كيف يدعى البعض أن الدراما المصرية سوف تشهد أزمة واضحة هذا العام نظرا لتردى حالة الاقتصاد وتوقف عجلة الإنتاج، أما أحدث التبريرات التى يراد بها ضرب الدراما المصرية، فهو خضوعها هذا العام لمزاج وفكر التيار السائد، الذى سيطر على البلاد قبل وبعد انتخاب رئيس جمهورية ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين التى كانت محظورة حتى وقت قريب ثم أصبحت مفروضة وتستعد للقفز الى أهم المواقع فى مؤسسات الدولة! وأن فكر الجماعة سوف يفرض وجوده على كل ما نسمعه أو نشاهده فى رمضان القادم وما بعده طبعا! ولأننا عباقرة فى فن النفاق فقد تبرع رئيس التليفزيون بالتصريح بأنه لن يسمح بتمرير مسلسلات تتضمن ما يخالف شرع الله، واختص بالذكر مسلسل «تحية كاريوكا»! على أساس أنه يدور حول حياة راقصة شهيرة! ولو صح هذا التصريح وهو غالبا صحيح لأن رئيس التليفزيون لم يكذبه حتى كتابة هذه السطور، يبقى الدنيا خربت فعلا! وهو بداية إعلان رسمى على خروج التليفزيون المصرى من السباق نهائيا لأن بقية القنوات العربية والمصرية الخاصة سوف تعرض هذا المسلسل وغيره، ومفيش قوة على الأرض تمنع أن تحدد للمواطن المصرى أو العربى يشوف إيه، إمتى وفين! ثم والأهم من هذا أن رئيس التليفزيون الذى واضح أنه أراد ان يداعب التيار الدينى ليس من سلطته المنع أو الإجازة، لأن فى هذا اعتداء واضحا على شغل الرقابة، والأهم من ذلك أن تصريحه هذا يمثل اعتداء واضحا على لجنة الاختيار التى شكلها وزير الإعلام من كبار النقاد لمشاهدة المسلسلات التى سوف تعرض فى رمضان، وبالطبع فإن هذه اللجنة لا تتعامل مع الأعمال المعروضة عليها بمنطق الحلال والحرام، ولكن بمنطق فنى صرف، لأن مسائل الحلال والحرام كلمة مطاطة وباب واسع يمكن ان يؤدى للجحيم ذاته، ويبدو أن رئيس التليفزيون شرب قزازة حبوب الشجاعة كلها ليطلق هذا التصريح الغريب الذى يبعد عن إدراك حجم المسئولية والتحدى، الذى نمر به الآن! وكلماته يمكن أن تثير حفيظة المتشككين فى نوايا الرئيس الجديد والجماعة التى ينتمى إليها! إذا تأملت خريطة الإنتاج الدرامى هذا العام، فسوف تكتشف أن هناك ثلاثين مسلسلا مصريا جاهزة للعرض فى شهر رمضان وأن عددا كبيرا منها من بطولة نجوم ليس لهم سابقة تجارب مع الدراما التليفزيونية، وعدد آخر من النجوم اعتاد ان يقدم مسلسلا أو اثنين فى كل رمضان، وهذا العام بالذات سوف يشهد حرب تكسير عظام بين جيل الكبار وجيل المنتصف وجيل الشباب، والمهزوم لن تقوم له قائمة بعد ذلك، تقدر تقول إنه عام الحسم فعلاً، لأن الدنيا بتتغير فعلاً، بعد الثورة والمزاج العام لا يحتمل المزيد من السخافات، خاصة فى وجود حالة من التنافس الشديد، والمائدة تضم عشرات الاصناف فلماذا تأكل طعام بايت، لما يكون امامك الطازج! والبايت ممكن أن تجده فى الأفكار القديمة المكررة التى تخلو من الابتكار، خلاص الناس خُلقها ضاق، ولن تحتمل نجماً عجوزا يطلع بتاع ستات، ولا نجمة متصابية تعمل غندورة، الزمن ده فات، واللى مش حايحترم اسمه وسنه، حايأكله القطر! ويعود هذا العام عادل إمام فى مسلسل بدأ تصويره منذ ما يزيد علي اربعة عشر شهرا وهو «فرقة ناجى عطا الله»، ونظرا لذكاء عادل أمام الشديد فهو قد أدرك أن الاسلوب الذى كان ينجح به منذ عشر سنوات لا يستطيع ان يضمن له النجاح هذة الأيام خاصة أن آخر عمل تليفزيونى شارك فيه «دموع فى عيون وقحة» الشهير ب«جمعة الشوان» قدمه منذ ما يقرب من ربع قرن، ولذلك فهو يستعين بفريق من الشباب منهم هيثم أحمد زكى، ومحمد إمام، وأحمد السعدنى وآخرون. أما يحيى الفخرانى ونور الشريف ومحمود عبد العزيز فهناك خوف عليهم من نتيجة التنافس مع جيل الشباب، خاصة أنهم يقفون لأول مرة فى مواجهة أحمد السقا الذى يجرب نفسه مع عالم المسلسلات التليفزيونية فى «الخطوط الحمراء» ويلعب بطولته مُشاركاً مجموعة من النجوم الشباب منهم رانيا يوسف، ويسرا اللوزى، وأحمد رزق، ومحمد عادل إمام وأروى جودة، عن سيناريو من تأليف أحمد ابو زيد وإخراج أحمد شفيق، وأعتقد أن فرص المسلسل جيدة خاصة أنه يدور فى أجواء من الإثارة والتشويق، وهى عناصر تغيب عن عدد كبير من المسلسلات الاجتماعية، وكان آخر عمل تليفزيونى قدمه السقا منذ حوالى عشر سنوات هو «رد قلبى» أيام كان محمد رياض لا يزال يلعب البطولة المطلقة، أما السقا فقد قدم نفس الدور الذى لعبه صلاح ذوالفقار فى الفيلم الشهير! وينافس السقا من نجوم السينما الشباب كريم عبدالعزيز الذى يعود هو الآخر للدراما التليفزيونية بعد سنوات طويلة، وكان آخر ما قدمه دورا صغيرا ولكنه لفت اليه الأنظار أمام سميرة أحمد فى مسلسل «امرأة من زمن الحب» للكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة، أما العمل الذى يعود به كريم عبد العزيز لجمهور التليفزيون فهو من تأليف بلال فضل «الهروب» وإخراج محمد على، الذى ارتفعت أسهمه منذ عامين مع مسلسل «أهل كايرو»، ويشارك فى البطولة أحمد وفيق وإيمان العاصى، وكارولين خليل. أما مصطفى شعبان فهو يشارك فى السباق الرمضانى بمسلسل «الزوجة الرابعة» وهو أول تجربة إخراج تليفزيونى لمجدى الهوارى، مع كل من كندة علوش وعلا غانم، ولقاء الخميسى وحسن حسنى، والمسلسل نسخة رديئة من «الحاج متولى» الذى قدمه نور الشريف من عشر سنوات وأدى الى ارتفاع اسهم مصطفى شعبان الذى كان أحد ابناء الحاج متولى، التاجر الشعبى المزواج! ولا ننسى مسلسل شريف منير «الصفعة» الذى يدور فى أجواء الجاسوسية والمغامرات والمطاردات والإثارة التى تتميز بها هذه النوعية من الأعمال الفنية، ويقدم خالد النبوى مسلسلا من إخراج سمير سيف هو «ابن موت» يمكن ان نراهن على جودته، ويدخل النجم السورى تيم حسن فى هذا السباق المحتدم بمسلسل «الصقر شاهين» ليقدم شخصية شاب اسكندرانى من أصول صعيدية وقد اضطر لعمل ماكياچ خاص لتلائم ملامحه الشخصية، وأعتقد أنه سوف يفاجئ الجمهور بأدائه وشكله ونوع الشخصية التى يلعبها! وفوق البيعة تقدم دراما هذا العام ثلاث مطربات فى تجربتهن الاولى مع المسلسلات وهن: أنغام بطلة «فى غمضة عين» أمام كل من داليا البحيرى وأحمد وفيق والمسلسل يشارك فى انتاجه الممثل محمد الشقنقيرى وطبعا سوف تؤدى أنغام بعض الأغنيات الجديدة ومنها طبعا أغنية التتر! ويعتبر مسلسل «مولد وصاحبة غايب» هو اول إطلالة لهيفاء وهبى على جمهور التليفزيون، وهى تقدم إعادة لفيلم «تمر حنة» الذى لعبت بطولته فى الخمسينيات نعيمة عاكف ورشدى أباظة وأحمد رمزى، وسيناريو المسلسل كتبه مصطفى محرم، الذى احترف فى الآونة نحت الافلام المصرية القديمة وتقديمها فى اعمال تحقق رواجا تجاريا دون ان تحمل أى مضمون جديد مثلما فعل من قبل مع فيلمى «رد قلبى»، و«سمارة». أما اللبنانية رولا سعد فهى تلعب بطولة مسلسل «البحر والغرقانة» إخراج أحمد فهمى عبدالحميد وإنتاج وبطولة عادل حسنى، والمسلسل يمكن ان يؤدى عرضه الى غلق جهاز التليفزيون بالضبة والمفتاح، لأنه صنع من أجل مهاجمة التيار الدينى السياسى والسخرية من كل صاحب لحية أو زبيبة رأس! كما أن أداء رولا سعد لا يزال فى مرحلة «التهتهة» ويبدو أن منتج العمل كان يراهن على أحد أمرين أولهما نجاح احمد شفيق فى الانتخابات الرئاسية، وثانيهما شعبية رولا سعد التى لا تتمتع بأى شعبية لدى جمهور التليفزيون المصرى ولا أعتقد ان أحدا سوف يكون شغوفا بمتابعة مسلسل تلعب بطولته، وهكذا سوف يخسر عادل حسنى الرهانين حتماً! ومن النجمات الشابات اللائى يتوقع ان يحققن نجاحا فنيا هذا العام، هند صبرى بمسلسلها «فيرتيجو»، الذى يضم كل عناصر الإثارة والتشويق ويمكن أن تثق فى اختيارات هند صبرى خاصة بعد ارتفاع أسهمها فى السنوات الثلاث الاخيرة، لدرجة أننا يمكن أن نعلن بثقة وارتياح أنها أصبحت الآن أهم ممثلة فى مصر رغم كونها تونسية! أما الممثلة الثانية فهى نيللى كريم بطلة مسلسل «ذات» الذى تخرجه كاملة ابوذكرى، بمشاركة المخرج خيرى بشارة، أما الممثلات المخضرمات فلا أثق ان إحداهن لديها القدرة على المنافسة والصمود أمام هذا التيار الجارف من النجوم الشباب ولا أعتقد أن من بين المشاهدين من سيحرص على متابعة مسلسل «إلهام شاهين» «قضية معالى الوزيرة»، أو الجزء الثانى من مسلسل «كيد النسا» الذى تلعب بطولته فيفى عبده مع نبيلة عبيد، وهناك خوف حقيقى على مسلسل «شربات لوز» الذى تلعب بطولته يسرا التى خسرت ما تبقى من جمهورها بعد فيلم «جيم أوڤر»، وبالإضافة إلى كل هذه المسلسلات قرر محمد سعد ان يعوض خسائره وفشله فى أفلامه الأخيرة بتقديم مسلسل رمضانى «هى جت عليه يعنى؟» والمسلسل من تأليف المخرج جمال عبد الحميد واسمه المؤقت «شمس الانصارى» واعتقادى أنه العمل الفنى الذى سوف يجهز على وجوده تماماً، وينهى شعبيته مهما بذل فيه من جهد! وإذا كنت من هواة التركيز وتحديد الأولويات، وتحترم وقتك ولا تريد ان تبدده مع أعمال فنية منزوعة القيمة الفنية، فأنصحك بمتابعة أحد مسلسلين أو الاثنين معا، ولن تندم على أيهما، الاول هو مسلسل «عمر بن الخطاب» وسوف يذاع على قناة MBC، وهو من إخراج السورى حاتم على، وبطولة نخبة من نجوم العالم العربى، وهو كما هو واضح من عنوانه يتناول سيرة الفاروق عمر بن الخطاب، ثانى الخلفاء الراشدين، الذى كان يتسم الحكمة والعدل والصرامة والعدل، وكان من المقرر أن يلعب دور البطولة النجم السورى تيم حسن لولا اعتراض بعض علماء الدين، لكون تيم له سابقة اعمال متنوعة، منها العاطفى والتاريخى كما سبق له أن جسد شخصيات عامة مثل الشاعر نزار قبانى وملك مصر السابق فاروق، واضطر المخرج لاختيار ممثل جديد ليس له تجارب تليفزيونية سابقة، وهو ما حدث مع المسلسل الإيرانى يوسف الصديق الذى اختاروا له الشاب الوسيم مصطفى زمانى ولم يكن له اى سابقة أعمال، ومع ذلك نجح المسلسل نجاحا ساحقا وأعادت القنوات العربية عرضة عشرات المرات، أما المسلسل الثانى الذى يمكن الرهان عليه فهو «نابليون» الذى يخرجه التونسى شوقى الماجرى وتشارك فى بطولته ليلى علوى، مع آخرين من الدول العربية، نصيحة لوجه الله لا تضيع وقتك مع مسلسلات لا قيمة لها، فوقتك أغلى من أن تبدده هباء.