هل ترغب واشنطن بالفعل فى التخلص من مقاتلى داعش بعد ان أدركت الإدارة الإمريكية أن تنظيم الدولة الإسلامية في طور التوسع ونجح في السيطرة علي شمال وغرب العراق مؤخرا وان امكانية تفكيكه عن طريق الغارات الجوية التي تشنها حاليا امر مستبعد.. يتم الاستعداد حاليا لتبني استراتيجية جديدة تضمن الا تتورط واشنطن في أي تدخل إضافي في العراق وفي الوقت نفسه تعمل علي اخراج التنظيم من هناك. فرغم تحذيرات وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل من التهديد الذي تمثله داعش ضد واشنطن ومصالحها في المنطقة، معتبرا إياها خطرا أكبر في حجمه من تنظيم القاعدة الذي كان العدو الأول لأمريكا منذ 11 سبتمبر عام 2001 وانه يمثل تهديدا كبيرا سواء تواجدفي العراق أو أي مكان آخر.. ورغم الغضب الشديد الذي يجتاح المجتمع الامريكي بعد اذاعة شريط قتل الصحفي الامريكي جيمس فولي، وتأكيد جون كيري وزير الخارجية الامريكي علي أن الدولة الاسلامية يجب أن تدمر.. الا ان الادارة الامريكية تري ان هناك صعوبات كثيرة تحد من خياراتها في مواجهة هذا التنظيم ، ولهذا تستبعد من خياراتها اتخاذ خطوات عسكرية اكثر شراسة ،وبدلا من ذلك تعمل حاليا علي سيناريو جديد يعتمد علي سحب البساط من تحت قدمي الدولة الاسلامية من خلال محاولة تفكيك العلاقات بين التنظيم وسنة العراق الذين يعانون إقصاء بسبب السياسات المثيرة للانقسام التي اتبعها رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي،و الذي مازال يتولي تسيير الأعمال حتي ينتهي رئيس الوزراء الجديد، حيدر العبادي، من تشكيل حكومته.. وتشكيل ائتلاف من القوي يضم مقاتلين وطنيين من العشائر السنّية العراقية، ووحدات سابقة من الجيش العراقي، وقوات البيشمركة الكردية وربما بعض القوات الإقليمية من دول الجوار لشن حرب علي تنظيم الدولة الاسلامية لاخراجه من العراق .وتوجد رغبة لدي واشنطن في الدفع بجيوش دول عربية إلي آتون هذه الحرب فقد تساءل تقريرنشرته فايننشال تايمز عن سبب قصف طائرات الولاياتالمتحدة لداعش بينما لا يفعل ذلك العرب، لاسيما وأن دول الخليج تملك 600 طائرة مقاتلة وإذا أضفنا إليها تركيا والأردن ومصر ستكون هناك ألف طائرة أخري، فلماذا إذن لا تقوم طائرات تلك الدول بالمهمة. لهذا يبدو للبعض ان واشنطن تسارع الخطي من اجل تشكيل حكومة عراقية جديدة تستطيع استعادة التوازن المفقود بين السنة والشيعة رغم انها مهمة صعبة. فبعيدا عن رفض الشيعة لمطالب سنة العراق في ما يتعلق بان يكون لهم دور في سياسات العراق هناك العديد من تيارات الرأي السنية، التي تختلف فيما بينها حول صيغة تقاسم السلطة. ولن يتحقق ذلك التوازن كما خططت له واشنطن من قبل الا من خلال تقسيم العراق إلي ثلاث مكونات سنية وشيعية وكردية.. وهو مااشار اليه مؤخرا جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي عندما كرر دعوته إلي تطبيق نظام فيدرالي فاعل في العراق لمعالجة الانقسامات التي تعصف بالبلاد، مما سيمنح السنة والشيعة والأكراد اقاليم ذات استقلالية إدارية أكبر –في رأيه-. وتهدف المفاوضات الجارية في العاصمة العراقية بين الكتل السياسية إلي عقد صفقة شاملة تؤدي إلي تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كامل أطياف الشعب العراقي ومكوناته من شيعة وسنة وأكراد. في الوقت نفسه فإن السيناريو ظاهريا يبرّر ان واشنطن لم تعد ترغب في التورط في حرب جديدة في العراق، الا انه يكشف في ذات الوقت أنّها لا ترغب حقيقة في القضاء علي تنظيم داعش، بقدر ما ترغب في تحجيمه ومراقبته ومنع خروج تهديداته عن حدود مرسومة من قبل ، فواشنطن لم تتدخّل في البداية حين سيطر التنظيم علي مناطق واسعة في العراق، لكنها سارعت إلي توجيه ضربات له حين اقترب من أربيل عاصمة كردستان حيث تحتفظ واشنطن بمصالح حيوية هناك ..في الوقت نفسه فهي ترفض ملاحقة التنظيم في شمال سوريا رغم تأكيد قادة عسكريون أمريكيون بأن هناك حاجة لخوض حرب معقدة وطويلة الأمد، تشمل التدخل في العراق و سوريا التي قويت فيها شوكة التنظيم ، من أجل استئصال التنظيم من البلدين. مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، قال أن تنظيم الدولة الإسلامية سيظل يمثل خطرا إلي أن يصبح غير قادر علي الاعتماد علي ملاذات آمنة في سوريا. . السيناريوهات المحتملة لمواجهة خطر داعش ومحاولة القضاء عليه وما أعلنت عنه هذه الاحتمالات من اختلاف في وجهات النظر الغربية خاصّة في ما يتعلق بالتعاون مع نظام الأسد في محاربة داعش الذي اصبح يسيطر علي مناطق شاسعة في شمال سوريا وشرقها قد يتلاشي مع ارتفاع نسبة التهديد الذي أضحت تمثّله علي الجميع، قد يعيد صياغة بعض العلاقات الغربية مع إيران، خصوصا فيما يتعلق بملفها النووي خاصة وان هناك اعتقادا كبيرا أنّ تنظيم الدولة الإسلامية ورقة بيد طهران وليس بيد النظام السوري!