هناك من يخشى من الأثر السلبى لهذا الاغتيال، ومما قد يؤدى إليه من تعقيد المفاوضات. ما يزال جثمان الشهيد يحيى السنوار زعيم حركة حماس محتجزًا لدى السلطات الإسرائيلية أى لدى قاتليه الصهاينة. يضغطون جيدًا على الجرح النازف لأنهم يعلمون قدسية الجثامين وبخاصة جثامين الشهداء لدى المسلمين. خضع الجثمان للتشريح وأعلن الطبيب الإسرائيلى المختص أنهم قطعوا إصبع الشهيد السنوار ونقلوه إلى داخل إسرائيل من أجل مقارنته بالحمض النووى للسنوار الذى يحتفظون به من أيام كان أسيرًا فى السجون الإسرائيلي، وذلك لكى يتثبتوا من أن الجثمان يخص السنوار. الأدهى انهم يعتبرون الجثمان كنزًا وقد تحول لديهم إلى بطاقة مساومة ذهبية فى المفاوضات القادمة، وفى جولة الوساطة التى يقوم بها حاليًا وزير الخارجية الأمريكى بلينكن فى المنطقة والمقرر ان تنتهى بعد غد الخميس. مع ذلك، ليس هناك فى تل أبيب من هو متيقن الآن وبعد أكثر من أسبوع على استهداف السنوار، من أن التخلص من زعيم حماس قد حل مشكلة الرهائن الإسرائيليين، بل إن هناك من يخشى من الأثر السلبى لهذا الاغتيال، ومما قد يؤدى إليه من تعقيد المفاوضات. وهناك من حذر من الإفراط فى التفاؤل والفرح فى اغتيال السنوار. فتصفية زعيم حماس لم تكن مخططة مسبقاً، وقد تؤدى أيضاً إلى تطورات غير متوقعة. وحقيقة أن السنوار لم يُقتل فى قصف جوى كثيف ولكن فى مواجهة فى معركة وجهاً لوجه مع قوات الاحتلال، قد يؤثر بشكل غير مباشر على موقف أتباعه تجاه المخطوفين. لذلك قررت سلطات الاحتلال منع نشر أو بث اللقطات التى توثق اللحظات الأخيرة فى حياة الشهيد، حتى لا تتعزز صورته الأسطورية لدى الشارع الغزاوي. كما أن فقدان زعيم دينى كاريزمى مثل السنوار يمكن أن يؤدى أيضًا فى رأى بعض المحللين الإسرائيليين إلى مشاجرات وهجمات انتقامية بسبب يأس سكان غزة الذين رأوا فيه رمزًا دينيًا. روح السنوار أو بالأحرى شبحه حتى بعد ارتقائه يثير القلق إذ يصعب قراءة خريطة خلفائه المحتملين، على الرغم من أن المعلومات الأساسية عن شخصياتهم وأدوارهم على الأرض ودرجة اقتراب كل واحد فيهم من السنوار متوفرة لدى سلطات الاحتلال. لكن مستقبل الحركة بعد السنوار، وانحيازاتها وتحالفاتها القادمة مازالت داخل الصندوق الأسود ومرهونة بشخص الخليفة القادم، ويبقى السؤال الأهم فى هذا السياق هو ما إذا كانت الحركة من دونه ستستمر فى الحفاظ على العلاقة الوثيقة مع قيادة آيات الله فى طهران. فقد كان هناك الكثير من الخلافات خلال الحرب الأهلية فى سوريا. وقد تم طرد حماس من دمشق، حيث كان خالد مشعل رئيساً للمكتب السياسي، لأنه لم يوافق على الوقوف إلى جانب الأسد الذى آوى مقر حماس فى دمشق. الآن هو من بين أعضاء قيادة حماس الموجودين حاليا فى الدوحة، وأحد المرشحين الرئيسيين لشغل مكان السنوار كرئيس للمكتب السياسي، الذى لا يزال يعارض إقامة علاقة وثيقة للغاية مع إيران. إذا استمر هذا الأمر، فمن الممكن أن تتوقف حماس عن كونها متعاونة وعضواً فى تحالف وكلاء النظام فى طهران. فى إسرائيل فريق مهتم بالحث على الإسراع فى إنهاء صفقة الرهائن قبل أن تستقر أمور القيادة فى حركة حماس، وقد جاء بلينكن للمنطقة على أمل التوصل إلى صفقة شاملة تضمن وقف إطلاق النار بين إسرائيل من ناحية، وحماس وحزب الله من ناحية أخرى.