اتخذت مصر العديد من الإجراءات الإصلاحية التى ساهمت فى زيادة تدفق النقد الأجنبى مما أدى إلى نجاح مصر فى سداد رقم قياسى يبلغ 14 مليار دولار من المديونية الخارجية خلال الأشهر الماضية وكذلك ارتفاع الاحتياطى النقدى الأجنبى. وأشاد الخبير الاقتصادى وليد جاب الله بالتراجع التاريخى فى حجم الديون الخارجية وأن الانخفاض ليس مفاجئًا بالنسبة للمحللين والخبراء، مضيفًا أنه كان متوقعًا نظرًا للإجراءات التصحيحية التى اتخذتها الحكومة منذ إبرام اتفاق قرض صندوق النقد الدولى وتوقيع وثيقة برنامج الإصلاح الاقتصادى. سداد الديون وأوضح أن الحكومة المصرية تمكنت من سداد أكثر من 25 مليار دولار من الاستحقاقات والديون الخارجية خلال العام الحالي، بالرغم من الظروف العالمية الصعبة المحيطة. وأضاف أنه من المنتظر استمرار تراجع نسبة الدين العام المصري؛ بفضل الجهود الحكومية الكبيرة والإجراءات الاقتصادية الناجحة اعتبارًا من توقيع اتفاقية رأس الحكمة وما تلاها من إجراءات لتدبير تمويلات اقتربت من 60 مليار دولار.. وأكد جاب الله أن النهج الحكومى ساهم فى تغطية الفجوة التمويلية والقضاء على السوق السوداء للعملة، إضافة إلى ارتفاع قيمة الجنيه المصرى وزيادة احتياطى النقد الأجنبي. وسجل الدين الخارجى لمصر تراجعًا بنسبة 8.43% بنهاية مايو الماضى مقارنة بشهر ديسمبر من عام 2023، ليصل بذلك إلى أدنى مستوياته التاريخية مسجلاً نحو 153.8 مليار دولار.. وشهد صافى الاحتياطيات النقدية الأجنبية لدى البنك المركزى ارتفاعًا قياسيًا ليغطى أعلى معدلات تاريخية بتجاوز حاجز 46 مليار دولار فى يونيو الماضي. قرارات جريئة وقال الدكتور مصطفى بدرة الخبير الاقتصادى إن الإجراءات التى تتخذها مصر تستهدف خفض الدين العام، مؤكدًا فى الوقت ذاته التزام مصر بسداد التزاماتها الخارجية. وأضاف أنه يوجد اجتهاد كبير من الحكومة للحفاظ على زيادة الموارد من العملة الأجنبية، من خلال العديد من الاتجاهات التى تسلكها مؤخرًا ولعل أبرزها: زيادة الصادرات، وتقليل فاتورة الواردات.. وأكد أن مسار السياسة النقدية بمصر فى أفضل حالاته، كما أن هناك زيادة فى نسبة تحويلات المصريين فى الخارج.. وأشار الى زيادة بنحو 200%، متضمنة ارتفاعاً بأكثر من 100% فى تحويلات المصريين بالخارج مقارنة بمستوياتها قبل توحيد سعر الصرف.. وقال بدرة: إن الصعود القوى لتدفقات العملة ساهم فى القضاء على عجز الأصول الأجنبية للبنك المركزى لتسجيل فائض قدره 10.3 مليار دولار فى يونيو 2024، مقارنة بعجز 11.4 مليار دولار فى يناير 2024، كما تحسن أيضًا صافى الأصول الأجنبية للبنوك ليسجل 4.6 مليار دولار فى مايو 2024، مقارنة بسالب 17.6 مليار دولار فى نفس الشهر من العام الماضي. وأشار إلى نجاح القرارات الجريئة للسياسة النقدية منذ أغسطس 2022 فى السيطرة على معدلات التضخم داخل السوق المصرى ووضعها على مسار هبوطى مسجلة تباطؤاً بشكل كبير إلى مستوى 27.5% فى يونيو 2024 وهو أدنى معدل منذ فبراير عام 2023.. وأوضح أن ذلك ساهم فى استقرار الأسعار محليًا وتقليص الضغوط على الأسر المصرية وتعزز الثقة فى العملة المحلية وبيئة الأعمال والاستثمار للاقتصاد المصري. المؤشرات الخارجية ومن جانبه، أكد الخبير المصرفى عز الدين حسانين أن تراجع الدين الخارجى بشكل عام يؤثر إيجابيًا فى ارتفاع التصنيف الائتمانى للديون السيادية مما يساعد على إصدار سندات خزانة بعائد أقل، كما أنه يساهم فى تحسن العديد من المؤشرات الخارجية حيث شهد منحنى العائد على سندات مصر الدولارية أجل يناير 2027 تقدمًا كبيرًا بتراجعه من 22.86% فى أكتوبر 2023 ليصل إلى مستوى 9.2% فى يونيو 2024، بفارق بلغ حوالى 13 نقطة مئوية، الأمر الذى يساهم فى تقليص تكلفة الاقتراض من الأسواق الدولية عند الحاجة ويبرهن على ثقة المستثمرين الدوليين فى الإجراءات الإصلاحية. وأشار إلى التحسن فى عقود مبادلة مخاطر الائتمان لأجل 1 سنة بحوالى 2.333 نقطة أساس بين شهر مايو 2023 ويونيو 2024 لتبلغ 346.3 نقطة أساس، الأمر الذى ساهم فى حدوث تحسن إيجابى كبير فى نظرة وكالات التصنيف الائتمانى للاقتصاد المصرى وتعديل توقعاتها المستقبلية. أبرز الأسباب وأشار الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادى إلى أن الإجراءات الإصلاحية التى اتخذتها الدولة خاصة بعد صفقة مشروع تطوير رأس الحكمة ودخول حصيلة كبيرة من النقد الأجنبي، تبعها قرارات البنك المركزى بوضع سعر عادل لسعر صرف الدولار فى مارس الماضي، ثم استقرار سعر الصرف والذى أدى للقضاء على السوق السوداء للعملة ووجود سعر واحد للعملة الأجنبية، مما ساهم فى زيادة تنازل الحائزين عن الدولار للبنوك الرسمية.