عندما انطلق الشعب في 25 يناير بثورته، خرج بإصرار علي إسقاط النظام الحاكم، وهب بجميع طوائفه وأطيافه بصرخات مدوية حملت أهداف ثورته التي أوجزها في مطالبته بالعيش والحرية والديموقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وظل الشعب ثائرا، وسيظل حتي يحقق أهداف ثورته مكتملة دون انتقاص، ولن يقبل الشعب هزيمة لإرادته بعد أن استعادها وملكها، وهو ما أكده ويتأكد يوما بعد الآخر. ومع قيام الثورة السلمية، وماتم من تغيرات علي المشهد السياسي، آلت بها الزعامة للشعب، وبزغ فجر الحرية في التعبير عن الرأي، تخلص معها الإنسان المصري من العبودية التي فرضها عليه الحاكم ونظامه لأكثر من ثلاثين عاما، امتهنت فيها كرامة المواطن، وسلبت خيرات الوطن، واستأثر خلالها الرئيس المخلوع وحاشيته بالحكم، ليكون حكما قاهرا لشعب المحروسة! ورفض الشعب المهانة، وانطلاق شبابه بالثورة، كانا إيذانا ببدء عصر جديد من عمر هذا البلد، حيث هب شبابه معلنا إرادته للحياة، وكان الإصرار علي استعادة مقاديره بيده، ولم توهن عزمه التضحيات التي قدم خلالها الكثير من الشهداء والمصابين والذين مازالوا يبحثون علي حقهم في القصاص، والذي يتقدم أولويات أجندة أعمال الرئيس المنتخب. يوما الأربعاء والخميس القادمان، مصر علي موعد مع التاريخ، لاختيار رئيس للبلاد بانتخاب حر حقيقي، لم تشهده منذ عقود كثيرة، ليكون الرئيس المنتخب بثقافة خادم لمصر والمصريين، وهو ما يتطلب إمعانا في الاختيار، تحقيقا لأهداف ثورة الشعب، والتي بالطبع لن تتحقق علي أيدي أي ممن كانوا من ذيول النظام البائد.. فليس من المعقول أو المقبول أن يغرر بأبناء هذا الشعب الطيب بدعوي أن المرحلة الراهنة في حاجة لمن هو رجل دولة، فأي دولة يتحدثون عنها؟!، أليس أحمد شفيق وعمرو موسي جزءا لا يتجزأ من هذا النظام الذي أرادت ثورة الشعب إسقاطه؟!، ألم يظلا أمناء علي مصالح رئيس هذا النظام ومصالح أبنائه؟!، أليس شفيق هذا هو رئيس الحكومة التي واجهت ثورة الشعب بموقعة الجمل؟!، واين هي العبقرية التي ينطوي عليها فكره السياسي، بعد أن أطلقها صريحة أن مثله الأعلي حسني مبارك؟!. وإذا كان هذا أحمد شفيق، فإن عمرو موسي الذي يري في نفسه منقذا للبلاد، من منطلق ادعائه بأنه رجل دولة!!، أليس هو ذاته من ظل وزيرا للخارجية لسبع سنوات، وكان مقربا لرأس النظام؟!، فكيف كان معارضا جسورا؟!، وهو الذي لم يتخذ موقفا إيجابيا واضحا معبرا عن تلك المعارضة!، وهل كان الدفع به أمينا عاما للجامعة العربية لمدة عشر سنوات جزاء معارضته؟!، ولماذا يصر علي إخفاء ذمته المالية؟!. والمتفحص لهذين المرشحين، ومن علي شاكلتيهما، يري أنهما أعليا مصلحتهما الخاصة، ومصلحة النظام البائد الذي كانا جزءا محوريا فيه، وزادا من إخلاصهما لرموزه مما انعدمت معه الإرادة السياسية الوطنية، وهو ما لا نريده فيمن ينتخب رئيسا لمصر.. فمصر الثورة تريد رئيسا حر الإرادة، يعلي مصلحة الوطن والشعب فوق الجميع، يخلص لله والوطن والشعب بكل طوائفه وأطيافه، يؤمن بتحقيق أهداف الثورة، ويعمل من اليوم الأول لإعلاء كرامة الوطن والمواطن.. ولا يريد الشعب رئيسا يعيد مبارك وثقافة حكمه، ويكون همه رد الجميل لمبارك ورجاله، بتأصيل حمايتهم مما هو موجه لهم من اتهامات بالفساد.. وهذا ما يخشاه المخلصون لهذا الوطن، فلقد حان وقت إعلاء مصلحة مصر والمصريين، وهو ما يستلزم اختيار الأصلح رئيسا، وليكن اختيارنا لمن يخشي الله ويتقيه، وليس من يتحايل ويحتال علينا، فأصواتنا أمانة في أعناقنا فلنحسن أداءها.. وتحيا مصر.