يعتبر سعر صرف الجنيه المصري في مقابل الدولار، من أهم معايير معرفة وضع الاقتصاد المصري وتحولاته على مدار التاريخ، ويظل حاملا لأسرار اقتصاد كان قويا فيما مضي، تحلم عملات الدول الأخري في مساواته فلم يكن الدولار إلا 14 قرشا من قيمته والاسترليني لا يتعدى 90 قرشا .. إلا أن الفشل في تحقيق التنمية الاقتصادية على مدار عشرات العقود والحروب المتلاحقة والفساد ووضع نظام اقتصادي دولي تستفيد منه حفنة من الدول الكبرى، دمرت عرش الجنيه وأصبح الدولار "سيدهم" خلال مائتي عام. بدأ أول قياس للجنيه أمام الدولار عام 1836 بعد أن تم سك الجنيه لأول مره في التاريخ .. تنفيذا لمرسوم خديوي بشأن مشروع قانون برلماني لإصدار عملة مصرية جديدة صدر عام 1834 واستبدالها محل العملات المعدنية المتداولة حينها المتمثلة في الذهب والفضة ليحل محل العملة الرئيسية المتداولة آنذاك وهي القرش. وعجزت الدولة فيما بعد عن تلبية احتياجات المعاملات التجارة الخارجية، وتم تثبيت سعر الصرف الرسمي مع العملات الأجنبية الهامة بقوة القانون، مما أعطاه قبولا في المعاملات الداخلية، وقد أدى هذا لتقييم الجنيه المصري عن طريق معايير الذهب المتعارف عليها آنذاك، وكان الجنيه المصري يساوي 7.4375 جرام من الذهب، واستخدم هذا المعيار ما بين عام 1885 وحتي اندلاع الحرب العالمية الأولى في عام 1914 و تم ربط الجنيه المصري بالجنيه الاسترليني وحينها كان الجنيه الاسترليني يساوي 90 قرشا وظل الجنيه مرتبطا بالجنيه الاسترليني حتى عام 1962 إلى أن اتخذت الحكومة المصرية حينها قرارا بربط الجنيه المصري بالدولار الأمريكي لأول مرة في التاريخ .. وكان الجنيه يساوي 2.3 دولاراً، ثم تغير سعر الصرف في عام 1973 إلى 2.5 دولار لكل جنيه مصري بعد انهيار الدولار عقب حرب أكتوبر، وفي عام 1978 تغير سعر الصرف إلى 1.4 دولاراً لكل جنيه مصري، بمعنى أن الدولار الواحد يساوي 70 قرشا واستمر الدولار في قفزاته على جثة الجنيه ولم يجد من يردعه أو حتى ليحول دفة المشهد، ليصبح ميزة للاقتصاد وليس نقمة عليه من خلال التوسع في التصدير، ليصل سعره في عام 2013 متخطيا ال 7 جنيهات، وبلغ سعره في عام 2014 حوالي 7,55 جنيه وفي ظل عودة السوق الموازية للدولار بعد أن اختفت لأعوام عدة، وتراجع حاد للاحتياطي النقدي مؤخر واختلال الميزان التجاري مع ارتفاع حاد في فاتورة التصدير وتراجع الصادرات لم يجد البنك المركزي المصري مفرا من التوجه إلى خفض قيمة الجنيه مرتين في أقل من أسبوع ليصل أخر سعر رسمي للدولار متجاوز اً الثمانية جنيهات، ولن يكون الخفض الأخير.