نظرت للرجل طالبا مزيد من التفسير لكلامه: فقال : تنكرانك بتكتشف وانت بتقراكل يوم عن كم الفساد الذي يتكشف يوما بعد يوم اننا كنا بنتقرطس من الحكومات بتاعتنا؟ بذمتك مش حاسس اننا كنا طوال السنوات الماضية مضروبين علي قفانا؟! نجم الموسم "صعبان عليا قفاك"..هكذا فاجأني الزبون الذي فتح باب التاكسي وركب دون أن يسألني كما يفعل الركاب عادة إنذا ما كنت أقبل بتوصيله لمكان ما من عدمه! نظرت له نظرة متفحصة فأدركت أنني أمام حالة جديدة من الحالات التي ربما تكون قد تعرضت لضغوط نفسية في حياتها أثرت علي حالتها العقلية فقلت بسرعة وأنا أضع يدي علي قفايا:حضرتك تقصد قفايا أنا؟ فقال وهو ينظر لي بدهشة :امال قفايا أنا؟ طبعا قفاك انت ياحضرة الافندي..أنا قفايا مستوي من زمان لكن عايز أطمن علي قفاك انت..فقلت وأنا أتحسس قفايا:بخير..بخير الحمد لله تحب تشوف بنفسك؟ فقال ضاحكا:لا أنا مصدقك..فقلت مندهشا: بس اشمعني يعني القفا يا استاذ؟ فقال وقد انجعص في الكرسي كما لو كان يستحدث في احد برامج التوك شو..أصلي بصراحة يعني متأخذنيش " القفا " هو نجم هذه الأيام بلا منازع , لا أقصد قفايا أنا وحدي بل وقفاك أنت كمان وقفا كل مصري علي وجه الأرض , فنحن نعيش في لحظات تاريخية نادرة بطلها هو هذا القفا , فإذا كان معروفاً عن المصريين دائما أن هناك قائمة من القضايا التي توحدهم مثل أوقات الشدائد والأزمات ومباريات الكرة , فإن هذه القائمة التي توحد المصريين قد ضمت مؤخراً عنصراً هاماً ألا وهو القفا( !!) . الضرب علي القفا نظرت للرجل طالبا مزيد من التفسير لكلامه: فقال : تنكر انك بتكتشف وانت بتقراكل يوم عن كم الفساد الذي يتكشف يوما بعد يوم اننا كنا بنتقرطس من الحكومات بتاعتنا؟ بذمتك مش حاسس اننا كنا طوال السنوات الماضية مضروبين علي قفانا؟! , مش بتلاقي نفسك بتتعجب وانت بتتصفح عناوين جريدة أو بتتفرج علي برنامج تليفزيوني وتلاقي نفسك بتطوي الصحيفة أو تغلق التليفزيون وتطلق تنهيدة حارة قائلاً لنفسك :" يااااااه .. ده علي كده الواحد كان مضروب علي قفاه " , أنا شخصيا ضربني هؤلاء الكبار علي قفايا مليون مرة عندما صدقت أخبارهم وصورهم وهم يزفون بشري الرخاء والتنمية التي تنتظر الشعب المصري , والشقق التي بلا حصر والوظائف المتوفرة في كل مكان , وكله كوم وشعارات العفة والطهارة التي كان كل هؤلاء يتشدقون بها كوم آخر , تسمع الواحد منهم فتعتقد أنه من أولياء الله الصالحين , تقوي وورع إلي أبعد الحدود , لدرجة أن أحدهم قال ذات مرة أن الوزير من هؤلاء يعتبر من محدودي الدخل الذين ربما يستحقون أموال الزكاة , وأن الصدقة تجوز علي الفقير وعلي الوزير , وأن حسنة قليلة للوزير تمنع بلاوي كتيرة عن الفقير !!!. نظرت للرجل فوجدته قد اندمج في الدور وراح يكمل كلامه قائلا: لقد تعرض قفايا المسكين إلي حملات منظمة من هؤلاء الذين استباحوا لأنفسهم فلوسي وفلوس الشعب الغلبان تحت الراية المكسورة , تحول قفايا إلي سبيل يمر عليه كل عابر سبيل وقاطع طريق ليلسعني عليه لسعة قبل أن يتجه إلي حال سبيله , وكان قفايا وقفا كل مصري من السذاجة التي تجعله يستحق ما تعرض له طوال السنوات الماضية , فلم أشك مرة في صدق هؤلاء وحسن نواياهم , فإذا بهم يأكلون مال النبي بل وكل الأنبياء والمرسلين لينفقوها علي ملذاتهم وشهواتهم فإذا مرضوا من التخمة سارعوا بعلاج أنفسهم واسرهم الكريمة علي حسابي وحسابك دون استئذان , تخيلوا وزير صحة يعالج زوجته علي نفقة الدولة في أمريكا , ووزير مالية يعالج عينيه " إللي تندب فيهم رصاصة " بملايين الدولارات من لحم الحي ئم لا يستحي أن يمد يده في جيبي وجيبك ليكنسها عن آخرها , وعندما أدرك أنها قد أصبحت أنظف من الصيني بعد غسيله فكر في الشقة التي تأوي الإنسان ليحصل علي ضريبة منها لدتبير نفقات استكمال علاج عينيه , ولم لا والسفر بالدرجة الإولي والمرافق من الدرجة الإولي فهو مواطن من الدرجة الإولي بينما الشعب درجة تالتة وربما عاشرة , استكتر علينا بيوتنا غير مدرك صدق المقولة الصعيدية " الناس مدارياها الحيطان " وخلف هذه الحيطان ملايين البشر الذين يعانون ويتألمون وقد أعيتهم الحيل وهدتهم رحلة البحث اليومية عن لقمة العيش !! القاريء العزيز , هل تتفق معي بعد ذلك أن قفايا وقفاك قد تحملا الكثير والكثير ؟؟ حل عبقري قلت للزبون المنفعل:طيب وايه الحل من وجهة نظرك؟ فقال بدون تردد:عندي فكرة عبقرية – أو هكذا هي من وجهة نظري - لكي نسترد لأقفيتنا كرامتها المسلوبة وننتقم ممن طالما "لسوعونا" عليها شر إنتقام , وبصراحة لقد تفتق ذهني عن هذه الفكرة وأنا أري مقار عدد من المنشآت وقد تحولت إلي خرابات بسبب اقتحام المصريين لها انتقاما من بعض هذه المباني التي كانت تمثل بعبعا للمصريين, لذا أقترح أن نقوم بتحويل هذه المقار إلي متاحف مفتوحة وحتي لو جعلنا تذكرة الدخول لهذه المتاحف رمزية فإنني أؤكد أن هذه المتاحف سوف تكون مصدراً مهماً من مصادر الدخل القومي نظراً للإقبال الكبير ومنقطع النظيرالذي سوف تلاقيه خاصة لو وضعنا أمام كل مقر أو متحف من هذه المتاحف تمثال عبارة عن شخصية طويلة وعريضة وترتدي نظارة سوداء , وأهم شيء أن يكون قفا هذا التمثال عريض جداَ جدا جداَ , ونعلن أن التمثال قابل للضرب بمعني أن يقوم كل زائر بضرب هذا القفا علي قفاه قلت للرجل مندهشا : والله فكرة عبقرية بس تفتكر التمثال ده ممكن نسميه ايه؟ فقال بدون تردد:ياسيدي دي سهلة جدا..نسميه ( النصب التذكاري للقفا المجهول ) !!