علي الرغم من ان الصناعات الصغيرة والمتوسطة استطاعت تحقيق طفرات اقتصادية كبيرة علي المستوي العالمي واصبحت تمثل 90% من حجم الاعمال الا انها في مصر تعاني من العديد من المشكلات والعراقيل التي تسببت في تدهور احوالها وتراجع الكثير من انشطتها وتعثر نسبة لا يستهان بها من المشروعات مما يهدد ايضا استقرار وتقدم الكيانات والمصانع الكبري التي تستطيع الاستمرار والعمل خاصة مع ارتفاع اسعار المنتج المستورد مما يستوجب ضرورة البدء في الارتقاء بهذا القطاع الصناعي الذي يستطيع ان يحقق نقلة نوعية للاقتصاد والمساهمة ايضا في حل مشاكل البطالة والفقر. "المساء الاسبوعي" ناقشت الهموم والمشاكل التي تحاصر هذا القطاع الواحد مع د. بهجت الداهش رئيس لجنة الصناعات الصغيرة التي تم انشاؤها مؤخرا باتحاد الصناعات في اطار استراتيجية جديدة للنهوض بهذه المشروعات التي تشير الاحصائيات إلي ان عددها بلغ 11 مليون مشروع صغير ومتوسط. اكد . بهجت ان القطاع غير الرسمي بلغ نسبة 84% اما المنشآت الرسمية فهي حوالي 2.34 مليون منشأة وعلي الرغم من هذا العدد الكبير الا ان التحديات والعراقيل تعوق القطاع وابرز هذه المشاكل ندرة الاراضي وصعوبات التمويل والتسويق إلي جانب طول فترة اجراءات التسجيل التي تستغرق فترات زمنية قد تصل في بعض الاحيان لحوالي عام. " حققت اغلب دول العالم طفرة اقتصادية في المشروعات الصغيرة التي تمثل نحو 90% من حجم الاعمال علي مستوي العالم .. اين مصر من هذه المنظومة؟ "" طبقا للاحصائيات التي تشير إلي اننا نمتلك 11 مليون مشروع صغير ومتوسط تصل عدد المنشآت الرسمية إلي نحو 2.34 مليون منشأة أما نسبة القطاع غير الرسمي فهي حوالي 84% لكن لم تستطع تلك المشروعات تحقيق اي تقدم لوجود العديد من المشكلات التي تحاصرها منذ نشأتها وحتي يومنا هذا في الوقت الذي نجد فيه انها حققت حوالي من 40 % إلي 50% من اجمالي الناتج العالمي. "تصحيح الاوضاع" " من الملاحظ ارتفاع نسبة القطاع غير الرسمي فكيف يمكن تصحيح اوضاعه؟ "" هناك تحركات للقاء مع اصحاب المشروعات لمعرفة المشاكل والاسباب وراء عملها بعيدا عن اطار الاقتصاد الرسمي فمن المعروف ان اغلب هذه المشروعات لديه امكانات وانتاج جيد لكنه يحتاج للرعاية التي تمكنه من تصحيح اوضاعه وفي نفس الوقت هذه الصناعات تستوعب اعداداً لا بأس بها من العمالة. " ما هي اهم المشاكل التي تقف حجر عثرة امام انطلاقها؟ "" هناك مجموعة من التحديات التي تعوق هذا القطاع منها التعقيرات الخاصة باجراءات التسجيل بالاضافة إلي صعوبة وجود اماكن ومساحات مخصصة لاقامة المشروعات المطلوبة إلي جانب صعوبات في التسويق وعدم وجود المتخصصين وكذلك ضعف فرص التصدير للخارج وتظل ايضا مشكلة التمويل والاقراض من البنوك من اهم العقبات نتيجة للضمانات التي يحتاجها البنك إلي جانب غياب الدعم الفني والتدريب المهني المستمر للارتقاء بالقائمين أو العاملين في هذه المشروعات. "تحديث الصناعة" " ماذا عن دور مركز تحديث الصناعة فيما يتعلق بالتدريب والدعم الفني؟ "" حقيقة ان المركز هو الجهة المنوط بها التدريب والتطوير للارتقاء بمستوي القائمين علي الصناعة والعاملين فيها ولكن هذه الدورات لم توجه لمستحقيها ولانها مجانا كان هدف الذين يلتحقون بها هو الحصول علي شهادات فقط دون الاستفادة الحقيقية ومعظمها كانت توجه للمصانع الكبيرة علي حساب الصغيرة والمتوسطة لان القائمين علي الدورات من المستشارين كانوا من اساتذة الجامعات ولم يكن اهتمامهم قضية الارتقاء بمهارات العاملين في الصناعات الصغيرة. كما ان بعض الجماعات حصلت علي مشروعات لاجراء التطوير اللازم ولكنها لم تقم بهذا الدور لعدم امتلاكها معامل تقوم فيها باجراء البحوث التطبيقية. " هذه التحديات تشير إلي وجود خلل في منظومة عمل الجهات المعنية بالصناعات؟ "" بالفعل وذلك يعود لتعدد الجهات التي تحكم عمل الصناعات الصغيرة وعلي الرغم من ضرورة دعم المشروع الصغير وتذليل العقبات امام المستثمر من خلال وجود جهة واحدة يمكنه من خلالها انهاء كل الاجراءات بداية من دراسة الجدوي والموافقات والتراخيص والتمويل ولهذا من الافضل انشاء وزارة متخصصة للصناعات الصغيرة حتي لاتشتت جهود الراغبين في دخول القطاع. يكفي ان نعرف ان اجراءات التراخيص فقط قد تستغرق عده شهور بدلا من ايام علي الرغم من تخصيص الشباك الواحد في هيئة التنمية الصناعية والمجتمعات العمرانية وكذلك الهيئات الاخري المعنية بالصناعات الا ان الموظف المسئول ليس لديه معلومات أو دراية عن عمل القطاعات الاخري ومن هنا تزداد الصعوبات. "توقف الصناعة" " ماذا لو استمرت الاوضاع علي هذا النمو؟ "" لا مفر من توقف الصناعات الكبري فبعد سنتين أو ثلاث ومع تطبيق الجات واليورو"1" ودخول المنتجات بدون جمارك مع بداية 2016 لان الصناعات تعتمد علي استيراد المكونات من الخارج ومع ارتفاع الاسعار سنويا سيكون الامر اكثر صعوبة اضافة إلي تحمل المنتج المستورد اسعار الشحن الباهظة. ويكفي ان نعلم ان حجم استيراد المكونات اللازمة لقطاع الصناعات الهندسية فقط يصل إلي 20 مليار جنيه سنويا ونصدر فقد ب 20 مليار جنيه وهذا مؤشر خطير يعكس الخلل في تراجع الصناعات وعدم مقدرتنا علي منافسة المستورد. " حتي يتم تغيير الواقع ما هي الاجراءات البديلة لكي يتحقق الهدف؟ "" وافق اتحاد الصناعات علي انشاء لجنة للصناعات الصغيرة والمتوسطة بهدف معاملة هذه الكيانات بنفس الاسلوب الذي يتم مع اصحاب المشروعات الكبري خاصة وان الصناعات الكبري لن تحقق انطلاقة ونجاحا بدون وجود هذه الصناعات الصغيرة المغذية والمتخصصة طبقا لاحتياجات كل قطاع صناعي وتبدأ خطة العمل اولا بالاهتمام بالصناعات الهندسية نظرا لارتباطها الوثيق بوجود صناعات متناهية الصغر ثم الصغيرة والمتوسطة المكملة لها. " التجمعات الصناعية" " هل تستيطع اللجنة حل المشاكل السابق ذكرها؟ "" لدينا رؤية متكاملة نضعها امام صناع القرار فالامل الوحيد لتحريك هذا النشاط هو التوجه نحو انشاء التجمعات الصناعية المتخصصة في احد قطاعات الصناعة شاملة كل المشروعات بداية من المتناهية الصغر انتهاء بالكبري بشرط توفير كل الخدمات المرتبطة بهذه الصناعة مثل المواد الخام والخدمات اللوجيستية والتدريب الفني إلي جانب التنمية الانتاجية المتمثلة في اجراء البحوث والتطوير والجودة بهدف خلق قاعدة صناعية قادرة علي توفير المكونات باسعار منافسة لضمان نجاح التسويق وزيادة التصدير وزيادة الأنتاجية التي تنعكس علي خفض تكلفة المنتج. باختصار هذه التجمعات عبارة عن مشروع وطني متكامل يهدف إلي توطين الصناعات المختلفة في كل انحاء الجمهورية. " التجارب الدولية" " هل قمتم بدراسة تجارب الدول الاخري للوقوف علي ادوات النجاح! "" بالمناسبة مشروع التجمعات الصناعية هو الذي احدث طفرة اقتصادية كبيرة في كل من الصين وماليزيا وتركيا حيث انه يوفر فرص عمل حقيقية في كل المجالات فهو مبني اساسا علي الصناعات متناهية الصغر ثم الصغيرة والمتوسطة المغذية للصناعات الكبيرة وبالتالي يعطي الفرص لصغار وكبار المستثمرين للمشاركة والعمل وفق منظومة متكاملة ولدينا نماذج ناجحة بدون تدخل أو توجيه مثل صناعة الخشب في دمياط والرخام في منطقة شق الثعبان وإذا تم التخطيط الجيد وتوافر كل العناصر السابق ذكرها سنستطيع منافسة الدول التي سبقتنا في هذا المجال. ومن الافضل ان يتم الاستعانه بالمطور الصناعي باعتباره القادر علي الحصول علي مساحات شاسعة من الاراضي يتولي ترفيقها وانهاء كافة الاجراءات الخاصة بتراخيص المصانع بحيث يتسلم المستثمر المكان المخصص دون ايه معاناة. " هل يمكننا التوسع في مجال الصناعات الصغيرة بحيث تغطي القطاعات الصناعية الكبري؟ "" هذه ضرورة فلا بد من اعطاء المزيد من الاهتمام لكل القطاعات بلا استثناء سواء زراعية والبلاستيك أو النسيج والسيارات والكيميائية والغذائية والالكترونيات لذلك لابد من وضع خريطة صناعية تحدد الاولويات المطلوب البدء فيها وخاصة التي نعتمد فيها علي الاستيراد بالكامل لكافة المكونات التي تحتاجها الصناعة وفي نفس الوقت تساعد علي جذب الاستثمار بسهولة. ويكفي ان نعرف ان كبري الشركات العالمية التي تريد اقامة مصانع في مصر اولي خطواتها هي دراسة اوضاع المصانع الصغيرة واللقاء مع اصحابها لمعرفة مدي تطور المنتجات المغذية لانتاجها وبعضها تخرج من السوق المصري لعدم وجود منتج يخدم علي صناعاته. " خريطة المشروعات" " ماذا تقدم خريطة المشروعات للمستثمرين؟ "" الخريطة توضح ببساطة احتياجات كل محافظة من المشروعات المطلوبة طبقا لما تتمتع به من مزايا وتوافر المواد الخام وكذلك لتحديد المناطق الاكثر احتياجا للتمويل للتركيز عليها لخلق فرص عمل وتحسين الاوضاع المعيشية. وبالمناسبة هذا النص موجود في قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة رقم 141 لسنة 2002 وهذا امر جيد لابد من تفعيله علي الرغم من ان القانون بحاجة إلي تعديلات. " ما هو القطاع الذي يمكننا البدء فيه في المرحلة الحالية؟ "" انتهت اللجنة من عمل دراسة لانشاء تجمع صناعي للاجهزه الكهربائية فلدينا خبره وقاعدة سليمة وتم حصر جميع المكونات المستوردة والمطلوب تصنيعها لصناعات مغذية والحجم المطلوب من كل مكون ليتم التركيز علي تصنيع المكونات عالية الطلب فقط حتي يكون تصنيعها ذا جدوي اقتصادية وجاذباً للمستثمرين في نفس الوقت. وبالفعل قدمنا الطلب لوزير الصناعة وتم تحويله لهيئة التنمية الصناعية التي وافقت علي تخصيص 2 مليون متر مربع لاقامة تجمع صناعي للاجهزة الكهربائية والالكترونيات في العاشر من رمضان وهذا المشروع سيكون من المشروعات الرائدة في التجمعات الصناعية المتخصصة التي تحقق اعلي درجات التكامل بين الشركات لخلق مزايا تنافسة كالسعر والجودة مما يساهم ايضا في تدفق وزيادة الاستثمارات التي تحل مشكلة البطالة والفقر. " مؤخرا تم الاعلان عن حزمة تمويلية للمشروعات الصغيرة فما رأيكم؟ "" بلا شك خطوة ايجابية لكن بدون اعداد دراسات الجدوي والتسويق والتصدير للخارج والتطوير والاهم مساعدة المتعثرين عن السنوات السابقة في سداد ديونهم لن تستطيع الصناعات تحقيق الهدف وانقاذ الاقتصاد من محنته خاصة اننا نأمل ان تساهم في جذب المزيد من العمالة وتوفير فرص عمل جديدة. ولابد ان يتذكر المسئولون اننا بحاجة إلي صناعات متوسطة ترتبط بالهيكل الصناعي وتوفر الاحتياجات المحلية لنحد من مثيلاتها التي نستوردها من الخارج.