يبدو أن محاولات إسرائيل إقناع إدارة بايدن بالتراجع عن الاتفاق النووى مع إيران، أو إجراء تعديلات عليه، باءت بالفشل الذريع؛ فمباحثات رؤساء الموساد يوسى كوهين، ومجلس الأمن القومى مئير بن شابات، والاستخبارات العسكرية تامير هايمن مع وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن فى واشنطن، لم تسفر عن خطوة إيجابية. ورغم استغراق المباحثات أكثر من ساعتين ونصف الساعة، إلا أن أيًا من الجانبين لم يدلِ بتصريحات حول فحواها، باستثناء تأكيدات إسرائيلية باحتفاظ تل أبيب لنفسها بآلية التعاطى مع الملف النووى الإيراني، أو بعبارة أخرى، تبنِّى قرارات أحادية الجانب، أو بتنسيق مع قوى إقليمية بعيدًا عن واشنطن حيال إيران. ولا يقتصر الموقف الإسرائيلى على فشل المباحثات مع واشنطن فقط، وإنما يعود إلى تسريبات خطيرة، تؤكد "تأخُّر" إسرائيل فى رصد المباحثات السريَّة، التى أجرتها الولاياتالمتحدة فعليًا مع إيران خلال الآونة الأخيرة. وربما يؤكد ذلك أيضًا إشارة سفير إسرائيل لدى واشنطن جلعاد أردان إلى اعتزام الولاياتالمتحدة إحياء الاتفاق النووى مع إيران فى غضون عدة أسابيع.. يضاف إلى ذلك، ما كتبه السيناتور الجمهورى المخضرم ليندسى جراهام بصحيفة "فورين پوليسي" الأمريكية فى 29 أبريل الماضي، وقال فيه: "إدارة الرئيس بايدن التى تجرى مفاوضات مع إيران للعودة إلى الاتفاق النووى المبرم عام 2015، تعتزم تحويل 90 مليار دولار إلى خزينة الدولة الفارسية، وهى جزء من الأموال الإيرانية المجمَّدة لدى أكثر من دولة؛ بالإضافة إلى عوائد بيع النفط الإيراني، مقابل ليونة الموقف الإيرانى فى المفاوضات المزمعة. ولا تعتزم إدارة بايدن وضع مصادقة الكونجرس على الاتفاقات الجديدة مع إيران، بداعى أن الحديث لا يدور حول اتفاق جديد، وإنما حول اتفاق جرت المصادقة عليه منذ عام 2015".. وتتقاطع تلك التسريبات مع نظيرتها المنشورة بموقع "دبكا" العبري، وتشير إلى لقاء سرِّي، عقده رئيس الاستخبارات الأمريكية الΧΙΑ وليام بيرنز مع ممثلين إيرانيين فى منزل وزير الخارجية العراقى فؤاد حسين بالعاصمة العراقيةبغداد. ولا تكتفى إدارة بايدن بالمحادثات مع الإيرانيين، وإنما فتحت قنوات سريَّة أخرى مع دول ودوائر مختلفة ليست أمريكية، لإمداد إيران بمبالغ مالية كبيرة مقابل تليين مواقفها فى المفاوضات النووية.. ونقل معدو التقرير العبرى عن دوائر فى واشنطن أن إدارة بايدن تضغط على كوريا الجنوبية لتحويل مليار دولار إلى طهران من الأموال الإيرانية المجمَّدة لدى سيول؛ بالإضافة إلى ضغوط مماثلة تمارسها الشخصيتان الأمريكيتان الأكثر ضلوعًا فى المفاوضات مع إيران وهما: روبرت مالي، وبريت مكجارك على العراق لتحويل ما لا يقل عن 4 مليارات دولار لطهران من أموال إيران المجمَّدة لدى بغداد.. وتتعارض تلك الاتصالات تمامًا مع تصريحات بريت مكجارك نفسه خلال لقاء مغلق مع عدد من أقطاب يهود الولاياتالمتحدة الجمعة قبل الماضية، وقال فيها: "الإدارة الأمريكية لن تدفع أى شيء مسبق لإيران، مقابل إحراز تقدم فى المفاوضات النووية معها".