وبدلا من أن يمد يده للفوطة لينفضها قبل أن يضعها حول رقبتي مد يده إلي الرف وسحب كتالوجا قال لي إنه مستورد من صالون حلاقة أمريكاني شهير يدعي«سلمني قفاك» ذهبت إلي صديقي العزيز عادل الحلاق أطلب منه أن يقص لي شعري كالمعتاد بالماكينة نمرة 2 ولكن وبدون مناسبة قادني عادل إلي رف جديد تم إضافته مؤخرا للصالون عليه مجموعة من الكتالوجات وقف عادل أمام الكتالوجات المرصوصة يقول في فخر واعتزاز: بص بقي ياصاحبي أنا جايب شوية كتالوجات أمريكاني إنما إيه عجب، دي أحدث قصات الموضة في العالم، انت عارف الموضة دلوقتي بتتغير كل شوية وانا عايز زبايني يكونوا دايما في أحدث لوك وصل إليه العالم! نظرت لعادل مندهشا وقلت بدون تردد: ياعادل انت عارفني كويس أنا ليس لي أي إهتمام بموضوع الموضة ده وبالذات في الحلاقة لكني مهتم فعلا بأن احلق شعري علي نفس الطريقة التي تربيت عليها منذ الصغر حيث كان والدي الحاج أحمد مبارك متعه الله بالصحة والعافية يصطحبني صباح كل يوم جمعة لصالون صديقه عمي عبد الحميد رحمه الله. انتهيت من كلامي الذي يبدو أن عادل لم يستمع إلي أي حرف منه لأنه وبدلا من أن يمد يده للفوطة لينفضها قبل أن يضعها حول رقبتي مد يده إلي الرف وسحب كتالوجا قال لي إنه مستورد من صالون حلاقة أمريكاني شهير يدعي «سلمني قفاك» وقبل أن أبدي دهشتي من وجود صالون أمريكي شهير يسمي نفسه سلمني قفاك قال عادل بكل ثقة وهو يشير لي علي الكتالوج:الكتالوج ده يا صاحبي فيه كل حاجة تخص قفاك، فسألته مندهشا: قفايا أنا؟ فقال ضاحكا:لالالا أقصد قفا أي زبون فسألت عادل: واشمعني القفا يعني؟ فقال وكأنه بروفيسير في السيربون يحاضر أمام جمع من طلبة قسم الحلاقة: القفا هو أهم حاجة في راس البني آدم والتعامل مع هذه الراس يبدأ دائما من القفا والحلاق الشاطر هو إللي يعرف يفك الغاز القفا قبل ما يمسك بالمشط والمقص. تلفت ناحية الباب لعل زبونا آخر يدخل الصالون لينقذني من براثن عادل لكن الصالون كان كما عهدته دائما خاليا من الزبائن تماما مثل صالون عمي عبد الحميد الذي كنت أظن أنه لا يحلق لأحد في الأقصر سوي الحاج وأنا فاستسلمت لقدري وقلت: لكن يا عادل ليست كل الشعوب مثل بعضها وإذا كان صالون «سلمني قفاك» قد صمم هذا الكتالوج خصيصا للأمريكيين فمن المؤكد أنه لن يناسب قفايا باعتباري من غير مواطني أمريكا فضحك عادل ساخرا مني وهو يتصفح الكتالوج قائلا: وهي دي تفوت برضك علي أندريه الأقرع؟ فسألته منزعجا: ومن يكون أندريه الأقرع هذا؟ فقال: بقي يا راجل بتسافر أمريكا كل سنة ومتعرفش أندريه الأقرع؟ أندريه يا سيدي يعتبر صاحب نظرية القفا المشدود واحنا علي مستوي العالم بنعتبره الأب الروحي وفيلسوف الحلاقين، ثم أشار إلي مجموعة صور تبرز زوايا مختلفة للقفا واستطرد قائلا: أندريه الأقرع قام بابتكار قصات قفا لكل منطقة في العالم وأهو الباب ده مخصوص للقفا العربي، أخذت أتأمل في الصور فانخلع قلبي حيث كان كل قفا إما ينزف دما أو مصابا بعاهة مستديمة نتيجة استخدام سلاح حاد كالمطواة مثلا أو البشلة في أحسن تقدير كما كانت احدي الصور لقفا قد نبت له قفا جديد في نفس القفا غالبا بتأثير ضربة شومة قسمت القفا إلي قفايين وهنا أسلمت ساقي للريح غير عابيء بصرخات عادل وهو يحاول أن يعيدني للصالون. بعد يومين لمحت صديقي عادل يجلس علي كرسي أمام الصالون، كانت كل أسنانه مكسورة ويده اليمني في الجبس ورأسه ملفوف بشاش فلم يظهر سوي عينيه فأدركت أن هناك زبونا آخر قد حلق له عادل دون أن يطلعه علي الكتالوج كما أدركت- وهذا هو الأهم - إنني لم أكن الزبون الوحيد الذي يحلق عند عادل!