على مدار نحو عام من الحرب المستعرة فى المنطقة والمحرقة الجارية فى غزة، التزمت إيران لهجة متشددة تجاه إسرائيل وتهديداتها بمهاجمة حزب الله جنوبلبنان.. لكن على مدار الأسابيع الماضية، لم تكن الردود الإيرانية على التصعيد الاسرائيلى المتتالى والمؤلم بحق الجماعة اللبنانية على نفس القدر من التشدد. هذا ما لاحظه المحللون الغربيون. وقال تحليل نشرته صحيفة الجاريان البريطانية إن الضربات التى وقعت مساء أمس الأول فى الضاحية الجنوبية لبيروت وأدت لاغتيال أمين عام الحزب حسن نصر الله تمثل تحديًا مباشرًا لطهران، إذ يمثل نصر الله بالنسبة لها أهم حليف إقليمى استراتيجى لها، ويُنظر منذ فترة طويلة إلى عشرات الآلاف من الصواريخ التى زودته بها إيران على أنها وسيلة استراتيجية رئيسية تمنع هجومًا إسرائيليًا على إيران نفسها.. والآن السؤال الصعب الذى تواجهه طهران هو ما إذا كان بوسعها قبول ضربة ضد حزب الله، أو ما إذا كان من الممكن جرها هى الأخرى إلى صراع آخذ فى الاتساع، وما إذا كانت إسرائيل تهدف من الضربة ضد زعيم حزب الله إلى تحديد الشروط لتوجيه ضربة ضد إيران. اقرأ أيضًا | أبو الغيط: المنطقة في مفترق طرق وفى ردود الفعل الرسمية، قال الرئيس الايرانى مسعود بزشكيان إن بلاده «ستخذ إجراءات» بعد «جريمة» ضرب الضاحية الجنوبية لبيروت. وقال المرشد الأعلى آية الله على خامنئى فى بيان «إن مصير هذه المنطقة ستحدده قوى المقاومة وفى مقدمتها حزب الله». ونقلت رويترز عن أحد مستشاريه إن اسرائيل تجاوزت «الخط الأحمر لطهران»، دون أن يوضح ما يعنيه هذا. وقالت مصادر إن المرشد الأعلى الإيرانى تم نقله إلى موقع آمن فى ظل إجراءات أمنية مشددة. لكن تحليلا نشرته صحيفة واشنطن بوست اعتبر أن إيران مترددة فى التدخل لدعم حزب الله وقد عرضت إيران دعماً خطابياً، لكنها لم تنضم إلى القتال واختارت بدلا من ذلك مواصلة التواصل مع الغرب.. وفى الأشهر ال 11 التى تلت تصعيد حزب الله لهجماته على إسرائيل - لإظهار الدعم لحماس فى غزة - تكبدت الجماعة أكبر الخسائر فى تاريخها الممتد لأربعة عقود. لقد تم القضاء على قيادتها، وتدمير ذخائرها، وتعرضت اتصالاتها للخطر بسبب الهجمات التى وقعت الأسبوع الماضى والتى حولت أجهزة الاستدعاء وأجهزة الراديو إلى قنابل.. وقال وزير الخارجية الإيرانى عباس عراقجى هذا الأسبوع فى الأممالمتحدة إن حزب الله «قادر تماما على الدفاع عن نفسه وعن لبنان والشعب اللبناني». وقبيل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، اتهم الرئيس الإيرانى مسعود بيزشكيان إسرائيل بارتكاب «الفظائع» و»الاستعمار» و»الهمجية اليائسة» و»الجرائم ضد الإنسانية» فى غزة. ولكنه تبنى أيضاً لهجة معتدلة، معلناً «عصراً جديداً» تلعب فيه إيران «دوراً بناء» فى الشئون العالمية. ويقول محللون ودبلوماسيون إن تركيز إيران على المشاركة وترددها فى التدخل على الأرض يظهران الخيارات العسكرية المحدودة المتاحة لإعادة الردع مع إسرائيل بعد عام من الأعمال العدائية المتزايدة فى المنطقة. وقال تحليل لوكالة الأنباء الفرنسية إن إيران تحاول الموازنة عبر دعم حزب الله من دون الانجرار إلى نزاع شامل والسقوط فى فخ العدو. وبينما تركّز على الحد من عزلتها وإنعاش اقتصادها، تدرك إيران أن من شأن الحرب أن تعقّد جهود ضمان تخفيف العقوبات المفروضة عليها. وأوضح على واعظ من «مجموعة الأزمات الدولية» أن استراتيجية إيران تقوم على التأثير من دون الانخراط المباشر.. أما موقع «بريكنج ديفنس» فقد نقل عن محللين أن «الملك لا يستلقى لإنقاذ البيدق»، فى الرد عن سؤال لماذا قد تسمح إيران لحزب الله بمواجهة إسرائيل بمفرده. وقال المحللون إنه تم دعم حزب الله من قبل إيران طوال هذه السنوات ليشكل تهديدًا على حدود إسرائيل فى حالة نشوب صراع مفتوح بين إسرائيل وإيران، لكن هذه العلاقة ليست طريقًا ذا اتجاهين، فلن تتدخل إيران بالضرورة لإنقاذه فى حال تواجه مع إسرائيل. ونقلت الإذاعة الألمانية عن بوركو أوزجليك، زميل أبحاث بارز فى أمن الشرق الأوسط فى المعهد الملكى للخدمات المتحدة ومقره لندن: «يبدو أن هناك إحجامًا من جانب إيران عن الدفاع عن حزب الله بشكل مباشر، إذ قد يكلفها ذلك مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل». كما رجح فابيان هينز، المتخصص فى التحليل الدفاعى والعسكرى فى المعهد الدولى البريطانى للدراسات الاستراتيجية أن التدخل العسكرى الحقيقى «غير متوقع للغاية بالنسبة لإيران».