span style="font-family:" Arial","sans-serif""ركضت رينا خلف كلبها الذي أخذ يعدو بعصبية دون توقف ولم يستجب لنداءاتها المتواصلة له وصراخها خلفه ليعود، لأن المطر المتواصل دون توقف منذ عدة أيام أخذ يتحول إلى حبات من الجليد الهش من شدة البرودة. span style="font-family:" Arial","sans-serif""خافت رينا أن يحصل شيء سيء لكلبها المحبوب الوفي. وأخير استطاعت أن تمسك بطرف لجامه وجذبته في اتجاهها وتوسلت إليه بصوتها الرقيق ليتوقف- فأشفق الكلب عليها وتوقف فجأة فاحتضنته بحب. span style="font-family:" Arial","sans-serif""عادت رينا مع كلبها إلى الكوخ الصغير في أعلى الجبل، الذي كان ملكا لوالدها، حيث كانت تقضي فيه أجمل العطلات مع عائلتها، قبل وفاة والدها منذ عامين. span style="font-family:" Arial","sans-serif""غالبا ما كانت تأتي منفردة إلى الكوخ في مختلف الأوقات وبعيداً عن أوقات العطلات، حتى لا يزعجها وجود أحد المصطافين أو عائلاتهم- لتقضي بعضاً من الوقت لوحدها بعيداً عن ضوضاء إخوتها وأبنائهم، وتدخلات الخالة والعمة وغيرهم من الأقارب الذين نصّبوا أنفسهم قضاة عليها – فقط لأنها لم تتزوج بعد وقد أصبحت في الأربعين، وهذا بالنسبة لهم كارثة كبيرة. span style="font-family:" Arial","sans-serif""لم يفهموا أنه من المستحيل أن تستسلم لهم ولضغوطهم الكبيرة لدفعها للزواج رغما ًعنها من أي عريس يتقدم لها ويرونه مناسباً. كانت تحلم برجل من نوع خاص، مختلف لم تصادفه حتى الآن، رغم أنها جميلة ذات شخصية متميزة وفي نفس الوقت مذيعة مرموقة وتصادف الكثير في حياتها . span style="font-family:" Arial","sans-serif""طوال حياتها كانت تشفق على نفسها من أن تصبح نسخة مكررة من والدتها التي كانت مكتئبة وحزينة أغلب وقتها، ليس لها أي اهتمامات غير الطبخ والاهتمام بالمنزل. كانت رينا متأكدة أن السبب في حزن والدتها الدائم هو والدها – الذي كان مفعما بالحياة، وسيماً، مثقفاً، اجتماعياً، ولكنه في نفس الوقت كان متسلطا ًوشديد الغيرة على زوجته. يعاملها بقسوة متى شاء، ثم يضحك ويمزح معها حين يكون في مزاج جيد. كرهت الأم هذه الطريقة – حسبما فهمت رينا - لكنها لم تكن تمتلك الجرأة والقوة لتواجهه، وعاشت في كآبة دائمة دون حتى أن تعطي أولادها الحنان الذي كانوا يتوقون إليه. اهتمت بكل شيء يخصهم من نظافة ومأكل وملبس وحرمتهم التعبير عن حبها وحنانها. span style="font-family:" Arial","sans-serif""توقف انهمار المطر والندف الثلجية بعد أسبوع من بقاء رينا وكلبها داخل الكوخ وظهرت بعض من أشعة الشمس تنتشر على استحياء - أمام النافذة على أرض الفناء والأشجار المزروعة فيه. فرحت رينا كثيراً وخرجت هي والكلب لتتريض قليلاً حول الكوخ. وما أن خرجا من الباب – حتى ركض الكلب مرة أخرى وهو ينبح بشدة إلى الفناء الموجود وراء الكوخ. ذهبت رينا في أثره لترى هناك شيئاً غريبا ًخلف شجرة الكرز الكبيرة المزروعة فيه. كان هناك جزءٌ من ارتفاع مقبب وممتد لمسافة خلف الشجرة ومختف أسفل الثلج بشكل مريب – لم تفهم رينا ما هو- ولم تدرِ ماذا يجب عليها أن تفعل! span style="font-family:" Arial","sans-serif""لم تستطع كبح جماح الكلب هذه المرة، فأخذ ينبش حبات الثلج التي كانت تخفي الشيء الغريب المرتفع، وهي تقف على مسافة منه دون أن تقترب – انتظارا لما قد ترى في الأسفل. هي لم تكن خائفة – خصوصاً أنها قد ورثت رباطة جأش والدتها وتماسكها حتى في أصعب الأوقات وأكثرها جنونا - لكنها كانت تريد التأكد أولاً. span style="font-family:" Arial","sans-serif""ورأته – لم تصدق عينيها في البداية – إنه هو فتى أحلامها الذي طالما حلمت فيه وتمنته عريسها!!!!! لم تكن حقا تعرف الشخص الملقى أسفل طبقات من الثلج - لكنه كان الشكل المرسوم في خيالها منذ زمن بعيد!!!! span style="font-family:" Arial","sans-serif""من هو؟ وكيف جاء هنا؟ وهل هو حي مغمى عليه، أم أنه جثة هامدة؟ اقتربت رينا منه، لم تكن هناك أي حركة تصدر عنه، حاولت أن تتلمس وجهه وملامحه التي كانت مزرّقّة قليلاً - كانت باردة كبرودة الثلج- وكأنه تمثال منحوت من الثلج بدقة. أزاحت طبقات الثلج بسرعة عن جسده – وحاولت الاستماع لدقات قلبه لتعرف إن كان ما يزال حياً. وبعد فحص متأن تأكدت أنه ميت! span style="font-family:" Arial","sans-serif"""لا يهم!" قالت لنفسها. سيكون لي !! span style="font-family:" Arial","sans-serif""سحبت جثة الرجل الوسيم الذي كان يبدو في منتصف الأربعينات ببطء وهدوء ورقّة إلى داخل الكوخ. خمّنت أن برودة الثلج هي من حفظت الجثة بشكل سليم، مع أنها لم تعرف أبداً ما الذي من الممكن أن يكون أدى إلى وفاته، لذلك وضعت الجثة في سريرها وأحاطتها بكميات كبيرة من الثلج جلبتها من الخارج، وجلست في كرسي بقربه وأخذت تتأمله في وله. span style="font-family:" Arial","sans-serif"""أتدري أنني انتظرتك طويلاً؟ لماذا تأخرت علي هكذا؟" وقبّلت جبينه ثم واصلت مناجاتها له: span style="font-family:" Arial","sans-serif"""لا يهمني ما الذي حدث لك ولن أبحث في ذلك، كل الذي يهمني أنك وصلت لي أخيراً!.