محمد الزهيرى حالة من الترقب تسود أرجاء العالم فى انتظار الرد الإيرانى على اغتيال الكيان الصهيونى لرئيس المكتب السياسى لحركة المقاومة الإسلامية حماس «إسماعيل هنية» داخل مقر إقامته فى العاصمة طهران فى 31 يوليو الماضى، والذى هدد على أثره قادة طهران بالثأر والانتقام من الكيان الصهيونى. وفى الوقت الذى لم تحدد فيه إيران شكل الردّ أو توقيته الزمنى، واكتفى القائم بأعمال وزير الخارجية الإيرانى على باقرى كنى بالقول، إن الرد «سيحدث فى الوقت الصحيح وبالشكل المناسب»، إلا أن السيناريوهات والتوقعات لطبيعة الضربة الإيرانية المحتملة لإسرائيل توالت وكان المرجع الذى بنيت عليه هذه التوقعات هو الضربات الإيرانية التى تم توجيهها من قبل. فى يناير من العام 2020، قصفت إيران قاعدة عين الأسد غربى الأنبار وقاعدة حرير فى أربيل بعشرات الصواريخ الباليستية، فى أعقاب مقتل قائد «فيلق القدس»الإيرانى قاسم سليمانى الذى قتلته القوات الامريكية فى غارة جوية قرب مطار بغداد فى يناير 2020.. وبحسب الرواية التى نقلتها بعض وسائل الإعلام عن مصادر إيرانية، أسفر الهجوم الصاروخى آنذاك، عن مقتل 80 جنديا أمريكياً. إلا أن الولاياتالمتحدة نفت وقوع أى إصابات فى صفوف جنودها، وهو ما أكدته حكومة كردستان العراق. ونقلت شبكة «سى إن إن» الأمريكية عن مسئول عسكرى أمريكى أن الجيش الأمريكى كان لديه تحذير من وقوع ضربات إيرانية قبل وقت كافٍ من انطلاقها، الأمر الذى مكن القادة الأمريكيين من نقل جنودهم إلى غرف محصنة تحت الأرض وتجنب وقوع إصابات.. وعقب القصف، أكدت طهران أنها ردت بشكل متناسب حيث شددت فى الوقت نفسه على أنها لا تسعى للحرب والتصعيد. وفى أبريل الماضى، شنت إيران أكبر هجوم علنى مباشر على دولة الاحتلال بعد عقود من العداء وتبادل التهديدات، حيث أطلقت مئات الصواريخ والطائرات المسيرة ردًا على تعرض القسم القنصلى فى السفارة الإيرانية بدمشق لهجوم صاروخى إسرائيلى، أسفر عن مقتل 7 من الحرس الثورى الإيرانى، بينهم الجنرال البارز محمد رضا زاهدى. ونجحت الولاياتالمتحدة فى اعتراض العديد من الصواريخ، قبل وصولها إلى إسرائيل، وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى أفيخاى أدرعى إن الغالبية العظمى من الصواريخ التى أطلقت من إيران اعترضت خارج الحدود الإسرائيلية، مضيفا أنه تم رصد سقوط عدد ضئيل من الصواريخ فى قاعدة عسكرية فى جنوب إسرائيل «حيث لحقت أضرار طفيفة فى البنية التحتية». ورجح الخبراء أن الإيرانيين رغبوا فى إعلام الأمريكيين والإسرائيليين بموعد ذلك الهجوم، حيث كانت محطات الإذاعة والتلفاز فى إسرائيل تحسب الساعات المتبقية للأفراد للعودة إلى منازلهم والاحتماء بالملاجئ، إلا أن خبراء يعتقدون أن الرد الإيرانى هذه المرة قد يختلف، فربما لن يعلن الإيرانيون عن موعد هجومهم كالمرة السابقة، وقد ينفذون هجوماً أكثر تعقيداً ومن عدة محاور. ووفقاً للتهديدات الإيرانية وضع العديد من الخبراء والمحللين عدة سيناريوهات لطبيعة الضربة الإيرانية المحتملة لإسرائيل، أحد هذه السيناريوهات كان سيناريو أن تقوم إيران باستهداف مباشر لقادة إسرائيل واختراق سيادتهم على الأراضى المحتلة. بينما ذكرت وكالة بلومبرج الأمريكية، أن إيران تسعى للرد على اغتيال هنية إلا أنها تريد أيضاً تجنب قيام حرب شاملة، وأوضحت بلومبرج أن أمام إيران سيناريوهين للرد، منهما استهداف مواقع عسكرية فى إسرائيل، بطريقة مشابهة للهجوم الصاروخى، والطائرات المسيرة الذى نفذته فى أبريل الماضى. أما السيناريو الثانى وفقاً لبلومبرج فهو الرد عن طريق استخدام أذرعها بالمنطقة مثل الجماعات المسلحة فى العراق، وحزب الله فى لبنان، والحوثيين فى اليمن، لضرب إسرائيل بالصواريخ، والطائرات المسيرة. إلا أن بلومبرج أشارت إلى أنه قد يكون من الصعب تنفيذ مثل هذه العمليات بشكل مفاجئ، حيث تستغرق الصواريخ الباليستية أكثر من 10 دقائق لتغطى مسافة 750 ميلاً «1200 كيلو متر» من إيران، فيما تحتاج صواريخ كروز والطائرات المسيرة عدة ساعات، وهو ما يعطى إسرائيل وحلفاءها الوقت الكافى لشن ضربات اعتراضية مثلما حدث فى إبريل الماضى.. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسئولين إيرانيين أحد السيناريوهات، وهو أن القادة العسكريين الإيرانيين «يفكرون فى هجوم مشترك بطائرات مسيّرة وصواريخ»، على أهداف عسكرية فى محيط تل أبيب وحيفا، لكنهم سيحرصون على تجنب الضربات على أهداف مدنية. أما مستشار الأمن القومى الأمريكى السابق جون بولتون فقد قال فى تصريحات إن العالم يشهد صراعًا موسعًا بين إسرائيل وإيران، فى أعقاب اغتيال القائد العسكرى فى حزب الله اللبنانى فؤاد شكر، ورئيس المكتب السياسى لحركة «حماس» إسماعيل هنية. وتوقع بولتون أن «يكون الانتقام الإيرانى لاغتيال هنية مؤثراً وقوياً».. وأكد أن الرد الإيرانى المرتقب سيختلف هذه المرة عما حدث فى أبريل الماضى. وذكر أن «فشل إيران فى حماية أشخاص مثل إسماعيل هنية خلال استضافته فى طهران يضع المرشد فى حرج شديد». على الجانب الآخر، أعلنت إسرائيل جاهزيتها التامة لأى رد إيرانى، وأكد رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو «استعداد بلاده دفاعياً وهجومياً»، كما قال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، ديفيد مينسر، فى مؤتمر صحفى: «نعرف كيف نتعامل مع هذا التهديد الإيرانى.. مع حلفائنا نحن قادرون على مواجهتهم.» ويأتى ذلك بالتزامن مع ترقب فى إسرائيل التى رفعت حالة التأهب إلى الدرجة القصوى، حيث فتحت السلطات المحلية بعدة مدن فى إسرائيل الملاجئ، كما قامت الولاياتالمتحدة بحشد المزيد من السفن الحربية والطائرات المقاتلة لما تزعم أنه لحماية قواتها وحليفتها إسرائيل من تهديدات إيران والفصائل المرتبطة بها. ومع تصاعد حدة التوترات والاضطرابات فى جميع أنحاء العالم وفى منطقة الشرق الأوسط كان من المتوقع بل ومن الطبيعى أن يزيد حجم الإنفاق العسكرى العالمى، وهو ما اهتمت به العديد من الدول ومن بينها إيران.. وعن دقة هذه التقارير، يرى الخبراء والمحللون أنه على الرغم من تأكيد «سيبرى» على إدراج جميع النفقات العسكرية لإيران فى التقرير، إلا أنه بسبب عدم شفافية المؤسسات العسكرية وأيضا الفئات الفرعية المتعلقة بالمرشد الأعلى للثورة آية الله خامنئى، فإن جزءا من الميزانيات المتعلقة بمختلف المنظمات والهيئات التى لها ميزانية غير عسكرية، تقوم بإنفاقها على القطاع العسكرى الأمر الذى يجعل المحاسبة الدقيقة للتكلفة العسكرية أمراً مستحيلاً. ووضع موقع «جلوبال فاير باورز»، المتخصص فى التصنيف العسكرى، كلاً من إيران وإسرائيل فى مراكز متقاربة من حيث القوة العسكرية عالميا، حيث جاءت طهران فى المرتبة ال14، تليها إسرائيل فى المرتبة 17 بين 145 دولة شملها التصنيف الصادر بداية العام الحالى. واستعرض الموقع قدرات البلدين العسكرية حيث ذكر أن إيران لديها 610 آلاف جندى فى الخدمة، و350 ألفاً بالاحتياط، أما الجيش الإسرائيلى فيضم 170 ألفاً فى الخدمة، و465 ألفاً فى الاحتياط، إلا أن المحللين يرون أن التفوق العددى لا يمنح إيران اليد العليا، حيث إن إسرائيل تحظى بدعم غير محدود من الولاياتالمتحدة.