ربما هذه هي المرة الاولي التي يضاهي فيها الاهتمام والحديث عن الاقتصاد في الشارع الحديث عن السياسة ان لم يكن يطغي عليه منذ ثورة يناير , والسبب شائعات, وان استندت علي بعض المؤشرات الاقتصادية التي شهدت تراجعا او بتعبير البنك المركزي وصلت الي الحد الحرج مثل الاحتياطي من النقد الاجنبي الذي انخفض الي15 مليار دولار, وان كانت غالبية الشائعات في الحقيقة لا تستند الي واقع وبعيدة عن الحقيقة, وربما كان ابرزها افلاس مصر واستيلاء الحكومة علي جزء من الودائع والمدخرات المصرفية في البنوك, مما دفع بعض المودعين الي التدافع علي البنوك لسحب ودائعهم وشخصيا فوجئت باتصال من احد كبار الصحفيين: يسال هل صحيح ما يتردد من شائعات حول الاستيلاء علي الودائع المصرفية؟, وكانت الاجابة بالنفي, ولكنه اعاد السئوال من جديد مؤكدا ان الموضوع يهمه شخصيا بسبب قلقه علي مكافأة نهاية الخدمة التي وضعها في احد البنوك ولا يملك من الدنيا غيرها, وبكل صراحة قلت له بالتاكيد هذا الامر غير صحيح ولايمكن تصوره علي الاطلاق.. البنك المركزي اعاد للمودعين اموالهم بعد انهيار بنك الاعتماد والتجارة في بداية التسعينات, ما بالك الان ولدينا بكل امانة جهاز مصرفي قوي, وبنك مركزي والمؤسسات الدولية لاتكف منذ سنوات وخاصة مع الازمة المالية بالاشادة بدوره والسياسة النقدية التي ينتهجها. لم تمض سوي ايام قليلة, واعلن البنك المركزي عن نظام المزايدة او اف اكس اوكشنز الذي قاد الدولار الي ارتفاع ملموس امام الجنيه, والذي اعتبره مصرفيون كبار انه خطوة علي طريق تحرير سعر الصرف والقضاء علي المضاربات والحفاظ علي الاحتياطي, وفسر بعضهم قيادة المركزي لارتفاع سعر الدولار امام الجنيه بالخطوة الاستباقية لتوجيه ضربة قوية للمضاربات, والتدافع لاكتناز الدولار. ازاء هذه التطورات المتلاحقة, يكتسب الحوار مع احد القيادات المصرفية المهمة اهميته, حيث يبدد منير الزاهد رئيس بنك القاهرة كل هذه الشائعات بالارقام, مؤكدا قوة ومتانة الجهاز المصرفي وانه عصب الاقتصاد الذي يساند الاقتصاد علي مدي عاميين من مخاطر كبيرة, ولايزال يمثل اقوي القطاعات ويطبق معايير بازل2, التي امتنعت كثير من الدول عن تطبيقها ومنها الصين واندونيسيا وباكستان, وفيما يلي نص الحوار: كيف تفسر القلق الذي دفع بعض المودعين الي التكالب علي البنوك لسحب ودائعهم خلال الاسبوع الماضي ؟ لا ادري في الحقيقة سببا علي الاطلاق خاصة ان كل المؤشرات تؤكد قوة وجدارة الجهاز المصرفي, فالقطاع المصرفي انجح القطاعات الاقتصادية والمؤسسات التي تطبق المعايير العالمية, حيث حقق17 مليار جنيه ارباح العام الماضي ودفع8 مليارات جنيه ضرائب للدولة, كما ان حجم السيولة بالقطاع المصرفي مطمئن جدا, حيث تصل نسبة القروض الي الودائع50% مقارنة بنحو75% في الدول الاوروبية, وبالتالي فليس هناك ما يقلق علي الاطلاق لان السيولة متوفرة والودائع مستقرة وآمنة. اضافة الي ذلك فان معدل كفاية رأس المال تصل الي14% من اجمالي المركز المالي للبنوك وهي نسبة عالية جدا مقارنة ب8% المعدل العالمي وفق معايير ومقررات بازل2, وارتفاع معدل كفاية راس المال لحقوق الملكية يعني بكل وضوح الجدارة والمتانة للجهاز المصرفي, خاصة ان البنك المركزي طلب من جميع البنوك منذ سنوات رفع معدل كفاية رأس المال الي10% علي الاقل رغم ان مقررات بازل2 تصل الي8%, والتي بدا البنك المركزي تطبيقها منذ امس الاول وتم التجهيز لها علي مدي30 شهرا. ولكن هل فعلا هناك ارتفاع المخاطر كما اشيع بالنسبة للديون المتعثرة وتحويل بعض البنوك جانب من المخصصات الي ارباح ؟ بالتأكيد هذا امر غير صحيح وبعيد عن الحقيقة لان نسبة التعثر تراجدعت بشكل كبير جدال حيث كانت40% منذ10 سنوات باجمالي130 مليار جنيه ولم يكن يقابلها مخصصات وفوق ذلك كانت اجمالي حقوق الملكية لكافة البنوك التجارية تصل الي30 مليار جنيه, اي ان نسبة التعثر كانت تفوق4 اضعاف حقوق الملكية, ولكن الوضع تغير تماما الان فنسبة التعثر لا تتجاوز10% فقط, يقابلها مخصصات تصل الي96% بخلاف الضمانات ووسائل السداد الاخري, وقفز اجمالي حقوق الملكية في البنوك التجارية الي95 مليار جنيه, هذا اذن اكبر دليل علي قوة الجهاز المصرفي. ولعلي اشير هنا الي ان ارباح بنك القاهرة مثلا قد قفزت الي850 مليون جنيه مقابل40 مليون فقط العام الماضي, كما ان نسبة التعثر فقط1% وهي في مجال التجزئة المصرفية كلها ويقابلها مخصصات بالكامل. طالما الأمر كذلك فالماذا يصدق الناس هذه الشائعات ؟ علي كل حال اتمني ان تصل الرسالة بوضوح الي الناس خاصة المودعين.. مدخراتكم في امان والجهاز المصرفي قوي ومتين ويساند الاقتصاد القومي منذ الثورة, ويجب ان نحافظ علي قوته ولا ننساق وراء الشائعات التي قد تكون مغرضة للنيل من الجهاز الذي يحمي الاقتصاد ويمثل عصب التنمية. وربما كان من المفيد الاشارة هنا الي عمليات الاستحواذ التي تم الاعلان عنها في قطاع البنوك خلال االاسابيع الماضية من جانب بنوك اقليمية كبري, هل كان من الممكن ان تتم هذا العمليات ما لم يكن الجهاز المصرفي يتمتع بالاستقرار والمتانة ويمتلك فرصا قوية للنمو, ويطبق المعايير المصرفية العالمية. انخفاض سعر الجنيه امام الدولار وباقي العملات بعد تطبيق البنك المركزي لنظام المزايدة الجديد او الاف اكس اوكشنز, فهل سيستمر الاتجاه الهبوطي للجنيه في ظل انخفاض الاحتياطي الاجنبي ؟ بداية فان الآلية الجديدة التي بدأ البنك المركزي تطبيقها تم تطبيقها في دول عديدة وحققت نجاح فيما يتعلق بالقضاء علي المضاربات, وحمت الاحتياطي الاجنبي من التآكل ومنها البرازيل والمكسيك, كما ان هذه الالية ستلبي الاحتياجات الفعلية للاقتصاد من استيراد لمستلزمات الانتاج و السلع الوسيطة واستيراد السلع الغذائية, ولاشك انه يمثل خطوة علي طريق التعويم والسوق الحرة وفق العرض والطلب الحقيقي, ولا يجب الحكم علي هذا النظام الا بعد وقت كاف من التطبيق. هل ستستقر سوق الصرف ويستقر سعر الجنيه بعد فترة ؟ بالتاكيد يتوقع ان يحدث ذلك بعد فترة لان التطبيق حاليا بمثابة التجريبي ولايزال الطلب اكثر من الحقيقي لان المضاربات لن تنتهي بين يوم وليلة ولكن مؤكد انها ستتواري بعد فترة كما ان قرار رئيس الجمهورية بالحد الاقصي للراكب من الدولارات سواء للداخل او الخارج ب10 الاف دولار سيسهم في غل المضاربات, الي جانب ان هذه الالية الجديدة لم تلغ الانتربنك وهي الالية المهمة التي بدأ تطبيقها منذ2005 وساهمت في استقرار وتنظيم سوق الصرف الي الحد الذي حافظ فيه الجنيه علي قيمته امام باقي العملات علي مدي عاميين كامليين منذ الثورة رغم تراتجع مؤشرات الاقتصاد بدرجة كبيرة, وبلغ حجم الاستخدامات من جانب البنك المركزي35 مليار دولار منها14 مليار لاستيراد السلع الاساسية و8 مليارات دولار لسداد اقساط الدين الخاجي. هناك مخاطر حقيقية في رأي بعض المراقبين من تزايد الدولرة مالم يتوقف انخفاض قيمة الجنيه ؟ لست مع هذا الرأي ولا اري مايدعو للقلق, ولا الجنيه تراكمية بل مطردة اي صعود وهبوط اتوقع ان تكون الزيادة في قيمة الدولار امام وفق اليات السوق كما ان هذا الامر لن يستمر طويلا في ظل سعي الحكومة الي اتخاذ مزيد من التدابير والاجراءات الاصلاحية, وانتهز الفرصة لكي اطالب الجميع بضرورة مساندة جهود الحومة في المضي قدما في تنفيذ هذه الاجراءات لانها الحل لتجاوز الصعوبات الراهنة خاص وان الحكومة اعلنت ان الاجراءات لن تؤثر سلبا علي اصحاب الدخول المحدودة. اضافة الي ذلك فان ما يطمئن في هذا الصدد هو ان القيمة الادخارية للجنيه لاتزال اكبر من الدولار او اي عملة اجنبية اخري ويمكن حسابها علي مدي5 سنوات حيث بلغ متوسط سعر الفائدة علي الجنيه خلال هذه الفترة10% في المقابل حتي لو حسبنا ارتفاع الدولار امام الجنيه من550 قرشا للجنيه ورغم ارتفاعه الي هذا المستوي650 قرشا وباخذ متوسط سعر الفائدة عليه2%, فان القيمة الادخارية للجنيه تتفوق كثيرا وتحقق لصاحبها عائد مجزي, وكذلك الحال في حالة حساب القيمة الادخارية خلال فترة العامين منذ الثورة لانه حتي يصل الامر الي القيمة التعادلية يتطلب وصول الدولار الي695 قرش, ولاتزال القيمة الادخارية للجنيه آ منة ولا اتوقع ان تستمر ظاهرة الدولرة, كما اتوقع ان يتكبد المضاربون خسائر فادحة خلال الفترة المقبلة, لان لدينا مصادر متنوعة لموارد النقد الاجنبي ستزيد ايراداتها عقب تحرك الاقتصاد خاصة من السياحة وتحويلات العاملين بالخارج. ما هي توقعاتك لسعر الصرف خلال الفترة المقبلة ؟ الاستقرار, ومن المهم ان نشير الي ان المشكلة التي تواجه الاقتصاد حاليا اننا نستهلك اكثر مما ننتج, كما ان المشكلات الاساسية بعيدة عن الجهاز المصرفي وهي تفاقم عجز الموازنة العامة وارتفاع اجمالي الدين العام المحلي, واعتقد ان الاجراءات التي اعلنت الحكومة عن تنفيذها كفيلة بتجاوز هذه الصعوبات وتحتاج للمساندة.