صرح مصدر قضائي كبير بأن حكم محكمة النقض الصادر برفض طعن الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ونجليه وتأييد سجنهم لمدة 3 سنوات وتغريمهم 125 مليون جنيه وإعادة 21 مليوناً و107 آلاف جنيه، بقضية القصور الرئيسية بأنه أول حكم إدانة بات صدر منذ ثورة 25 يناير في قضايا الفساد المالي. وقال المصدر إن الحكم أصبح سندا وعنوانا للحقيقة بما احتواه من أسباب ومنطوق وإنه سيكون سندا أساسيا ورئيسا تستند اليه مصر في إسترداد الأموال المهربة للخارج. وكانت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار أسامة شاهين قضت في المرة الأولى بمعاقبة مبارك بالسجن لمدة 3 سنوات و4 سنوات لكل من نجليه مستندة في حكمها إلى ما أثاره دفاع المتهمين بأنه لم يترتب أي ضرر من أي نوع كان لأن كافة المبالغ التي انتهت لجنة الخبراء إليها مقدارها 104 مليون و582 ألفاً و219 جنيها، وقد قام المتهمان جمال وعلاء مبارك بسدادها كاملة. وكان الرد على ما سبق بأن المادة 18 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية قد تضمنت على سبيل الحصر بعض الجرائم التي يجوز فيها الصلح بين المتهم والمجني عليه ، ليس من ضمنها الجرائم محل قرار الاتهام ، فضلاً أن هناك حالات أخري حددها القانون للتصالح بين المتهم والجهة المجني عليها وهي 1- التصالح في الجرائم الجمركية إعمالاً للقانون رقم 66 لسنة 1963 بشأن الجمارك المعدل 2- التصالح في الجرائم المنصوص عليها في قانون الضرائب على الدخل 3- التصالح في الجرائم المنصوص عليها في قانون الضريبة العامة على المبيعات 4- التصالح في الجرائم المنصوص عليها في قانون ضمانات وحوافز الاستثمار 5- التصالح المنصوص عليه في قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي ، ويخرج عن هذه الحالات سالفة البيان والواردة حصراً الجرائم المنسوبة للمتهمين محل قرار الاتهام إذ أن السداد لا يترتب عليه ثمة انقضاء للدعوى الجنائية وإنما أثره يكون محصوراً عند توقيع عقوبة الرد على المتهمين . وأضافت المحكمة أن الرئيس السابق بصفته موظف عام رئيس الجمهورية السابق وبوصفه رئيساً للسلطة التنفيذية فقد تبين لها انه استولى على مال للدولة، بأن أصدر تعليماته لمرؤوسيه بتنفيذ أعمال إنشائية وتشطيبات في المقرات العقارية الخاصة به وبأسرته وتم الاستيلاء على المال العام بالحيلة من ميزانية مراكز الاتصالات للرئاسة، ونفاذاً لتعليمات المتهم الأول قام موظفي الرئاسة وشركة المقاولون العرب بالتزوير في محررات رسمية وهي فواتير ومستخلصات أعمال مراكز الاتصالات بجعل البنود الواردة في هذه الفواتير على خلاف الحقيقة بإنشاء بنود تتفق مع طبيعة أعمال مراكز الاتصالات، واستعملت تلك المحررات المزورة للصرف، وانصرفت نيه المتهم الأول إلي الاستيلاء على قيمة تلك الأعمال وتضييعه على الدولة، وقد شهد على ذلك جميع شهود الإثبات. وقد أكدت ما انتهت إلية لجنة الخبرة في تقريرها المشار إليه سلفاً، ومقولة إن عدم ذكر أماكن المقاولات بوضوح في فواتير المقاولات ترجع لاعتبارات أمنية حجه واهية، والأقرب إلي العقل والمنطق إنها تمت بهذه الحيلة لإخفاء الاعتداء على المال العام ولإضفاء المشروعية المزيفة على تلك الأعمال ، ومن ثم يكون ما آثاره الدفاع في هذا الخصوص غير سديد. وقام فريد الديب المحامي بالطعن على ذلك أمام محكمة النقض التي اصدرت حكمها باعادة محاكمة المتهمين من جديد امام دائرة مغايرة بمحكمة استئناف القاهرة وبجلسة 4 ابريل الماضي أعيدت محاكمتهم من جديد أمام محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار حسن حسانين بعضوية المستشارين صلاح محجوب وخليفة الجيوشي رئيسي المحكمة بحضور احمد حسين و صلاح حمودة حمودة رئيسي نيابة الاموال العامة العليا وامانة سر احمد الهادي وهشام حافظ وعزت فاروق . وفي جلسة 9 مايو الماضي اصدرت المحكمة حكمها الصادر اولا بمعاقبة كل من محمد حسني السيد مبارك و نجليه جمال وعلاء بالسجن المشدد 3 سنوات عما اسند اليهم و تغريمهم بالتضامن مبلغ 125 مليوت و 779 الف و 237 جنيه و52 قرش كما قضت المحكمة بالزامهم متضامنين برد مبلغ 21 مليون و 197 الف و18 جنيه و 53 قرش ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة و الزامهم بالمصروفات الجنائية وعدم جواز نظر الدعوى المدنية لسابقة صدور قرار فيها باحالتها للمحكمة المدنية المختصة. واستتدت المحكمة في حيثيات حكمها الى أنها اطمئنت لما جاء بالدعوى من ادلة اتهام واستقر فى وجدانها ويقينها ارتكابهم لجرائم الاستيلاء على المال العام، وردت المحكمة على جميع اوجه الدفاع والدفوع المقدمة من الدفاع و قالت انها اطمئنت الى اقرارات المتهمين الاول والثانى لتتخذها سندا ضدهم لان هذه الاقرارات جات متفقة مع ظروف الدعوى وملابستها فضلا عن خلو الاوراق مما يناقضها او يضحضها وبالتالى تكون ملكية المتهمين الثلاثة للعقارات والقصور المشار اليها باقوال الشاهدين الاول والثانى ومقاولى الباطن ليست محل شك بل ثابتة على وجه الجزم واليقين وهو ما اعتمدت عليه المحكمة فى حكمها وأضافت انه حيث ما اورده الدفاع بشان بطلان اقوال شهود الاثبات الثلاثة بتحقيقات نيابة امن الدولة العليا وبكونها وليدة اكراه وايذاء فان الثابت من التحقيقات ان شهود الاثبات عمر محمود خضر ومحى الدين عبدالحكيم وعبد الحكيم منصور كان يحضر مع كل منهم بالتحقيقات محامى ولا يجدي ما اثاره الدفاع بشان اكراههم، بالاضافة الى أن الأوراق خلت من اى نوع من اكراه على الشهود فى اى مرحلة من مراحل التحقيق واطمنت المحكمة ان اقوالهم جاءت بكامل حريتهم دون اى اكراه او تهديد . وردت المحكمة على الدفع ببطلان شهادة مقاولى الباطل بشان ترك مستحقاتهم والتى جاءت تحت تاثير اكراه ومخالف للحقيقة وبعد الاطلاع على اوراق الدعوى ومستنداتها تبين خلوها من وجود اى اكراه على اى من مقاولى الباطن واطمئنت المحكمة الى اقوالهم التى صدرت منهم وانها جاءت بكامل حريتهم وان ما ذكروه عن قبض مستحقاتهم من عدمه هو امر خارج الدعوىوحيث انه من الثابت بالتحقيقات باقوال الشاهدين المهندسين بسكرتارية الجمهورية اطمئنت المحكمة بان المتهم الاول بصفته اصدر اوامره و بتلبية طلبات جميع افراد اسرته والاعمال التى يبغون تنفيذها فى القصور المخصصة مع خصم قيمتها من مخصصات الرئاسة. وقالت انه لولا هذه التعليمات لما وقعت الجرائم المسندة للمتهم الاول وهى الاستيلاء للمال العام والتسهيل الاستيلاء لغيره والاضرار بالمال العمدى واطمئنت المحكمة الى ان المتهم "مبارك " سخر غيره من العاملين برئاسة الجمهورية لارتكاب هذه الجرائم مستغلا حسن نيتهم وسلطته عليهم وان المتهم الاول "مبارك" انه قام بدور رئيسى فى ارتكاب جميع الجرائم وفقا لخطتها وادوارها ويعد فاعل اصلى فى جميع الجرائم المسندة اليه بامر الاحالة بصرف النظر عن دور باقى المتهمين القائمين بالتنفيذ الفعلي. واستندت المحكمة إلى تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعى والذى انتهى الى انه بعد الاطلاع على المستندات موضوع الفحص تبين انها عبارة عن فواتير بيع صادرة لشركات عديدة عن سنوات عديدة من عام 2003 وحتى 2011 موجهة الى شركة المقاولون العرب للصرف وثابت عليها توقيع بطريق الفورمة وقد ثبت من المضاهاة ان كل من محى الدين عبد الحكيم وهمرو محمود محمد هما المحرران للتوقيعات المنسوبة اليهما والثابته على المستندات موضوع الفحص وهذا ما اطمئنت اليه المحكمة. وذكرت في حيثياتها ايضا ان الفواتير التى قدمها المقاولون من الباطن للمختصين برئاسة الجمهورية بصرف قيمة ما نفذوا من اعمال وملفات من شركة المقاولون العرب هو ما تطمئن اليه المحكمة باتفاقه مع ظروف وماديات الدولة بما يفيد بان هذه القفواتير محررات عرفية الا انها انقلبت وتحولت الى محررات رسمية وتداخل موظف عمومى فيها فى حدود وظيفته باعتمادها وذلك بقصد الغش لصرف قيمتها من مخصصات ميزانية مراكز اتصالات رئاسة الجمهورية بما يقطع بان هذه الفواتير والمستندات قد تم تغيير الحقيقة فيها بجعل واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة بناءا على تعليمات "مبارك" مما يعد فاعل اصلى بالاشتراك مع اخرين حسنى النية هم موظفى الاسكان وشركة المقاولون العرب فى جريمة تزوير جميع الفواتير والمستخلصات رغم عدم وجود توقيع عليها..كما يعد المتهم الاول فاعل اصلى فى جريمة استعمال هذه المحررات المزورة وذلك بتقديمها من المقاولين من الباطن بحسن نية الى المختصين والاحتجاج بصحتها واعتمادها من المختصين باعتمادها من المتهم الاول. وأشارت الحيثيات إلى أن جريمتي التزوير فى محررات رسمية واستعمالها مع العلم بتزويرها فان المحكمة تطمئن الى ان الجريمة قد ارتكبت للتستر واخفاء جريمتى الاستيلاء بغير حق للمال العام وتسهيل ذلك للغير ومن ثم يتوافر به الارتباط الذى لا يقبل التجزئة بين هذه الجرائم جميعها وهو ما عناه المحرر وشدد بشانه العقاب فى الفقرة الثانية من قانون العقوبات ومن ثم تلتزم المحكمة به فى حكمها .