ينظر الفرنسيون إلي الزعيم الفرنسي الراحل شارل ديجول علي أنه الأب الروحي للجمهورية الفرنسة الخامسة، ويرجع الكثير من الفرنسيين الفضل إليه في استقلال بلادهم ، ويقولون أنه هو الذي أخرج فرنسا من المقبرة ولكنه في نفس الوقت أعطي درساً في كيفية حكم الشعوب ، ففي 24 مارس عام 1968 أعلن ديجول عن استفتاء حول جملة من الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والجامعية بعد أن عمت شوارع فرنسا المظاهرات التي تطالب بإصلاحات، ثم أجل ديجول موعد الاستفتاء الي يوم 27 ابريل 1969 بناء علي اقتراح من رئيس وزرائه (جورج بومبيدو) لمصادفة الموعد الأول مع الانتخابات النيابية، وقد صرح ديجول بأنه في حالة عدم موافقة الاكثرية من الشعب علي اصلاحاته فإنه سوف يستقيل، فظن الكثيرون ان تلك التصريحات غير حقيقية والمراد منها في حقيقة الامر كسب عواطف الشعب الفرنسي لقبول اقتراحاته الإصلاحية ، تم إجراء الاستفتاء في الموعد المحدد وكانت نتيجته المفاجأة أن 52٪ من الشعب الفرنسي رفضوها بينما وافق عليها 48٪ وبعد عشر دقائق بعد منتصف تلك الليلة صدر بيان موجز عن ديجول سمعه الفرنسيون والعالم وجاء فيه حرفياً: "أعلن توقفي عن ممارسة مهامي كرئيس للجمهورية، ويصبح هذا القرار نافذا عند ظهر اليوم" .. وترك ديجول حياة القصور وذهب إلي قريته الصغيرة ليقضي سنته الاخيرة حيث توفي في السنة التالية بعد عمر ناهز الثمانين، وقد ترك وصيتين ، الاولي: ألا يحضر جنازته رؤساء ولا وزراء ولا سياسيون ، والثانية: ألا يُحفر علي قبره إلا ما يلي :"شارل ديجول 1890-1970". رحل شارل ديجول ولكنه ظل بالنسبة لفرنسا وإلي اليوم زعيماً تاريخياً ،كان هو المسيطر علي كل شئ ، ولكنه عندما شعر بأن عليه اتخاذ القرار الصعب استجاب لرغبة الشعب وترك عرش فرنسا.. وهنا لا أطالب الرئيس محمد مرسي بأن يرحل ، ولكنني أطلب منه أن يتخذ قرارت تاريخية تضعه في مصاف الزعماء الذين يخلدهم التاريخ ، خاصة أن مصر الآن ليست بحاجة إلي مجرد رئيس يؤدي مهام يومية ، ولكنها بحاجة إلي زعيم لديه رؤية يستطيع من خلالها تحديد المشاكل التي تواجه دولته ، ولديه قدرة علي اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة تنقذ البلاد من الهاوية التي توشك أن تقع فيها سيادة الرئيس .. أمامك فرصة ذهبية لتصبح زعيماً تاريخياً لدولة ولدت من جديد بعد ثورة ، ولن يتحقق هذا إلا بالتوافق الوطني وحشد الشعب خلفك ، أو أن تظل مجرد رئيس جلس علي عرش البلاد لسنوات!!