يكتبها: هشام مبارك هو هناك أغنية لطيفة لوردة غنتها فى مسلسل أوراق الورد.. تقول بعض كلماتها:»عايزين نسكن هنا على شط بحرنا والميه والهوا دول يبقوا ملكنا.. لازم نخلى بابا ينقل بيتنا هنا ونعيش فيه كلنا». هذه الأغنية هى النشيد القومى للمصيف فى بيتنا، بمعنى أننى إذا سمعت الصغار يغنونها فهى إشارة لى معناها الصيف هل يابابا وعايزين نصيف. طبعاً أحاول أن أعمل من بنها متظاهراً بأنى لست باللبيب الذى بالإشارة يفهم، فيبدأ الأولاد ومن ورائهم أمهم طبعا باستخدام كل الأسلحة المشروعة وغيرها لاقناعى بضرورة الذهاب للمصيف. «عايزين نسكن هنا» عبثا حاولت إقناع زوجتى والأولاد أن نستغنى عن فقرة المصيف هذا العام. متحججا بأكثر من حجة ليس من بينها الحالة المادية باعتبارها حجة معروفة ليس فيها أى نوع من الاجتهاد أو الابتكار. ولأنها كذلك يكون الأولاد ومن ورائهم أم الأولاد قد أعدوا لإبطالها مليون طريقة. قلت لهم هل نسيتم ما حدث فى العام الماضى؟ حجزنا شقة مصيفية ودفعنا دم قلبنا وقضينا أسبوعا ولم نغير من سلوكياتنا أى شىء، كل واحد من حضراتكم مشغول بموبايله حتى ونحن على الشط، فإذا كان الأمر كذلك فلماذا لا نقر فى بيوتنا ونوفر كل تلك المصاريف؟ لكن وبعد أن طلبوا وقتا للتشاور عادوا إلىّ مؤكدين أنه من حقى سحب موبايلاتهم طوال فترة المصيف لو كانت تلك هى المشكلة. قلت لهم إنى قد أعددت لهم مفاجأة هذا العام وإننا من الممكن أن نصيف فى بيتنا!! قالوا يا بابا حضرتك ولا مؤاخذة كده بتشتغلنا يعنى إيه نصيف فى البيت؟! قلت لهم إن الخيال دائما أحلى من الواقع وكل المطلوب منا أن نتخيل كل يوم أننا على شط مختلف، كما أن الخيال لا يجعلنا أسرى مدينة واحدة أو حتى قرية واحدة بل يمكننا أيضا أن نعبر بخيالنا أعالى البحار ونقضى الصيف فى باريس أو اليونان مثلا أو حتى نعبر المحيط ونصيف فى أمريكا أو كندا والمكسيك لو أرادوا. استنكروا وقالوا: يا بابا الحاجات الخيالية دى حضرتك ممكن تكتبها فى الجرنان حواديت تسلى بيها القراء، لكن احنا عايزين حاجة ملموسة يارب حتى تودينا جمصة وبلطيم. وماله إحنا راضيين نعمة وفضل ولو حابب بقى واحنا هناك ع الشط أبقى غمض عينك وتخيل نفسك بقى مكان مانت عايز، سافر واسرح على كيفك مش هنمنعك وسيبنا احنا بقى نبلبط فى بحر الغلابة ونتعامل مع بتوع الجندوفلى وأم الخلول ونمارس هواية صيد قناديل البحر ونفاصل مع الباعة السريحة اللى سارحين ع الشط بملايات وعبايات وايشاربات حريمى!. طبعا لم أستطع المقاومة أكثر من ذلك فقد علمتنى التجارب أن الاستسلام يوفر كثيرا من المناهدة والفرهدة. هى مشكلة زوجى الأزلية أن طبيعة عمله لا تجعله يشعر بأى ملل، هو يخرج من البيت كل يوم ويقابل وجوهاً جديدة ويغير أماكن ويتفاعل مع الشارع. أما أنا فأقضى غالبية عمرى حبيسة شقتى، لا أشكو طبعا فقد اخترت بارادتى عدم العمل. لم أكن أتخيل أن أترك أطفالى وهم رضع فى دور حضانة مثلا تحت رعاية أى أحد غيرى. لكن هذا ليس موضوعنا، فقط أردت أن أضعك عزيزى القارئ فى الصورة حتى لا تعتقد أنى زوجة متطلعة ترغب فى السفر والتصييف خارج البلاد. «مصيفنا فى البلكونة» كل ما أطلبه أسبوع نقضيه سويا، هى ربما الفرصة الوحيدة كى نتجمع أنا والأولاد وهذا الرجل الذى يعتبر ضيفاً علينا.. هذا ليس تمرداً منى بالعس أنا أدعو له كثيراً واصبً أولادى مؤكدة لهم أن أباهم وهذه حقيقة يشقى طوال اليوم ليوفر لهم حياة أفضل من التى عشناها نحن. أقدر تماماً أنه يشتاق لقعدة البيت وأنه فعلا على أتم الاستعداد ليقضى إجازة الصيف معنا داخل الشقة. تخيلوا فوجئنا به مرة من المرات يتمسك برأيه فى قضاء الصيف بالبيت، قلت له انسى إن الولاد يوافقوا على حكاية الخيال دى، فتظاهر بالموافقة على السفر وطلب منى ومن العيال الذهاب لإحضار طلبات المصيف. عدنا فطلب منا أن نغمض اعيننا لأنه قد جهز لنا مفاجأة لن نتمالك أنفسنا عليها من الفرحة. فوجئنا قد وضع على باب بلكونة الاوضة البحرية لافتة مكتوب عليها «قرية مارينا 5» دخلنا البلكونة فإذا به قد نصب الشمسية داخل البلكونة!!، أى نعم بلكونة بحرى وبها قدر كبير من الهواء لكن هل هذا مصيف مقنع لى أو لأولادى؟! والغريبة أنه حتى يتقن الموضوع فوجئت به يفرش أرضية البلكونة بكمية كبيرة من الرمال جاء بها من الشارع مؤكداً انه من زمان يفكر فى أى مشروع يصلح للاستفادة من هذه الرمال التى بلا صاحب. وقال وهو يحاول إقناعى والأولاد بالتصييف فى البلكونة:ليكم عليا كل يوم أنزل أجيبلكم ترمس ودرة وجيلاتى لو حابين ناكلهم على الشط! ولو على الشوبنج من ع البلاج فأنا ممكن كمان أسرح قدامكم بشوية حاجات تشتروها وتفاصلوا طبعاً زى مانتوا عايزين!! وافقنا على مضض فطمع زوجى وقال طالما الفكرة عجبتكم أنا هنزل شغلى الأسبوع ده وابقى أجيلكم بالليل نسهر سوا على شطر مارينا،، وعندما عاد فى أول يوم وجدنا كلنا فى الصالة أمام التليفزيون وفى أيدينا الموبايلات فسألنا مندهشا وقد عاش فى الدور: ليه قاعدين هنا ومنزلتوش البحر ياولاد؟ فقالت له أصغر البنات: الراية السودة مرفوعة يا بابا والأرصاد قالت محدش ينزل الميه الأسبوع ده!!