الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تنعى 3 من قادتها استشهدوا في غارة إسرائيلية بمنطقة الكولا في بيروت    الحوثيون في اليمن: لن تثنينا الغارات الإسرائيلية عن مساندة الشعب الفلسطيني واللبناني    رسميا.. حزب الله يؤكد اغتيال القيادي في صفوفه علي كركي    تصريح ناري من سيف الدين الجزيري بخصوص وسام أبو علي مهاجم الأهلي (فيديو)    "اللي يطلع في الإعلام يحترم الجميع"... تصريحات نارية من ناصر ماهر بعد تتويج الزمالك بالسوبر الأفريقي    بعد الهزيمة أمام الزمالك.. 4 أسماء مرشحة لمنصب مدير الكرة ب النادي الأهلي    صفارات الإنذار تدوي في راموت نفتالي شمال إسرائيل    التعليم تزف بشرى سارة ل "معلمي الحصة"    نقيب الفلاحين: الطماطم ب 50جنيها.. واللي يشتريها ب "أكثر من كدا غلطان"    شراكة استراتيجية مع «الصحة العالمية» لتعزيز نظام الرقابة على الأدوية في مصر    10"بعد إصابته في الركبة".. 10 صور تاريخيه محمد هاني مع النادي الأهلي    محمد أسامة: جوميز من أفضل المدربين الذين مروا على الزمالك.. والونش سيعود قريبًا    موعد مباريات اليوم الإثنين 30 سبتمبر 2024.. إنفوجراف    شديد الحرارة على هذه المناطق.. حالة الطقس المتوقعة اليوم الاثنين    إصابه 4 أشخاص إثر اصطدام دراجتين ناريتين في المنوفية    العثور على جثة حارس مهشم الرأس في أرض زراعية بالبحيرة    أحلام هاني فرحات بين القاهرة ولندن    10 تغييرات في نمط الحياة لتجعل قلبك أقوى    5 علامات للتعرف على نقص الفيتامينات والمعادن في الجسم    مستقبل وطن البحيرة يطلق مبادرة للقضاء على قوائم الانتظار    صناع السياسة في الصين يتعهدون بدراسة تدابير اقتصادية تدريجية    الصين تتجه لخفض أسعار الرهن العقاري لإنعاش سوق الإسكان    انطلاق أولى ندوات صالون المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي    من خلال برنامج القائد| 300 ألف يورو لاستكمال المركز الثقافي بالقسطنطينية    دونجا يوجه رسالة نارية ل إمام عاشور: «خليك جامد احنا مش ممثلين» (فيديو)    أجواء حماسية طلابية في الأنشطة المتنوعة باليوم الثاني لمهرجان استقبال الطلاب - (صور)    سعر استمارة الرقم القومي يصل ل 800 جنيه.. إجراءات جديدة لاستخراج البطاقة في دقائق    المقاومة العراقية تحذر من إستخدام العراق منطلقا لعمليات التحالف الدولي ضد سوريا    بايدن: سنواصل الوقوف إلى جانب أوكرانيا    مفاجآت سارة ل3 أبراج خلال الأسبوع المقبل.. هل أنت منهم؟    المفتي: الإلحاد نشأ من أفهام مغلوطة نتيجة خوض العقل في غير ميدانه    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    السعودية تعرب عن قلقها البالغ إزاء الأوضاع الأمنية في لبنان    هل 200 جنيه للفرد شهريا «مبلغ عادل» للدعم النقدي؟.. أستاذ اقتصاد يجيب (فيديو)    صالون التنسيقية يفتح نقاشا موسعا حول ملف التحول إلى الدعم النقدي    مكون في مطبخك يقوي المناعة ضد البرد.. واظبي عليه في الشتاء    جامعة المنيا تقرر عزل عضو هيئة تدريس لإخلاله بالواجبات الوظيفية    مقتل 3 أشخاص من عائلة واحدة في مشاجرة على ري أرض بأسيوط    سقوط غامض لفتاة يثير لغزًا في أكتوبر    الفرح بقى جنازة، مصرع شاب وإصابة آخر في حادث تصادم جنوب الأقصر    الأنبا باسيليوس يترأس قداس المناولة الاحتفالية بكاتدرائية يسوع الملك    نابولي يفوز على مونزا 0/2 ويتصدر الدوري الإيطالي مؤقتا    رسميا بعد الارتفاع.. سعر الدولار أمام الجنيه اليوم الإثنين 30 سبتمبر 2024 (تحديث الآن)    د.حماد عبدالله يكتب: فى سبيلنا للتنمية المستدامة فى مصر !!    زوج أمام محكمة الأسرة: «كوافير مراتي سبب خراب البيت» (تفاصيل)    نسرين طافش أنيقة وفيفي عبده بملابس شعبية.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    حدث بالفن| اعتذار شيرين لشقيقها وموعد عزاء زوجة فنان وانطلاق مهرجان الجونة السينمائي    تامر عبدالمنعم بعد رئاسة "الفنون الشعبية": طالما لدي شباك تذاكر فالمسرح يهدف للربح    السفيرة الأمريكية لدى مصر تشارك في فعاليات برنامج "هى الفنون" بالقاهرة    إسرائيل تقصف 120 موقعًا لحزب الله، ولبنان يعلن استشهاد 53 شخصًا    محافظ جنوب سيناء: 15% زيادة متوقعة بحجم الإقبال السياحي في أكتوبر ونوفمبر المقبلين    "الحماية المدنية" تسيطر على حريق هائل في سيارة تريلا محملة بالتبن بإسنا جنوب الأقصر    جثة أسفل عقار مواجهة لسوبر ماركت شهير بالهرم    عميد معهد القلب يكشف تفاصيل إنقاذ حياة شاب بعملية الأولى من نوعها    هل يجوز أن أترك عملي لأتابع مباراة أحبها؟.. رد صادم من أمين الفتوى لعشاق كرة القدم (فيديو)    إبراهيم رضا: الزوج الذي لا يعول أولاده خان علاقته بالله.. فيديو    مفاجأة حول المتسبب في واقعة سحر مؤمن زكريا.. عالم أزهري يوضح    الموت يفجع الشيخ أحمد عمر هاشم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موسي يلقي كلمه امام الجامعه اللبنانيه
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 09 - 05 - 2013

القي رئيس حزب المؤتمر عمرو موسي الخميس 9مايو كلمه امام الجامعه اللبنانيه قائلا: منذ أيام قرات للمفكر اللبناني الأستاذ عليالقي رئيس حزب المؤتمر عمرو موسي الخميس 9مايو كلمه امام الجامعه اللبنانيه قائلا: منذ أيام قرات للمفكر اللبناني الأستاذ علي حرب مقالاً بجريدة الحياة بعنوان "مشروع التنوير العربي" حرب مقالاً بجريدة الحياة بعنوان "مشروع التنوير العربي"، أشار فيه إلي مقولة "هيجل" عن "مكر التاريخ" ... جاء ذلك في معرض حديثه عن "الاشكاليات المركبة والمفارقات الفاضحة" المتعلقة بما يشهده العالم العربي من تطورات تتصل بالمأزق الذي نواجهه ونحن في خضم عملية تغيير لا نستطيع الآن على وجه اليقين أن نحدد نتائجها في المدى المتوسط أو البعيد، وان كنا نرى بوضوح أن الواقع الحاضر وربما إلى المدى القصير، يشوبه الاضطراب والتوتر، وربما الفوضى، ويتسم بالقلق الكبير على مصير دولنا ومجتمعاتنا، وهل سوف نلحق بالعصر ... بالقرن الحادي والعشرين، ونسهم فيه، وننهل من الفرص التي يقدمها والآفاق التي يفتحها، أم سوف نجر جراً إلى عصور مضت وأزمنة خلت، وما يعنيه ذلك من اضطراب أو انهيار لمسيرة المجتمعات نحو الاستقرار والنماء.
وان التراث والفكر الذي نهلنا منه وانتمينا له يجب على الدوام، ولصالح أجيالنا ومجتمعاتنا، أن يكون حافزاً وأساساً للسير - بل للقفز - نحو المستقبل، وليس للعودة إلى الماضي، حتى يتمكن العالم العربي من الشراكة في تشكيل عالم الغد وفي امتلاك أسباب المعرفة وأسرار التقنية، ومن ثم تملك مفاتيح الحياة العصرية المدعومة بقواعد ثقافية عريقة متينة ثابتة الجذور.
واكد موسي قائلا :أقول هذا كله بمناسبة ما أصابنا وأصاب العالم من حولنا من دهشة واستنكار لما آلت إليه أمورنا، ولما تفاجأت به ثوراتنا من من افلات الأمور منها، ومن أن محاولاتنا لحل المشكلات التي واجهت أوطاننا بسبب سوء إدارة الحكم في العقود الأخيرة انما ولدت مشكلات أكثر تعقيداً وخطورة.
فهل يا ترى قد مكر بنا التاريخ كما قال "هيجل"، وكما أورد الأستاذ على حرب، أم قد مكرنا بأنفسنا، ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله.
وبعد ذلك قال موسي السيدات والساده :
شهد عام 2011، وشهدنا نحن منذ بداية ذلك العام ثورات تتابعت حتى شكلت حركة تاريخ خاصة بنا\ن أسماه الغربيون "الربيع العربي"، وأسماها غيرهم بالانتفاضة أو الثورة، وأرجو ألا تنتهي إلى "هوجة" كما يقول الفلكلور المصري، وأفضل أن أسميها "حركة التغيير العربية"، وهي حركة ثورية بالتأكيد، أظننا جميعاً نتفق على أنها كانت منتظرة ومتوقعة، بل وضرورية، بعد أن فاض الكيل من سوء الإدارة وشخصنة الحكم وديكتاتورية الحاكمين وأسرهم، بل من نقص الكفاءة وبلادة القراءة، قراءة حركة التاريخ ... قراءة المسيرة العالمية من حولنا، والفارق الي يتسع بيننا وبين العالم الذي يعاصرنا، ولم يذكروا أن القرن الحادي والعشرين قرن له متطلباته المختلفة وشروطه الخاصة للنجاح والتي تختلف جذريا عما تعودوه ومارسوه.
ويهمني أن أطرح عليكم اعتقادي بأن حركة التغيير الثورية هذه سوف تستمر معنا نشطة، تصعد وتهبط، تفور وتخمد، لسنوات عديدة قادمة، ولكنها لن تتراجع أو تدور إلى الخلف، مهما حاول البعض فرض مثل هذه المسيرة المتراجعة، وذلك لأسباب عدة أهمها: حركة التاريخ ذاتها، وتطلعات الناس وحاجاتهم، وطبائع القرن الحادي والعشرين وتأثيراته، بما في ذلك العولمة والتقدم المذهل في مجال الاتصالات والمواصلات، والتي تكشف للشعوب وهج المجتمعات المتقدمة، واسبابه ومقوماته، بقدر ما تكشف ظلام المجتمعات الفاشلة بسبب جمود الفكر وفشل الحكم ومناورات القوى العظمى وضغوطها وتأثيرها. إلا أن هذه المسيرة الثورية تطرح عدد من التساؤلات الجذرية، ومن أهمها سؤال يتعرض لمدى تأثر النظام العربي بتداعياتها، وهنا أقول إن من شأن التغير في نمط الحياة السياسية أن تدعو إلى تغير في طبيعة النظام العربي، وأقصد بذلك التنظيم الذي جمع الدول العربية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، في أربعينيات القرن الماضي، حتى بدء حركة التغيير العربية مع بداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.
نعم، لابد من نظام عربي جديد لا يكون مغلقاً على نفسه، وانما يجب أن يسمح بناؤه بنوافذ مفتوحة على المنطقة من حولنا، والتي نحن جزء منها وهي جزء منا، وأقصد بهذا دول الجوار العربي في آسيا وأفريقيا، ووفق نظام خاص يعمل على دعم وتأكيد الدور العربي في الاقليم المحيط، وتحديد العلاقة مع إيران من ناحية، وإسرائيل من ناحية أخرى، وتركيا من ناحية ثالثة، ودول الجوار الافريقي من ناحية رابعة، أخذاً في الاعتبار ضوابط الأمن العربي والحق العربي والمصلحة العربية. وفي هذا أقترح على مؤسسات الفكر العربي، قبل أن أقول الجامعة العربية، أن تبدأ في اعداد تصور للنظام العربي الجديد، بل للنظام الاقليمي الجديد، وكيف يكون، ومن يمثل، مجاله الجغرافي، ومضمونه الاقتصادي، ومنطلقه السياسي وكفاءته الأمنية.
وثانياً، أرجو أن يكون كل العرب قد أدركوا صحة ايماننا بحقيقة التفاعل العربي، وأن النزاعات العربية كانت في جوهرها ومحتواها نزاعات وحساسيات بين حكام وقادة، ولم تكن أبداً نزاعات أو فرقة بين الشعوب.... انظروا إلى نداعيات احتجاج وانتحار شاب في تونس على ميادين القاهرة وشوارع دمشق وأزقة حلب وصحاري ليبيا وجبال اليمن وغيرها وغيرها مشرقاً ومغرباً، بل وعلى نفسية كل عربي من الخليج إلى المحيط.
وهكذا، مع أخذ المبادرة في الحركة نحو نظام عربي واقليمي جديد، وتأكيد أن الشعوب العربية قماشة واحدة، وأن كانت متعددة الألوان، فإن الأمل العربي في مستقبل أفضل لن يخبو أو يتضاءل، إلا أننا يجب أن نعد له وأن نحسن رسمه على أسس عصرية من حيث الزمن، أمينة وذكية من حيث التراث، ديمقراطية من حيث النظام، استراتيجية من حيث المضمون، تقيم المصالح المشتركة وترعاها.
ويقتضي هذا الطرح أن نناقش سوياً صعود التيار الديني في العالم العربي ومدى نجاحه المتوقع أو فشله المطروح بقوة حالياً. ان نجاح أي تيار سياسي، بما في ذلك الديني، يرتبط – لا تنسوا أننا في القرن الحادي والعشرين، عصر الازدهار والتقدم والتكنولوجيا والاتصالات – أقول يرتبط نجاح التيار الديني بمدى تماهيه مع هذه العناصر، وعدم وقوفه عكس مسارها. فإن هو تماشى معها، بل استثمرها بأن قاد البلاد التي يحكمها بحنكة نحو المستقبل مع تأكيد الانتماء إلى الاسلام المعتدل، الاسلام المنفتح، اسلامنا الذي يقول للعالم أنا شريك لدي القدرة الكاملة على أن أسهم في تقدم العالم، بفكر متنور وعزم على تحقيق الأمن والاستقرار لدينا ولديه. إن هو فعل ذلك حاز القبول، فلأمر ليس رفضاً لهذا التيار في ذاته طالما يأتي ويذهب طبقاً لقواعد اللعبة الديمقراطية، انما هي سياساته وطريقة حكمه والخطط التي لا تبالي بالحاضر ولا تستهدف المستقبل كما تصوغه المجتمعات الناجحة شرقاً وغرباً، ومحاولة جر مجتمعاتنا إلى الماضي أو عزلها عن المسار العام للتطور البشري.
وان من يعارض سيطرة التيار الديني كثرة هائلة من الناس، ولكن هذه الكثرة لا تعارض من منظور ديني، وانما من منظور ما بدأ يتكشف من نواياه السياسية، ومن منظور الرغبة في العيش حياة طبيعية، لا سيطرة فيها الا للقانون، ولمبادئ المساواة بين المواطنين بصرف النظر عن دياناتهم أو معتقداتهم أو ألوانهم أو جنسهم، وتأكيد حقوق الانسان والحريات الدينية وحقوق المرأة.
نعم، آن الأوان، وفي هذا الاطار بالتحديد، لأن يراجع التيار الديني حساباته وأطروحاته وأن يربطها ربطاً بالقرن الحادي والعشرين وبالواقع المعاصر، وأن يتفهم الرغبة العارمة لدى الناس لأن تعيش حياة أفضل. ان نجاح أي حكم، بما في ذلك حكم المنتمين إلى التيار الاسلامي على اتساع هذه المنطقة، يرتبط بكفاءة حكمهم في تلبية احتياجات المواطنين المادية وتطلعاتهم الوطنية وتحقيق تقدم بلادهم وعدم تخلفها عن المسيرة العالمية التي يتصاعد ارتباط الناس بها، وبصفة خاصة بين الأجيال الصاعدة، الشباب الذي يشكل الغالبية بين الشعوب العربية .... إذن هي تطلعاتهم، تطلعات الشباب وفتح الآفاق أمامهم، أي الحديث معهم عن غدهم، وليس عن أمسهم. هذا هو أحد المفاتيح الرئيسية للنجاح والاستقرار.
وتمر هذه المنطقة القلب من العالم العربي – لبنان وما حوله – بتطورات خطيرة بالمعنى الحقيقي للكلمة، وسوف أتطرق هنا بسبب الوقت إلى مسألتي سوريا وفلسطين فقط، رغم أن الأمر يتعلق باعادة رسم خريطة المنطقة بأكملها، وهو أمر كما تعلمون خطير، وقد أشرنا إلى ذلك في الحديث عن ضرورة مبادرتنا بالاعداد لنظام عربي واقليمي جديد.
فعن سوريا، أقول أن حل المسألة السورية سوف يشكل جوهر التغيير الاستراتيجي في هذه المنطقة، ومن هنا البطء في اتخاذ القرارات المصيرية الهامة المتعلقة بهذه المسألة.
نعم، أن الوضع الانساني مؤسف ومؤلم، نعم ان العلاقة بين الحكم وطوائف كبيرة من الشعب السوري قد فصمت، وبصرف النظر عن التفاصيل، ومن مع من، إلى أخره، نعم ان سوريا قد دمرت وبنيتها الأساسية، مادية وروحية، مهددة تهديداً حقيقياً بالانهيار، ولكن السؤال هو وماذا بعد؟ الاجابة لدى الكثيرين، هي:
وان طبيعة الأمور تشير إلى ضرورة ايجاد معادلة جديدة للحياة السياسية في سوريا، بما فيها الحكم، ولاسيما بعد أن أصبح النظام السوري جزء من المشكلة، فبعدما حدث، ولضخامة ما حدث، فلا يتصور بقاء الحال على ما هو عليه، ولا مسألة حكم فقط، بل هي تتعلق بمستقبل سوريا ذاتها كدولة وكيان، ومن المصلحة الأكيدة بقاء هذا الكيان دون تقسيم أو تشرذم .... ان التقسيم أو التشرذم إذا حدث فسوف تكوى هذه المنطقة، ولبنان بالذات، بنارها، وقد لا ينجو من مؤامرة التقسيم، بل وقد يصبح جزء منها.
وان المسألة السورية تستدعي معها المشكلة الفلسطينية، والمسألة الكردية، والعلاقات الشيعية السنية، وموضوع الأقليات الدينية والعرقية، ودور كل من ايران وتركيا. ايران بالذات ربما، وخاصة تواجدها الثمين على شواطئ البحر المتوسط، اضافة إلى النظام العربي في مستقبله الذي نتحدث عنه وتأثر عدد من دوله في ضوء هذه التطورات، وأهمها ما قد يمس العراق والأردن، ثم القوى العظمى وتعارضاتها. ومن ثم، فلا يمكن أن يكون الحل سورياً فقط، ولا عربياً فقط، ولا اقليمياً فقط. هو كل ذلك في نفس الوقت، بل قد يكون لب العمل الجاري حالياً هو رسم خريطة جديدة لسوريا وما حولها. وفي هذا، نشهد جميعاً نشاط مختلف الأطراف، تكتيكياً واستراتيجياً، اللهم الا النشاط العربي الذي يقتصر على الجزء السوري البحت من المشكلة، وعلى مجالات التكتيك دون الاستراتيجية.
ودون الدخول في تفاصيل أخرى على أهميتها وكثرتها، أعتقد أن الجامعة العربية مدعوة بقوة الى تعبئة جميع أعضائها وتقديم طلب عربي جماعي إلى مجلس الأمن لنظر المسألة السورية، ليس بغرض الادانة أو الدخول فورياً في حل سريع قاطع لها، وانما يمهد لشراكة بين المجلس والجامعة، ليس في وساطة داخلية سورية، وانما في نقاش وتوافق حول الوضع الاستراتيجي أو الشروط الاستراتيجية لتسوية المسألة السورية بأقل التكاليف الممكنة على المنطقة، وعلى مستقبل سوريا كدولة وكيان عربي يجب أن يعيش في سلام مع جيرانه العرب ويشارك في تشكيل النظام العربي الجديد.
ولا أستطيع أن أنهي حديث الموجز عن سوريا دون أن أشير إلى الاعتداء الاسرائيلي الأخير على الأراضي السورية، وانتهاك سيادة سوريا ولبنان. ان العملية السعكرية الاسرائيلية تعيد إلى الأذهان خطة اسرائيل وحاولاتها للتأثير على الأحداث في العالم العربي، وقد برعت في خلط الأوراق، وفي استغلال حركة التغيير العربي، وبخاصة في سلبايتها، لتأكيد دورها. نحن نرفض هذا الدور طالما ترفض إسرائيل الاعتراف بالحقوق العربية. اسرائيل لا دور لها في مسيرة التغيير العربي، وان شاءت أن تكون لها علاقة بهذه المسيرة، فالباب هو فلسطين، وليس سوريا.
وتحدث موسي عن فلسطنين قائلا لقد حملت الأنباء مؤخراً نشاطاً أمريكيا جديداً لاخراج الحالة الفلسطينية من جمودها، والنزاع العربي الاسرائيلي من وضع الكساد الذي يعانيه، وهذا في حد ذاته أمر محمود، الا أن لهذا شروطه الموضوعية والضرورية، وأولها عدم المساس بحق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته ذات السيادة الكاملة وفق حدود 4 يونيو 1967، بما في ذلك القدس الشرقية، التي يجمع الفلسطينيون والعرب، بل والعالم في معظمه، على أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية.
ثانيا، أن المبادرة العربية لعام 2002 التي صيغت وصدرت هنا في لبنان هي مبادرة مكتملة البناء، تستند عناصرها على بعضها البعض، خطوة بخطوة، والتزاماً بالتزاماً، وحقاً بحق، وانسحابا كاملاً مقابل سلام شامل. ان الاخلال بأي من بنودها يفقد المبادرة توازنها وينهي فعاليتها.
ثالثاً، من المفهوم أن المفاوض الفلسطيني طرح احتمال تبادل محدود للأراضي حول الحدود، إلا أن هذا التبادل يجب وبكل وضوح ألا يؤثر على المساحة الكلية للدولة، وألا يلغي حدود 4 يونيو، ولا يعكس ثقل الغزو والاحتلال والاستيطان.
رابعاً، آن الأوان لأن يطرح المجتمع الدولي ممثلاً في مجلس الأمن، وبالأخص الدول دائمة العضوية، خريطة تعكس كل هذه المبادئ، وتحقق الدولة ذات السيادة، والأمن للدولتين الفلسطينية والاسرائيلية، وتحفظ حقوق الطرفين العادلة في الأرض والميادة ومصادر الثروة.
خامساً، آن الأوان لأن نسمي الأشياء بمسمياتها طالما أن الجانب الأمريكي أعلن عن عزمه تحريك الأمور، فموضوع المستوطنات يجب أن يدرس بكل تداعياته، وموضوع القدس يجب أن يتقرر في ضوء الحقوق التاريخية والأوضاع القانونية، وكذلك موضوع اللاجئين في اطار التفاوض على أساس القرار 194 كما تقضي المبادرة العربية.
سادساً، ليس الأمر أمر مؤتمر دولي أو طاولة مفاوضات، وانما الاتفاق أولاً على حل عادل يراه المجتمع الدولي منصفاً للطرفين في اطار ما تقضي به مبادئ القانون الدولي، ومبادئ التسوية بدء بقرار مجلس الأمن رقم 242، وانتهاء بالمبادرة العربية، مروراً بالمعالم التي طرحها الرئيس كلينتون في 2000، وقرار محكمة العدل الدولية في 2004، وما تنادي به حركة السلام الإسرائيلية نفسها.
نعم، آن الأوان للحل، فإذا قادته الولايات المتحدة نحو نتيجة منصفة يرتضيها أطراف النزاع والمجتمع الدولي كله، تكون الولايات المتحدة قد حققت نصراً عظيماً.
ولقد تحدثت طويلاً، مع ذلك – ولعامل الوقت - لم أتعرض لمشاكل ملحة، وعلى نفس الدرجة من الخطورة، مثل السياسة الإيرانية، والعلاقات العربية الإيرانية، واحتمالات الصدام السني الشيعي في المنطقة، والوضع النووي في الشرق الأوسط، أو عن الوضع الثقافي العربي الذي يجب أن يتحرك للقبول بالتعدد والتنوع في اطار العالم العربي بعربه وأمازيغه وأكراده، بمسلميه ومسيحييه، بل ويهوده،. ان التنوع قوة تضيف، وليس ضعفاً يعتور المجتمع العربي.
كل هذه أمور أرجو أن نتطرق إليها في مناسبة أخرى أرجو أن تكون قريبة.
وختاماً ، أعود إلى ما بدأت به ... ألا يحتاج الأمر حقاً إلى مكر نمكره، بل نحسن مكره، حتى لا يمكر بنا التاريخ، والمكر الحسن هو ما يقضي إلى تحقيق مصالح الناس، وهو القراءة الصحيحة للواقع، وهو الاعداد السليم للمستقبل ..... وكل ذلك وفق معايير توافق عليها البشر، مشرقاً مغرباً، فحققوا الأمن والرخاء والسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.