وحتى تعم الفائدة ويعلم المسلمون المكذوب والموضوع والذى لا أصل له فى الأحاديث المنسوبة كذبا وزورا وبهتانا للرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، نواصل التركيز عليها كما وردت فى الموسوعة الحديثية، وهى جزء من موسوعة الدرر السنية, وهى أضخم موسوعة للأحاديث النبوية لمعرفة الحديث الصحيح والضعيف الذى لا يصح والحديث القدسى والموقوف من خلال أحكام العلماء عليها. ونبدأ بحديث لا يوجد فى أىٍ من كتب السنة وهو: «من قرأ هذا الدعاء كل يوم عشر مرات غفر الله له أربعة آلاف معصية كبيرة, ونجاه من سكرات الموت, وضغوط القبر, ومئة ألف هول من أهوال القيامة, وحفظه من شر الشيطان وجنوده, وقضى دينه, وزالت همومه وغمومه, وهذا هو الدعاء: أعددت لكل هول لا إله إلا الله, ولكل همٍّ وغمٍّ ما شاء الله, ولكلِّ نعمة الحمد لله, ولكل رخاء الشكر لله, ولكل أعجوبة سبحان الله, ولكل ذنب أستغفر الله, ولكل معصية إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون, ولكل ضِيق حسبى الله, ولكل قضاء وقدر توكلت على الله, ولكل عدو اعتصمت بالله, ولكل طاعة ومعصية لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم». أما هذا القول: «ما من رجل ينظر إلى والديه نظرةَ رحمة، إلا كتب الله له بها حَجَّةً مقبولة مبرورة، وفى رواية بلفظ: ما من ولد بارٍّ ينظر إلى والديه نظرةَ رحمة، إلا كتب الله له بكل نظرة حَجَّةً مبرورة, قالوا: وإن نظر كل يوم مئة مرة؟ قال: نعم، الله أكبر وأطيب». فهو حديث موضوع لا يصح. ومثله حديث منسوب للسيدة عائشة رضى الله عنها «النظر فى ثلاثة أشياء عبادة: النظر فى وجه الأبوين، وفى المصحف، وفى البحر, وفى رواية: النظر إلى الكعبة عبادة، والنظر إلى وجه الوالدين عبادة، والنظر فى كتاب الله عبادة». وهناك حديث لا يصح أيضا منسوب للنبى صلى الله عليه وسلم «مَن أصبح مطيعًا لله فى والديه، أصبح له بابان مفتوحان من الجنة، وإن كان واحدًا فواحد، ومن أمسى عاصيًا لله تعالى فى والديه، أمسى له بابان مفتوحان من النار، وإن كان واحدًا فواحد, قال رجل: وإن ظلماه؟! قال النبى صلى الله عليه وسلم: وإن ظلماه, وإن ظلماه, وإن ظلماه». ومثله القول «برُّوا آباءكم، تبرَّكم أبناؤكم, وعفُّوا، تعفَّ نساؤكم». وكذلك «البِر لا يَبلى, والذنب لا يُنسى, والديان لا يموت, فكُن كما شئت, فكما تَدين تُدان». أما القول «من أراد الدنيا، فعليه بالقرآن, ومن أراد الآخِرة، فعليه بالقرآن, ومن أرادهما معًا، فعليه بالقرآن»، فهو كلام لا أصل له إطلاقا. ومثل القول «اطلبوا العِلم من المَهد إلى اللَّحد». أما القول «كلوا الثُّوم وتداوَوا به؛ فإنَّ فيه شفاءً من سبعين داءً»، فهو لا يصح . ولا أصل بالمرة للقول «تفاءلوا بالخير، تجدوه», أو القول «لا وجع إلا وجع العين، ولا همَّ إلا هم الدَّين». أما القول «الزانى يُزنَى به ولو بجدار بيته، أو بلفظ: "من زنى، زُنى به، ولو بحيطان داره". فهو حديث موضوع. ومثله ثلاثة أقوال لا تصح عن النبى صلى الله عليه وسلم وهى «من جمع صلاتين من غير عُذر، فقد أتى بابًا من أبواب الكبائر»، أو عن أنس عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: يجيء الناكحُ يدَه يوم القيامة ويدُه حُبلى»، أو «لعن الله ناكحَ يده». ولعل مجرد نسب مثل هذه الأقوال واعتبارها صادرة عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه إنما يستهدف التشكيك فيمن وصفه الله سبحانه وتعالى بأنه «لعلى خلق عظيم». ومثله كذلك «إذا أرادت المرأة الولادةَ، أرسل الله إليها ملَكينِ عن يمينها وعن شمالها, فإذا أراد صاحب اليمين إخراجه زاغ إلى جهة الشمال, وإذا أراد صاحب الشمال إخراجه زاغ إلى جهة اليمين, فتتوجَّع المرأة، فيقول الملكان: ربَّنا, عجزنا عن إخراجه, فيتجلى الله تعالى ويقول: عبدي، من أنا؟ فيقول المولود: أنت الله الذى لا إله إلا أنت ويسجُد, فيخرج من سجوده على رأسه». ومثله الحديث المكذوب الموضوع «لعن الله الناظرَ والمنظور إليه.وفى لفظ: (لعن الله الناظرَ إلى عورة المؤمن، والمنظورَ إليه). وليس بحديث بالمرة «لا تقوم الساعة حتى يُمجَّد فرعون»، أو «اللهم إن كان رزقى فى السماء، فأنزلْه, وإن كان رزقى فى الأرض، فأخرجه, وإن كان رزقى بعيدًا، فقرِّبه, وإن كان رزقى قريبًا، فأظهره, وإن كان رزقى قليلًا، فزِدْه, وإن كان رزقى كثيرًا، فبارِكْه». وهناك الحديث الضعيف «من قال حين يصبح ثلاث مرَّات: أعوذ بالله السميع العليم، من الشيطان الرجيم، ثم قرأ ثلاث آيات من آخِر سورة الحشر، وكَّل الله به سبعين ألف ملَك يصلون عليه حتى يمسى, وإن مات فى هذا اليوم، مات شهيدًا، وإن قالها حين يمسى، كان بتلك المنزلة». كما أنه من تلك الأحاديث التى لا تصح « أحبُّوا العرب لثلاث: لأنى عربى, والقرآن عربى, وكلام أهل الجنة عربى». بالله عليكم كيف يمكن لأحد تصديق مقوله موضوعة منسوبة لأنس قال فيها «قال النبى صلى الله عليه وآله: كُلوا الباذنجان وأكثروا منها؛ فإنها أول شجرة آمنتْ بالله عز وجل». ولا أصل بالمرة لمقولة «العمل عبادة، أو العمل كالعبادة». كما أنه لا يصح «من قرأ يس فى صدر النهار، قُضيت حوائجه». أو ذلك الحديث الباطل «التكبُّر على المتكبِّر صدقة»، ومثله «إن الميِّت يَرى النار ببيته سبعةَ أيَّام». ومن الأحاديث الباطلة التى لا أصل لها كذلك عن يوم عرفة «أفضل الأيَّام يوم عرفة، وإذا وافق يوم الجمعة، وهو أفضل من سبعين حجَّة فى غير الجمعة». وأيضا «خيرُ يومٍ طَلَعَت فيه الشمسُ يومُ عرفةَ وافَق يومَ الجمعةِ ، وهو أفضلُ من سبعينَ حجةً فى غيرها»، أو «مَن أفطر يومًا من رمضان من غير عُذر فعليه صوم شهر». كما أنه لايصح «سُئل النبى صلى الله عليه وسلم عن رجل قبَّل امرأته وهما صائمان؟ قال: قد أفطرَا». ولا أصل لحديث «الحديث فى المسجد يأكُل الحسنات كما تأكل النار الحطبَ. وفى لفظ: كما تأكل البهيمةُ الحشيش. «ومثله» من طاف أسبوعًا فى المطر، غُفر له ما سلف من ذنوبه» .. ولا يصح أيضا مقولة «لا وضوءَ لمن لم يصلِّ على النبى صلى الله عليه وسلم». أو «إذا نسيتم شيئًا، فصلُّوا عليَّ، تذكروه إن شاء الله تعالى». وليس بحديث بالمرة» المريض أنينه تسبيح، وصياحه تكبير، ونفَسه صدَقة، ونومه عبادة، ونقله من جَنب إلى جنب جهاد فى سبيل الله». كما أنه من الأحاديث الموضوعة «من زار قبرى وجبت له شفاعتي. وفى لفظ: حلَّت له شفاعتي» .. ومثله «مَن زار قبر أبويه أو أحدهما كلَّ جمعة، غُفر له وكتب له بارًا. وفى لفظ: كان كحجة»، وموضوع أيضا حديث «أصحابى كالنجوم؛ بأيهم اقتديتم اهتديتم. وفى لفظ: مثَل أصحابى». أو «نوم الصائم عبادة وصمته تسبيح وعَمله مضاعف ودعاؤه مستجاب وذنبه مغفور». وغير موجود بالمرة فى كتب السنة «اثنان فى النار, الحاقد والحاسد». أو مقولة «مِن يُمن المرأة تبكيرُها بأنثى. وفى لفظ: إنَّ من بركة المرأة تبكيرَها بالأنثى». أو «مَن قال عند الإفطار: يا عظيم يا عظيم أنت إلهى لا إله غيرك, اغفر الذنب العظيم, فإنه لا يغفر الذنب العظيم إلا العظيم, إلَّا وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه». ولا أصل كذلك لمقولة «اختلاف أمتى رحمة». ولا يصح بالمرة حديث «من طاف بالبيت أسبوعًا، وصلَّى خلف المقام ركعتين، وشرب من ماء زمزم، غفرت له ذنوبه بالغة ما بلغت». مصيبة مثل هذه الأحاديث المنسوبة للنبى صلى الله عليه وسلم, تتمثل تأكيدا فى أن من وضعوها يريدون تشويه الإسلام, وإثارة اللغط حوله والتشكيك فيه. لأن من يقودون الحملة قبل غيرهم على يقين بأنهم لا يستطيعون أن يشككوا فى القرآن الذى تعهد الله سبحانه وتعالى بحفظه. كما ورد فى الآية 9 من سورة الحجر: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ». وسنواصل الأسبوع المقبل إن كان فى العمر بقية إيضاح باقى الأحاديث المكذوبة مستهدفين إثارة الوعى حتى لا نقع ضحايا للعلماء «العملاء» المدسوسين بيننا.