إذا كان الحشد الدولي الكبير لرؤساء وزعماء العالم الذين اجتمعوا بالعاصمة الفرنسية باريس بالأمس في إطار «قمة المناخ»، هو الأضخم علي مستوي قادة الدول والشعوب الذين ضمهم مكان واحد علي ظهر الكرة الأرضية،...، فإنه في ذات الوقت هو الحشد والتجمع الأهم والأخطر والأكثر تأثيرا في مستقبل العالم خلال السنوات القادمة، قياسا علي ما هو مطلوب منهم من قرارات واجراءات لإنقاذ كوكب الأرض، من المصير المظلم والكارثي الذي ينتظره، إذا ما استمرت سلوكيات دوله وشعوبه تسير علي النحو الذي هي عليه الآن.. هذه ليست مبالغة، كما انها ليست كلمات للاستهلاك المحلي أو الإثارة وجذب الانتباه، بل هي حقيقة مؤكدة يعلمها كل المتابعين للمتغيرات المناخية التي طرأت علي كوكب الأرض، وشملت كل العالم وأثرت علي جميع الدول والشعوب وباتت تهدد الجميع بأخطارها الواقعة واللاحقة أيضا. والمهمة الكبري الملقاة علي عاتق المؤتمر، هي وضع خطة واضحة لمواجهة الخطر الأكبر المحيط بالعالم الآن، في ظل التقلبات الحادة في الأحوال الجوية، التي هي نتيجة مباشرة لتغير المناخ الناجم عن تلوث البيئة والاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض بكل ما يعنيه ذلك من اخطار وكوارث. والخطر الأكبر الذي يخشاه العالم حدث بالفعل وتداعياته قادمة إذا لم يتم مواجهتها والتعامل معها والحد منها، فقد بدأت درجة حرارة الأرض في الارتفاع وزادت بالفعل معدلات ذوبان الجليد في القطب المتجمد، وبدأت مستويات المياه في المحيطات والبحار في الارتفاع، وبدأت أيضا مياه البحار تبتلع أراضي بعض الدول وهو ما يعني بدء غرق الأرض تدريجيا.. وفي ظل ذلك فإن المطلوب من هذا الحشد من قادة العالم هو الاتفاق علي انقاذ العالم، واتخاذ القرارات والاجراءات اللازمة لتخفيض الانبعاثات الحرارية وتقليل تدفق الغازات الكربونية إلي الجو، وخفض درجة حرارة الأرض والقضاء علي الاحتباس الحراري المسبب لها،...، وهذا يعني أن تتوقف الدول الصناعية الكبري عن الممارسات السلبية والضارة التي تقوم بها، والتي كانت ولا تزال لها الدور الأكبر في تغير المناخ وتلوث البيئة وحدوث الكارثة. والمطلوب في ذات الوقت من هذه الدول الكبري، مساعدة الدول النامية علي مواجهة الأخطار المحدقة بها نتيجة المتغيرات المناخية، مثل الفيضانات والعواصف والتصحر والتلوث، سواء كانت هذه المساعدات علمية وتكنولوجية أو مادية واقتصادية، وتشجيع هذه الدول علي اللجوء للطاقة النظيفة في سعيها لتحقيق التنمية الاقتصادية ورفع وتحسين مستوي معيشة شعوبها. والسؤال الآن: هل سيكون هؤلاء القادة علي قدر التحدي والمسئولية ويستطعيون إنقاذ العالم بالفعل؟!