د. على لطفى أضاف الاعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس الأعلي للقوات المسلحة حيرة جديدة إلي المصريين وزاد من شواغلهم التي أربكت تفكيرهم وجعلت حياتهم مضطربة، لأنهم يسمعون القول وعكسه، ويوضح لهم البعض شيئا اليوم وغدا يؤكدون ضده فأصبحوا لا يدرون في أي طريق يسيرون، وإلي أي محطة ستصل بهم خطواتهم. وكالعادة حدث الاختلاف حول اختصاصات الرئيس الجديد في هذا الاعلان الدستوري ومدي شرعيته. وهل هو انقلاب ناعم ومصادرة علي صلاحيات الرئيس الجديد؟ ولماذا؟ سألنا شخصيات مرموقة من فئات متعددة حرصنا علي أن تمثل أطيافا سياسية متباينة، وجاءت اجاباتهم أيضا.. متباينة رئيس وزراء ونواب سابقون: احتگار الرئيس للسلطتين التنفيذية والتشريعية.. خطر يقول الدكتور علي لطفي رئيس الوزراء ورئيس مجلس الشوري الأسبق إن اختصاصات رئيس الجمهورية لم ينقص منها شيء بالاعلان الدستوري المكمل الذي كان ضرورة احترازا من السقوط في بئر الفراغ الدستوري بعد أن أصبح مجلس الشعب كالعدم، وأصبحت البلاد تحتاج لسلطة التشريع لاقرار القوانين العاجلة كقانون اعتماد الموازنة العامة التي سيبدأ العمل بها أول الشهر المقبل فهل نظل بدون موازنة وكيف سننفق؟ لذلك صدر الاعلان للمجلس العسكري سلطة التشريع التي كان يتولاها قبل انتخابات مجلس الشعب والتي لا يجوز أن يتم وضعها في يد رئيس الدولة لانه رئيس السلطة التنفيذية وتركيز السلطتين في يده خطر لأنه قد يقوده إلي طريق الفرعون.. وستكون هذه المرحلة مؤقتة حتي اعلان الدستور الجديد الدائم في غضون أربعة أشهر.. ونفي د.لطفي أن يكون الاعلان بمثابة انقلاب مسبق علي رئيس الجمهورية الجديد أو قفز علي سلطاته فهي محفوظة ولم تمس.. وفي رأي الدكتور يحيي الجمل نائب رئيس الوزراء الأسبق أن الاعلان الدستوري يستند إلي شرعية الواقع والاحتياج إليه في هذه الظروف التي تمر بها مصر، وهو يوازن بين السلطات بالنسبة للاختصاصات ويوزعها بين الرئيس والمجلس العسكري حتي لا يحدث انفراد بها فنعود إلي حيث كنا، ويقول لابد أن نوضح بجلاء لهؤلاء الذين يريدون الاستئثار بكل السلطات أن حسني مبارك أراد أن يفعل ما يفعلونه هم الآن ويستأثر بكل شيء مثلهم فكانت نهايته عبرة لكل من يسعي لذلك.. فهل يعتبرون؟ انهم دائما يرفضون الحوار من أجل الوفاق الوطني ويريدون الانفراد بالرأي، وقد يؤدي ما يفعلونه الآن إلي المساس بسيادة القضاء وهدم شرعية القانون وتدمير كيان الدولة. أما الدكتور علي السلمي نائب رئيس الوزراء السابق فيؤكد أن الاعلان الدستوري التكميلي لا مثالب عليه لأنه عودة بالسلطة التشريعية إلي المجلس العسكري الذي كان يتولاها قبل انتخاب مجلس الشعب وهو الذي مازال يريد شئون البلاد.. وعندما يتولي رئيس الجمهورية سلطاته لن تكون معه السلطات التشرعية لانه رئيس السلطة التنفيذية. وهناك رأيان احدهما يؤيد ذلك والآخر يري أنه يجب أن يتولي الرئيس سلطة اصدار قرارات بقوة القانون حتي أول اجتماع لمجلس الشعب بعد انتخابه فيعرضها عليه. ويشير إلي أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة بالفعل انتزع كثيرا من صلاحيات رئيس الجمهورية ومنها ما يختص بالقوات المسلحة، وأيضا اعتماد الموازنة العامة للدولة وهو ما يجعل الرئيس الجديد غير قادر علي تنفيذ برامجه إلا بعد اعتماد المجلس العسكري ميزانيتها. رجال قضاء: الصلاحيات مؤقتة حتي وضع الدستور الدائم المستشار الدكتور عادل قورة رئيس مجلس القضاء الأعلي ورئيس محكمة النقض الأسبق يري أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة له الحق في استكمال الاعلان الدستوري الأول الذي بمقتضاه يتولي إدارة شئون البلاد. وبالنسبة لاختصاصات رئيس الدولة التي ذكرها الاعلان التكميلي فهي مؤقتة وسوف يضع الدستور الدائم اختصاصات كاملة وشاملة للرئيس ويوضح علاقته مع سلطات الدولة، قرار غير قانوني لانه اعطاهم سلطة ضبط قضائي عامة وليست محددة بوظائفهم كما ينص قانون الاجراءات الجنائية لذلك يجب إعادة هذه السلطة للرئيس مع ملاحظة البعض تبرير قرار وزير العدل بأنه ملاءمة سياسية للظرف القائم.. ويلفت النظر المستشار عبدالله فتحي وكيل نادي القضاة إلي أن دولتنا كادت أن تسقط في فراغ تشريعي مع ابطال مجلس الشعب لذلك صدر الاعلان الدستوري التكميلي الذي لم يأت بجديد سوي تغيير آلية حلف الرئيس لليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية مع إعادة السلطة التشريعية إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة لتعبر الفترة الانتقالية وتكتمل المؤسسات الدستورية للودلة مع دستور جديد. لذلك فهذا الاعلان لم يصادر علي سلطات رئيس للدولة القادم ولم يسلب من اختصاصاته شيئا لان احتفاظ المجلس بسلطة التشريع يعني بمفهوم المخالفة أن كل السلطات الأخري التنفيذية والتي كان يتولاها المجلس العسكري تؤول لرئيس الجمهورية بمجرد توليه مهام منصبه، والاحتفاظ بالسلطة التشريعية منعا لتكريس السلطتين بين الرئيس الجديد.. ويعترض المستشار علاء شوقي الرئيس بمحكمة جنايات الجيزة علي استعادة المجلس الأعلي للقوات المسلحة لسلطة التشريع بعد بطلان مجلس الشعب بحجة عدم ترك هذه السلطة في يد الرئيس مع السلطة التنفيذية مع أن ذلك جائز ويعمل به في حالات استثنائية. وكان علي المجلس العسكري أن يتأني وينتظر ألا يتسرع فاثار الشك القانوني حول تكريس هذه السلطة بيده، وبخلاف هذه النقطة فهو يري أن الاعلان الدستوري لا يعتبر انقلابا عسكريا كما يدعي البعض لانه يتوافق مع حالة مصر الآن وهو لم ينتقص من صلاحيات الرئيس فالمادة 56 من الاعلان الدستوري المستفتي علي بعض مواده تعطي رئيس الجمهورية الحق في تعيين رئيس الوزراء والوزراء وكذلك حق اقالتهم ومن بين هؤلاء وزير الدفاع. أساتذة جامعات: حق العسكري في إقرار الموازنة يعرقل مشروعات الرئيس الدكتور عاطف البنا استاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة يري أن الاعلان الدستوري لا يستند لأي شرعية وجاء بسلطات لرئيس الدولة غير حقيقية ولن يملك أن يمارسها وهي علي الورق فقط وغير واقعية ولم تتغير عما كانت في الاعلان الدستوري 30 مارس 2011 ويرفض عودة السلطة التشريعية للمجلس العسكري لانها انتقلت إليه في فترة الثورة وبشرعيتها وليس له أن يستردها قبل أيام من تسليمه السلطة لرئيس مدني منتخب ولم نر في أي دولة أن سلطة عسكرية تملك التشريع.. وفي رأيه أن هذا الوضع معناه عدم تسليم المجلس العسكري السلطة نهاية الشهر الحالي وانه سيكون دولة فوق الدولة خاصة بأنه جعل إقرار الموازنة العامة حقا خالصا له فكيف يعمل رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء فهذا المجلس سيسيطر علي أعمال الوزارات عن طريق مبالغ الموازنة. ويخالف د.صلاح فوزي استاذ ورئيس قسم القانون العام بجامعة المنصورة الرأي السابق مؤكدا علي شرعية الاعلان الدستوري المكمل لان السلطة التي اصدرت قرارا يمكنها الغاؤه أو تعديله أو تكميله طبقا للقاعدة القانونية المعروفة بتوازي الأشكال وعلي هذا من حق المجلس أن يكمل اعلان 30 مارس من العام الماضي وهو قد فعل ذلك ولم ينتقص من اختصاصات رئيس الدولة غير سلطة اعلان الحرب بمفرده وهي كانت موجودة من قبل بشرط موافقة مجلس الشعب وفي غيابه يصبح المجلس الأعلي للقوات المسلحة هو المنوط به ذلك. ويري د.طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن سلطة المجلس الأعلي للقوات المسلحة المستمدة من ثورة 25 يناير تعطيه الحق في اصدار اعلانات دستورية واضحة المعالم لا تحتاج لاستفتاء جديد.. ومع فشل القوي السياسية في أعمال كثيرة وعدم التوافق بينها ومحاولة كل فصيل السطو علي الفصيل الآخر والتربص به فكان علي المجلس العسكري ان يقوم بذلك وهو مسموح به في الأنظمة الأخري خلال فترات التحول. ويصرح د.داوود الباز أستاذ القانون الدستوري بكلية الشريعة والقانون بجامعة دمنهور بأن هذا الاعلان المكمل ليس له سند شرعي لغياب الإرادة الشعبية الممثلة في الاستفتاء عنه وصدوره بإرادة منفردة من المجلس العسكري. ويقول إن هذا المجلس اغتصب صلاحيات رئيس الدولة الذي ننتظره جميعا وجعل منه رئيسا للدولة بدرجة موظف كبير يقوم بالاجراءات اليومية الروتينية لا يدري بما يدور حوله. ويعلق د.محمد باهي رئيس قسم القانون الدستوري بجامعة الإسكندرية وعضو لجنة تعديل الدستور أن القوي السياسية ارادت اعلانا مكملا بالإضافة لا بالسلب لذلك جاء هذا الاعلان متعارضا مع الاعراف الدستورية التي تعترف لرئيس الدولة بكامل السلطتين التشريعية والتنفيذية في مثل هذه الظروف. وقد استلب الاعلان حقوقا للرئيس بمعني أنه لم يضف إليها ما كان يجب أن يقتضيه منصبه وهو بذلك حاصر منصب الرئيس الرفيع بحجة انه يقوم بتحديد اختصاصاته. شخصيات عامة : اختصاصات گافية عصام النظامي عضو المجلس الاستشاري يؤكد علي شرعية الاعلان الدستوري التكميلي الذي صدر طبقا لتقاليد الفترة الانتقالية وأحكامها وقد استجاب المجلس الأعلي للقوات المسلحة لالحاح جميع القوي السياسية وتوصيات المجلس الاستشاري لاصداره، وقد جاءت صلاحيات الرئيس فيه غير مكتملة لانها مؤقتة حتي يتم وضع الدستور الجديد.. وهذا الاعلان ليس قفزا علي السلطة أو انقلابا عسكريا لكنه مطلب جماهيري كما اوضحت والمطلوب ان تكون صلاحياته في هذه الفترة الانتقالية محجمة.. ويقول عاطف النجمي رئيس جمعية الدفاع العربي انه لابد أن نفرق بين الحق القانوني والصحيح الواقعي وغالبا ما يكون ذلك للصالح العام ونحن وقعنا في خطأ جسيم إذ لا يستقيم وجود رئيس بلا اختصاصات ولكن واقعيا فهذا الأمر مؤقت لحين وضع دستور البلاد الجديد الذي سيحدد لكل سلطة في الدولة اختصاصها.. ومن حيث المبدأ يختلف المخرج السينمائي خالد يوسف مع الاعلان الدستوري لخروجه إلي حيز الحياة دون مشاورة مع القوي الثورية والسياسية ولكنه يراه في ظل الظروف الحالية يحقق مصلحة حقيقية للبلاد من حيث انه لم يدع كيانا محددا يستأثر بكل السلطات التشريعية والتنفيذية في هذه المرحلة الدقيقة للبلاد توزع الاختصاصات بين المجلس العسكري والرئيس القادم وهو أمر مطلوب ويحدث كثيرا في مثل هذه الفترات المرتبكة التي تمر بها الدول. رؤساء أحزاب: إعلان بدون تشاور وتسليم صوري نهاية الشهر الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع يقول أن الاعلان الدستوري التكميلي الذي أعلنه المجلس الأعلي للقوات المسلحة دون تشاور مع أحد وخرج بصياغة غير واضحة أوحي للرأي العام انه يقلل من سلطات رئيس الجمهورية مع غير الحقيقة، وكان يجب التوضيح بأكبر صورة ممكنة أن احتكار الرئيس للسلطة التنفيذية مع سلطة التشريع هو خطر داهم يجب علي كل القوي منعه. والمهم الآن أنه سيكون لدينا رئيس له سلطات محددة يمارسها مع المجلس العسكري حتي نضع دستورا أولا قبل انتخاب مجلس شعب جديد وهو ما طالبنا به وعلينا أن نمنع تسلط فصيل معين ووضع مواد تتيح مقاومة استنساخ ديكتاتور جديد.. اللواء دكتور عادل عفيفي رئيس حزب الأصالة وعضو مجلس الشعب السابق يري ان الاعلان الدستوري التكميلي غير شرعي لانه صدر من جهة لا تملك التشريع وانه سحب اختصاصات رئيس الجمهورية التي هي حق أصيل له، خاصة سلطة التشريع في غياب مجلس الشعب وأن الاسراع باصدار هذا الاعلان بهذا الشكل هو دليل علي أن تسليم السلطة لرئيس مدني هو تسليم صوري وغير حقيقي وان المجلس سيكون سلطة فوق سلطة الرئيس ويهيمن عليه.. وعلي عكس ذلك يقول المهندس موسي مصطفي رئيس حزب الغد ان الاعلان التكميلي الذي جاء في لحظة فارقة وفي وقت ضيق جدا كان مفاجأة للكل خاصة انه سحب بعض الصلاحيات من رئيس الدولة المقبل قبل أن يتم التجهيز لاستخدامها. واعطي اختصاصات مؤقتة للطرفين في مرحلة خطيرة جدا من تاريخ الوطن وهي تضمن توازنا واستقرارا أكبر حتي تنتهي الفترة الانتقالية ويصدر الدستور الجديد.