فرصة لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أثناء زيارته الأخيرة لمصر، مع عدد من رموز النخبة المصرية ، وآخر مع الصديق العزيز الطيب عبد الرحيم، أمين عام الرئاسة الفلسطينية.، الأسبوع الماضي . كانتا كافية لمعرفتي بكافة المعلومات ، عن مجري المباحثات الفلسطينية الإسرائيلية، التي علي ما يبدو تراوح مكانها ، وتدخل الي نفق مظلم، رغم كل الآمال والتطلعات التي صاحبتها، عند انطلاقها في الصيف الماضي، بدعم أمريكي واضح وصريح ، وتحديد سقف زمني 9 اشهر لنهايتها؟ وفق برنامج ، يتحدث عن التوصل الي اتفاق سلام دائم وشامل ، بين الجانبين. يحفظ حقوق الشعب الفلسطيني ، في إقامة دولته علي حدود 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، ويلبي احتياجات إسرائيل الأمنية. ودعونا نتفق ، علي ان القضية الفلسطينية، دفعت ثمنا باهظا، نتيجة ثورات الربيع العربي، خاصة وأنها أخرجت من المعادلة، دولا محورية وداعمة تاريخيا للقضية الفلسطينية، والغريب ان نتنياهو، يستثمرتلك الظروف التي تعيشها المنطقة ، ويتحدث بصفاقة، في محاولة لقلب الحقائق، عن ان الأزمة الحالية، ليست في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ولكن في ايران ،والإخوان المسلمين، والقاعدة، مما يعني تراجع الاهتمام العربي والدولي بالقضية، لحساب تحديات أخري، يروج لها رئيس الوزراء الإسرائيلي واللوبي اليهودي ،في دوائر صنع القرار في واشنطن. ولعل هذا الوضع المأساوي ، هو مادفع الرئيس محمود عباس، الي القبول والتجاوب مع الرغبة الأمريكية، في استئناف عملية السلام، وإطلاق مفاوضات فلسطينية إسرائيلية، في يوليو الماضي، بعد توقف وجمود استمر ثلاثة أعوام كاملة، منذ رئاسة اولمرت. خاصة وان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، وعد بان البحث في الجولة الجديدة، سيكون عن الحل النهائي، دون اي بحث ، عن حلول انتقالية ولا مرحلية. ولن يكون هناك تمديد للمباحثات دقيقة واحدة، بعد الأشهر التسع المقررة للمفاوضات ،يتخللها اتفاق علي الإفراج عن مجموعات من الأسري الفلسطينين . وقد شهدت الفترة الماضية مؤشرات جدية أمريكية، ومتابعة مباشرة لسير المفاوضات ، من خلال عشر جولات قام بها وزير الخارجية جون كيري للمنطقة، ورغم هذا فالمحصلة صفر، والهوة مازالت سحيقة بين الطرفين، نتيجة نجاح الضغوط التي تمارسها تل أبيب علي الإدارة الأمريكية، مما تسبب في تراجعها عن كل مواقفها السابقة، بل ممارسة ضغوط علي الجانب الفلسطيني ،للقبول بصيغة اتفاقية إطار، بدلا من اتفاق سلام شامل، بل أطلقت الولاياتالمتحدة،" بلونات اختبار"، حول إمكانية مد المفاوضات الي بداية العام القادم. صحيح واشنطن تعترف بالحقوق الفلسطينية، ولكنها نتيجة الضغوط الإسرائيلية، تحطم الجسور المؤدية لتلك الحقوق، وهي تعترف بحدود 1967، ولكنها تستجيب للشروط الإسرائيلية، التي تحول دون التوصل الي ذلك. والوقائع تؤكد ان الرئيس محمود عباس مازال صامدا، ومتماسكا بالحد الادني، الذي يحقق الحقوق الفلسطينية، وهو ماكان واضحا في رسالته الي الرئيس أوباما، الذي رفض فيها الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل، وعدم القبول بالدولة الفلسطينية علي حدود 67 بدون القدس، ورفض وجود إسرائيلي علي الأراضي الفلسطينية، برا وبحرا وجوا او علي المعابر، مع ممارسة اللاجئين الفلسطينيين لحقهم، في العودة او التعويض وفقا للقرار 194 . وبهذا يمكن تحديد الخلافات القائمة بين الجانبين، في القضايا الثلاثة، يهودية الدولة، والقدس، والأمن. خاصة بعد إثارة إسرائيل، لفكرة البقاء في منطقة الأغوار، والتي تشكل ربع مساحة الضفة الغربية، وتطمع فيها إسرائيل، بدعوي أنها تحتاج إليها، لمنع اي هجوم لما تسميه جحافل الجيوش العربية. وقد زرعتها بحوالي عشرين مستوطنة، لفرض الامر الواقع، رغم قلة عدد المستوطنين في المنطقة. وقد طرحت اتفاقية الإطار المطروحة من واشنطن، بقاء القوات الإسرائيلية علي الحدود مع الأردن لخمس سنوات، يتم خلالها تدريب قوات الأمن الفلسطينية، علي أداء مهامها، علي ان يجري تقويم إسرائيلي، في نهاية تلك الفترة، مما يعني ان تل أبيب ستكون هي الحكم، وتستطيع ان تماطل في مسالة الانسحاب، بذريعة عدم جاهزية القوات الفلسطينية، ويعول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري كثيرا، علي نتائج اجتماعه، اليوم الأحد في باريس، مع وزراء عدد من الدول العربية، خاصة مصر والسعودية والأردن وقطر، بمشاركة الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي، وإقناعهم بوجهة نظر واشنطن، في الاتفاق الإطاري المطروح، والضغط علي الجانب الفلسطيني للقبول به ،بينما الوزراء العرب مكلفين، من اجتماعهم الأخير في القاهرة في 21 ديسمبر الماضي، بتوصيل رسالة خطية الي الوزير الأمريكي، بعد ان استمعوا الي بيان للرئيس محمود عباس ، حول تطورات المفاوضات، تؤكد علي التمسك العربي، بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، علي كامل الأراضي المحتلة عام 1967 ، وعاصمتها القدسالشرقية، وفقا لمبادرة السلام، ورفض الإجراءات، والخطط والسياسات الإسرائيلية، الهادفة الي، تغيير الواقع الديموغرافي والجغرافي ،في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس. وبعد، يبدو أننا امام احتمال واحد لا ثاني له ، ان تزيد السلطة الفلسطينية، من وجودها في المنظمات الدولية ، بعد الحصول علي العضوية غير الكاملة في الاممالمتحدة، لخلق آليات جديدة لمواجهة إسرائيل، التي نجحت في تحويل المفاوضات طوال السنوات ،منذ توقيع اتفاقية أسلو، في العام 1993، الي مضيعة للوقت.