قليل من التأمل لما يجري حولنا يدعونا للتساؤل: هل ضاعت البوصلة من الحكومة الذكية فتاهت.. وضلت الطريق.. واختلت موازين الامور أمامها؟! لو كانت الحكومة لها بوصلة لسارعت قبل البدء في تخطيط مشروعات تنمية الصعيد.. واعتماد مليارات لها تحت بند الاستثمار.. إلي تفعيل القرار الجمهوري الذي صدر في عام 4991 ونص علي اعادة رسم الحدود بين محافظة البحر الاحمر ومحافظات الوادي المقابلة لها.. واستفادت منه محافظة قنا.. وحصلت علي مساحات من الاراضي باتجاه مدينتي القصير وسفاجا.. وحققت به توسعا عمرانيا شاملا أضاف لها وحولها أنشطة زراعية وصناعية وتنموية كثيرة. توقف الامر عند قنا ولم يمتد الي أخواتها من باقي محافظات الصعيد.. إهمالا وتقصيرا من الحكومات السابقة التي خاصمت التخطيط! إعادة ترسيم الحدود الآن وطبقا للقرار الجمهوري هي بداية الطريق الصح نحو تحقيق تنمية حقيقية في صعيد مصر بالذات.. لأن محافظة البحر الاحمر بحدودها الحالية تمتد من السويس شمالا الي حلايب وشلاتين جنوبا بطول 0801 كيلو مترا. وتكاد أن تكون أطول محافظات مصر علي ساحل البحرالاحمر. هذا الإمتداد بوضعه الحالي خلق نوعا من العزلة بين سكان مدنه.. وجيرانهم في الوادي.. حيث اغلق جميع المنافذ أمام محافظات الصعيد.. وحرمها من فرصة الخروج إلي البحر.. والمشاركة والاستثمار في موارده وخيراته من موانيء الصيد.. وشواطيء السياحة.. واستصلاح واستزراع كل الاراضي الصحراوية الواقعة بين نهر النيل والبحر! لذا فإن الأمر يقتضي الآن إعادة رسم الخريطة العمرانية للصعيد.. بفكر وتخطيط غير تقليدي بحيث تمتد حدود محافظاته بالعرض.. وليس بالطول كما هي الآن.. فتصبح متعامدة علي النيل والبحر الاحمر.. وليست موازية لهما. ذلك التخطيط سوف يربط مدن وشواطيء البحر الاحمر بالمحافظات المقابلة له في الوادي والدلتا.. لتكون نافذة لها.. وتنتقل الكثافة السكانية والعمرانية بينهما. علي سبيل المثال.. وكما يري خبراء التخطيط .. أن رأس غارب يمكن ربطها بمحافظة بني سويف المواجهة لها.. وسفاجا والقصير ومرسي علم مع محافظة قنا.. وسوهاج بالغردقة.. وبرنيس وحلايب والشلاتين بمحافظة اسوان. أعتقد أن فتح منافذ لمحافظات الصعيد بكثافتها البشرية وندرة مواردها الطبيعية علي البحر الاحمر.. وربطها بمدنها التي تعاني عجزا في عدد السكان.. وتملك ثروات في السياحة والزراعة والصيد سيحقق انجازا عمرانيا وتنمويا ويغير وجه الحياة فيهم. لهذا فإن تعديل خريطة البحر الاحمر.. واعادة ترسيم محافظات الصعيد هو مشروع عملاق تأخر كثيرا.. وضاع من بوصلة الحكومة الذكية.. وآن الاوان ان ندعو لتفعيل القرار الجمهوري من اجل تنمية الجنوب الفقير في صعيد مصر. اذا ما كانت هناك رؤية مستقبلية للتنمية هناك!!