يحب البعض أن يعيش لنفسه فقط ،فيكون هو المبتدأ والخبر، وتحقق له هذه الحالة سعادة من بداية تكوين وعيه حتى أخر يوم فى عمره حتى لو لقبوه بالأنانى. بينما يحلو للبعض الآخر أن يعيش من أجل الآخرين ويستغرق فى التضحية من أجلهم ،سواء كان هذا الآخر شخصاً أو مكاناً وينسى نفسه ،وتحقق له هذه التضحية سعادة ،سرعان ماتنقلب إلى غم وحزن يصل إلى اكتئاب أو مرض إذا لم يجد هذا الشخص الود ورد الفعل الذى كان ينتظره من الطرف الآخر ! . وللأسف لم أقابل فى حياتى إلا القليل من الذين يعيشون فى المنطقة الوسطى الآمنة من الحياة التى تضمن لهم السعادة فى الدنيا والآخرة ،وأقصد بهؤلاء الذين يعيشون لأنفسهم وللآخرين دون انعزالية مطلقة أو استغراق فى الارتباط.. بمعنى أنه ليس أن تعيش لإسعاد نفسك إلا تتزوج حتى لاتتحمل مسئولية زوجة أو زوج وأولاد، أو أن تتزوج ولا تنجب حتى لا تعيش فى خدمة أولادك، أو تؤدى عملك رافعاً شعار «وأنا مالى بالمصلحة العامة»، ولا تكون مستعداً للتضحية من أجل مكان عملك أو بلدك أو أصدقائك أو جيرانك بحجة إنك «تعيش فى حالك» لأن ذلك ليس طبيعياً ولا هى الفطرة التى خلق الله عليها البشر ،ويقول الله تعالى فى قرآنه الكريم «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير»، وتعارفوا هنا بمعنى تعاونوا ،واتقاكم أى الذى يتقى الله فى كل مناحى حياته .. أما المضحون بزيادة فأزمتهم الحقيقية تكمن فى إنهم يستغرقون فى التضحية ويربطون حياتهم بالأشخاص والأماكن فتفشل حياتهم وتكون تجاربهم مخيبة للآمال إذا ما ابتعدوا عن الأشخاص أو الأماكن، فيصبحون دافعاً ومثلاً للآخرين لايحتذون به ،ويتجنبون تكراره ويختارون العزلة النفسية ويعيشون لأنفسهم فقط ،وهؤلاء يحق عليهم قول الزعيم مصطفى كامل «ما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط».. إذا فالحل الأمثل كى تعيش سعيداً أن تكون طبيعياً فى التفاعل مع الأشخاص والأماكن دون أن تربط سعادتك بالشخص أو المكان ودون انتظار المقابل ..فقط «اعمل اللى عليك ابتغاء مرضاة الله وارضاء لضميرك». لاتربط حياتك وسعادتك بالآخر.