كلما هلت الذكري العطرة لمولد سيدنا محمد «صلي الله عليه وسلم» تذكرنا صبره لإعلاء كلمة التوحيد وحزنه علي عدم إيمان الناس بالله وتصديقه حتي صار الإسلام وجودا فعليا علي الكرة الأرضية ماذا حدث للمسلمين طوال الخمسة عشر قرناً؟ كانت البدايات في عهد الخليفة أبي بكر الصديق تنذر بالانقسام والتنصل من بعض الفروض مثل الزكاة أو التلاعب بفروض أخري مثل الصلاة بانتظام أو الادعاء بالنبوة وما كان منه سوي الرد بالسيف علي هذه الخرافات حتي لا تنتشر الفتنة. وجاء عمر بن الخطاب ليكمل المسيرة فكان نعم أمير المؤمنين كلف نفسه أولا بما لا يطيقه في الحياة مثلما نقول الآن عاش حياة الحدود الدنيا للمواطن حتي يتلمس الأمر علي أرض الواقع.. رعي الرعية من موقع المسئول الذي لا ينام حتي يطمئن عليها ولا ننسي كلمته المشهورة «لو أن بغلة تعثرت بأرض العراق لسئل عمر عنها لماذا لم تمهد لها الطريق» وتمت في عهده الفتوحات الإسلامية وتحرير بيت المقدس من أيدي الرومان. هؤلاء الخلفاء كانوا يعرفون الإسلام حق المعرفة وتربوا في مدرسة النبوة علي يد خير الأنام سيدنا محمد َ«صلي الله عليه وسلم» فكانوا نعمة من الله للإسلام والمسلمين. حذرنا الرسول الكريم من أننا سنقابل بعض الناس أطلق عليهم اسم «كلاب النار» الذين يفتون في عضد الأمة الإسلامية ويزرعون الفتنة ليل نهار ويقتلون ويسلبون الناس الأبرياء تحت زعم الدفاع عن الإسلام فأساءوا إلي الدين وتسببوا في ظهور كلاب الأرض الذين لم يهدأ لهم بال منذ انتشرت الحضارة الإسلامية في بقاع الأرض وهم لا يكلون في كراهيتهم للإسلام بل ومحاربته كلما ضعفت الأمة الإسلامية حينا بعد حين. إننا محاصرون بين هذين النوعين من الكلاب ينهشون في جسد الأمة الإسلامية يضعون ايديهم علي مقدراتها.. ينشرون الفتنة بين دولها حتي تستعر الحرب بين طوائفها التي هي بدعة شيطانية زرعها بنو إسرائيل منذ أن كانوا في المدينة يشعلون الحرب بين قبيلتي الأوس والخزرج قبل أن يتآخيا علي يد سيدنا محمد «صلي الله عليه وسلم». الجماعات الإرهابية «كلاب النار» والدول التي تكره الإسلام والمسلمين «كلاب الأرض» وتحارب في كل مكان من خلال أجهزتها المخابراتية بزرع الفتنة في الأرض العربية والإسلامية بين الناس وخلق جماعات لا تعرف من الدين شيئا وتساق مثل البهائم لتنفيذ أجندتها الاستعمارية هما أشد ما يواجهه المسلمون الآن وما يزيد الطين بلة ان العالم احتكر العلم والمعرفة وخطف أبناء الأمة الإسلامية المجتهدين ليضعهم تحت مظلته فيغيروا دولهم ويتركوا البلاد العربية والإسلامية فقيرة لا تستطيع أن تتقدم خطوة للأمام دون الاعتماد عليهم في كل شيء. إنها مأساة أن تركنا ديننا لا نعلم عنه سوي القشور وعدم فهم المعاني الصحيحة والمقاصد حتي أصبحت نغمة تجديد الخطاب الديني التي تتردد كل حين في أجواء الأمة الإسلامية نوعا من الترف الكلامي في وجود التطرف النظامي الذي يحاصر الدول الإسلامية ويعمل علي تقسيمها حتي نصبح لقمة سائغة في أيدي كلاب الأرض. لا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل أصبح الخطر يطارد كل مسلم في أرض الله كلما حدث فعل إرهابي في أي دولة وأصبح المسلمون بين اشتباه أو حصار أو عزلة. إنها المؤامرة التي حيكت ضدنا فهل يستطيع التحالف الإسلامي المنشأ حديثا أن يوحد كلمة المسلمين أولا ويعيد التقوي في قلوبهم مثل بدايات الإسلام العظيمة ثم يشد الرحال للقضاء علي كلاب النار وكلاب الأرض؟ انها أشياء غير عطرة تزداد مع ذكري مولد الرسول كل عام.