جاء خبر استقالة الدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة من المجلس الأعلي للصحافة بمثابة الحجر الذي ألقي في المياه الراكدة .. وهي هنا مياه المجلس الذي تشكل بعد نجاح ثورتنا في 30 يونيو وانتقلت إليه بقرار جمهوري صلاحيات الغير مأسوف عليه مجلس الشورى الإخواني فيما يتعلق بالصحف القومية.. والحقيقة أن ثورتنا المجيدة لم تكن ضد الفاشية الدينية ممثلة في الإخوان فحسب بل كانت ضد الفشل الذي حملوه لمصر.. ففي المجال الصحفي نجد العديد من المؤسسات الغارقة في الديون وأخرى تحولت أرباحها إلى خسائر وباتت هي الأخرى على شفا الإنهيار.. لقد كانت ثورتنا ضد كل أشكال الفشل الذي مثله الإخوان والمتأخونون في السياسة والإدارة والإقتصاد والصحافة وفي كل المجالات.. ومع تشكيل المجلس ارتفعت تطلعات أبناء المهنة الساعين إلى التغيير وإنقاذ مؤسساتهم إلى عنان السماء ولكن بمرور الوقت تراجع التفاؤل تدريجيا .. ليتحول إلى إحباط.. وسرعان ما تحول هذا الإحباط إلى تشاؤم وشعور سلبي لدى قطاعات عريضة بأن شيئا لم يتغير فالفشل والفساد مستمران رغم أنف الثورة.. والسؤال الذي يلح علي بشدة هو.. لماذا ظللنا نناضل ضد الإخوان في الشوارع لعام كامل؟.. ولماذا سقط العديد من الشهداء في معركة الحرية ؟.. ان حكومة الدكتور الببلاوي بطيئة بطئ السلحفاة في معالجة قضايا الوطن والمواطن.. والمجلس الأعلى للصحافة بطئ بطء التنين في التعامل مع قضايا الصحافة والصحفيين.. ولذلك قال دكتور كبيش في حيثيات استقالته انه أقدم على هذه الخطوة لتباطؤ أعضاء المجلس في حل المشكلات الضخمة التي تعاني منها المؤسسات الصحفية .. وأضاف أن الديون الضخمة التي تتراكم على بعض المؤسسات وتغيير رؤساء التحرير هي جزء من المشكلات الضخمة التي تضعف كاهل المؤسسات الصحفية وأداء المجلس لم يحقق الطموحات المطلوبة ولم يحقق متطلبات المرحلة، كما أنني كنت أتمنى أن أعمل في كيان أكثر فاعلية مما شاهدته داخل المجلس، وفي النهاية أنا عضو ضمن 15 آخرين، من غير المعقول أن أفرض رأيي على باقي الأعضاء أو أن أسيرهم على هواي . وتابع قائلا انه كان يتمنى أن يكون للمجلس دور خلال المرحلة الحالية، إلا أنه وصف الأداء بال "هادئ للغاية"، مشيرا إلى أنه يتلقى اتصالات هاتفيه عديدة من الصحفيين لشرح ومعرفة أحوال مؤسساتهم السيئة، إلا أنه لا يستطيع أن يقدم لهم شيئا، لذلك تقدم بالاستقالة. وفي النهاية لا يسعني سوى القول ان الدكتور كبيش، ولاشك، أقدم على الخطوة الصواب فالفشل والفساد يلمسهما جميع أعضاء المجلس وأغلبهم يريد التغيير فعلا ولعلهم يواجهون عوائق تحول دون ذلك من داخل المجلس أو خارجه.. وأنا أدعو هؤلاء الأعضاء لأن يحذوا حذو دكتور كبيش فيستقيلوا ويكشفوا عن العقبات التي تقف في طريق الإصلاح وبالأسماء.. ثم يتركون هذه "العقبات" في مواجهة ثورة وشيكة ..من المؤكد انها ستكون عاتية..