د . عمر سالم - مجدى شرف - د . محمد ميرغنى - احمد الخطيب منذ ايام قليلة ماضية أعلن وزير العدل المستشار أحمد مكي عن إعداده لقانون جديد للطوارئ يهدف الي إعادة الامن للشارع المصري.. وهو ما أعاد الي الاذهان قانون الطوارئ الذي انهي المجلس العسكري العمل به بعد 03 عاما، عاني فيها الشعب المصري من ويلات الطواريء بحجة حماية الامن القومي وهو ما جعل الكثير من السياسيين والقانونيين والحقوقيين يعربون عن مخاوفهم من أن يتحول قانون مكي الي عودة جديدة لعهد التقييد علي الحريات وتكميم الافواه وفرض القيود علي الخصوم السياسيين، ورغم تأكيدات المستشار مكي بأن هدف القانون عودة الامن ومواجهة اعمال البلطجة الا ان المخاوف مازالت قائمة. »أخبار اليوم« في التحقيق التالي تطرح القضية للنقاش. بداية يري الدكتور عاطف البنا استاذ القانون الدستوري اننا في حاجة فعلا الي قانون طوارئ يطبق علي المجرمين والإرهابيين، وعدم استمرار حالة الطوارئ لمدة اكثر من ستة اشهر إلا باستفتاء شعبي ضمانة غير مسبوقة لعدم استمرار حالة الطوارئ . قانون تكميم الافواه وعلي عكس هذا الرأي تماما المستشار مجدي شرف المحامي امام محكمتي النقض والدستورية العليا، مؤكدا ان عودة قانون الطواريء مجددا هو انتكاسة لثورة 52 يناير التي قامت اساسا لترسيخ قواعد العدالة والانصاف واستعادة سيادة القوانين الشرعية التي ضاعت واحترام حقوق الانسان التي اهدرت بسبب قانون الطوارئ الذي ابتدعته ثورة 2591 ليحكمنا باستمرار منذ 45 عاما.، وكان غرضه الاساسي في كل عصر تضييق الخناق علي المعارضين للنظام وأولهم جماعة الاخوان المسلمين الذين زج بأكثريتهم في السجون مع مواطنين اخرين لم يرتكبوا اية جريمة سوي انهم لم يسيروا في ركاب الحاكم وحاشيته.. وكان من اثار التطبيق المتوالي لهذا القانون البغيض سنوات طويلة أن كممت الافواه ولم يأمن المواطن علي نفسه ولا علي ماله وضاعت الحريات فاندلعت ثورة 52 يناير التي من مطالبها الاساسية الغاء قانون الطواريء.. فهل يعقل بعد كل ذلك ان نسترجعه من جديد.
نفس المبرارات ويرفض عودة قانون الطواريء ايضا حزب الاصالة الاسلامي الذي يعلن علي لسان رئيسه اللواء دكتور عادل عبدالمقصود عفيفي عضو مجلس الشعب السابق ان الاسباب التي قيلت لتبرير عودة هذا القانون الذي يعصف بالحريات وينتهك حقوق المواطن هي نفسها التي كان يسوقها النظام السابق في كل مرة طوال 53 عاما ليمدد العمل بحالة الطواريء ويطبق قانونها . ويضيف: نحن لا نحتاج لقانون طواريء وانما نحتاج لتطبيق سليم لقانون شرعي ونؤكد ان قانون الطواريء يطبق فقط عند وجود كوارث أو احداث خطيرة تهدد وجود الدولة . نصدق قول الوزير وينبه الدكتور صلاح فوزي رئيس قسم القانون الدستوري بجامعة المنصورة الي ان قانون الطواريء لا يطبق الا اذا اعلنت حالة الطواريء الذي أعطي لرئيس الجمهورية سلطات واسعة لاتخاذ التدابير المناسبة لمواجهة هذه الحالة دون تحديد ما هي هذه التدابير. ويجب تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية المشار اليها، وان يكون للمواطن المقبوض عليه بموجب الاشتباه حق الطعن القضائي وطلب وقف قرار اعتقاله. ويتم الفصل في ذلك خلال 84 ساعة فقط من الاعتقال ونطلب ان تلغي من مواد القانون المقترح للطواريء مراقبة الرسائل والصحف ومصادرتها واقفال المطابع لان ذلك يمثل اعتداء صارخا علي الحرية »العمدة« للحريات المعنوية للمواطنين وهي حرية الرأي . واخيرا يجب ان نعلن صراحة ان القول بما يتم الان هو توجه لاعلان حالة الطواريء هو قول لانظنه صحيحا لان المستشار احمد مكي اكد ان هذه تعديلات يعتزم ادخالها علي قانون الطواريء السابق سييء السمعة ليضاهي القوانين العصرية في الدول الديمقراطية ونحن نصدق الوزير. في حاجة اليه أما الدكتور محمد ميرغني خيري استاذ القانون العام بحقوق عين شمس فيقول.. قانون الطواريء هو شر لابد منه ونحن في حاجة اليه في الظروف الحالية حتي تعبرها بلدنا علي خير و وقاية الدولة وحفظ سلطنها هو الكفيل باستمرار الحريات والمهم الا تطول فترة هذا القانون . ليس خطرا ويؤكد الوزير السابق الدكتور عمر محمد سالم استاذ القانون الجنائي بحقوق جامعة القاهرة ان وجود قانون للطواريء ليس خطرا في ذاته ايا كانت الاجراءات الاستثنائية التي استوجبته طالما انه لا يساء تطبيقه، وطالما لم تعلن حالة الطواريء في غير موجباتها، وطالما يخضع المطبق عليهم هذا القانون لرقابة القضاء العادي ولا يحالون لغيره. وطالما استمرت حالة الطواريء مؤقتةه حتي زوال الظروف الاستثنائية التي اوجبتها دون تمديدها بلا حاجة اليها، رافضا الاحالة للقضاء العسكري بنص في قانون الطواريء لانه قضاء استثنائي لا تنطبق عليه معايير وضمانات القضاء العادي. وتقول د. فوزية عبدالستار استاذ القانون الدستوري كقاعدة عامة من الافضل عدم وجود قوانين استثنائية أو قانون طواريء الا ان انتشار الجرائم بصورة غير مسبوقة واتجاه البعض الي القصاص الشعبي دون اللجوء الي القانون زاد من مخاوف فقدان مقومات الدولة وهو ما دفع التفكير في وضع هذا القانون مؤكدة ان هناك العديد من المحاذير يجب مراعاتها عند تطبيقه مثل التحديد بشكل دقيق للجرائم التي يطبق عليها القانون، وان يقتصر ذلك علي الجرائم الخطيرة، التي تهدد وجود الدولة والامن العام ومراعاة الا يستغل للتنكيل بالخصوم السياسيين . وينبغي مراعاة ان يتم الافراج عن المعتقل اذا صدر حكم نهائي. النيابة العامة ويقول المستشار احمد الخطيب رئيس محكمة استئناف الاسكندرية انه يتعين ان يبتعد هذا القانون عن كل ثغرات قانون الطواريء الماضي ويتلافي النقاط التي فتحت الطريق علي مصراعيه امام انتهاكات بعض رجال الداخلية في العهد السابق ومهدت لهم ارتكاب جرائم التعذيب والاعتداء علي حريات الاخرين والانتقام منهم لذلك لابد ان يتضمن هذا القانون ضرورة عرض ما يتم من اجراءات علي النيابة العامة فور اتخاذها مباشرة . رقابة ويوضح القاضي محمد ابراهيم ان مناطق العوار في القانون السابق كانت تتمثل في عدم خضوع اجراءاته لرقابة سابقة أو رقابة لاحقة عليها من القضاء وهو ما جعل المجال مفتوحا للعبث والانتهاك الا ان مشروع القانون الحالي سيخضع لرقابة لاحقة تتمثل في نوعين الرقابة المشروعية والتي تضمن شرعية الاجراء الذي تم اتخاذه وما ترتب عليه بعد ذلك ورقابة التعويض متمثلة في اعطاء المواطن الذي يتم اعتقاله حق رفع دعوي تعويضية علي الدولة في حال ثبوت اتخاذ اجراءات تعسفية ضده . أما المستشار محمد داود القصاص رئيس محكمة استئناف الاقصر فأكد اهمية مشروع قانون الطواريء الجديد وانه اصبح مطلبا لا مفر منه في ظل حالة الانفلات الامني الذي يعيشه الشارع المصري.. مؤكدا انه يجب ان نعترف بعجز اجهزة الدولة عن مواجهة هذا الانفلات بعيدا عن قانون الطواريء وانه علي المواطن عدم الخلط بين القانون وتطبيقه لان القانون الجديد سيتضمن اليات محاسبة القائمين علي التنفيذ في حالة التجاوز أو الخطأ المتعمد. بينما يقول المستشار جمال رمضان رئيس محكمة استئناف القاهرة: انا ضد مشروع قانون الطواريء فنحن علي اعتاب عصر جديد يقوم علي الديمقراطية وقانون الطواريء يعد شكلا من اشكال الظلم لا نحتاجه. مؤكدا ان قانون العقوبات في حال تطبيقه قادر علي تحقيق الاهداف التي تقف وراء تقديم قانون الطواريء.