التحديات التشريعية وعدم تفعيل قانون تأجير التمويلي وعدم توافر إطار قانوني محفز للتكامل بين المشروعات الكبيرة والصغيرة أكثر ما أسعدني في خطاب الرئيس السيسي هو حديثه مع طارق عامر محافظ البنك المركزي وهو رجل بنوك نجح في اكثر من موقع مما اهله عن جدارة لتولي هذا المنصب.. فنحن نعاني من ازمة دولار ضغطت علي الاحتياطي النقدي ورفعت الاسعار وسببت ازمة اقتصادية كبيرة..وهي ليست المرة الاولي التي نعاني فيها مثل هذه الأزمة.. واتذكر ان هذه المشكلة حدثت ايام الدكتور عاطف عبيد عام 2003 وانني قمت بحملة عن الغاء قرار مستندات التحصيل، والتعامل بالائتمان النقدي بدلا منها.. بمعني أن من كان يستورد من الخارج كان يضع مستندا للتحصيل بدلا من النقود..فاذا كانت هناك شركة مصرية تتعامل مع اجنبية.. وهناك ثقة بينهما فتضع المصرية ثمن البضائع بمستندات يتم تحصيلها بعد البيع.. وفجأة قرر رئيس البنك المركزي الغاء هذه المستندات وطلب وضع ائتمان بالدولار بدلا منها..فحدث ضغط علي الدولار وارتفع ارتفاعا جنونيا..وتدخل الرئيس وقت ذاك وألغي القرار بنفسه وتراجع سعر الدولار جنيهين مرة واحدة.. وحصلت علي جائزة التفوق الصحفي عن هذه الحملة. وكأن الأيام تعيد نفسها مرة ثانية فالضغط علي الدولار عاد من جديد واسعاره كل يوم في ارتفاع.. وأعتقد أن المشروعات الصغيرة والمغذية، وعمل كيانات اقتصادية كبري تجمعها هو واحد من الحلول المهمة..فالمصنعون الكبار يستوردون الصناعات المغذية من الخارج.. مما يسبب طلبا كبيرا علي الدولار وهذا لا يحدث في أي دولة في العالم.. فكل الدول الصناعية الكبري لديها مدن متخصصة في صناعات معينة مغذية للصناعات الكبيرة..مثلا نجد صناعة السيراميك في ايطاليا.. يتبعها مدن متخصصة في الصناعات المغذية لها.. مدينة دوتيرويت في امريكا متخصصة في صناعات الطائرات ولديها صناعات مغذية لها.. مدينة شتوجارت في المانيا متخصصة في صناعة السيارات ولديها الصناعات المغذية لها وهكذا في العالم كله. ونحن في مصر لدينا مثلا محافظة دمياط متخصصة في الاثاث والفيوم في الحرير ومدينة المحلة في الغزل والنسيج والدقهلية في صناعة الجبن ومنتجات الالبان.. وهكذا كل محافظة لها تخصص انتاجي ويجب أن تكون بها صناعات مغذية للصناعة الكبيرة التي تقوم عليها المحافظة.. وقد أوصي تقرير قدمه رجل الاعمال محمد أبو العينين وكان رئيسا للجنة الصناعة في مجلس الشعب عام 2009 بذلك، وحدد 13 تحديا رئيسيا تواجهه تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة.. كان اولها صعوبة الحصول علي التمويل المصرفي وضعف الحجم المتاح من القروض وعدم توافر شبكة من تجار الجملة أو الشركات الكبري لشراء منتجات هذه المشروعات وصعوبة الدخول في المناقصات الحكومية وضعف الروابط مع المشروعات الكبيرة وعدم وجود كيان كبير يقوم بتصدير منتجات هذه المشروعات. بالاضافة إلي افتقار غالبية هذه المشروعات للمهارات الأساسية في الإدارة والمحاسبة وحاجة العمالة فيها إلي برامج للتأمينات والمعاشات وعدم وجود كيان مؤسسي يجمع المشروعات الصغيرة في إطار واحد. ضعف كفاية مساحات الأراضي المجهزة بالمرافق لإقامة هذه المشروعات أو بعد المناطق الصناعية عن المدن وارتفاع أسعار الأراضي. تعدد الجهات العاملة مع المشروعات الصغيرة. كثير من المشروعات الصغيرة غير مسجلة رسميا نظرا لأن المباني المقام فيها تلك المشروعات ليست مسجلة. التحديات التشريعية وعدم تفعيل قانون تأجير التمويلي وعدم توافر إطار قانوني محفز للتكامل بين المشروعات الكبيرة والصغيرة ومع الاسف لم تنفذ الحكومات المتعاقبة هذه التوصيات. وقد وضع الرئيس عبد الفتاح السيسي يده علي حل الازمة عندما أوقف عامر بعد انتهاء كلمته بخصوص تمويل البنوك للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وطلب منه الانتظار وعدم العودة إلي مقعده لأهمية الموضوع، ثم تحدث مطالبًا الحكومة بالتنسيق مع البنك المركزي لتنفيذ مشروعات الشباب وتخصيص أماكن لهم في المناطق الصناعية وبناء كيانات اقتصادية كبيرة، وتوفير جميع المعدات اللازمة لتوفير البيئة المناسبة للشاب من أجل نجاح مشروعه وتنظيم العلاقة بين البنك والشاب الذي سيتقدم بطلب لمنحه قرضا، وتوضيح ما سيتم عمله في المنطقة الصناعية سواء من إقامة مشروعات للغزل والنسيج أوغيرها من المشروعات الصغيرة. وأن تكون هذه المشروعات تحت سيطرة الدولة في التشكيل والبناء وليس في الإدارة، بحيث يدخل الشاب المكان فيجد فيه مركزا للتأهيل ومستشفي صغيرا، الرئيس يعرف اهمية هذه المشروعات لذلك حذر بأننا إذا لم نقم بذلك فسنحتاج نحو 30 عاما ولن نستطع مواكبة الدول التي سبقتنا.. اتمني وضع برنامج منظم يشجع علي توطين الصناعات في كل محافظات مصر وأن تتم متابعة المشروع بدءا من الدراسة وحتي تسويق المنتج فهذه هي بوابة الأمل للاقتصاد المصري ولشباب مصر.. وهذا هو الوقت الذي نحتاج فيه ان نري هذه القرارات مفعلة علي ارض الواقع.