعلام رياضى تليفزيونى فاسد يسوق الحق باطلا ويقلب الباطل حقا. من هنا جاء قرار لجنة الطعون القضائية وهى لجنة شكّلها سمير زاهر وهانى أبو ريدة وهدفها تقليل فرص صدور أحكام قضائية بحل المجلس أو استبعاد أحد أعضائه، كما حدث مع سمير زاهر بسبب الأخطاء القانونية وشكّلت اللجنة بقرار من الجمعية العمومية وبأعضاء تختارهم المحكمة الإدارية العليا، فتأتى هذه اللجنة لتستبعد من شارك فى إنشائها. المهم أن هانى أبو ريدة لا يريد أن يستوعب الدرس أو يفهم الإشارة، وما زال متمسكا بالكرسى إلى حد الموت، وهو ما يؤكد أن القضية ليست عملا تطوعيا أو خدمة عامة بل هناك مصالح ومكاسب مليونية خاصة هى التى تدفعه إلى القتال، لأنه لو كان متطوعا حق التطوع ومخلصا لوجه الله لما تكالب على المقعد ورحل فى هدوء تاركا الفرصة لغيره، ويذهب هو ليستكمل رسالته التطوعية فى الاتحادين الدولى والإفريقى، ويذهب فى أوقات فراغه للغردقة مع الكابتن حسن حمدى ليستمتعا بالأراضى الشاسعة والمنتجعات الأوروبية التى وهبها لهما اللواء سعد أبو ريدة «شقيق هانى» إبان توليه محافظة البحر الأحمر، فهذه الاستثمارات التى أحلها لكما النظام السابق من ثروة هذا الشعب تستحق منكما الاهتمام والرعاية حتى يدعو لكما الشعب بالخير عندما يستردها. وظنى إذا لم يستجب هانى أبو ريدة إلى هذه الإشارة الأخيرة من السماء، واستمع إلى نصيحة أصحاب المصالح والتافهين الملتفين حوله وتمسك وذهب كما يدعى للفيفا والمحكمة الدولية ونجح فى العودة، فإنه أيضا لن يرأس الاتحاد والأيام بيننا!