بداية فإنه ليس من توصيف مستحق علي إقدام إدارة أوباما الأمريكية علي رفع قرارات الحظر المتعمد علي توريد الأسلحة التي كان قد تم الاتفاق علي تزويد قواتنا المسلحة بها.. سوي بأنه لا يصح إلا الصحيح في النهاية. وليس خافياً أنه قد تم اللجوء إلي إجراءات هذا الحظر في محاولة لممارسة الضغوط علي مصر بعد ثورة شعبها يوم 30 يونيو علي الحكم الإخواني الذي خطط لطمس هويتها وتعريض الأمن القومي المصري لأخطار جسيمة. وقد امتدت دائرة هذه الضغوط إلي دول الاتحاد الأوروبي بحكم خضوعها للنفوذ الأمريكي. لا جدال أن هذه الخطوة الأمريكية تعد إصلاحاً لمسار خاطئ في تعامل إدارة أوباما مع إرادة الشعب المصري التي لفظت الحليف الإخواني الذي كان محل آمال كبيرة للمخططات الأمريكية. هنا يثور التساؤل حول الأسباب التي دفعت واشنطن إلي هذا التغيير الجذري في سياساتها تجاه مصر بعد ثورة 30 يونيو. الإجابة علي هذا التساؤل يقودنا إلي عدة حقائق في غاية الأهمية تتلخص فيما يلي من وجهة نظري: فشل الضغوط الأمريكية التي تم ممارستها علي مصر وامتد هذا الفشل إلي كل الجوانب الاستراتيجية في الشرق الأوسط. كان وراء هذا الفشل صمود الإرادة المصرية والتزام القيادة السياسية المصرية بعدم الدخول في مهاترات سياسية وتركيز كل جهودها في تبني السياسات التي تؤكد المضي في طريق الإصلاح الشامل سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. تبني جماعة الإرهاب الإخواني بعد شلحها عن حكم مصر لعمليات ممارسة إرهاب القتل والتدمير والتخريب أظهر سوء اختيار النظام الحاكم في أمريكا لها كحليف يحظي بالدعم والتأييد والمساندة من جانب الدولة العميلة في المنطقة خاصة بعد ثبوت أن كل التنظيمات المتطرفة التي تتاجر بالدين خرجت من صلب هذه الجماعة. أكدت التطورات وعلي ضوء التحركات المصرية للحفاظ علي الأمن القومي أن مصر لن تعدم ومن خلال علاقاتها الدولية إيجاد البديل للحصول علي احتياجاتها من السلاح. كان للمساعدات الاقتصادية التي قدمتها كل من السعودية والإمارات والكويت لمصر دور مهم في دعم هذا الصمود المصري في مواجهة الضغوط الأمريكية. ثبت يقيناً وعلي ضوء الحرب التي تخوضها مصر بقوة وإصرار ضد الإرهاب والتطرف علي أرض سيناء مصداقية وسلامة مواقفها بشأن أخطار هذا الإرهاب. شملت هذه المواقف التحذير من امتداده إلي الدول الغربية مع التأكيد علي أن الإسلام بريء تماماً من كل مزاعم وادعاءات هذه التنظيمات الإرهابية المتطرفة. هذه المصداقية المصرية كانت وراء اهتزاز صورة الحزب الديمقراطي الحاكم مع اقتراب المعركة الانتخابية الرئاسية وهو ما تم اعتباره نقطة ضعف تصب لصالح الحزب الجمهوري المنافس الذي أصبح يسيطر علي الأغلبية في الكونجرس. يضاف إلي ذلك ثبوت فساد استراتيجية تشجيع التنظيمات المتطرفة علي هز الأمن والاستقرار في دول المنطقة وهو ما أسفر عن ظهور تنظيمات إرهابية خرجت عن طوع هذه الاستراتيجية وأصبحت تمثل تهديداً لأمن الدول الغربية مثلما حدث في فرنسا في عملية الهجوم علي صحيفة «شارل إبدو». أعتقد أن هذه النقاط كانت ضمن أسباب ومبررات هذا التغيير الجذري في السياسة الأمريكية تجاه الاستجابة لطلبات التسلح المصرية.