هرم هوارة تلك التحفة الأثرية والمعمارية تحاصرها المياه الجوفية من كل جانب، وتغرق أرضياته من الداخل، وأصبحت تشكل خطراً كبيراً علي سلامته، ورغم الانتباه للكارثة التي تواجه الهرم وتعدد الدراسات الخاصة بذلك، إلا أن الاعتمادات المالية مازالت تمثل حجر عثرة أمام إنقاذه ذلك التراث الإنسان الفريد الذي تركه أجدادنا الفراعنة. ويعتبر هرم هوارة من أهم المزارات الآثرية في الفيوم، بناه أمنمحات الثالث الفرعون السادس في الأسرة الثانية عشرة وكان حكمه حوالي عام 1850 ق. م، ويقع جنوب شرق مدينة الفيوم بنحو 9 كيلومترات، ويبلغ ارتفاعه 58 متراً وطول كل ضلع 100 متر وكان يعلو القمة هرم صغير، وتخطيط بنيانه السفلي غاية في التعقيد وربما تأثر تصميمه بمجموعة زوسر الجنائزية في سقارة، فضلا عن أن الفرعون أمنمحات الثالث جعل مدخل الهرم من الجهة الجنوبية بدلا من الجهة الشمالية التي اعتاد سابقوه عليها. تناقص ارتفاع الهرم الذي كان يبلغ 58 مترًا ووصل إلي نحو 40 مترًا فقط حيث إن قاعدته من الحجر الجيري والذي تآكل بفعل المياه وكان عدد من المرشدين السياحيين قد تقدموا بالعديد من البلاغات يحذرون فيها من مصير مخيف يهدد الهرم بالانهيار بسبب هذه المياه المتواجدة منذ عشرات السنين وتكوين الهرم وبنائه من الطوب اللبن يهدده بالانهيار وفقدان واحد من أهم الأهرامات الفريدة في مصر بل في العالم. يقول محمد سيد «مرشد سياحي» أن أهمية الهرم ترجع إلي أنه بني بالطوب اللبن المكسو بالحجر الجيري، ويتميز مدخله بأنه يخالف جميع الأهرامات، فهو مصمم ليكون من جهة الجنوب، وليس إلي الشمال لتضليل اللصوص ويعد من إحدي الروائع الهندسية، حيث بنيت حجرة الدفن من كتلة حجرية واحدة من الحجر الكوراتيس الأصفر التي لا يمكن الوصول إليها إلا بتحريك أو تحطيم هذه الكتلة التي تزن 45 طناً، يوضح أنه علي الرغم من كل ذلك، تمكن اللصوص من الوصول إلي هذه الحجرة، غير أنه يحتوي علي ممرات وهمية وأخري تؤدي إلي زحاليق، بينما تبدو غرفة الدفن مغلقة وعليها كتلة ضخمة طولها 7 أمتار وعرضها 2.5 متر وسمك جدرانها 55 سم ووزنها 110 أطنان. ويشير محمد إلي أن هذه الكتلة الضخمة أعلي غرفة الدفن عبارة عن كتلة كوراتيزية في حجرة منحوتة من الصخر تحت الهرم نفسه، الذي كشف عنه «فلندر بتري» وعثر فيه علي مذبح جميل من المرمر وعدد من الأطباق مكتوب عليها اسم بنت الملك بتاح نفرو، وتم في العصر الحديث كشف الهرم من ناحية الشمال، ووجدوه مملوءاً بالمياه الجوفية، وحذر العلماء من أنها ستؤدي إلي تدمير الهرم نفسه إذا بقيت علي هذا الحال، ويدعم من ذلك أنه عندما عثر علي مقبرة نفرو بتاح بنت الملك كانت المياه قد دمرت الأثاث الجنزي، ومازالت تهدد كل المجموعة التابعة للهرم وكل الآثار التي يمر بها بحر البنات القريب من الهرم مطالباً بتدخل سريع من الدولة لإنقاذ هذا التراث الإنساني من الإنهيار. وبدوره أكد أحمد عبد العال مدير عام آثار الفيوم أنه أثناء فترة عمله كمفتش آثار عام 1994 وجد المياه الجوفية تملأ فتحة الهرم وتم عمل دراسة لحل هذه المشكلة بالتعاون مع وزارة الري إلا أنه أثناء عمل توسيع لترعة وهبي وتبطينها ظهرت أحجار ضخمة من معبد اللابرنث وتم عمل حفائر جزئية في الموقع وتوقفت نظرًا لعدم وجود اعتمادات مالية، وأوضح أنه يوجد جنوب الهرم بقايا المعبد الذي يضم 12 بهوا منها 6 تتجه إلي الشمال وأخري تتجه إلي الجنوب ولها بوابات تقابل الأخري وتقدر عدد الحجرات بالهرم 3 آلاف حجرة، جاء ذلك في وصف هيرودت في القرن الخامس قبل الميلاد. الفيوم - محمود عمر