لاشك أن للأزمة الأخيرة التي أطاحت بأكبر المؤسسات المالية والمصرفية العالمية تأثيرات عديدة علي الاقتصاد المصري منها سلبي يتمثل في تراجع حجم الصادرات والسياحة وتحويلات المصريين بالخارج وتأثير ايجابي آخر قد يسهم في تغير مفهوم الائتمان لدي البنوك في ظل توجه الحكومة للتركيز علي المشروعات المغذية والمتوسطة. من المتعارف عليه ان الاقراض قائم علي تضمين ضمانات مقدمة من العميل للمشروع بدراسة جدوي وسابقة أعمال للعميل تقدم للبنك للحصول علي حقوقه في حالة تعثر العميل وهو مالا يتوافر في مشروعات الشباب. وفي التحقيق التالي الخبراء ورجال الأعمال أيدوا الاتجاه لتمويل مشروعات الشباب وفقاً لضوابط يحددها البنك مع عدم الافراط في انشائها وتقديم تيسيرات حكومية تتيح لهم الاستمرار في انشائها. بداية يري عبدالرحيم حسين مدير ادارة التفتيش ببنك الاستثمار العربي أن البنوك لا تساهم الا في مشروعات منتجة وذات عائد استثماري ويمكن من خلالها الحد من نسبة البطالة ويستطرد قائلاً لكن هناك تحفظاً علي تمويل مشروعات الشباب التي ستكون معظم المشروعات الأولي لأصحابها ولذلك يجب ان يكون هناك تخطيط لانشائها خلال التنسيق بين البنوك والحكومة وأصحاب المشروعات ويتم ذلك بوضع ضوابط لتحديد المجالات والمنتجات من قبل وزارتي الاستثمار والتخطيط بالاضافة الي خلق ادارات للتسويق لمنتجاتهم مع مراعاة أن يكون سعر العائد علي القروض مناسباً مع امكانيات صاحب المشروع وحجمه فالمغالاة في سعر الفائدة بمثابة تكسير لعظام الشباب. ويشير الي أهمية وضع دراسة جدوي صحيحة للمشروع للتعرف علي حجم التدفقات النقدية المتوقعة للمشروع مع منحه مهلة للسداد خلالها ومع أهمية التحري عن صاحب المشروع فيكون من حملة المؤهلات وسيرة حسنة ويعطي المشروع كل أولوياته مستطرداً هذه المشروعات نسبة المخاطر بها عالية علي عكس مشروعات رجال الاعمال الذين لهم سابقة أعمال واصولهم ومشروعاتهم معلومة لدي البنوك والتي من خلالها تستطيع البنوك ضمان واسترداد أموالها. ويضيف قائلاً يجب اقراض مشروعات الشباب وفقاً لقواعد وضوابط يحددها البنك المركزي الذي يضع السياسات البنكية كأنما يحدد الدخول في مجالات تجارية وصناعية بنسب محددة تشجع الصناعات الصغيرة والمغذية ووفقاً لشروط تتكاتف الحكومة مع الشباب في تسويق منتجها فقد يتمكن الشاب من صناعة منتج جيد ولكن لا يمتلك القدرة علي تسويقه لذلك فلابد من تدخل جهة سيادية لتحديد المشروعات التي سيتم اقامتها حتي لاتتكرر المشروعات مما يهدد بتوقفها. خطوة علي الطريق يعتبر شريف دلاور الخبير المصرفي أن الاتجاه لتبني مشروعات الشباب هو خطوة علي الطريق الصحيح فالصناعات الصغيرة والمتوسطة هي التي تخلق صناعات قوية ويستطرد قائلاً هناك فئة من الشباب تمتلك قدرات متميزة تؤهلها لانشاء مشروعات ناجحة ولكنها تفتقد للأموال التي تمكنها من اقامتها. ويشير دلاور الي الشركات العالمية الكبري التي دخلت السوق المصري خلال الفترة الماضية بحكم اتجاه الحكومة لتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر والتي تمتلك القدرة علي خلق المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتعد بمثابة عامل ضغط علي المنتجات المحلية من خلال قيامها بخفض أسعارها نتيجة حصولها علي المنتجات بأسعار خاصة نظراً لحجم تعاملاتها المرتفعة عالمياً. ويري دلاور أهمية خلق مشروعات صغيرة ومتوسطة بأسعار تفضيلية بعد ما اثبتت الايام سوء تقدير البنوك للمشروعات الكبيرة حتي في أعتي اقتصاديات العالم ويستطرد قائلاً ولكن للأسف مازالت الشركات الكبري عامل جذب للبنوك نظراً لاسمها وقوتها التي تغري البنوك علي تمويلها بالاضافة الي قدرتها علي تذليل التعقيدات البيروقراطية بما لها من نفوذ وعلاقات قوية لا تمتلكها المشروعات الصغيرة. ويوضح أن عدم التغيير في استراتيجية التعامل مع المشروعات لن يكون هناك توازن بين الاستثمار المحلي والأجنبي من خلال طرح فكر ائتماني جديد لهذه المشروعات فضروري أن يتحمل البنك مخاطر المشروع مع العميل وتتقبل الفشل في حالة تقديم دراسة جدوي جيدة ولكن لأسباب خاصة بالسوق قد واجه خسائر ولكن لست مع التدليس أو النصب علي البنوك لذلك يجب التأكد من ادارة المشروع. التوسع لصالح الصغار ويضيف عبدالرحمن بركة رئيس مجلس ادارة بنك مصر ايران السابق ان البنوك في فترة من الفترات كانت تتنافس علي إقراض مجموعة من رجال الأعمال المعروفين لديها ولكن في الفترة الأخيرة بدأت تتوسع في اقراض المستهلكين كقروض التجزئة والسيارات والاجهزة المعمرة واكثرها استهلاكاً ويستطدر قائلاً وهذا دور البنوك ولكن دورها الأكبر هو خلق مجموعة من رجال الاعمال وهو توجه للبنك المركزي في الوقت الحالي مع عدم الافراط فيها مع الأخذ في الاعتبار المشروعات المغذية للمساهمة في التنمية فهو توجه اقتصادي. ويضيف قائلاً خلق جيل جديد من رجال الأعمال هو ضمان لاستقرار أي عملية ائتمانية والتي تعني عند أي بنك مخاطر للمشروعات المزمع تمويلها سواء كانت كبيرة أوصغيرة ويستطرد قائلاً البنك له دور اساسي وهو دراسة المشروع المقدم اليه جيداً فهو أهم ضمانة للمشروع بالاضافة الي سمعة صاحب المشروع وقدرته علي ادارة العمل والسداد ويتأكد من خلال سابقة أعماله فليس مطلوباً ضمانات عقارية. أما الدكتور ايهاب الدسوقي أستاذ الاقتصاد وادارة الأعمال بأكاديمية السادات فيري أن البنوك يجب ان تعمل وفقاً لأسس ربحية فهي ليست مؤسسة اجتماعية بل هي مؤسسة تهدف للربح ولذلك فلو أن مشروعات الشباب ستحقق ارباحاً للبنك فلا مانع من قيامها بتحويلها ولكن لو أن لها أهدافاً اجتماعية فتلك تقع علي عاتق الدولة المسئولة مباشرة عن توفير سبل التمويل كأن يتم اقامتها بهدف أساسي هو خلق فرص عمل للشباب وتحقيق الربح هدف ثاني. ويضيف البنك يجب الا يأخذ أوامر بتمويل مشروع معين، ويطالب فهد العطار عضو الغرفة المصرية المغربية بالاتحاد العام للغرف التجارية بأهمية خضوع مشروعات الشباب لدراسة صارمة حتي لا تضر بالأسواق ويستطرد قائلاً حصول رجال الأعمال علي الأموال في أيديهم سيساء التصرف فيها وتتحول لمديونيات ولذلك يجب ان تسهم الدولة من خلال البنوك بنسبة في المشروع لاتتعدي »50٪« والنسبة الباقية يتم من خلالها تدبير وتوفير مكان لممارسة نشاطه حتي يضمن البنك عدم خسارة المشروع كلياً بالاضافة الي منحه توصيات ومقترحات لمشروعه فضروري عند الاقراض بحكم الشراكة مراعاة وضع الأسس التي تعد حافزاً مستقبلياً حتي لايتعرض لانتكاسة من خلال توفير المكان. ويوضح العطار اهمية اعداد جداول في أي جهة سيادية تحدد للعميل من خلال البنوك بالنشاطات المطلوب اقامة مشروعات بها في الوقت الحالي يحتاجها السوق والتي لا يوجد بها تواجد قوي لكيانات مقامة بالفعل وحتي نضمن عدم تعرض المشروع لخسائر بالاضافة الي أن لا يكون المشروع وهمياً ويشترط خلاله تواجد صاحب المشروع بنفسه بجانب توفير المكان من خلال الحكومة وفقاً لأسلوب المشاركة والتسويق الجيد للانتاج كلها أمور تضمن عدم تلاعب العميل مع الأخذ في الأهمية تحديد مقومات رجل الأعمال الشاب والجاد من خلال دراسة جدوي جادة. ويستطرد قائلاً لو لم يتم تشغيل الشاب لمشروعه خلال فترة محددة يضعها البنك يتم سحبه فوراً وهنا يتم تحويل الدين لملكية من خلال استغلال المكان المزمع انشاء المشروع عليه من قبل الحكومة ومنحه أخري لعميل آخر. الخيار الأمثل كما يؤكد خالد الميقاتي عضو مجلس ادارة جمعية شباب رجال الأعمال ان معظم البنوك والمؤسسات المالية تشترط لتمويل أي مشروع أن يتم تقديم دراسة تفصيلية للمشروع والعائد المتوقع منها وهو يحتاج لقدرة مالية وسابقة أعمال كبيرة وتتوفر لرجال الأعمال ولكنها لا تتوافر لرجل أعمال شاب مبتدئ لذلك حين يتقدم لأي جهة تمويلية مالية يرفض مشروعه. ويري الميقاتي أن أي أزمة مالية تمر بها الأسواق غالباً ما تتخلف عنها اوضاع جديدة وفرص يجب استغلالها واهم هذه الفرص هي اتجاه الدولة لجذب الاستثمار الداخلي فهو مصحوب باستثمار قائم وثابت وبامكانه الاسهام في زيادة التنمية ولكن الاجنبي سيهدف لتحقيق جزء كبير من ارباحه لصالح السوق الخارجي. ويشير الميقاتي الي أهمية مساهمة مؤسسات المجتمع المدني والكيانات الاقتصادية في خلق مشروعات الشباب بالتعاون مع الجهات الحكومية كمركز تحديث الصناعة بالاضافة الي تقديم الحكومة لتيسيرات تضمن استمرار هذه المشروعات ويوضح الميقاتي أهمية وضع خطة تسويقية من خلال مجالس التصدير واتحاد الصناعات ويري الميقاتي أهمية استغلال النقط الايجابية للأزمة في ظل تراجع القدرة الشرائية للمواطنين الاجانب في الخارج بالتركيز علي انتاج بضائع قد تصبح تنافسية بالخارج لرخص اسعارها مع الاهتمام بجودة البضائع لضمان دخولها الاسواق واختراق الشباب لمجالات صناعية كثيرة قد تكون عاملاً مؤثراً في زيادة الانتاج.