د. جمال زهران الاستقرار السياسي الحقيقي والشامل يحتاج إلي اعادة ترتيب الحياة السياسية بارادة مجتمعية وبمباردة رئاسية ولا خوف من ردود الافعال، لان الشعب ينتظر مشهدا جديدا وحقيقيا يدفع الدم في شرايين المجتمع علي خلفية الثورتين أخيرا .علي ما يبدو انني استطعت اختراق حواجز عدم نشر اسمي او نشاطاتي او آرائي حتي حوارين اجريا معي ولم يتم نشرهما، او حتي مقال بسيط في ذكري الاربعين للاستاذ سلامة احمد سلامة «رئيس التحرير الاسبق للشروق»، وذلك من خلال رأي متواضع استفز السيد عماد الدين حسين «رئيس تحرير الشروق الحالي»، فنشره تحت عنوان «اقتراح د. زهران.. نوايا طيبة تقود إلي الجحيم»، وردا علي ذلك اود ان اطرح وجهة نظري بوضوح تجنبا لاي لبس او غموض او مزايدة من هنا او هناك خاصة ان صحفيي هذه الايام يتسمون بصفة «التيك أواي»، وعدم التركيز والبحث عن عناوين والنشر بلا تدقيق. فما نشر عني وعلق عليه أ. عماد، هو رأي منقول عبر بوابة اليوم السابع الامر الذي يقتضي اعادة تقديمه للرأي العام لعل فيه ما هو مفيد في هذه الايام الصعبة التي نمر بها في مصرنا العزيزة. من جانبي اري ان العملية السياسية تعاني من شوائب خيار عدم الحسم الثوري لخلق مجتمع الثورة، ويحاول اصحاب المصلحة الترويج لقبول الاوضاع والتعامل مع الاوضاع القائمة وكأن ثورتين لم تقوما من الاصل: ولا زلت اري ان قبول الوضع القائم الذي يحاول مراكز القوي والنفوذ والمال فرضه علينا بكل السبل، هو «خيانة ثورية» غير مقبولة، قد تؤدي ان نجحت لشيوع حالة الكراهية المولدة لعنف آخر غير ارهاب الاخوان وانصارهم، وهو «العنف الشعبي».. ولذلك فإن الوضع الذي يقاتل اصحاب المصلحة من اجله هو استمرار الاوضاع القائمة والعودة إلي ما قبل الثورتين «استحضار نظام مبارك ورموزه واستمرار سياساته، وكذلك استحضار الاخوان وبدائلهم من النور والقومية والوطن، وغيرهم» بحيث يكون البرلمان القادم جماعا بين «مبارك وفزاعته» مرة اخري تدعمه قوي خارجية بحيث لا يحدث تغيير جذري حقيقي وفقا لمقتضيات الثورة، وتلعب احزاب سياسية وقوي مختلفة دورا مشبوها لدعم هذا الاتجاه والحرب علي اية افكار تحاول الخروج من دائرة الحصار، وكأننا لا نتعلم من تجاربنا. وتتركز فكرتي فيما يلي: - الاحزاب السياسية القائمة يصل عددها إلي نحو «90» حزبا، من بينها ثلاثة احزاب لثلاثة اشقاء لم يستطيعوا الاندماج في حزب واحد، الامر الذي يقطع بأن المصالح الشخصية هي الحكم، وكذلك النوازع الشخصية والبروز الشخصي وتصدر المشهد.. الخ. - هناك احزاب سياسية تحت التأسيس تتجاوز «10» عشرة أحزاب، لم يستطع اصحابها توفير المال اللازم للتأسيس ففضلوا عدم الاندماج مع آخرين، واكتفوا بشعار تحت التأسيس، وهي مأساة بكل الابعاد. - هناك احزاب سياسية تم اشهارها بتمويل سياسي خارجي والدولة تعرف ذلك وترصده وتوظفه علي ما يبدو حاليا ومستقبلا، ومن بين هذه الاحزاب من لا تعرف سوي رئيسه بكل أسف!!! - هناك احزاب سياسية صوتها عال للغاية علي خلفية ماض وهمي وشعبية زائفة، وهي بلا قواعد شعبية وتهدد وتتوعد، وفي اللحظة الحاسمة يلتزم رؤساؤها بالتعليمات الصادرة لهم وتجدهم يتراجعون بنفس درجة صوتهم العالي بكل اسف!! - هناك احزاب تتلقي اموالاً خارجية من خلال جمعيات مدنية مفتوح لها ابواب التمويل الاجنبي بلا حساب، وتعمل وفقا لاجندات امريكية واوروبية، وبعضها يعمل في خدمة نظم عربية تحقيقا لمصالحها الاقتصادية. - هناك احزاب متأسلمة يبلغ عددها «21» حزبا بخلاف حزب الحرية والعدالة الاخواني الذي تم حله، وتحظر المادة «74» من الدستور وجود هذه الاحزاب، فكيف اذن يرخص لها بالدخول في الانتخابات البرلمانية دون حظرها وحلها بشكل مباشر؟! - هناك احزاب «فلول» بشكل مباشر تبلغ عشرة احزاب، وهي بقايا رموز مبارك وضمت اليها بعض الوجوه شبه المعارضة للتجمل وهي في الاساس من نظام مبارك وكانوا يركبون معه الطيارة، وتستر نظام مبارك علي احكام بالسجن ضدهم وتغاضي «حبيب العادلي» عن تطبيق هذه الاحكام عمدا، فكيف يسمح لهؤلاء بدخول الانتخابات وممارسة الحياة السياسية بعد ان ثار الشعب ضدهم في 25 يناير 2011م!! - هناك احزاب قديمة من ايام مبارك، فتحت ابوابها لرموز من نظام مبارك علي خلفية انهم ليسوا بفاسدين، وتجاهلوا حقيقة الثورة ان الشعب يقرر اسقاط نظام برموزه المتهمين بالفساد السياسي .. وفي سياق هذه المدخلات، فهل هذه الاحزاب وهذا الوضع، يصلح لممارسة سياسية جادة تقود إلي خلق مجتمع مصر الثوري الذي يحقق العدالة الاجتماعية الحقيقية لا الشكلية، مع ملاحظة ان هناك عدداً محدوداً من الاحزاب الجادة ولاشك ولكنها غير قادرة وحدها علي قيادة المشهد وتحمل المسئوليات التاريخية في هذه المرحلة الحاسمة. - لكل هذه الامور فإن الاستقرار السياسي الحقيقي والشامل يحتاج إلي اعادة ترتيب الحياة السياسية بارادة مجتمعية وبمباردة رئاسية ولا خوف من ردود الافعال، لان الشعب ينتظر مشهدا جديدا وحقيقيا يدفع الدم في شرايين المجتمع علي خلفية الثورتين.. واري ان البداية هي اعادة النظر في جميع الاحزاب السياسية القائمة بلا استثناء، واعادة اشهارها بالتشديد علي نقطتين واضحتين اولاهما: ضرورة توافر «100» ألف توكيل شرط اعادة الاشهار من خلال نصف عدد المحافظات «15» محافظة علي الاقل ثلثهم علي الاقل في صعيد مصر، وثانيتهما: البرنامج سياسي مدني ولا يقوم علي اساس الدين تنفيذا للمادة 74 من الدستور بحظر الاحزاب السياسية المدنية، وعلي القائمين علي الحزب استبعاد قيادات الحزب الوطني الفاسد وقيادات جماعة الاخوان الارهابية من المؤسسين، احتراما لارادة الثورتين ودماء الشهداء وسعيا للتغيير الجذري وهو الهدف الحقيقي للثورات عموما. نحن إذن في حاجة إلي كيانات حزبية كبري بارادة شعبية، والمؤكد ان تلتف القوي حول الاتجاهات الرئيسية في الفكر السياسي «يمين- وسط- يسار» كما هو سائد في الدول العريقة ديمقراطيا. لقد حاولت ان اقدم تصورا يحتاج إلي نقاش، بدأه رئيس تحرير الاهرام، ولم يعقب احد بينما نالني البعض وبالتجريح والسب، لمجرد انني اقتربت من عش المصالح واوكار الفساد والعزب السياسية التي يتخفي وراءها البعض. التغيير قادم.. لان الثورة مستمرة حتي تحقيقه بإذن الله، ومازال الحوار متصلا.