في خطوة تاريخية وغير مسبوقة، ووسط أجواء حافلة بالمشاعر الإنسانية المفعمة بالإثارة والبهجة، أقرت «195» مائة وخمس وتسعون دولة، الاتفاق الدولي لمواجهة المتغيرات المناخية الناتجة عن ظاهرة الاحتباس الحراري وزيادة درجة حرارة الأرض. الاتفاق الدولي غير المسبوق جاء بعد مفاوضات ومناقشات شاقة استمرت اسبوعين، ليحظي في النهاية بموافقة اجماعية من كل الدول الأعضاء في المؤتمر العالمي لتغير المناخ، الذي عقد بالعاصمة الفرنسية باريس نهاية الشهر الماضي وأنهي أعماله أول أمس. ووسط عاصفة فوارة من الانفعالات وصلت إلي حد تساقط دموع الفرح من عيون بعض الحضور ومنهم وزير الخارجية الفرنسي رئيس المؤتمر، تم إقرار الاتفاق الذي أطلق عليه بيان باريس، واعتبره الجميع كسباً كبيراً للإنسانية، يفتح الطريق ويحقق الأمل في إمكانية انقاذ العالم من الكارثة والمصير المظلم الذي كان ينتظره، إذا ما استمر في سلوكياته الملوثة للبيئة والمؤدية لتغير المناخ. ولعلنا نذكر أن مؤتمر قمة المناخ شهد أكبر حشد من زعماء العالم وقادته في جلسته الافتتاحية، بحضور «150» من رؤساء وقادة وملوك الدول، وهو أكبر حشد علي هذا المستوي يجتمع في مكان واحد. وكانت مهمة هؤلاء الزعماء هي التوصل إلي خطة محددة وطريق واضح لإنقاذ كوكب الأرض من كارثة الفناء التي تنتظره بالغرق تحت مياه المحيطات والبحار، أو بالاختناق بتأثير زيادة التلوث في الجو والهواء، أو بالجوع نتيجة انتشار التصحر وندرة المياه، وكلها ظواهر تغير المناخ الذي نجم عن زيادة الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض وارتفاع منسوب المياه في البحار والمحيطات. وكان التحدي الذي يواجه المؤتمر هو أن الوسيلة الوحيدة للوصول للإنقاذ هي خفض الانبعاثات الكربونية في الجو، وهو ما يتطلب وقف الاستخدام المفرط للمواد البترولية والفحم، والالتزام من كل الدول باستخدام الطاقة النظيفة والمتجددة، من الشمس والرياح،...، وهو ما كان الجميع يتشكك في أن يتم الموافقة عليه. وكانت المفاجأة هي الموافقة الجماعية علي ما هو مطلوب وتخفيض وتقليص استخدام المواد البترولية والتوسع في اللجوء للطاقة النظيفة تدريجياً وبنسب محددة، حتي يتم التخلص من الانبعاثات الكربونية نهائياً، وحتي يتم السيطرة علي ارتفاع حرارة الأرض وانقاذ كوكب الأرض،...، ولكن يبقي التزام الدول بما تم الاتفاق عليه،...، فهل تلتزم؟!