كانت بداية هذا اليوم ساكنة وهادئة لا تنبئ اطلاقا بما حدث.. فقد تحطمت علي صخرة" ابو عطوة" اوهام جنرالات اسرائيل وامريكا في احتلال الاسماعيلية وتطويق الجيش الثاني. مع بدء سريان قرار وقف إطلاق النار في السادسة و52 دقيقة من مساء 22 اكتوبر 73 كان لنا في سيناء 5 فرق بقوة حوالي 80 ألف مقاتل يسيطرون علي شريط من الارض بعمق مابين 12و 15 كيلو مترا شرق قناة السويس.. يقطعه كوبري إسرائيلي بعرض 7 كيلو مترات فقط وتتواجد فرقة مدرعة اسرائيلية في شريط من الارض غرب القناة بنفس المساحة بالاضافة الي فرقتين مدرعتين منتشرتين جنوب ترعة الإسماعيلية وكانت قواتنا في سيناء تتمسك بمواقعها دون أي تهديد وتحاصر وتثبت القوات الإسرائيلية المتسللة. ورغم صدور القرار فقد زار اسرائيل صباح نفس اليوم هنري كسينجر وزير الخارجية الأمريكي أثناء عودته من الاتحاد السوفيتي وطالب القادة الإسرائيليين باحتلال إحدي مدن القناة ليكون في يدهم ما يمكن التفاوض عليه.. وقد حكي لي اللواء صادق عبد الواحد في احد لقاءاتنا كيف افشلوا المخطط "الاسروامريكي" علي ابواب مدينة الاسماعيلية.. فقد كانت قوات الصاعقة تحتل بعض المواقع علي محور يحتمل تقدم العدوعليه لتنفيذ مخططه.. وفي الثانية عشرة والنصف شاهدت قوة الكمين بقيادة الرائد ابراهيم الدسوقي والنقيب حامد شعراوي 4 دبابات وعربات مدرعة للعدو تتقدم فتصدت لها.. وببطولة نادرة قام الرائد ابراهيم الدسوقي ومجموعة من الجنود والصف ضباط بمواجهة الدبابات الاسرائيلية والصعود فوقها.. والقي الرائد ابراهيم قنبلة داخل برج احدي الدبابات فانفجرت الدبابة بمن فيها واستشهد ومعه الرقيب عبد المعطي سليمان. ارتدت قواتنا للخلف حتي قرية ابو عطوة لاعادة تنظيم القوات ونقل المصابين.. واتخاذ موقع جديد للكمين بعد اكتشاف الموقع الاول.. وانهمك العدو في سحب قتلاه وجرحاه ودباباته وعرباته المحترقه التي تغلق الطريق.. وتم نصب كمين جديد عند قرية ابو عطوه واتخذ ابطالنا البواسل اماكنهم بأزقة القرية وفوق أسطح المباني المبنية بالطوب اللبن والطفلة وداخل منطقة المقابر.. وبعد توزيع القوات جلس الرائد صادق عبد الواحد والرائد مبارك عبد المتجلي يناقشان بعض الامور لتأتي طلقة لعينة غادرة تخترق صدر الرائد عبدالمتجلي وتلامس المصحف الصغير في جيبه لينال الشهادة.. لحظات وتأتي معلومات من عناصرالانذار بأن العدو يتقدم بثلاث دبابات وعربتين مجنزرتين محملتين بقوات المظلات والهاونات والرشاشات نصف بوصة.. والتزم الجميع الصمت ولم يعد يسمع إلا صوت جنازير الدبابات الاسرائيلية.. وعندما وصلت قوة العدو امام الكمين.. ومع صيحة الله اكبر فتحت المجموعة نيرانها عليها وأمطرتها بالقنابل اليدوية.. وتلقت اول دبابة اسرائيلية قذيفة فانفجرت.. وطار برج الثانية وحاولت الثالثة اقتحام الكمين والدخول في بيوت الطين بدرعها فتلقت قذيفة فرقدت خامدة.. واشتبكت مجموعة الانذار مع عربات وافراد العدو فهرولوا للاختفاء بين الاشجار ونيران ابطالنا تتابعهم في كل مكان.. واصبح العدو في موقف لا يحسد عليه فقام بفتح نيران مدفعيته وارسل مقاتلاته لتقصف المنطقة من ابو عطوة وحتي نفيشية.. وردت عليه مدفعية الجيش الثاني.. استمر هذا الوضع حتي حل الظلام.. وفي العاشرة مساء حاول العدو الالتفاف من الجانب الايسر بقوات مشاة فتم التصدي له فتراجع حاملا جرحاه وقتلاه.. وفي الصباح وجدت قوة الكمين نفسها وجها لوجه امام العدو ولا يفصل بينهما سوي 100متر.. ولكن العدومن رعبه وما اصيب به من خسائر انسحب. وتكرر اسرائيل محاولتها الفاشلة بعد يومين فتقصف مدينة السويس بالطيران والمدفعية بعيدة المدي والصواريخ "ارض/ ارض" لمدة ثلاث ساعات متصلة.. لتبدأ مهاجمتها في التاسعة والنصف صباحا بلواءين مدرعين ولواء مظلات.. ويتصدي الجيش والشعب بالسويس بقيادة الشيخ حافظ سلامة لقوات العدو وتدورمعركة شرسة حتي الخامسة والنصف مساء.. وتستغل القوات الإسرائيلية الظلام في الانسحاب بعد أن تكبدت خسائر كبيرة وفشلت في احتلال السويس.. وتطويق الجيش الثالث.