بالقدر الذي أثار فيه حادث الاعتداء علي كنيسة القديسين بالاسكندرية من مشاهد غاضبة شارك فيها أبناء الوطن من المسلمين والمسيحيين للتعبير عن مدي خسة ودناءة هذا المخطط الذي يستهدف استقرار الوطن وتمزيق نسيج وحدته وتلاحم شعبه بمختلف دياناته وطوائفه.. فبنفس القدر - من جسامة الحدث ومرارة الغضب لابد أن نتوقف عند حقائق وأبعاد مهمة لها دلالتها حتي يصاغ المشهد الغاضب في خطة مواجهة محكمة تحول دون تحقيق أهداف مدبري الحادث ومخططيه وأدوات تنفيذه ومن يقف خلف الستار والكواليس للاستفادة من آثاره وجني ثماره من جهات خارجية عدائية أو عناصر وفلول داخلية تعتقد أنها ستستفيد من حصاده لحساب أچندتها السياسية أو جنوحها العقائدي المريض الذي يخالف سماحة الأديان وعراقة المواطنة عبر أربعة عشر قرناً في وطن استخاره الله سبحانه وتعالي ليكون قهراً لكل الأديان السماوية. وفي مقدمة تلك الحقائق والأبعاد ما نركز عليه في الآتي: 1 أن أولويات الجهة والتنظيم المخطط لهذا الحادث هو ضرب الدين الإسلامي الحنيف في مقتل باعتبار أن منفذي تلك الأحداث يرتبطون بتنظيمات سرية متشددة ترفع شعارات »إسلامية« وتروج لأهدافها في الاعتداء علي دور العبادة المسيحية ومؤسساتها صراحة عبر المدونات والبيانات علي الفضائيات.. وهو ما يؤكد أن حجم التآمر علي الإسلام الحنيف بدأ يتحور من مجادلات وحوار عبر مؤسسات ورموز ثقافية ودينية.. إلي مستنقع إرهابي يعمق الاحتقان والفتنة بين الأديان السماوية لأبناء الوطن الواحد. 2 وامتداداً لما سبق.. يهدف المتآمرون أيضاً إلي أن يكون ثمار عملياتهم الإرهابية ضرب استقرار دول ومجتمعات إسلامية من داخلها بمزيد من إشعال الفتنة والاحتقان بين مسلميها ومسيحييها.. وكذا العمل علي حصارها بمواقف دولية مضادة بادعاء حماية حقوق »الأقليات« والحفاظ علي أمنهم وحياتهم!! وليس أدل علي ذلك.. أن حادث كنيسة القديسين بالاسكندرية واكبه في نفس التوقيت.. الاعتداء علي كنائس بنيجيريا وتهديد لكنائس بفرنسا وتتابع الاعتداء علي كنائس بالعراق. ومن الملفت للنظر في نفس السياق.. أن تصدر تصريحات من بعض دول الاتحاد الأوروبي.. وبابا الفاتيكان عقب حادث الاسكندرية كأنما توحي بأن حماية أقباط مصر أصبحت شأناً دولياً.. وليست كما هو الواقع في أنها تحتل صدارة »الأمن القومي المصري« كما أكد الرئيس مبارك في بيانه بعد الحادث بكل حسم ووضوح. 3 أن مشاهد الالتحام بين أبناء الوطن من المسلمين والمسيحيين في مسيرات أو تجمعات غاضبة وثائرة في مواجهة حادث الاسكندرية الإرهابي تؤكد بلا شك أصالة شعب مصر بنسيجه الوطني ومسئوليته في نفس الوقت لحماية استقراره.. بينما يأتي علي النقيض من ذلك أن تتحول بعض المسيرات أو التجمعات للتعبير عن الغضب إلي »غوغائية في التعبير وموجات للتخريب«.. وهو ما يتطلب بلا شك أن يتصدي حكماء الأمة في جميع مؤسساتها العلمية والدينية والنقابية.. والمجتمع المدني.. وأجهزة الإعلام والأحزاب »أغلبية ومعارضة« لاحتواء الموقف وترشيد مظاهر الغضب حتي لا تصبح »فتنة تشق الصفوف« بل حائطاً منيعاً متماسكاً بأبناء الأمة يصد عنها مخططات أعدائها لتأكيد استقرارها. 4 وأخيراً.. فمن الأهمية لمواجهة هذا المخطط الإرهابي وحماية الوطن واستقراره.. ألا ينجذب أو يتعمد بعض الرموز السياسية أو الدينية أو الثقافية لخلط الأوراق ما بين توطيد مبدأ »المواطنة« وهو بلا شك حق دستوري وبين إثارة الجدل والشد والجذب حول مطالب طائفية يحكمها عنصر »التوقيت والحكمة والدراسة« خاصة أنها موضع اهتمام الدولة قبل حادث الاسكندرية.. ولنمتثل لقول الله عز وجل »ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن« صدق الله العظيم.