د. سلطان أبو على حقق احتياطي النقد الاجنبي أعلي ارتفاع له منذ اندلاع الثورة قبل 16 شهراً حيث زاد ب300 مليون دولار، في نهاية شهر مايو، ورغم ان هذه الزيادة تعتبر الثانية علي التوالي، بعد أن ارتفع بحوالي109 ملايين دولار في نهاية شهر ابريل، إلا أن الإعلان عنها دون توضيح مصدرها، وما تبعها من تطورات وتصريحات وردية، بعد التأكيدات المتواصلة من الحكومة علي الظروف الصعبة التي يمر بها الاقتصاد القومي، وخطورة وضع احتياطي النقد الاجنبي وتأثر موارده بشدة هذا الوضع أثار العديد من التساؤلات وفتح المجال أمام العديد من الاستنتاجات ...ما هو مصدر الزيادة في احتياطي النقد الاجنبي؟ هل هي ناتجة من تحسن أداء الاقتصاد أم مزيد من الديون والمساعدات الخارجية؟ وهل يمكن اعتبارها نقطة تحول في مواردنا من النقد الاجنبي أم هي انعكاس لتأثير مؤقت وسيعود بعدها الاحتياطي للانخفاض من جديد؟ هذه الاسئلة طرحت علي محافظي البنك المركزي ووزراء اقتصاد سابقين. بداية لم يستبعد أي من محدثينا ثأثر الزيادة في احتياطي النقد الاجنبي بقرض أو وديعة من احدي الدول الشقيقة... ولكن انطباعاتهم عن ذلك كانت متفاوتة فمنهم من تقبلها بتفاؤل، ومنهم من رأي ان ذلك يعطي رسائل خاطئة عن وضع الاقتصاد... د. سلطان أبو علي وزير الاقتصاد الأسبق يقول ان زيادة الاحتياطي وإن كان برقم متواضع إلا أنه أمر إيجابي، فالعبرة في توقف النزيف الذي كان يتعرض له الاحتياطي، و نرجو أن يكون هذا أمراً دائماً، أما مصدر الزيادة فلا يمكن الجزم به، فقد تكون زيادة مرغوباً فيها اذا كانت نتيجة تحسن اقتصادي حقيقي، مثل تحسن السياحة خلال الشهرين الماضيين خاصة في شرم الشيخ والغردقة، و ترشيد الانفاق الحكومي مع تزايد حالة الركود في الأسواق مما أدي الي خفض ما يتم سحبه من الاحتياطي للاستيراد... ويمكن ايضا ان تكون الزيادة بسبب الاقتراض وهنا ستكون زيادة غير مرغوب فيها، لانها زيادة تحقق تحسناً ظاهرياً فقط و تزيد الدين الخارجي، فالزيادة المرغوب فيها و التي تتوفر فيها الاستدامة تكون من زيادة الصادرات وزيادة الانتاج الحقيقي و دخول استثمار اجنبي مباشر.. وغيرها من موارد ميزان المدفوعات، وحول توقعاته لاداء احتياطي النقد الاجنبي في المستقبل يقول إن الشهور القادمة تتطلب منا المزيد من العمل الجاد لزيادة مواردنا من النقد الأجنبي... فحتي لو كان مصدر الزيادة في شهري أبريل ومايو يعتمد في الأساس علي السياحة فمن المحتمل أن لا تستمر، لأن موسم السياحة الأجنبية انتهي، وسيبدأ موسم السياحة العربية، ومن غير المتوقع أن تشهد السياحة العربية نمواً كبيراً، ويطالب د. سلطان البنك المركزي بالافصاح عن أسباب زيادة الاحتياطي وحقيقتها بالتفصيل لتحقيق الشفافية، والعمل علي أن تكون هذه الزيادة مستدامة. استقرار السوق اسماعيل حسن محافظ البنك المركزي الاسبق كان أكثر تفاؤلا من د. سلطان و يقول ان صافي احتياطي النقد الاجنبي هو محصلة جميع ما ورد الينا من النقد الأجنبي بما في ذلك القروض طويلة الأجل - لاكثر من سنة - ناقصا منه المصروفات بالنقد الاجنبي، وإذا أردنا أن نفهم ما حدث لاحتياطي النقد الاجنبي لابد أن نأخذ في اعتبارنا أننا خلال شهر أبريل استقبلنا أكثر من 400 مليون دولار، هي قيمة الحوالات الصفراء، كذلك توجد عدة شواهد علي ارتفاع معدلات السياحة، وقد تكون الحكومة قد حصلت أيضا علي قروض طويلة الأجل، كماشهد شهر مايو تنفيذ صفقة موبينيل والتي تمت بالنقد الاجنبي، وهناك أيضا المبلغ الذي تم ايداعه من المملكة العربية السعودية وهو مليار دولار...كل ذلك يمثل زيادة في جانب الموارد،أما بالنسبة للمصروفات، فاعتقد أن السحب من الاحتياطي بدأ ينخفض بعد استيراد السلع الضرورية في الشهور السابقة، وبالتالي كانت المحصلة توقف النزيف في الاحتياطي و اتجاهه للارتفاع، ويري اسماعيل حسن أنه في كل الاحوال فإن الزيادة في احتياطي النقد الاجنبي هي زيادة صحية، حتي وان كان مصدرها اقتراضاً لأنه سيكون طويل الاجل، وهو بمثابة المساعدة للمريض حتي يتعافي، فهي تدعم الاحتياطيات الي ان يتعافي الاقتصاد ويستعيد قوته بعد استعادة الاستقرار السياسي. لماذا التعتيم؟! د. محمود أبو العيون محافظ البنك المركزي سابقا يقول من المتعارف عليه أن الفترة من فبراير إلي مايو يتحمل فيها الاقتصاد دفع 700 مليون دولار هي تكلفة الواردات السلعية كالقمح والسكر والزيت والبوتاجاز .. وغيرها، هذا يعني أن الزيادة التي تحققت في الاحتياطي عوضت انفاق 700 مليون دولار وأضافت إليها 100 مليون دولار في شهر ابريل، و300 مليون دولار في شهر مايو .. لا أتوقع أن تكون هذه الأموال حصيلة صادرات أو زيادة في ايرادات السياحة، فالصناعة لم تنهض بعد، ولم نلمس تحسناً في السياحة يحقق طفرة في الدخل، كما أن السياحة وإن كانت زادت مقارنة بالعام الماضي، إلا أن العائد منها لم يرتفع بنفس النسبة، فقد أكد الاتحاد العام للغرف السياحية أن تشجيع السياحة تطلب خفض الاسعار بشدة مقارنة بالوضع قبل الثورة، كما ان طرح أراض للمصريين في الخارج و كذلك الشهادات الدولارية لم تحقق العائد المرجو منها،.. فالزيادة في الاحتياطي قد يكون مصدرها وديعة أو منحة من الجيش للبنك المركزي، أو قروضاً طويلة الأجل.. و يري د. محمود انه لا فرق بين الودائع والقروض الخارجية، فالودائع أيضا لابد أن ترد إن آجلا أو عاجلا وهي وسيلة للتجمل فقط، ويتساءل د. محمود لماذا التعتيم ؟ و يطالب البنك المركزي بالافصاح عن مصدر الزيادة في الاحتياطي بشفافية وبتحليل فني من ميزان المدفوعات.. مؤكدا أنه من غير اللائق الايحاء للناس بأن الاقتصاد يتحسن علي غير حقيقة الوضع خاصة في الوقت الراهن.