قبل أيام قليلة بدأ الحديث عن خطة الدولة والموازنة العامة للعام المالي الجديد، ومعها بدأ الحديث عن مشروعات ضخمة في مجالات مختلفة، ووفقا لتصريحات د.أشرف العربي وزير التخطيط فان الحكومة تستهدف تحقيق معدل نمو يصل الي 4٪ العام القادم...وهوما يعني ضرورة توفير التمويل اللازم لتحقيق تلك الاهداف ورغم أن جانبا من الاستثمارات تأمل الحكومة في تدبيره بجذب استثمارات اجنبية، إلا أن العبء الاساسي في تحقيق أهداف المرحلة القادمة يقع علي عاتق البنوك... فهل يملك الجهاز المصرفي الرغبة في تمويل مشروعات التنمية أم أنه يفضل الاستثمار في أذون الخزانة؟ وإذا كانت لديه الرغبة فهل يملك القدرة علي تحقيقها أم ان ما يتردد عن زيادة حالات التعثر سيكون عائقا يحد من قدراته؟ "الجهاز المصرفي قوي ومستعد لتمويل مشروعات التنمية... بشرط الهدوء وتحقيق التوافق السياسي" يمكن القول إن هذا هو ما أكده رؤساء البنوك سواء منهم البنوك العامة اوالخاصة اوحتي البنوك الاجنبية العاملة في السوق المحلي، فهناك شبه اجماع بينهم علي أن البنوك العاملة في السوق المحلي جميعها الآن متوافق مع المعايير العالمية للعمل المصرفي »مقررات بازل2 « وقادر علي تطبيق أقصي المعايير والمتمثلة في بازل 3، وان اختبارات التحمل التي يجريها البنك المركزي وتجريها البنوك أظهرت بوضوح قوة ومتانة الجهاز المصرفي، محمد بركات رئيس بنك مصر ورئيس اتحاد المصارف العربية يقول إن الارقام تعكس قوة وملاءة الجهاز المصرفي فعلي سبيل المثال تضاعف حجم اصول البنوك من 615 مليار جنيه في عام 2003 وهي بداية الاصلاح المصرفي لتصل إلي تريليون و360 مليار جنيه في نهاية 2012، بالاضافة الي ارتفاع حقوق المساهمين في البنوك من 30 مليار جنيه الي 97 مليار جنيه خلال نفس الفترة، كذلك ارتفعت ارباح البنوك لتصل الي ستة اضعاف ما كانت عليه قبل الاصلاح حيث كانت تبلغ 2 مليار جنيه وقد بلغت الان 14 مليار جنيه. كما ارتفع نشاط البنوك وما تقدمه من خدمات، ومن أمثلة ذلك ارتفاع حجم القروض الممنوحة للقطاع العائلي من 33 مليار جنيه الي 112 مليار جنيه وارتفاع اجمالي الائتمان من 266 مليار جنيه الي 5061 مليار جنيه وغيرها من خدمات التمويل العقاري وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ، ويدعو بركات إلي ضرورة العودة للعمل والإنتاج للنهوض بالاقتصاد والحفاظ علي قوة الجهاز المصرفي وعدم الاعتماد علي المساعدات فقط لان الاعتماد عليها يجب ان يكون لفترة مؤقتة. التنبؤ بالخطر أما منير الزاهد رئيس بنك القاهرة فيؤكد أن القطاع المصرفي هو من أفضل القطاعات أداء في الدولة ويرجع الفضل في ذلك الي عملية الاصلاح المصرفي الشامل التي بدأت منذ عام 2003، ويستبعد تماما أن تواجه البنوك تحديات نتيجة ما تواجهه بعض القطاعات من عقبات تزيد من حالات التعثر فيها مشيرا لان البنوك جميعا تطبق افضل النظم المحاسبية وانها حاليا تخطت مرحلة تغطية المخاطر بعد حدوثها وبدأت في التنبؤ بالمخاطر وتوفير غطاء احترازي لاي مخاطر متوقعة، ويري الزاهد أن البنوك الآن لا تحتاج الي زيادة رءوس أموالها لأن معدل كفاية رأس المال الذي تتطلبه بازل 2 هو8٪ بينما يشترط البنك المركزي معدل كفاية 10٪ والواقع ان البنوك محققة معدل كفاية 14٪ وهوأعلي من المتطلبات الدولية ويضيف قائلا ان البنوك تسعي لزيادة رءوس الاموال عندما تكون أمامها مخاطر لا تستطيع مواجهتها وهذا غير حاصل حاليا فنسبة تغطية التعثر النقدية تقدر ب98٪ بالاضافة للضمانات العينية، ويرفض رئيس بنك القاهرة ما يثار عن أن الاكتتاب في اذون الخزانة النشاط الاساسي للبنوك، ويقول لا شك ان البنوك تقوم بها بشكل اختياري لتلبية احتياجات الدولة وهي من المؤكد ستكون حالة مؤقتة، وبمجرد إعادة هيكلة الموازنة العامة سينخفض لجوء الحكومة للبنوك ويقل الاكتتاب في اذون الخزانة. إدارات متخصصة هشام عكاشة القائم بأعمال رئيس البنك الاهلي يؤكد علي جانب آخر من جوانب قوة الجهاز المصرفي بالرجوع لنشاطه عبر سنوات ماضية، ويقول ان الجهاز المصرفي المصري يشهد له تاريخه ومنهجيته منذ القدم بالحفاظ علي اموال المودعين، ويذكر حادثة افلاس بنك الاعتماد والتجارة والذي تعرض مودعوه في جميع الدول للافلاس ما عدا مصر لان سياسة البنك المركزي المصري تقوم علي حماية وضمان اموال المودعين، وتكرر الامر في المرحلة الاولي من الاصلاح المصرفي عندما واجهت ثلاثة بنوك مشاكل كبري وتم دمجها وتاسيس بنك المصرف المتحد الذي يملكه البنك المركزي وقد ضمن ودائع العملاء وتمكن من تجاوز تلك الازمة بنجاح، يضيف عكاشة ان البنوك الي جانب تطبيقها بازل 2 عملت ايضا علي انشاء ادارات متخصصة للتعامل مع القطاعات المختلفة بما يناسبها، ولاجراء الدراسات المناسبة والتأكد من سلامة التمويل المتاح والحفاظ علي أموال المودعين، وهو ما يجعلها مستعدة لمواجهة المرحلة القادمة ومساندة من يحتاج لمساندة من عملائها إلي جانب تمويل المشروعات الجديدة. قرارات جريئة من جانبه اكد محمد أوزالب العضوالمنتدب والرئيس التنفيذي لبنك بلوم أن قوة الجهاز المصرفي لا شك فيها ولكن لابد أن يكون المناخ السياسي والاقتصادي مهيأ لتوسع البنوك في عملها فالبنوك لا تستطيع وحدها أن تحدث معجزة مشيرا لان المرحلة الحالية تحتاج قرارات جريئة وافكارا غير تقليدية ويضيف ان البنوك لديها المتانة والقوة والإمكانيات لتقيم المشروعات المختلفة والسيولة اللازمة للتمويل وهي مستعدة لتلبية الطلبات الجادة والجيدة للاستثمار المهم هو ان تستقر الامور ويعود الطلب علي الاقتراض لمستوياته الطبيعية.