قضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء السلبي بالامتناع عن إدراج رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء و الوزراء والمحافظين ضمن الفئات الواردة بقراره رقم 322 لسنة 2012 بتحديد الحد الأقصى للأجور. صدر الحكم برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين عوض الملهطانى واحمد درويش . قالت المحكمة إن المرسوم بقانون الصادر من المجلس العسكري قد تضمن قاعدة عامة بموجبها يخضع أي شخص يعمل في الدولة وأيا كانت صفته ولو كانت وظيفته مؤقتة للحد الأقصى للدخول ,ولا يجوز أن يزيد مجموع الدخل الذي يتقاضاه من المال العام على خمسة وثلاثين مثل الحد الأدنى لمجموع اقل دخل في ذات الجهة التي يعمل بها، والزم رئيس مجلس الوزراء أن يصدر قرارا تنفيذيا للمرسوم بقانون ,وقد ورد هذا المرسوم من العموم والشمول بما لا يجوز تخصيصه على فئة دون أخرى ,إلا أن رئيس مجلس الوزراء حدد فئات معينة هي الهيئات القضائية وأعضاء هيئات التدريس بالجامعات والشرطة والجهاز المركزي للمحاسبات والرقابة الإدارية وقناة السويس والبنك المركزي المصري والبنوك العامة والسلك الدبلوماسي والقنصلي والعاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام والأشخاص الاعتبارية العامة دون أن يشمل فئات أخرى هي رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء والمحافظين فمن ثم يكون قراره السلبي بالامتناع عن إدراج تلك الفئات من الخضوع للحد الأقصى للدخل كسائر العاملين في الدولة مخالفا لحكم القانون وباعتبار أن لا يجوز لسلطة أدنى أن تخصص ما شمله العموم الصادر من سلطة أعلي فلا تخصيص بغير مخصص , وأضافت المحكمة ان التسريب الذي ابتدعته الجهات الإدارية للحيلولة دون تطبيق التشريع كقاعدة عامة ومجردة على الكافة هو الذي نال من سيادة الدولة القانونية وهز من أركانها وهو الذي عانت منه البلاد طويلا وهو الباعث على الثورة الشعبية التى اندلعت فى 25 يناير 2011 معلنة بكبرياء تحطيم كل مظاهر الفساد الذي قامت الثورة من اجله وأزاحت النظام وإزالته من الوطن فكانت الثورة الخلاص المبارك ومن ثم فلا يجوز ان يكون هناك بابا مواربا يسمح بقصر القواعد القانونية الحاكمة وجعلها استثناء من الأصل الذي صدرت بمنطوقه وابتغاء تحقيقه فاذا ما كان المرسوم بقانون قد نص من ألفاظ العموم والشمول بخضوع اى شخص يعمل في الدولة للحد الأقصى للدخل أيا كانت صفته فليس لسلطة أدنى ان تنال من هذا العموم وتحدد فئات دون أخرى على نحو ما انطوى عليه القرار المطعون فيه خاصة وان فئات رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والمحافظين هي التي كان يجب أن تلتزم وتخضع لمضمون هذا المرسوم بقانون باعتبار ان هؤلاء هم المثل والقدوة فى المجتمع ,وان صلاحهم او فسادهم يؤثر وينعكس حتما على الشعب وينقل اليه الصلاح او الفساد حيثما يولوا عليهم ,فالناس على دين رؤسائهم فى مجال المسؤولية والالتزام بحكم القانون وذكرت المحكمة :انه لا ينال من ذلك ,القول بان تلك الفئات تخضع للحد الأقصى للدخل بموجب قانون العاملين بالدولة فذلك مردود عليه بنص المادة 40 منه التي نصت على أن تحدد بداية ونهاية أجور الوظائف بكل درجة وفقا لما ورد بالجدول رقم 1 المرفق وبالاطلاع عليه فقد خلا من تحديد تلك الفئات وان أعلى وظيفة وردت به هي وكيل أول وزارة ,ولا يغير من ذلك أيضا القول بان مناصبهم سياسية لا تخضع للحد الأقصى للدخل ,لان المرسوم بقانون لم يفرق بين الوظائف والمناصب السياسية بل أورد باعتراف صريح بخضوع كل من يعمل في الدولة للحد الأقصى للدخل أيا كان صفته ,فضلا عن أن المرسوم بقانون قد نسخ القوانين السابقة من مخصصات مالية لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء فيما يتعارض مع الحد الأقصى. واختتمت المحكمة :بأنها هي العليمة بأنها تقضى ولا تحل محل الإدارة في تسيير أركان الدولة لكنها لا تستطيع أن تغض الطرف فيما تلحظه من تهذيب القرار الطعين من شوائبه حتى لا يفلت تصرف الإدارة من الهداية والصواب الذى عناه المشرع وهدف اليه ,قد تكشف لديها من الحكمة والمسار التاريخي لاحترام القواعد القانونية ان الأخطار التي تنتج عن مخالفة القواعد القانونية والإفلات من شمولها وقصرها على فئات محددة لتفوز الأخرى بالمال والنفوذ والسيطرة هو الأمر الذي مكن البعض فى ظل النظام السابق من سلب المال العام والإفلات به إلى حيث مستقر سحيق قد يصعب على أجهزة الدولة الوصول إليه بالطرق المشروعة ,ومن ثم يضيع جهد أبنائه وعرق بل ودماء أفراده وهذا بسبب عدم إحكام الصياغة القانونية التي تتولاها الجهات التنفيذية ولو في مستواها الأعلى مثل قرار رئيس مجلس الوزراء السلبي المطعون فيه الذى نال كثرا من عموم وشمول المرسوم بقانون الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى ارتضاه الشعب كسلطة حكم وتشريع فى الفترة الانتقالية للثورة حتى تم تسليم سلطة الحكم لرئيس مدني منتخب لم يعترض عليه المجلس العسكري بل هو الذى دعمه بوصفه المعبر عن نبض الشارع المصري وخادما لإرادته فى ذلك الوقت وقد كان الشعب يأمل فى مشروع الدستور الجديد ان يتضمن تلك القاعدة بخضوع كل من يعمل فى الدولة ايا كانت صفته للحد الأقصى للدخل دونما استثناء ,الا ان المادة 14 منه جاءت مخيبة لأمال الشعب حينما أجازت الاستثناء بقانون من الخضوع للحد الأقصى للدخل ,ولم يصبح ذلك المشروع دستورا نافذا معمولا به حتى تاريخ صدور الحكم الماثل