أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي عمق وخصوصية العلاقات بين مصر وتونس وحرص البلدين علي تعزيزها وتطويرها خلال الفترة المقبلة والارتقاء بها الي آفاق أرحب بما يحقق المصالح المشتركة. وأشاد السيسي بالنتائج الايجابية التي خرجت بها أعمال الدورة الخامسة عشرة للجنة العليا المصرية التونسية المشتركة في تونس برئاسة رئيسي وزراء البلدين وما أسفرت عنه من توقيع 16 مذكرة تفاهم وبرنامجا تنفيذيا في مختلف المجالات بما يؤسس لمرحلة جديدة من التعاون المشترك. جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده الرئيس السيسي مع نظيره التونسي الباجي قايد السبسي عقب جلسة القمة المصرية التونسية التي عقدت بينهما بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة. وحضر المؤتمر من الجانب المصري كل من المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء وسامح شكري وزير الخارجية وطارق قابيل وزير التجارة والصناعة واللواء عباس كامل مدير مكتب الرئيس السفير أيمن مشرفة سفير مصر لدي تونس والسفير علاء يوسف المتحدث الرسمي بإسم رئاسة الجمهورية واللواء مصطفي شريف رئيس ديوان رئيس الجمهورية. وقال الرئيس السيسي: « يسعدني الترحيب بكم ضيفاً كريماً في بلدكم الثاني مصر في أول زيارة رسمية ثنائية تقومون بها إلي القاهرة منذ توليكم رئاسة الجمهورية التونسية الشقيقة. وأكد السيسي علي أواصر الأخوة والصداقة بين البلدين، وعمق وخصوصية العلاقات التي تربط بين البلدين والشعبين الشقيقين، وحرصنا الدائم علي تعزيز وتطوير علاقاتنا الثنائية، والارتقاء بها إلي آفاق أرحب ومستوي أكثر تميزاً بما يحقق ويعظم مصالحنا المشتركة ويمكننا من مواجهة التحديات المختلفة التي تهدد البلدين، ويلبي التطلعات التنموية، الاقتصادية والاجتماعية، للشعبين. وأضاف السيسي أنه أكد خلال اللقاء مع نظيره التونسي عزم حكومتي البلدين علي سرعة العمل علي تفعيل هذه الاتفاقات، وتذليل أية معوقات إجرائية بما يضمن دخولها حيز التنفيذ، وشدد الرئيسي علي ضرورة دفع التبادل التجاري وتعزيز علاقاتنا الاقتصادية والاستثمارية من خلال الاستخدام الأمثل للمزايا التي تتيحها الأطر المنظمة للعلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية مع التأكيد علي دور القطاع الخاص في هذا الشأن. وأكد الرئيس أنه تبادل وجهات النظر والرؤي مع نظيره التونسي حول العديد من القضايا الرئيسية ذات الاهتمام المشترك علي الصعيدين الدولي والإقليمي، لاسيما تنامي ظاهرة انتشار الإرهاب والتطرف بصورة باتت تهدد الأمن القومي لبلادنا واستقرار دول المنطقة، وأكدنا ضرورة توحيد الجهود للتصدي الحازم لهذه الظاهرة البغيضة بكافة الوسائل وبالتوازي مع تطوير الخطاب الديني بما يبرز القيم السمحة لديننا الإسلامي الحنيف. وأضاف السيسي أنه بحث أيضاَ التطورات المؤسفة وغير المقبولة التي يشهدها الحرم القدسي الشريف، وتم تجديد الإعراب عن إدانتنا لتلك الانتهاكات التي تدفع إلي عدم الاستقرار في المنطقة، وشددنا علي أن القضية الفلسطينية ستظل تحتل الأولوية في سياساتنا الخارجية حتي يحصل الشعب الفلسطيني الشقيق علي كامل حقوقه المشروعة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وعلي رأسها إقامة دولته المستقلة علي حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية. وتابع الرئيس السيسي: كما بحثنا كذلك تطورات الأوضاع في ليبيا الشقيقة، وأعربنا في هذا الصدد عن تطلعنا لقبول الأشقاء الليبيين اتفاق السلام الذي ترعاه الأممالمتحدة بما يسهم في التوصل إلي النتائج الإيجابية المرجوة وفي استعادة الاستقرار والأمن إلي جميع ربوع ليبيا. وفيما يتعلق بسوريا، قال السيسي إنه تم الاتفاق علي ضرورة استمرار العمل علي التوصل إلي تسوية سياسية شاملة للصراع بما يضمن الحفاظ علي وحدة وسلامة سوريا ويلبي تطلعات الشعب السوري الشقيق. وأضاف السيسي: وسط هذه التحديات الجسام التي فُرضت علينا خلال السنوات الأخيرة وتفاقمت آثارها بسبب اندلاع صراعات متعددة داخل بعض الدول العربية الشقيقة، بالاضافة الي ما تقوم به بعض الأطراف لجر المنطقة إلي منعطف خطير، فقد اتفقنا علي دفع آليات التنسيق والتشاور بين البلدين علي كافة المستويات في مختلف المجالات والقضايا حتي نتمكن سوياً من مواجهة واجتياز المخاطر التي تواجه أمتنا العربية والإسلامية. وأكد السيسي اهتمام مصر بالتعاون مع تونس في مواجهة الإرهاب، ودعمنا للإجراءات التي اتخذتها الحكومة التونسية لصون أمن بلادها، معرباً عن تمنياتنا الطيبة لتونس العزيزة بالازدهار والتقدم ولشعبها الشقيق بكل الخير والتوفيق. ومن جانبه أعرب الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي عن سعادته بزيارة مصر وامتنانه بالدعوة التي وجهها له الرئيس عبد الفتاح السيسي، ووجه السبسي التحية للشعب المصري وقدم له التهنئة بمناسبة ذكري انتصالات حرب أكتوبر وأكد ان نصر أكتوبر أرجع للجيوش والشعوب العربية جميعا كرامتها معرباً عن سعادته بدعوة الرئيس السيسي له لحضور الاحتفالات التي تقيمها مصر غداً بمناسبة ذكري نصر اكتوبر. وأضاف السبسي: « ممتنون علي دعوتكم الكريمة لزيارة مصر الشقيقية». وأضاف أنه جاء الي مصر وهو منفرح باللقاء مشيرا الي أن آخر رئيس تونسي زار القاهرة كان منذ نصف قرن تقريباً وقال إنه لمس في الرئيس السيسي الوطنية الصادقة نحو تفهم الاوضاع بالدول الأخري بما فيها دول الجوار وعدم التمسك برأي والتفهم والتفتح للمستقبل. وأوضح خلال المؤتمر الصحفي أن هذه الصفات جعلتنا نأتي الي مصر ونحن نعرف مسبقاً أننا سنحصل علي اتفاق شامل. وأضاف أن ما وصلنا اليه خلال المباحثات والروح التي جرت بها مؤشر ايجابي وكان هناك ارتياح ويبعث رسالة بمستقبل أفضل للبلدين وشعوبنا بأنه سيكون بمزيد من التعاون والتفاهم بين البلدين. وقال إن تونس تؤمن بمبدأ هام في العلاقات الدولية وهو عدم التدخل في شئون الدول الداخلية، مضيفاً أن أهل مكة أدري بشعابها ولا تتدخل تونس في شئون أي دولة من دول الجوار وهذا مبدأنا ويجنبنا الدخول في أي مشاكل ومشاكسات ومتاهات. وقدم الرئيس التونسي في ختام كلمته الشكر للرئيس السيسي علي دعوته لزيارة مصر وحضور احتفالات نصر أكتوبر. وكان الرئيس السيسي قد استقبل نظيره التونسي بقصر الاتحادية حيث أقيمت مراسم الاستقبال الرسمي للرئيس التونسي وتم عزف السلامين الوطنيين للبلدين واستعراض حرس الشرف. واجتمع الرئيسان في لقاء ثنائي مغلق استغرق أكثر من ساعة، تلاه اجتماع موسع بحضور وفدي البلدين. وصرح السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس رحب بالرئيس التونسي معرباً عن تقدير مصر لحكمة القيادة السياسية التونسية وقدرتها علي قيادة البلاد في تلك المرحلة الدقيقة. وأشاد الرئيس بأواصر الإخوة والصداقة بين البلدين، مؤكداً أهمية تعزيز العلاقات بين الشعبين الشقيقين في مختلف المجالات، لاسيما لمواجهة التحديات التي يفرضها انتشار الإرهاب والفكر المتطرف في المنطقة. من جانبه، وجه الرئيس التونسي الشكر للرئيس، منوهاً إلي المكانة السامية التي تتمتع بها مصر والمصريين في نفوس أبناء الشعب التونسي. وأعرب الرئيس التونسي عن أمله في أن تسهم زيارته إلي مصر في إحداث نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين ترتقي بها إلي آفاق أرحب ومستوي أكثر تميزاً. وصرح السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن اللقاء شهد اتفاقاً علي أهمية تعزيز العلاقات الثنائية، ولا سيما من خلال تنفيذ كل الاتفاقيات والتفاهمات التي تم التوصل إليها أثناء اجتماع اللجنة المشتركة بين البلدين التي عقدت دورتها الخامسة عشرة بتونس خلال سبتمبر 2015. وقد اتفق الجانبان علي تبادل الخبرات والتجارب الناجحة في مختلف المجالات، ومن بينها الكروت الذكية الخاصة بنقاط الخبز التموينية في ضوء أثرها الإيجابي الملموس في حل أزمة الخبز في مصر، وضمان وصول الدعم إلي مستحقيه. وقد تم خلال اللقاء توجيه الشكر للجانب التونسي علي استقبال المواطنين المصريين الذين لجأوا للحدود التونسية بعد تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا، وتيسير إجراء عودتهم إلي مصر. وفي هذا الصدد، أكد الرئيس التونسي العلاقات الوطيدة التي تجمع بين البلدين والشعبين المصري والتونسي، معرباً عن ثقته الكاملة في أن المواطنين التونسيين كانوا سيحظون بذات المعاملة في مصر، وهو ما أمن عليه الرئيس، مشيراً إلي التقدير الذي يتمتع به أبناء تونس الشقيقة لدي الشعب المصري. وعلي الصعيد الإقليمي، اتفق الرئيسان علي أهمية التوصل إلي حلول سياسية للأزمات التي تمر بها دول المنطقة بما يضمن سلامتها الإقليمية ووحدة أراضيها ويصون مقدرات شعوبها. وأضاف المتحدث الرسمي أن الأزمة الليبية استأثرت بجزء مهم من اللقاء حيث أكد الرئيسان أهمية تدارك الأوضاع في ليبيا بما يحول دون توسع التنظيمات الإرهابية.