«8 زلازال في 20 يومًا».. عباس شراقي يكشف أسباب الزلزال المتكررة في إثيوبيا وخطورتها    خبير الأمن السيبراني يخترق هاتف إعلامي شهير في بث مباشر ويكشف أساليب القرصنة    شيرين عادل: «كان نفسي أشتغل مع إسعاد يونس وكواليس «تيتا زوزو» ممتعة| فيديو    طريقة عمل صينية البطاطس بالفراخ، لغداء تقليدي ولذيذ    «سفر العاشقين 8» قصة قصيرة للكاتب محمد نبيل    الجيش الإسرائيلي: سقوط عدد من الصواريخ في طبريا دون تسجيل إصابات    عاجل - يثير تفاعلا بجملة في خطاب نعي يحيى السنوار.. ماذا قال خليل الحية؟    على مدار يومين.. الصحة تطلق اليوم 10 قوافل طبية بالمحافظات    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 19 أكتوبر 2024    الشيخ أحمد كريمة يوجه رسالة لمطرب المهرجانات عمر كمال    غداً.. انطلاق الأسبوع التوظيفي ل جامعة عين شمس    اليوم.. محاكمة إسلام بحيري لاتهامه بصرف شيك دون رصيد    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف سالي فؤاد.. طريقة عمل سلطة الفاصوليا الخضراء    ملف يلا كورة.. الأهلي إلى نهائي إفريقيا لليد.. استعدادات أندية السوبر.. ومجموعة قوية لسيدات مسار    موعد مباراة نادي قطر أمام الوكرة في الدوري القطري والقنوات الناقلة    أسعار الذهب في مصر تقفز لأعلى مستوى منذ فبراير    رئيس شعبة البيض: البيع بالمزرعة يتم حسب الوزن.. ونطالب بوضع معادلة سعرية    في أول مشروع لمراكز الادخار المحلية.. نجحت «ميت غمر» وفشلت روسيا وأمريكا!    تفاصيل مقترح قانون جديد لمكافحة المراهنات    أسعار الحديد اليوم السبت 19 أكتوبر 2024 في مصر.. طن «عز» يسجل 42 ألف جنيه    المخرج عمرو سلامة لمتسابقة «كاستنج»: مبسوط بكِ    6 سنوات عمل سياسي| «التنسيقية».. استراتيجية جديدة للانتشار والتفاعل وزيادة الكوادر    ما هو مكر الله؟.. الإفتاء تحذر من وصفه تعالى به وتوضح 7 حقائق    إجازة 10 أيام.. مواعيد العطلات الرسمية في شهر نوفمبر 2024 للموظفين والبنوك والمدارس    ترامب يعلق على اغتيال السنوار.. ماذا قال عن «بيبي»؟    وزير الخارجية: رغبة شديدة من الشركات التركية في ضخ مزيد من الاستثمار بمصر    لا داعي للأدوية.. وصفات طبيعية كالسحر تخلصك من الإمساك في 30 دقيقة    تجمع «بريكس» يدعم إنشاء تحالف للطاقة النووية    الاستعلام عن صحة شخص سقط من قطار بالبدرشين    مدير مستشفى العودة: قوات الاحتلال تطلق الرصاص على مركبات الإسعاف وتمنعها من الوصول للمصابين    التقديم في سند محمد بن سلمان بالسعودية 1446    بعد ارتفاعه.. سعر الدولار الرسمي أمام الجنيه المصري اليوم السبت 19 أكتوبر 2024    «مينفعش الكلام اللي قولته».. إبراهيم سعيد يهاجم خالد الغندور بسبب إمام عاشور    تشكيل آرسنال ضد بورنموث في الدوري الإنجليزي    بسبب الأجرة.. ضبط سائق تاكسي استولى على هاتف سيدة في القاهرة (تفاصيل)    شباب السوالم يفوز على الرجاء بهدفين في الدوري المغربي    وزير الخارجية التركي يعزي حركة حماس في استشهاد السنوار    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم السبت 19 - 10 - 2024    دورتموند يعود لطريق الانتصارات بفوز على سانت باولي في الدوري    كيف تطور عمر مرموش مع آينتراخت فرانكفورت؟.. المدير الرياضي للنادي الألماني يوضح    حضور كبير في حفل تامر عاشور بمهرجان الموسيقى العربية.. كامل العدد    الصور الأولى من حفل خطوبة منة عدلي القيعي    عودة قوية ل آسر ياسين في السينما بعد شماريخ    شاهد .. صور من حفل تامر عاشور بدار الأوبرا المصرية    تامر عاشور ومدحت صالح.. تفاصيل الليلة الثامنة من فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    منتج عمر أفندى يكشف حقيقة وجود جزء ثان من المسلسل    رسميا، السعودية تستضيف كأس السوبر الإسباني للمرة الخامسة    وزير الخارجية اللبناني: استمرار إسرائيل في سياسة المجارز سيؤدي إلى مزيد من التطرف    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    ننشر تعريفة الركوب الجديدة لسيارات السرفيس بمدينة الشيخ زايد    ليلة لا تُنسى.. ياسين التهامي يقدم وصلة إنشادية مبهرة في مولد السيد البدوي -فيديو وصور    اللواء نصر موسى يحكي تفاصيل ساعة الصفر في حرب أكتوبر    30 شهيدا بينهم 20 طفلا وامرأة في قصف مخيم جباليا في غزة    رهاب الطيران..6 طرق للتغلب عليها    أشرف عبد الغني: الرؤية العبقرية للرئيس السيسي حاضرة وقوية وتدرك المتغيرات    تطابق ال«DNA» لجثة مجهول مع شقيقه بعد 30 يومًا من العثور عليها بالتبين    ماذا نصنع إذا عميت أبصاركم؟.. خطيب الجامع الأزهر: تحريم الخمر ثابت في القرآن والسنة    عالم أزهري: الإسلام تصدى لظاهرة التنمر في الكتاب والسنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار حصري مع الدكتور الهلالي الشربيني المستشار الثقافي المصري في ليبيا

هناك جهات تسعى للوقيعة بين مصر وليبيا عبر حوادث العنف المتكررة.
حادث مقتل المصريين ليس طائفيا والعنف يطال الجميع.
ليبيا لازالت تبحث عن مقومات الدولة والثقافة هي استثمارنا الرابح هنا
شاهدت خبر إطلاق سراحي على إحدى الفضائيات وأنا مع الخاطفين.
ما بين البحث عن الدولة و ضياع الأمن والاستقرار اصبحت ليبيا تصدر إلى مصر نصيبها من الحزن والتعاسة يوما بعد الآخر تارة بالخطف والاحتجاز وتارة بالقتل . واصبحنا كمصريين نمضي أوقاتنا في انتظار عودة المخطوفين او قد تحمل لنا الأقدار كوارث أكبر فنستقبل نعوشا لخيرة شبابنا الذين سافروا بحثا عن لقمة العيش. فاجعة جديدة عشنا فصولها بعد مقتل سبعة شباب مصريين بعد اختطافهم من مسكنهم على يد مسلحين وقتلهم بدم بارد. عاد شبابنا بعد رحلة شقاء وعذاب وغدر جثثا هامدة يسيرون في رحلتهم الأخيرة بحثا عن تراب مصري يحتضنهم. وبين المرارة والحزن اخذنا نبحث لعلنا نجد حلا يريحنا من ساعات الانتظار ويفسر لنا حوادث العنف المستمرة ضد المصريين في ليبيا, فكان لنا هذا اللقاء مع الدكتور الهلالي الشربيني المستشار الثقافي المصري في ليبيا الذي كان مختطفا في ليبيا وعاش أحداثا مشابهة لما عاشه هؤلاء الشباب عندما اختطفه مسلحون من منزله فجرا وكتبت له الأقدار ان يعود لوطنه سالما.. في السطور القادمة نتحدث عن واقع المصريين في ليبيا و نفتح سويا ملف العلاقات المصرية الليبية من واقع عمله كمستشار ثقافي لمصر في ليبيا قبل وبعد الثورة ونقدم صورة قريبة للدولة الليبية التي تعيش في مفترق الطرق بين بحثها عن مؤسساتها وأمنها ووحدتها وبين واقعا آخر تفرضه قوة السلاح.
في البداية فاجأنا الحادث الغادر والمؤلم بقتل سبعة من شبابنا في ليبيا رميا بالرصاص على يد مسلحين. كيف ترى هذه الحادثة؟
هذه الحادثة هى جريمة بشعة بكل المقاييس والمعايير الدوليه والمحلية، ويجب ان يتم الوصول الى الجناة وتقديمهم للعدالة بالتعاون مع الجهات الليبية المعنية. ويجب ألا تنام الحكومة المصرية ولا يغمض لها جفن قبل تحديد الجناة و تقديمهم للعدالة. وانا على يقين ان ليبيا الرسمية والشعبية لا توافق على مثل هذه الجرائم البشعة التى تحدث ليس فقط لمواطنين مصريين ولكن ايضا لمواطنين ليبيين وبشكل متواصل يكاد يكون يومى .وان الجميع سيتعاونون فى كشف أبعاد هذه الجريمة.
في رأيك من قتلهم ؟ و هل المقصود قطع العلاقات مع مصر أم أن للحادثة أبعاد طائفية كون الضحايا مسيحين؟
لا شك ان هناك جهات من مصلحتها ان تسوء العلاقات بين مصر وليبيا وربما يكون لها علاقة بهذا الحادث أو غيره لكننا يحب الا نستسلم فنحن فى حرب مع الارهاب وأنا لست مع قطع العلاقات على الاطلاق مع ليبيا لأن لنا مع ليبيا مصالح مشتركة غاية فى الأهمية. كما أن ليبيا الرسمية والشعبية فى عمومها ترفض هذه الجرائم التى يعانى منها الليبيين أكثر من غيرهم. ويجب أن يجرى تحقيق وتحريات دقيقه بالتعاون مع الجانب الليبى لتحديد أبعاد الجريمة ومن يقف ورائها ودوافعه.واعتقد أن النائب العام فى مصر قد أصدر أمرا بفتح تحقيق بهذا الخصوص كما أن النيابه الليبية قد فعلت نفس الشئ . أما السؤال عن هوية الجناة ودوافعهم فهذه اسئلة تحتاج الى تحقيق دقيق ولا تخضع لاجتهادات شخصية من أحد. كذلك لا يمكن الجزم انها طائفية خاصة ان استهداف مسلمين ودور عبادة اسلامية يحدث كثيرا وبالتالى استهداف دور عباده مسيحية أو مواطنين مسيحيين أيضا وارد.
عشت تجربة ثرية بأحداثها في ليبيا حيث سافرت للعمل كمستشار ثقافي مصري قبل اندلاع الثورة الليبية منذ اكثر من ثلاث سنوات ..حدثنا عن بعض الاحداث التي عشتها في ليبيا في ظل توتر الاوضاع السياسية والامنية؟
سافرت إلى ليبيا قبل اندلاع ثورة 17 فبراير بستة أشهر تقريبا وكنت هناك عندما اندلعت الثورة في تونس وتلتها مصر ثم ليبيا وكما عاشت مصر اياما وشهورا من انعدام الاستقرار عشت جزءا منه في ليبيا في ظل وجود توترات وعمليات عسكرية حتى تم محاصرتي في سكني اكثر من 15 يوم ذات مرة نظرا لخطورة الحركه في الشوارع حتى تمكنت من الخروج والعودة لمصر في طائرة عسكرية وعند عودتي مجددا لم يكن القذافي قد قبض عليه بعد وكانت تجوب شوارع طرابلس السيارات المحملة بالمدافع وجميع انواع الاسلحة الثقيلة فضلا عن اصوات ضرب النيران التي اعتدت عليها مع مرور الايام .
منذ اندلاع الثورتين المصرية والليبية حدثت مشاكل سياسية كثيرة بين مصر وليبيا هل ترى ان استمرار حالة الفوضى وعدم الاستقرار هو السبب في استمرار مثل هذه الأزمات؟
الدولة الليبية في مرحلة بناء لأنها حتى الآن في وضع انتقالي ولم تستقر سياسيا بعد وينتظرون تشكيل لجنة لوضع دستور ثم انتخابات رئاسية وبرلمانية عندها ستتفرغ الدولة للتنمية في كافة المجالات. وليبيا تدرك ان لديها الآن العديد من الجماعات المسلحة والمثقفين الليبين يعرفون ان الدولة المصرية دولة مركزية ودولة مؤسسات وقانون ودائما ما كانوا يرددون على مسامعي عبارة "انتم دولة لكن نحن نحاول أن نكون دولة". لذا فأيا كان الوضع الآن فهو مؤقت ولن يستمر طويلا ولو مصر تخلت عن دورها في مساعدة ليبيا هناك دول أخرى تبحث عن هذا الدور.
في ذكرى احتفال ليبيا بمرور 3 سنوات على ثورة 17 فبراير التي اطاحت بنظام معمر القذافي .. ما الحل من وجهة نظرك كي تعود دولة عربية قوية مستقرة؟
الحل في ليبيا هو اكتمال العملية الديمقراطية كي يكتمل شكل ومضمون الدولة ولابد من استيعاب المسلحين لأن عدد كبير منهم سيتخلى عن سلاحه عندما يثقوا في الدولة لانهم ثوار حقيقيين وشرفاء لكن مشكلتهم ان آرائهم مختلفة لكن اذا اقتنعوا ووثقوا في نظام الدولة الذي يحافظ على ثرواتها ويعمل للصالح العام و يحقق لهم ما يتمنوه من عيشة كريمة ويتم تأهيلهم للانضمام للجيش والشرطة حينها سيتغير هذا الواقع .ونتمنى ان تستقر ليبيا في اقرب وقت لأن استقراها يؤثر ايجابيا على مصر.
تابعنا قبل أيام خطابا مذاعا لأحد قادة الجيش فهمنا من خلاله انه انقلابا عسكريا..هل ترى ان الجيش الليبي يمكن ان يقدم على مثل هذه الخطوة وان يكون الانقلاب هو الحل للسيطرة على الجماعات المسلحة المنتشرة في البلاد؟
الجيش الليبي في مرحلة إعادة بناء ولا أظن ابدا أنه يسعى لتولي السلطة ..ثم ينقلب على من ؟ ما حدث في رأيي كان عمل فردي ليس له اي مردود في الشارع الليبي وقد تلقيت عدة اتصالات من اصدقاء ليبيين يومها أكدوا لي أن الأوضاع كما تركتها قبل السفر ولا يوجد اي شيئ جديد. وكما قلت الحل في ليبيا هو استكمال الطريق الديمقراطي الذي يبدأ بكتابة الدستور ثم اجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية .
ما هي أهم الانجازات التي حققها المركز الثقافي المصري في ليبيا؟
هدف المركز الثقافي المصري هو نقل كل اشكال الثقافة المصرية للدولة الليبية من مسرح وسينما وفنون شعبية وادب وبحث علمي وقد حققنا انجازات كبيرة فى كل هذه المجالات. فعندما سافرت الى ليبيا كان هناك عشرات الطلاب الليبين يدرسون في الجامعات المصرية اصبحوا الان الآلالف بعد ثلاث سنوات. كان هناك 51 اتفاقية بين الجامعات المصرية والجامعات الليبية لم تكن مفعلة ..في فترة عملي تم تفعيل الكثير منها وتم عمل اتفاقيات جديدة . وقبل اسبوعين من اختطافي كان في مصر رئيس جامعة عمر المختار لتوقيع اتفاقية مع جامعتي المنصورة والازهر وتعاقد مع مركز تقنية المعلومات في جامعة المنصورة لتحويل الجامعة للنظام الالكتروني بتكلفة كبيره.كما كان هنا اتفاق مع جامعات طرابلس و الزاوية ومصراته للآستفاده من خبرة الجامعات المصريه فى إنشاء وحدات نوعية متخصصة ذات طابع خاص في جامعاتهم على غرار ما هو موجود فى الجامعات المصرية، وكان من المفترض ان يأتي إلى مصر وفد من الثلاث جامعات لنقل تجربة المراكز الناجحة في جامعاتنا. واشير هنا انه قبل رحيل القذافي استقدموا اساتذة جامعات من باكستان وكوريا والهند ولكن منذ سفري قبل 3 سنوات سافر من مصر مايقرب من 1000 استاذ جامعي للتدريس في الجامعات الليبية. ومنذ عودتي للقاهرة ومعظم رؤساء وأعضاء هيئة التدريس الليبيين يتواصلوا معى واعتذروا لي عما حدث وهذا يوضح عمق العلاقات بيننا وبين ليبيا مهما حدث.
انت تتحدث عن دولة مؤسساتها منهارة وبها جماعات لا تتحدث غير بلغة السلاح .كيف تعيد تأهيلها ثقافيا كي تتخلى عن العنف ؟
مهمتي كانت الربط بين المجتمع الليبي ومصر لقناعتي ان من يتعلم ويأخذ دكتوراه من بلد ما يكون ارتباطه بها وثيق ويحمل لها قدرا من المشاعر الطيبة مهما حدث. ففي ازماتنا ومشكلاتنا مع بعض الدول الافريقية كنا نبحث فيهم عمن درسوا لدينا في جامعة الازهر كي يكونوا وسطاء لحل هذه الازمات. ففي ازمة الاختطاف كان أحد قادتهم الذي تحدثت معه خريج من جامعة الاسكندرية وكان بيننا تفاهم كبير. وقد حققت انجازات كثيرة في مجال التعليم والبحث العلمي رغم تردي الاوضاع الامنية. ويجب ان نفهم ان تأثير العمل الثقافي لا يأتي مردودة مباشرة ولكن يحتاج وقت اطول.
كيف ترى مستقبل العلاقات بين مصر وليبيا مع تكرار حوادث الاحتجاز والاختطاف والقتل في الآونة الاخيرة ؟
ليبيا تمثل عمق استراتيجي لمصر وأيضا مصر بالنسبة لليبيا وارتباطنا بهم وثيق مهما حدث لذا لابد ان يكون هناك تعاون في كافة المجالات الاقتصادية والتجارية والعسكرية وغيره الصالح الطرفين وبنظرة اخرى اكثر عمقا يجب ان نبحث عن المجالات التي نستطيع ان نثبت جدارتنا فيها كمصريين. فليبيا دولة مؤهلة لاعادة البناء ومع وجود مشروعات ضخمة لاعادة اعمار ليبيا لن نستطيع منافسة دول كبرى في عقود اعادة الاعمار لكن المجال الوحيد الذي نستطيع ان نحقق فيه نجاحات اذا ما احسنا استخدامه هو الثقافة . وانا على يقين لو دخلت مصر في مشروع ثقافي ضخم مع ليبيا هي من سيربح لأن بيننا لغة مشتركة وثقافة مشتركة ودين واحد وعلاقات تاريخية واسرية.
هل سبق وان تم الاعتداء على المركز الثقافي المصري او السفارة المصرية قبل حادثة الاختطاف؟
كان هناك عدد من الحوادث المتفرقة عاشتها كثير من السفارات العربية والأجنبية في ليبيا مع تدهور الاوضاع الامنية منها سرقة وتفجير سيارات وتحطيم وتكسير بعض المنشآت لكن لم تكن هناك حوادث هدفها سياسي كما حدث.
ثلاثة ليالي عشتها مخطوفا لدى احدى الجماعات المسلحة الليبية التي طالبت بالافراج عن زعيمها الذي كان محتجزا في مصر .. حدثنا عن هذه التجربة القاسية ؟
بدأت القصة عندما أبلغني السفير باختطاف احد الدبلوماسيين في السفارة المصرية من منزله وطلب مني توخي الحذر واتخاذ الاحتياطات اللازمة وكنت اقيم في فيلا محاطة ببوابات حديدية ولم يتبادر الي ذهني ان احدا قد يخترق هذه البوابات رغم عدم تواجد الامن. وفي الثالثة فجرا فوجئت بمسلحين يكسرون باب مسكني وطلبوا مني الذهاب معهم دون مقاومة فغادرت معهم ووجدت اسفل المنزل ما يقرب من سبعة سيارات بها ثلاثة من الموظفين فى المركز الثقافى. تحرك موكب السيارات في طريق طرابلس والزاوية حتى وصلنا لمنطقة مزارع بها قصر فاخر حوله مزارع وبه حمام سباحة . ادخلونا لأحد المباني الملحقة به ووجدت نحو 20 شخصا من الخاطفين و الاستاذ حمدي الملحق المالي والاداري في السفارة الذي اختطف قبل ساعات ومعه حارس العقار الذي خطفوه بالخطأ واخبرونا ان مصر القت القبض على زعيم غرفة الثوار شعبان هدية وانهم سيحضرون بقية اعضاء السفارة حتى يتم الافراج عنه.
وما هو رد فعلك بعد ان علمت بسبب احتجازكم؟
اخبرتهم بأن مصر دولة بها مؤسسة قضاء محترمة ولا يمكن ان يتم احتجاز اي شخص الا اذا ثبتت ادانته بارتكاب اية جريمة وطالما ان الشيخ شعبان هدية برئ فسيتم الافراج عنه في اقرب وقت.
وكيف تعاملتم مع الخاطفين انت و من معك من افراد البعثة المصرية بعد ان عرفتم سبب اختطافكم؟
لم افكر في شئ الا في صورة مصر امام العالم وكيف نحافظ عليها مهما حدث وشعرت بالمسئولية عن إدارة الأزمة خاصة انه لم يكن هناك دبلوماسيين غيري انا والملحق الاداري والمالي أما بقية المخطوفين فكانوا زملاء موظفين بالمركز الثقافى بالإضافة إلى حارس عقار جاء بالخطأ وكانت كل وسائل الاعلام تتحدث عن اختطاف خمسة دبلوماسيين مصريين كما تابعت على شاشة احدى الفضائيات التي كانت امامنا طوال الوقت. فتحدثت مع زملائي واخبرتهم اننا يجب ان نتماسك ولا نظهر بأي صورة سلبية تهين مصر . وفي اول اتصال لنا مع احد اعضاء السفارة مررنا لهم رسالة ضمنية ان الامر لن يقف عندنا وكان قرارا حكيما من الجانب المصرى بترحيل كل افراد البعثة المصرية خاصة وان الخاطفين خرجوا بالفعل لخطف اكبر عدد ممكن من البعثة المصرية ولكنهم وجودوهم قد غادروا. وبدأنا مرحلة جديدة ايقنا فيها اننا فقط من تبقى من البعثة المصرية وقد حمدت الله على ذلك كي لا نسبب ضغطا اكبر على مصر.
متى بدأت عملية التفاوض و التواصل مع المسئولين ؟
اختار الخاطفون توجيه رسالتهم ومطلبهم عبر شاشة احدى الفضائيات لتحريك القضية وبعد عدة مكالمات تم اجراء مداخلة تحدث فيها احد الخاطفين وطلب مني مناشدة الحكومة المصرية بتلبية مطلبهم فتحدثت بعبارات مقتضبة ووجهت رسالة ارضت الخاطفين وفي نفس الوقت طلبت من المسئولين دراسة وضع الأخ شعبان هدية وليس الافراج عنه كما طلبوا. ثم نقلوا مكاننا في هذه الليلة خوفا من ان يحدث تتبع لمكان المكالمة وتحديد الموقع.
وبعد ان انتقلنا لبيت جديد التقينا بأحد قادتهم الكبار ودار بيننا حوار ثم تحدث معي شاب منهم على درجة عالية من الثقافة والذي ادهشني بحفظه لنصوص قانون حماية الدبلوماسيين وقال انه يعرف ان ما ارتكبوه خطأ كبيرا ولكن ليس امامهم طريق آخر لأن الشيخ شعبان له قيمة كبيرة عندهم بصفته كان قائدا لغرفة ثوار ليبيا قبل شهرين . وبعد ساعات قليلة اخبرونا ان الليلة قد تنتهي الازمة ويتم الافراج عنا وهو ما حدث بعد نصف ساعة . وبالفعل بعد ان بدأنا بالانصراف اخذوا الموظفين وحارس العقار في سيارة وانطلقت نحو طرابلس واخبروني انني والاستاذ حمدي سنستقل سيارة اخرى بهدف التأمين . وبعد انطلاقنا توقفوا في مخزن على الطريق جلسنا فيه حوالي ساعة ثم مشينا مرة اخرى وادخلونا منزل آخر ادركت حينها اننا لسنا في طريق العودة وان امرا ما قد حدث.
ما الذي حدث؟
شابين من الخاطفين قالوا انهم افرجوا عن الثلاثة الاخرين كبادرة لحسن النية وانهم لن يفرجوا عنا الا بعد عودة الشيخ شعبان إلى ليبيا ..في هذه الاثناء كانت الفضائيات تذيع نبأ الافراج عن الدبلوماسيين الخمسة حتى ان قناة هنأت ابني الذي كان يجري معها مداخلة في هذا الوقت وقد تابعته مع الخاطفين. وهنا ظهر عضو المؤتمر الوطني عن منطقة الزاوية وابلغ الخاطفين برسالة واحدة "الشيخ يقول لكم اطلقوا سراح الدبلوماسيين" ..ودخلنا في مرحلة جديدة من المناقشات واجروا نحو 30 مكالمة مع الشيخ شعبان هدية واخرين. وقد تحدث معي وابلغني اعتذاره كما تحدث معي مسئولين اخرين وهنا أطمئن قلبي أكثر أن مصر سهرانة معنا وتبذل كل ما في وسعها لأنهاء هذه الأزمة .وفي السابعة والنصف صباحا كانت المكالمة الاخيرة من الشيخ شعبان والذي قال نصا.." لو قعدت 10 سنوات لن تفرج عني السلطات المصرية قبل اكتمال التحقيق افرجوا عن الدبلوماسين ولا تسيئوا لعلاقتي بمصر اكثر من ذلك "..وهنا افرجوا عنا ووصلنا مع عضو المؤتمر الوطني الى وزارة الداخلية الليبية.
ومتى ستعود البعثة المصرية إلى ليبيا ؟
عندما تتوفر الحماية الامنية ستعود البعثة المصرية لاننا حريصين على العلاقات مع ليبيا..وانا شخصيا ساعود اذا كلفتني الدولة للذهاب الى هناك أو إلى أي مكان فخدمة الوطن واجب وشرف لأي مصري.
حوار حصري مع الدكتور الهلالي الشربيني المستشار الثقافي المصري في ليبيا
هناك جهات تسعى للوقيعة بين مصر وليبيا عبر حوادث العنف المتكررة.
حادث مقتل المصريين ليس طائفيا والعنف يطال الجميع.
ليبيا لازالت تبحث عن مقومات الدولة والثقافة هي استثمارنا الرابح هنا
شاهدت خبر إطلاق سراحي على إحدى الفضائيات وأنا مع الخاطفين.
ما بين البحث عن الدولة و ضياع الأمن والاستقرار اصبحت ليبيا تصدر إلى مصر نصيبها من الحزن والتعاسة يوما بعد الآخر تارة بالخطف والاحتجاز وتارة بالقتل . واصبحنا كمصريين نمضي أوقاتنا في انتظار عودة المخطوفين او قد تحمل لنا الأقدار كوارث أكبر فنستقبل نعوشا لخيرة شبابنا الذين سافروا بحثا عن لقمة العيش. فاجعة جديدة عشنا فصولها بعد مقتل سبعة شباب مصريين بعد اختطافهم من مسكنهم على يد مسلحين وقتلهم بدم بارد. عاد شبابنا بعد رحلة شقاء وعذاب وغدر جثثا هامدة يسيرون في رحلتهم الأخيرة بحثا عن تراب مصري يحتضنهم. وبين المرارة والحزن اخذنا نبحث لعلنا نجد حلا يريحنا من ساعات الانتظار ويفسر لنا حوادث العنف المستمرة ضد المصريين في ليبيا, فكان لنا هذا اللقاء مع الدكتور الهلالي الشربيني المستشار الثقافي المصري في ليبيا الذي كان مختطفا في ليبيا وعاش أحداثا مشابهة لما عاشه هؤلاء الشباب عندما اختطفه مسلحون من منزله فجرا وكتبت له الأقدار ان يعود لوطنه سالما.. في السطور القادمة نتحدث عن واقع المصريين في ليبيا و نفتح سويا ملف العلاقات المصرية الليبية من واقع عمله كمستشار ثقافي لمصر في ليبيا قبل وبعد الثورة ونقدم صورة قريبة للدولة الليبية التي تعيش في مفترق الطرق بين بحثها عن مؤسساتها وأمنها ووحدتها وبين واقعا آخر تفرضه قوة السلاح.
في البداية فاجأنا الحادث الغادر والمؤلم بقتل سبعة من شبابنا في ليبيا رميا بالرصاص على يد مسلحين. كيف ترى هذه الحادثة؟
هذه الحادثة هى جريمة بشعة بكل المقاييس والمعايير الدوليه والمحلية، ويجب ان يتم الوصول الى الجناة وتقديمهم للعدالة بالتعاون مع الجهات الليبية المعنية. ويجب ألا تنام الحكومة المصرية ولا يغمض لها جفن قبل تحديد الجناة و تقديمهم للعدالة. وانا على يقين ان ليبيا الرسمية والشعبية لا توافق على مثل هذه الجرائم البشعة التى تحدث ليس فقط لمواطنين مصريين ولكن ايضا لمواطنين ليبيين وبشكل متواصل يكاد يكون يومى .وان الجميع سيتعاونون فى كشف أبعاد هذه الجريمة.
في رأيك من قتلهم ؟ و هل المقصود قطع العلاقات مع مصر أم أن للحادثة أبعاد طائفية كون الضحايا مسيحين؟
لا شك ان هناك جهات من مصلحتها ان تسوء العلاقات بين مصر وليبيا وربما يكون لها علاقة بهذا الحادث أو غيره لكننا يحب الا نستسلم فنحن فى حرب مع الارهاب وأنا لست مع قطع العلاقات على الاطلاق مع ليبيا لأن لنا مع ليبيا مصالح مشتركة غاية فى الأهمية. كما أن ليبيا الرسمية والشعبية فى عمومها ترفض هذه الجرائم التى يعانى منها الليبيين أكثر من غيرهم. ويجب أن يجرى تحقيق وتحريات دقيقه بالتعاون مع الجانب الليبى لتحديد أبعاد الجريمة ومن يقف ورائها ودوافعه.واعتقد أن النائب العام فى مصر قد أصدر أمرا بفتح تحقيق بهذا الخصوص كما أن النيابه الليبية قد فعلت نفس الشئ . أما السؤال عن هوية الجناة ودوافعهم فهذه اسئلة تحتاج الى تحقيق دقيق ولا تخضع لاجتهادات شخصية من أحد. كذلك لا يمكن الجزم انها طائفية خاصة ان استهداف مسلمين ودور عبادة اسلامية يحدث كثيرا وبالتالى استهداف دور عباده مسيحية أو مواطنين مسيحيين أيضا وارد.
عشت تجربة ثرية بأحداثها في ليبيا حيث سافرت للعمل كمستشار ثقافي مصري قبل اندلاع الثورة الليبية منذ اكثر من ثلاث سنوات ..حدثنا عن بعض الاحداث التي عشتها في ليبيا في ظل توتر الاوضاع السياسية والامنية؟
سافرت إلى ليبيا قبل اندلاع ثورة 17 فبراير بستة أشهر تقريبا وكنت هناك عندما اندلعت الثورة في تونس وتلتها مصر ثم ليبيا وكما عاشت مصر اياما وشهورا من انعدام الاستقرار عشت جزءا منه في ليبيا في ظل وجود توترات وعمليات عسكرية حتى تم محاصرتي في سكني اكثر من 15 يوم ذات مرة نظرا لخطورة الحركه في الشوارع حتى تمكنت من الخروج والعودة لمصر في طائرة عسكرية وعند عودتي مجددا لم يكن القذافي قد قبض عليه بعد وكانت تجوب شوارع طرابلس السيارات المحملة بالمدافع وجميع انواع الاسلحة الثقيلة فضلا عن اصوات ضرب النيران التي اعتدت عليها مع مرور الايام .
منذ اندلاع الثورتين المصرية والليبية حدثت مشاكل سياسية كثيرة بين مصر وليبيا هل ترى ان استمرار حالة الفوضى وعدم الاستقرار هو السبب في استمرار مثل هذه الأزمات؟
الدولة الليبية في مرحلة بناء لأنها حتى الآن في وضع انتقالي ولم تستقر سياسيا بعد وينتظرون تشكيل لجنة لوضع دستور ثم انتخابات رئاسية وبرلمانية عندها ستتفرغ الدولة للتنمية في كافة المجالات. وليبيا تدرك ان لديها الآن العديد من الجماعات المسلحة والمثقفين الليبين يعرفون ان الدولة المصرية دولة مركزية ودولة مؤسسات وقانون ودائما ما كانوا يرددون على مسامعي عبارة "انتم دولة لكن نحن نحاول أن نكون دولة". لذا فأيا كان الوضع الآن فهو مؤقت ولن يستمر طويلا ولو مصر تخلت عن دورها في مساعدة ليبيا هناك دول أخرى تبحث عن هذا الدور.
في ذكرى احتفال ليبيا بمرور 3 سنوات على ثورة 17 فبراير التي اطاحت بنظام معمر القذافي .. ما الحل من وجهة نظرك كي تعود دولة عربية قوية مستقرة؟
الحل في ليبيا هو اكتمال العملية الديمقراطية كي يكتمل شكل ومضمون الدولة ولابد من استيعاب المسلحين لأن عدد كبير منهم سيتخلى عن سلاحه عندما يثقوا في الدولة لانهم ثوار حقيقيين وشرفاء لكن مشكلتهم ان آرائهم مختلفة لكن اذا اقتنعوا ووثقوا في نظام الدولة الذي يحافظ على ثرواتها ويعمل للصالح العام و يحقق لهم ما يتمنوه من عيشة كريمة ويتم تأهيلهم للانضمام للجيش والشرطة حينها سيتغير هذا الواقع .ونتمنى ان تستقر ليبيا في اقرب وقت لأن استقراها يؤثر ايجابيا على مصر.
تابعنا قبل أيام خطابا مذاعا لأحد قادة الجيش فهمنا من خلاله انه انقلابا عسكريا..هل ترى ان الجيش الليبي يمكن ان يقدم على مثل هذه الخطوة وان يكون الانقلاب هو الحل للسيطرة على الجماعات المسلحة المنتشرة في البلاد؟
الجيش الليبي في مرحلة إعادة بناء ولا أظن ابدا أنه يسعى لتولي السلطة ..ثم ينقلب على من ؟ ما حدث في رأيي كان عمل فردي ليس له اي مردود في الشارع الليبي وقد تلقيت عدة اتصالات من اصدقاء ليبيين يومها أكدوا لي أن الأوضاع كما تركتها قبل السفر ولا يوجد اي شيئ جديد. وكما قلت الحل في ليبيا هو استكمال الطريق الديمقراطي الذي يبدأ بكتابة الدستور ثم اجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية .
ما هي أهم الانجازات التي حققها المركز الثقافي المصري في ليبيا؟
هدف المركز الثقافي المصري هو نقل كل اشكال الثقافة المصرية للدولة الليبية من مسرح وسينما وفنون شعبية وادب وبحث علمي وقد حققنا انجازات كبيرة فى كل هذه المجالات. فعندما سافرت الى ليبيا كان هناك عشرات الطلاب الليبين يدرسون في الجامعات المصرية اصبحوا الان الآلالف بعد ثلاث سنوات. كان هناك 51 اتفاقية بين الجامعات المصرية والجامعات الليبية لم تكن مفعلة ..في فترة عملي تم تفعيل الكثير منها وتم عمل اتفاقيات جديدة . وقبل اسبوعين من اختطافي كان في مصر رئيس جامعة عمر المختار لتوقيع اتفاقية مع جامعتي المنصورة والازهر وتعاقد مع مركز تقنية المعلومات في جامعة المنصورة لتحويل الجامعة للنظام الالكتروني بتكلفة كبيره.كما كان هنا اتفاق مع جامعات طرابلس و الزاوية ومصراته للآستفاده من خبرة الجامعات المصريه فى إنشاء وحدات نوعية متخصصة ذات طابع خاص في جامعاتهم على غرار ما هو موجود فى الجامعات المصرية، وكان من المفترض ان يأتي إلى مصر وفد من الثلاث جامعات لنقل تجربة المراكز الناجحة في جامعاتنا. واشير هنا انه قبل رحيل القذافي استقدموا اساتذة جامعات من باكستان وكوريا والهند ولكن منذ سفري قبل 3 سنوات سافر من مصر مايقرب من 1000 استاذ جامعي للتدريس في الجامعات الليبية. ومنذ عودتي للقاهرة ومعظم رؤساء وأعضاء هيئة التدريس الليبيين يتواصلوا معى واعتذروا لي عما حدث وهذا يوضح عمق العلاقات بيننا وبين ليبيا مهما حدث.
انت تتحدث عن دولة مؤسساتها منهارة وبها جماعات لا تتحدث غير بلغة السلاح .كيف تعيد تأهيلها ثقافيا كي تتخلى عن العنف ؟
مهمتي كانت الربط بين المجتمع الليبي ومصر لقناعتي ان من يتعلم ويأخذ دكتوراه من بلد ما يكون ارتباطه بها وثيق ويحمل لها قدرا من المشاعر الطيبة مهما حدث. ففي ازماتنا ومشكلاتنا مع بعض الدول الافريقية كنا نبحث فيهم عمن درسوا لدينا في جامعة الازهر كي يكونوا وسطاء لحل هذه الازمات. ففي ازمة الاختطاف كان أحد قادتهم الذي تحدثت معه خريج من جامعة الاسكندرية وكان بيننا تفاهم كبير. وقد حققت انجازات كثيرة في مجال التعليم والبحث العلمي رغم تردي الاوضاع الامنية. ويجب ان نفهم ان تأثير العمل الثقافي لا يأتي مردودة مباشرة ولكن يحتاج وقت اطول.
كيف ترى مستقبل العلاقات بين مصر وليبيا مع تكرار حوادث الاحتجاز والاختطاف والقتل في الآونة الاخيرة ؟
ليبيا تمثل عمق استراتيجي لمصر وأيضا مصر بالنسبة لليبيا وارتباطنا بهم وثيق مهما حدث لذا لابد ان يكون هناك تعاون في كافة المجالات الاقتصادية والتجارية والعسكرية وغيره الصالح الطرفين وبنظرة اخرى اكثر عمقا يجب ان نبحث عن المجالات التي نستطيع ان نثبت جدارتنا فيها كمصريين. فليبيا دولة مؤهلة لاعادة البناء ومع وجود مشروعات ضخمة لاعادة اعمار ليبيا لن نستطيع منافسة دول كبرى في عقود اعادة الاعمار لكن المجال الوحيد الذي نستطيع ان نحقق فيه نجاحات اذا ما احسنا استخدامه هو الثقافة . وانا على يقين لو دخلت مصر في مشروع ثقافي ضخم مع ليبيا هي من سيربح لأن بيننا لغة مشتركة وثقافة مشتركة ودين واحد وعلاقات تاريخية واسرية.
هل سبق وان تم الاعتداء على المركز الثقافي المصري او السفارة المصرية قبل حادثة الاختطاف؟
كان هناك عدد من الحوادث المتفرقة عاشتها كثير من السفارات العربية والأجنبية في ليبيا مع تدهور الاوضاع الامنية منها سرقة وتفجير سيارات وتحطيم وتكسير بعض المنشآت لكن لم تكن هناك حوادث هدفها سياسي كما حدث.
ثلاثة ليالي عشتها مخطوفا لدى احدى الجماعات المسلحة الليبية التي طالبت بالافراج عن زعيمها الذي كان محتجزا في مصر .. حدثنا عن هذه التجربة القاسية ؟
بدأت القصة عندما أبلغني السفير باختطاف احد الدبلوماسيين في السفارة المصرية من منزله وطلب مني توخي الحذر واتخاذ الاحتياطات اللازمة وكنت اقيم في فيلا محاطة ببوابات حديدية ولم يتبادر الي ذهني ان احدا قد يخترق هذه البوابات رغم عدم تواجد الامن. وفي الثالثة فجرا فوجئت بمسلحين يكسرون باب مسكني وطلبوا مني الذهاب معهم دون مقاومة فغادرت معهم ووجدت اسفل المنزل ما يقرب من سبعة سيارات بها ثلاثة من الموظفين فى المركز الثقافى. تحرك موكب السيارات في طريق طرابلس والزاوية حتى وصلنا لمنطقة مزارع بها قصر فاخر حوله مزارع وبه حمام سباحة . ادخلونا لأحد المباني الملحقة به ووجدت نحو 20 شخصا من الخاطفين و الاستاذ حمدي الملحق المالي والاداري في السفارة الذي اختطف قبل ساعات ومعه حارس العقار الذي خطفوه بالخطأ واخبرونا ان مصر القت القبض على زعيم غرفة الثوار شعبان هدية وانهم سيحضرون بقية اعضاء السفارة حتى يتم الافراج عنه.
وما هو رد فعلك بعد ان علمت بسبب احتجازكم؟
اخبرتهم بأن مصر دولة بها مؤسسة قضاء محترمة ولا يمكن ان يتم احتجاز اي شخص الا اذا ثبتت ادانته بارتكاب اية جريمة وطالما ان الشيخ شعبان هدية برئ فسيتم الافراج عنه في اقرب وقت.
وكيف تعاملتم مع الخاطفين انت و من معك من افراد البعثة المصرية بعد ان عرفتم سبب اختطافكم؟
لم افكر في شئ الا في صورة مصر امام العالم وكيف نحافظ عليها مهما حدث وشعرت بالمسئولية عن إدارة الأزمة خاصة انه لم يكن هناك دبلوماسيين غيري انا والملحق الاداري والمالي أما بقية المخطوفين فكانوا زملاء موظفين بالمركز الثقافى بالإضافة إلى حارس عقار جاء بالخطأ وكانت كل وسائل الاعلام تتحدث عن اختطاف خمسة دبلوماسيين مصريين كما تابعت على شاشة احدى الفضائيات التي كانت امامنا طوال الوقت. فتحدثت مع زملائي واخبرتهم اننا يجب ان نتماسك ولا نظهر بأي صورة سلبية تهين مصر . وفي اول اتصال لنا مع احد اعضاء السفارة مررنا لهم رسالة ضمنية ان الامر لن يقف عندنا وكان قرارا حكيما من الجانب المصرى بترحيل كل افراد البعثة المصرية خاصة وان الخاطفين خرجوا بالفعل لخطف اكبر عدد ممكن من البعثة المصرية ولكنهم وجودوهم قد غادروا. وبدأنا مرحلة جديدة ايقنا فيها اننا فقط من تبقى من البعثة المصرية وقد حمدت الله على ذلك كي لا نسبب ضغطا اكبر على مصر.
متى بدأت عملية التفاوض و التواصل مع المسئولين ؟
اختار الخاطفون توجيه رسالتهم ومطلبهم عبر شاشة احدى الفضائيات لتحريك القضية وبعد عدة مكالمات تم اجراء مداخلة تحدث فيها احد الخاطفين وطلب مني مناشدة الحكومة المصرية بتلبية مطلبهم فتحدثت بعبارات مقتضبة ووجهت رسالة ارضت الخاطفين وفي نفس الوقت طلبت من المسئولين دراسة وضع الأخ شعبان هدية وليس الافراج عنه كما طلبوا. ثم نقلوا مكاننا في هذه الليلة خوفا من ان يحدث تتبع لمكان المكالمة وتحديد الموقع.
وبعد ان انتقلنا لبيت جديد التقينا بأحد قادتهم الكبار ودار بيننا حوار ثم تحدث معي شاب منهم على درجة عالية من الثقافة والذي ادهشني بحفظه لنصوص قانون حماية الدبلوماسيين وقال انه يعرف ان ما ارتكبوه خطأ كبيرا ولكن ليس امامهم طريق آخر لأن الشيخ شعبان له قيمة كبيرة عندهم بصفته كان قائدا لغرفة ثوار ليبيا قبل شهرين . وبعد ساعات قليلة اخبرونا ان الليلة قد تنتهي الازمة ويتم الافراج عنا وهو ما حدث بعد نصف ساعة . وبالفعل بعد ان بدأنا بالانصراف اخذوا الموظفين وحارس العقار في سيارة وانطلقت نحو طرابلس واخبروني انني والاستاذ حمدي سنستقل سيارة اخرى بهدف التأمين . وبعد انطلاقنا توقفوا في مخزن على الطريق جلسنا فيه حوالي ساعة ثم مشينا مرة اخرى وادخلونا منزل آخر ادركت حينها اننا لسنا في طريق العودة وان امرا ما قد حدث.
ما الذي حدث؟
شابين من الخاطفين قالوا انهم افرجوا عن الثلاثة الاخرين كبادرة لحسن النية وانهم لن يفرجوا عنا الا بعد عودة الشيخ شعبان إلى ليبيا ..في هذه الاثناء كانت الفضائيات تذيع نبأ الافراج عن الدبلوماسيين الخمسة حتى ان قناة هنأت ابني الذي كان يجري معها مداخلة في هذا الوقت وقد تابعته مع الخاطفين. وهنا ظهر عضو المؤتمر الوطني عن منطقة الزاوية وابلغ الخاطفين برسالة واحدة "الشيخ يقول لكم اطلقوا سراح الدبلوماسيين" ..ودخلنا في مرحلة جديدة من المناقشات واجروا نحو 30 مكالمة مع الشيخ شعبان هدية واخرين. وقد تحدث معي وابلغني اعتذاره كما تحدث معي مسئولين اخرين وهنا أطمئن قلبي أكثر أن مصر سهرانة معنا وتبذل كل ما في وسعها لأنهاء هذه الأزمة .وفي السابعة والنصف صباحا كانت المكالمة الاخيرة من الشيخ شعبان والذي قال نصا.." لو قعدت 10 سنوات لن تفرج عني السلطات المصرية قبل اكتمال التحقيق افرجوا عن الدبلوماسين ولا تسيئوا لعلاقتي بمصر اكثر من ذلك "..وهنا افرجوا عنا ووصلنا مع عضو المؤتمر الوطني الى وزارة الداخلية الليبية.
ومتى ستعود البعثة المصرية إلى ليبيا ؟
عندما تتوفر الحماية الامنية ستعود البعثة المصرية لاننا حريصين على العلاقات مع ليبيا..وانا شخصيا ساعود اذا كلفتني الدولة للذهاب الى هناك أو إلى أي مكان فخدمة الوطن واجب وشرف لأي مصري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.