صفارات الإنذار تدوي في مدينة صفد ومحيطها وسط اعتراضات جوية ضخمة (فيديو)    الجيش الإسرائيلي: بعض الصواريخ سقطت في بيريا وفرق الإطفاء تعمل على إخماد النيران    سافر تاني، الزمالك يمنح البولندي كونراد ميشالاك إجازة    بشكل مفاجئ، وفاة أضخم لاعب كمال أجسام في العالم عن عمر ناهز 36 عاما (صور)    العثور علي جثث سيدتين وطفلة أسفل عقار شبرا المنهار (صور)    هل تم إلغاء رسوم المرافقين في السعودية 2024؟    صدمة حضارية.. شريف عامر يحكي تجربته مع السبلايز خارج مصر    الآن.. كليات تقبل من 50% أدبي في تنسيق المرحلة الثالثة 2024 لطلاب الدور الثاني    بعد انخفاضه.. تعرف علي الحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوية الفنية 2024 (تفاصيل)    ترامب: لن أناظر هاريس مرة أخرى قبل الانتخابات    قصف شركة الكهرباء وسط قطاع غزة    رئيس جامعة أسيوط يشهد حفل تخريج الدفعة الأولى من طلاب الجامعات الأهلية بالمتحف المصري الكبير    اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجدًا بالمحافظات    جوميز: قوة الزمالك في جماهيره.. والتسريبات سبب مشكلات الأبيض    رئيس نادي أحد السعودي: ميشالاك تلقى عروض كثيرة.. وأطالب جماهير الزمالك بالصبر على اللاعب    جوميز عن مواجهة الأهلي في السوبر الأفريقي: جاهزون للتتويج باللقب    إليك حقيقة صرف 1000 ريال لمستفيدي الضمان الدفعة القادمة بمناسبة اليوم الوطني السعودي 1446    مطروح تستقبل الأسبوع الثقافي ال33 لأطفال المحافظات الحدودية    نشرة التوك شو| أسباب زيادة نسبة الطلاق.. وضوابط جديدة رحلات العمرة    أحمد عمر هاشم يكشف حكم التسمية ب عبد النبي وعبد الرسول    تصل ل400 جنيها.. التعليم تحدد قيمة أقساط المصروفات الدراسية لجميع المراحل    مصطفى بكري: تشريعية البرلمان استمعت لكافة الأطراف والتيارات حول الإجراءات الجنائية    سعر الطماطم والبصل والخضار بالأسواق اليوم الجمعة 13 سبتمبر 2024    استقرار سعر الفراخ البيضاء وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الجمعة 13 سبتمبر 2024    رسمياً.. أحمد القرموطي سابع الصفقات الصيفية للمصري    بعد ساعات من وصوله.. نجم الزمالك الجديد يغادر القاهرة فجأة لهذا السبب    «لا يعرفون شيئًا».. رامي عباس يكشف مفاجأة بشأن مستقبل محمد صلاح مع ليفربول    وزير الخارجية يتوجه لمدريد للمشاركة بالاجتماع الوزارى حول القضية الفلسطينية    انتشال جثث 3 أشخاص آخرين من أسفل عقار شبرا المنهار.. صور    إصابة 7 أشخاص فى تصادم ميكروباص بتوك توك بأسوان    إحتراق "توكتوك " في مركز طامية بالفيوم    استمرار الموجة الحارة.. الأرصاد تحذر من طقس اليوم    زوجة عصام صاصا بعد حبسه: «هرجع شغلي تاني علشان ابني ميحتاجش حاجة»    الصحة العالمية: ربع المصابين في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بحاجة لتأهيل لسنوات مقبلة    الفنان محمود حافظ: أنا شخص خجول ورزقنى الله ب"هيبة" من عنده    نصائح مهمة فى التمثيل من يسري نصر الله لطلاب كاستنج.. فيديو    افتتاحية مهرجان ميدفست.. هنا شيحة تحتضن صبا مبارك بعد تكريمها    «انزل يا ولد».. سر رفض والدة فؤاد المهندس دخوله التمثيل وكيف فاجأته على المسرح؟ (فيديو)    حسن الرداد ل إيمي سمير غانم: «تيجي نعمل مسلسل في رمضان؟».. والأخيرة ترد    الهلال الأحمر الفلسطيني: 4 إصابات برصاص الاحتلال في بلدة الظاهرية جنوب مدينة الخليل    سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الجمعة 13 سبتمبر 2024    ليلة محمدية في حب خير البرية: وكيل أوقاف بالفيوم يشهد أحد عشر احتفالا بميلاد النبي "صلى الله عليه وسلم" بإدارة فيديمين    المغرب يعلن تسجيل أول حالة بفيروس جدرى القرود    هذه هي الساعة المناسبة لتناول وجبة «الغداء» و«العشاء»    كلب يعقر 5 أشخاص في أسيوط    توقعات الفلك وحظك اليوم.. برج الحوت الجمعة 13 سبتمبر    وفاة والد الفنان علاء حسني    محافظ الأقصر يوافق على تنسيق القبول للثانوي العام بحد أدنى 220 والميكانيكية 170 درجة    السعودية والبرازيل توقعان اتفاقية تعاون في استكشاف الفضاء للأغراض السلمية    إحصائيات رسمية: كندا تزداد فقرًا مقارنة بنظيراتها الغنية    وزراء عمل إيطاليا وألمانيا وبريطانيا يبحثون استخدام الذكاء الاصطناعي بمجموعة السبع    حدث بالفن| عزاء والدة مخرج وظهور نادر ل ابن مطربة شهيرة وفنان يعتذر لصناع "عمر أفندي"    باحثون يبتكرون لقاحًا جديدًا للإنفلونزا وفيروسات «كورونا» المختلفة    عادات صباحية لتعزيز الذاكرة وزيادة التركيز لدى الطلاب    طريقة عمل الآيس كوفي، زي الكافيهات وأوفر    التعليم: 2500 جنيه رسوم القيد الإلكتروني لطلاب المدارس الدولية 2024    أجمل عبارات تهنئة المولد النبوي الشريف 2024    شيخ الأزهر يهنئ الرئيس السيسي والأمة الإسلامية بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيمن موسى يكتب: دروس «كوروسك» الصعبة!
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 24 - 08 - 2024

منذ أن بدأت روسيا الحرب في أوكرانيا، والتى تطلق عليها اسم العملية العسكرية الخاصة، وهى تحرص على أن تخرج الصورة بعدة ملامح أساسية تحفظ لها مظهرا وسمعة خاصة على المستوى العالمى ليس فقط وسط الأنظمة الحاكمة ولكن أيضا وسط الرأى العام والمواطن البسيط.
هذه الصورة كانت تقوم على أساس أنها تنفذ هذه العملية لاعتبارات إنسانية تمس إنقاذ المضطهدين من البسطاء فى دونباص وليس طمعا فى أراضى الغير، وأنها خلال العمليات العسكرية تحرص كل الحرص على استهداف المنشآت والتجمعات والأهداف العسكرية بعيدا كل البعد عن المدنيين وممتلكاتهم والبنية الأساسية التى تضمن حياتهم وسلامتهم.
كما كانت روسيا تؤكد أن أحد أهم دوافع العملية هو تجاهل بل وإنكار مصالحها فى مجال الأمن وللتصدى لمؤامرة يقودها الغرب لتهديد أمنها القومي.
وقد ضمن التزام روسيا بهذا الخطاب تعاطف غالبية الرأى العام العالمى قبل تعاطف الأنظمة الحاكمة خاصة فى دول العالم الثالث.
وربما وكما أشرنا فى مقالات سابقة إلى أن الحرب فى أوكرانيا هى حرب الحسابات الخاطئة من كل جانب، فروسيا كانت تعتقد أن الحرب ستكون خاطفة ولن تستغرق الكثير من الوقت والجهد وسرعان ما ستقبل أوكرانيا بالشروط الروسية التى تبدو أشبه ما تكون بشروط الاستسلام دون قيد أو شرط وإذلال ربما لم تشهده حتى دول مثل ألمانيا واليابان خلال الحرب العالمية الثانية.
أما الغرب فقد ظن أنه بمساعدته لأوكرانيا بالمال والسلاح سوف يكرر تجربته فى أفغانستان ويتسبب فى إرهاق روسيا وإذلالها لدرجة التفكك، وفى فكره هذا نسى أن الظروف تختلف نصا وموضوعا.
◄ لعبة القط والفأر
منذ بداية الحرب فى أوكرانيا فى فبراير من عام 2022، كان من الواضح عدم وجود أى تناسب فى القوة ما بين دولة عظمى ودولة ضعيفة فقيرة من دول العالم الثالث، حيث كانت روسيا تبدو كالقط «الوديع» الذى يتلاعب «بالفأر» دون أن ينقض عليه وينهى على حياته، والناس فى غضون ذلك يدللون القط ويحتقرون الفأر، بل إنهم كانوا يصرخون فى الفأر لكى يسقط مغشيا عليه او حتى يستسلم بشكل كامل لبراثن القط ليفترسه كيفما يشاء.
وفى غضون ذلك بدأ الغرب يبدى الامتعاض من اللاجئين الأوكرانيين، أولئك الذين يعيشون دون عمل ويتلقون المعونات فقط، وعليهم العمل والاجتهاد، مع العلم بأن الحرب فى أوكرانيا كانت وسيلة للعديد من الدول الأوروبية لحل جانب من مشاكلها السكانية وتعويض النقص فى الأيدى العاملة والخبراء المتخصصين ناهيك عن المكاسب الاقتصادية سواء من بيع السلاح أو ارتفاع أسعار المنتجات المختلفة أو المصالح الخفية لمختلف القوى الغربية التى تسيطر على مجريات الأمور فى العالم، وعندما نال الغرب مراده أفاق على أن هناك جانبًا من اللاجئين من كبار السن ولا أقول هنا الأطفال والنساء لأن هذه الفئة يمكن استثمارها فى المستقبل، أما كبار السن والمرضى والعجزة فلا لزوم لهم ويجب أن يعودوا.
على مدار المراحل المختلفة للحرب أظهرت أوكرانيا قدرات فى إحراج روسيا وإن كان لفترات قصيرة ومتقطعة، ولا ننسى هنا اضطرار روسيا للانسحاب المفاجئ إلى الضفة الغربية لنهر دنيبرو فى خيرسون فى 11 نوفمبر من عام 2022، وهو الانسحاب الذى وصفته روسيا بأنه تكتيكى لإعادة تجميع القوات وتسليحها بينما يفضل غالبية الخبراء وصفه «بأنه انسحاب جدلى» لما يكتنفه حتى الآن من أسرار.
◄ انهيار الحسابات
لا شك فى أن أوكرانيا بما لديها من إمكانيات متواضعة قد أظهرت أداءً جيدا فى مواجهة الماكينة العسكرية الروسية المتطورة وفى ظل اكتفاء الغرب بتزويدها بالأسلحة القديمة والمتهالكة والإمكانيات التى تضمن لها فقط عدم الموت وليس الحياة، وذلك لاعتبارات التوازن وعدم الرغبة فى دخول مواجهة مباشرة مع روسيا بما سيكون له من عواقب وخيمة على الجانبين بعد أن أظهرت روسيا عمليا قدرتها على مواجهة الغرب منفردة بل وإحراجه؟
بصفتى من المتابعين للشأن الروسى والاتحاد السوفيتى السابق وعلى الأخص من خلال وسائل الإعلام الروسية، لم أدرك حقيقة ما يجرى فى كورسك إلا بعدها بأيام كثيرة وربما من خلال التغطية المحلية فى مصر ومن خلال وسائل الإعلام العالمية، حيث فرض الإعلام الروسى تعتيما شبه كامل على ما يجرى أو على الأكثر سلط الضوء على ما يرغب فقط إظهاره فى إطار الحفاظ على هدوء الجبهة الداخلية.
الحقيقة أنه فى السابق كانت هناك وسائل إعلام ومواقع فى روسيا تقدم وجهة النظر المخالفة أو الأقرب إلى الموضوعية ولكن هذه الوسائل والمواقع ومنذ بداية الحرب فى أوكرانيا توارت بشكل كبير جداً أو يمكن القول بصراحة إنه لم يعد لها وجود إعمالا لمبدأ «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»، وإن كنت شخصيا أؤيد هذا المبدأ فى حالات معينة تمس المصلحة العليا والأمن القومى للدولة خاصة فى ظروف الحرب، وإن كان الأمر محفوفًا ببعض المخاطر مثل الأخطاء التى قد تقع فيها القيادة السياسية والعسكرية للدولة وتكلفها الكثير وهنا تبرز أهمية الإعلام كصوت ورأى يصلح الأوضاع عند اللزوم.
أظهر الإعلام الروسى يوم السادس من أغسطس أن ما يجرى لا يعدو أن يكون مجرد محاولة من مجموعة تخريب لتخطى الحدود الروسية فى اتجاه إقليم كوروسك وقد جرى التعامل معها وتصفية أعضائها، وبعد برهة من الوقت ظهر نبأ جديد أنه تبين أن بعض أعضاء هذه المجموعة قد تمكنوا من الفرار وأنه يجرى تعقبهم والقضاء عليهم، ثم ظهرت مجموعة من الأنباء التى توحى أنه لم تكن هناك مجموعة واحدة وأنهم عدة مجموعات وجار ملاحقتهم وتصفيتهم، وسرعان ما اضطرت وسائل الإعلام لبث جانب من الصورة الحقيقية وهو نجاح القوات الأوكرانية فى اجتياح إقليم كورسك من عدة اتجاهات بقوة ربما يصل قوامها الألف شخص.
◄ الصورة الحقيقية
1000 شخص ليس بالعدد الكبير أو الذى يمثل مشكلة للقوات الروسية، ولكن يبدو أن الصورة الحقيقية مخالفة لما تعكسه وسائل الإعلام الروسية، التى ظلت تتبع نفس تقنيات متابعة الأحداث والمعارك داخل الأراضى الأوكرانية، من حيث إحصاء عدد المسيرات والصواريخ الأوكرانية التى جرى التصدى لها وإسقاطها، وعدد القتلى من القوات الأوكرانية والخسائر من المعدات العسكرية المختلفة، ولكن فى غضون ذلك لم يكن بوسعها حجب المعلومات عن البدء فى إجلاء سكان الكثير من الأحياء السكنية فى عدد كبير من القرى وبعض المدن في كورسك.
من يُتابع وسائل الإعلام الروسية على مدار الفترة من السادس من أغسطس وحتى الآن سيجد أنها تسير فى نسق واحد فقط وهو التأكيد على أن العملية فى كورسك هى مغامرة غير محسوبة العواقب وسوف تعود على الجانب الأوكرانى بخسائر كثيرة وربما تعجل بخسارة الحرب بصفة عامة، ذلك إلى جانب التركيز على ما تناقلته وسائل الإعلام الغربية من تقديرات تعزز هذا الاتجاه والتأكيد على أن أوكرانيا قامت بهذه المغامرة دون استشارة الغرب الذى بعد هذه المغامرة سوف يفكر فى طريقة للتخلص من زيلينسكى واستبداله بشخص يساعد فى إنهاء النزاع عن طريق التفاوض.
◄ تساؤلات وأجوبة
مثلما كانت حسابات الحرب فى أوكرانيا خاطئة فالإجابات على الأسئلة الرئيسية حول ما يجرى فى كورسك جاءت هى الأخرى غير مقنعة بل يمكن القول بكل ثقة إنها ساذجة. هذه التساؤلات يخص بعضها التكتيك والأداء العسكرى والأمنى وهى تساؤلات منطقية وربما لا يحتاج لإجابات مستفيضة ولكن هناك بعض تساؤلات مبدئية غاية فى الخطورة وربما تمس كيان الدولة ومستقبلها وربما مستقبل البشرية بصفة عامة.
أول وأخطر سؤال يخص سهولة توغل القوات الأوكرانية فى روسيا تلك الدولة العظمى ذات الإمكانيات العسكرية الضخمة وعلى الأخص فى المجالات الدفاعية، وهنا نشير إلى ظهور معلومات مبدئية تقوم على أساس الإبلاغ من جانب المواطنين عن ظهور عناصر مشكوك فيها يعتقد أنهم عسكريون أوكرانيون فى ملابس مدنية، وثانيًا الاحتياج كان على مساحة كبيرة من الحدود وهو ما يشكك فى إحكام السيطرة على الحدود، خاصة فى وقت الحرب، ولكن الإجابات التى وردت عبر وسائل الإعلام كانت تتضمن سخرية من هذه التساؤلات والإيحاء بأن حدوداً تمتد لأكثر من ألفى كيلو متر من الممكن أن تتعرض للاختراق من جانب مجموعات تخريب .
وهنا لن أقف عند نقطة مساحة امتداد الحدود وإحكام السيطرة عليها خاصة فى وقت الحرب وعدم ملاحظة أن التوغل لم يقتصر على مجموعات تخريب ولكن مجموعات قتالية كاملة إلى جانب عدم ملاحظة الأسلحة الثقيلة وغيرها من الأشياء التى صاحبت العملية فى كورسك والتى تؤكد بجلاء أن روسيا تواجه موقفا محرجا وقدرات لم تتوقعها من جانب الخصم، ولكنى أود التوقف عند ملاحظات بعض الخبراء وتسريبات لبعض المصادر التى توحى بأن الجيش كان على علم بكافة تفاصيل ما يحدث وتعامل معه بشكل هادئ ووتيرة يمكن فى أى وقت التحكم فيها ولكن فقط بما يمثل إحراجا لوزير الدفاع الجديد أندريه بيلارسوف حيث يستدلون على ذلك بتأخر رد فعل وزير الدفاع على ما يجري.
كما تشمل هذه الفرضية أن الجيش الروسى لا يرضى بتولى شخصية مدنية قيادته وأن هناك حالة من السخط وسط قيادات القوات المسلحة الروسية بسبب قضايا الفساد التى يحاكم بها عدد من القيادات العليا للجيش ووجود تنافس كبير بين بعض قيادات الجيش، وجميعها فرضيات غاية فى الخطورة لو ثبتت صحتها، حيث إن الهدف منها هو بث بذور الشك بين قيادة الدولة والجيش، ومن ناحية أخرى بث مشاعر الشك لدى الشعب فى نوايا الجيش ووطنية قياداته وهو شيء فى منتهى الخطورة، وأعتقد أن القيادة الروسية تدرك جيدا طبيعة هذه النوايا وسوف تعمل وربما بدأت بالفعل تعمل على تأكيد ثقة الشعب فى جيشه وكفاءته والحفاظ قبل كل شيء على تماسك الجيش وثقته فى نفسه.
أما بالنسبة للقول بأن الغرب لم يكن يدرى شيئًا عن هذه العملية وأنه انتقد بشدة القيادة الأوكرانية، فهذا الأمر ينطوى على جانبين وكل منهما لا يقل أهمية عن الآخر، والأول يثبت أن القيادة والقوات الأوكرانية يمكنها التصرف وتحقيق طفرات على الجبهة دون الرجوع للغرب، والثانى هو أنه من السذاجة تصديق ذلك وتصديق أن الغرب لم يكن على علم بذلك، خاصة وأنه من الواضح هذه عملية كورسك هى من العمليات التى تعتمد بشكل كبير على المعلومات الاستطلاعية والاستخبارية وهى نوعية من المعلومات لا تتوفر لدى أوكرانيا إلا من خلال الغرب والولايات المتحدة.
◄ نهاية المطاف
سواء كانت عملية كورسك مغامرة مجنونة أو عمل عسكرى رفيع التخطيط، فهى تثبت مجددًا ما أكدت عليه من قبل، وهو أن الحديث عن نهاية النزاع هو شيء وتحقيق السلام شيء مخالف تماما، فمن الممكن بقوة السلاح والضغط أن تجبر الطرف الضعيف أو حتى طرفى النزاع على وقف إطلاق النار والكف عن العمليات القتالية، ولكن هذا لا يعنى سوى تأجيل المواجهات لزمن آخر يعزز الضعيف من قواه فيه ويحاول مرارًا وتكرارًا رد حقوقه المسلوبة، وربما ينتقل هذا الضعيف لأسلوب آخر لا يقل خطورة عن الحرب مثل شن العمليات الإرهابية وقد شهدنا بعضها وكبد روسيا الكثير من الضحايا أو تطوير هذا الاتجاه باستهداف منشآت استراتيجية على غرار المحطات النووية وهو تطور سيطول الشرق والغرب والعالم أجمع، وقد تابعنا بأنفسنا خشية روسيا من أن تهدد العملية الأوكرانية فى كورسك المحطة النووية فى هذا الإقليم وربما أن هذا السبب حد كثيرا من إمكانيات روسيا فى التصدى بقوة للقوات المهاجمة.
السبيل الثانى لإنهاء القتال هو السلام، الذى لا يتحقق إلا بالعقل والفطنة وتوافق الطرفين، ورد الحقوق إلى أهلها، أما الاستسلام لفكرة إذلال الضعيف وإنهاكه والضغط عليه ليلعق ما يقدم له فهو لا ينهى قضية والدليل على ذلك هو «كورسك».
الأمر سيتطلب التعامل المباشر بين روسيا وأوكرانيا، وأعتقد أن روسيا وقيادتها بالفطنة بحيث تدرك أن خلق المزيد من الأعداء قرب حدودها ليس فى مصلحتها، كما سيتعين على أوكرانيا إدراك أنه مهما كانت مساعدات الغرب فلن تعينها على الانتصار على روسيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.