تقريبا 15 عاما مرت على أول مباراة له مع الأهلي عام 1996، وطوال هذه الفترة ظل إبراهيم سعيد لغزا محيرا للجميع، ورغم وتقاليعه ومشاكله إلا أن الجميع لديه قناعه بأنه أحد أفضل اللاعبين الذين أنجبتهم الكرة المصرية، إلا أن هذه الموهبة لم تستغل ولم تظهر بالشكل المناسب، إبراهيم سعيد حصل على فرصة كان يتمناها أي شاب في هذا الوقت، نجومية وشهره أعطتها له الفانلة الحمراء في بداية مشواره، ورغم الأزمات التي مر بها إبراهيم مؤخرا إلا أنه يرى أنه استغل هذه الفرصة .. بين كل هذه التناقضات والأفكار "بوابة الأهرام الرياضية" حاولت أن تخوض داخل إبراهيم سعيد الإنسان لنعرف الفكر الذي كان يحركه خلال ال15 عاما الماضية.. تقريبا 15 عاما مرت على أول ظهور لك في الملاعب .. كيف ترى هذا المشوار؟ أنا كلاعب لدي ميزة كبيرة وهي أنني انضممت لمدرسة الكرة بالأهلي وعمري 9 سنوات، وكان لدي موهبة عالية تطورت تدريجيا مع التدريبات وبفضل الكثير من المدربين الذين تعاملت معهم، فأنا عندما دخلت الأهلي كانت موهبتي 50% إزدادت وأصبحت 100%، وعندما كان عمري 14 عاما قال لي الكابتن إبراهيم عبد الصمد مدرب فريق الناشئين بالأهلي وقتها إنني لا أصلح كلاعب كرة، وبعدها شعرت أنني خارج الأهلي وظللت أتدرب بمفردي لمدة عام، وكانت هذه هي المرحلة الفارقة التي غيرت حياتي وحاولت أن أثبت بعدها أنني لاعب جيد، وقلت للكابتن إبراهيم أنني سأصبح أفضل لاعب في مصر، وفي هذا الوقت أيضا كان الكابتن إبراهيم يوسف مسئولا عن قطاع الناشئين بالزمالك وطلب من والدي إنضمامي للزمالك إلا أن والدي رفض وقال له إن إبراهيم لن يلعب لأي نادي غير الأهلي، أنا أقول هذا الموقف لأنني تحديت كلام الكابتن إبراهيم عبد الصمد، فأنا أعيش نفس هذه الحالة من التحدي، وأستطيع العودة مرة أخرى.. هل تقتصر مشوارك خلال ال15 عاما في هذا الموقف؟ ليس كذلك، ولكن هذا موقف أثر في حياتي ولن أنساه أبدا، أما مشواري الكروي فهو صعب جدا وتعبت حتى أصل لما أنا عليه الآن، أنا ضحيت بمستقبلي الدراسي من أجل الكرة، وخلال هذه الفترة الأهلي أعطاني الشهرة والجماهيرية وأعلى من شأني كثيرا، ورغم إختلافي مع أشخاص داخل النادي إلا أنني لا أنكر فضل الأهلي على، فأنا أشبه مشكلتي مع الأهلي بخروج الإبن عن طوع والده وبدلا من أن يحتويه الوالد ويطبطب عليه دمر حياته، فالأهلي تعامل معي بمنطق أنني لن أنجح إذا تركت الأهلي، عموما أتذكر في بداية مشواري مع الأهلي كان البعض يتهكم على ويقول هل تعتقد أنك ستلعب في الفريق الأول بالنادي؟، ولكن بالإصرار والعزيمة والرغبة في النجاح تحقق الحلم، وأصبحت في الأهلي في شهرة صالح سليم وحسن حمدي ومحمود الخطيب، ومثلنا في الشهرة والنجومية محمد أبو تريكة.. تتحدث عن الأهلي وكأن تختصر كل مشوارك على الفترة التي قضيتها في القلعة الحمراء؟ لا أنكر أن الأهلي غير مجرى حياتي تماما، ومن خلاله صنعت لنفسي إسما في عالم النجومية، ولكن الأهلي لم يتعامل معي بالطريقة السليمة، كان من الممكن أن يتعاملوا معي بشكل أفضل ولكن هم أوصلوا للجمهور صورة سيئة عن إبراهيم سعيد، وكان طبيعي أنني عندما أطرد من بيتي أن أذهب للغريب خاصة إذا كان فاتحا ذراعيه لي وهذا ما فعله معي الزمالك، ففي الوقت الذي لم يتعامل معي الأهلي فيه "بحنية" وجدت الزمالك يمد يده لي، ونجحت معهم أيضا، وخلال الفترة التي لعبت فيها للإسماعيلي قدم الدراويش أفضل موسم لهم في ال10 سنوات الأخيرة، لأنني بوجودي معهم صنعت نوع من الروح والحماس والطموح لدى اللاعبين وهذا ما أقوم به في أي مكان ألعب فيه، وبالفعل كان الإسماعيلي أفضل فريق في مصر في هذا الموسم، حتى حدثت مشكلة العقد بيني وبينهم، ما أود أن أقوله هو إن إبراهيم سعيد "مش وحش" في المطلق، فكل مرحلة بها مميزات وعيوب.. أي شاب كان يتمنى أن تتاح له نفس الفرصة التي أتيحت لك .. فهل ترى أنك أجدت إستغلالها؟ أنا لدي مشكلة وهي انني حصلت على الشهرة وأنا في سن صغيرة، وهذا لا يحدث إلا مع 20% من لاعبي كرة القدم، ووقتها صنعت حالة غريبة، لاعب مميز بموهبته ومشاكساته ومشاغباته ومشاكله، شخصية مثيرة للجدل، لكن من يستطيع أن يتعامل مع هذه التركيبة وهذه المكونات ويضع يده على المميزات ويستغلها، ويتلافى العيوب، وكان من الطبيعي أن يتكلم عني الناس وينتقدونني في شخصيتي وليس في مستواي كلاعب كرة، فطوال مشواري لم يقل أحد لي "إنت وحش في الملعب" الجميع يتحدث عن مشاكلي، حتى مع الإتحاد السكندري رغم أنني لم أشرك كثيرا إلا أن الكلام والنقد لم يكن بسبب إنخفاض مستواي كلاعب ولكن بسبب المشاكل. هل هناك شخص إستطاع التعامل مع إبراهيم سعيد ووضع يده على مميزاته؟ الوحيد الذي استطاع أن يتعامل معي بشكل جيد هو مستر مانويل جوزيه، هذا الرجل رغم أنه عصبي جدا إلا أنه خفيف الدم ومدرب ناجح لأبعد الحدود، ورغم إنتقاد الناس له في أمور كثيرة إلا أنه لا أحد يستطيع أن ينكر أنه مدرب أكثر من رائع، وأنه من الشخصيات التي جعلت من إبراهيم سعيد إنسان مختلف تماما، وأكسبني خبرة كبيرة وترك علامة في تاريخي، صحيح أنه هناك مدربين كثرين استفدت منهم مثل البرازيلي ريكاردو مدرب الإسماعيلي السابق والكابتن حسن شحاتة إلا أن وضع مانويل جوزيه مختلف، وأنا متأكد أنه إذا كنت واصلت مشواري مع مانويل جوزيه كانت حياتي ستتغير بنسبة 100%. هل تعتقد أنك حققت أحلامك وأهدافك ؟ الحمد لله، أنا مؤمن جدا بقضاء الله وقدره، وكل ما يحدث لي هو أمر قدره الله لي يوم أن ولدت، وكان من الممكن أن أكون أفضل مما أنا عليه الآن مليون مرة، وأن يكون إسمي أكبر من ذلك، إلا أنني لم أخذ المساحة الكافية لأنه كان هناك أشخاص يريدون أن يبعدوا إبراهيم سعيد عن الصورة ويطيحوا بي بأي ثمن، لأنني صريح ولا أحب المجاملات وهذا سبب لي مشاكل كثيرة، وأنا اتذكر في إحدى المرات أنني تحدثت مع مذيع على الهواء في مداخلة تليفونية وبعدهها بكيت كثيرا فسألتني والدتي عن السبب فقلت لها هذا المذيع لا أحبه ولا يحبني "بس كلمته عشان يهدى عليه شوية"، وبعدها شعرت بتأنيب ضمير لأنني نافقت، ورغم كل ما سبق إلا أنني مازال لدي الكثير لأقدمه، وكان من الممكن أن أكون أفضل من هذا مليون مرة. قلت أن هناك أشخاص حاولوا الإطاحة بك .. فمن المسئول عن الحالة التي وصل إليها إبراهيم سعيد؟ بعض الإعلاميين على رأسهم الكابتن أحمد شوبير، فهو الذي أوصلني لهذه الحالة، ففي الفترة التي كان فيها الإعلامي الأول في مصر وكان الجميع ينتظر برنامجه، فتح الباب للآخرين حتى يتحدثوا عني بشكل غير جيد وكان دائما يضعني في رأسه برغم أنه ليس لدينا أي خلافات، وهو لم يكن يفعل ذلك بسبب خلافي مع الأهلي لأن هناك الكثير من إعلاميي الأهلي ساندوني ولم يهاجموني مطلقا، فشوبير في هذه الفترة كان عندما يقول معلومة على الشاشة كان الجمهور يستقبلها بكل صدق ولذلك فهو أضرني كثيرا وقطع رزقي في أوقات وأماكن كثيرة، فكنت سأعود للزمالك مرة أخرى إلا أنه هاجمني وتسبب في إيقاف الصفقة، وفي أزمتي مع الإسماعيلي تعامل معها بشكل يوحي بأنها أزمة كبيرة جدا وضخمها بشكل مبالغ فيه، شوبير أوصل للناس إحساس بأنني "يهودي" وأنني مستعد أن ألعب في "تل أبيب"، ورغم ذلك في مشكلته التي تعرض لها مؤخرا وبعد منعه من الظهور على الشاشة إتصلت به وواسيته وشكرني، ولكن عندما عاد مرة أخرى لم يتوقف عن الهجوم علي. هناك أشخاص تعاملوا معك يقولون إنك طيب وغلبان، ولكن ما يظهر على الشاشة وصفحات الجرائد غير ذلك .. ما تفسيرك لهذا التناقض؟ أنا عندي حالة من عدم الإستقرار في حياتي، لكن أنا لست سيء، بدليل حب الناس لي، وكلامهم على سواء بالسلب أو الإيجاب، فإبراهيم سعيد مادة جذابة للكلام، فمثلا مؤخرا اشتكي 25 لاعبا من الإتحاد مجلس إدارة النادي لإتحاد الكرة، ففوجئت بالجرائد تقول "إبراهيم سعيد و25 لاعبا يشتكون الإتحاد" وكأنني قائد التذمر، فأنا لعبت في أندية كثيرة وفي كل الأوقات كنت للجمهور وللصحف وجبة دسمة، فأنا مثلا منذ أن انضممت للإتحاد السكندري أجريت حوارات صحفية ومقابلات تليفزيونية أكثر من مشاركتي في المباريات، وأنا كشخص صعب أن تحكم عليه بدون أن تتعامل معه، وأنا لست مطالب بأن أذهب ل85 مليون مصري لأتحدث إليهم، فأنا لست رئيس قناة لأصل للشعب كله حتى أعرفهم من هو إبراهيم سعيد. ما هو أكثر شيء ترى أنك نجحت فيه خلال مشوارك .. وما هو الحلم الذي فشلت في تحقيقه؟ أنا نجحت في أنني وصلت للناس بشخصيتي بحلوها ومرها، لم أنافق أحد أو أضحك عليه، لست خبيث، في مميزات وعيوب، الناس تقبلتني بتقاليعي ومشاكلي ومشاغباتي دون أي تجميل، أما بالنسبة للحلم فأنا حققت كل ما حلمت به، قلت إنني سأكون أشهر شخصية في مصر، وهو ما حدث بالفعل، تمنيت أن أفعل شيئا يلفت نظر الناس ويجعلهم يتكلمون علي بإستمرا، وهذا ما نجحت فيه أيضا، كما أنني منذ صغري وأنا أتمنى الإحتراف في الدوري الإنجليزي ورغم أن التجربة لم تستمر إلا أنني حققت حلمي، كما أنني لعبت لأكبر 3 أندية في مصر، وحصلت على بطولتين أمم إفريقية مع المنتخب. إذا عاد بك الزمان 15 سنة للخلف .. هل كنت تتمنى أن تسير حياتك بهذا الشكل؟ أنا كنت متوقع ما حدث خلال مشواري، وتحديدا عندما بدأت الناس تتكلم عني، ووقتها والدي ووالدتي قالا لي "ربنا يسترها عليك من الحسد"، أنا في أوقات كانت صوري تملأ الجرائد والمجلات كانت تنشر "بوسترات" لي، فأنا اسمي كان لافتا للنظر في أي وقت وأي مكان، ولكن الحسد أثر على مسيرتي بشكل كبير، ولكن الحمد لله أنا حققت أمور الناس تكلمت عنها سواء بالسلب أو الإيجاب، فإبراهيم سعيد موهبة لن تتكرر إلا بعد 30 سنة قادمة، فهناك أسماء في تاريخ كرة القدم لن تنسى مثل الخطيب أو ابو تريكة وشوبير وأنا منهم، في نجوم كثيرين ظهروا ولكن نسيهم الجمهور. إذا لم تصبح لاعب كرة قدم كيف كانت ستسير حياتك؟ أنا منذ صغري وأنا لا أعرف شيئا غير كرة القدم، وكنت دائما أحلم أن أكون لاعب كرة قدم، وكنت أقول لوالدي وأنا أشاهد المباريات في التليفزيون، "عايز ألعب في التليفزيون"، وكأنني كنت أشعر أنني سأصبح أحد نجوم الكرة المصرية، حتى عندما كنت أهرب من المدرسة وأنا صغير كنت أهرب مع زملائي لألعب كرة. هل تشعر الآن بالسعادة؟ أنا مبسوط وسعيد جدا والسبب هو حب الجماهير لي، فأثناء تواجدي في الشارع في أي وقت الناس تناديني وتطلب التصوير معي وهذا أكثر ما يسعدني، هناك كيمياء بيني وبين الجمهور، وحب الجمهور هذا هو مصدر قوتي، وعلاقتي هذه مع الجمهور تطلبت مني جهدا كبيرا، فأنا أفضل فترات مشواري الكروي كانت مع النادي الأهلي وجماهيره، وعندما انتقلت للزملك كان الأمر صعبا فكان هناك حاجز نفسي بيني وبينهم، خاصة بسبب مباراة 6 1 ، وأخذت فترة حتى أصل إليهم، نفسي الأمر مع جمهور الإسماعيلي فكان بيني وبينهم نوع من المشاكسة عندما كنت في الأهلي. وما هو أكثر ما يستحوذ على تفكيرك، أو بمعنى آخر "إيه إللى واكل دماغك"؟ أمنية حياتي أن ألعب مباراة في استاد القاهرة ويكون مليء بالجمهور، سواء من خلال المشاركة مع المنتخب، أو يكون ذلك مع أحد الأندية الكبري الأهلي أو الزمالك أو الإسماعيلي، ومن ضمن ما يستحوذ على تفكيري هو أن يأتي اليوم الذي أرتدي فيه شارة كابتن منتخب مصر، وبعد هذا لا أريد شيئا. ما هي النصيحة التي تقدمها لأي شاب يحصل على فرصة مثل فرصتك؟ أي شاب كان سيمر بنفس الظروف التي مررت بها كان زمانه في مستشفى المجانين أو كان انتحر، فأنا أشبه حالتي بأنني كنت أسير في طريق وكل فترة أجد أمامي حائط يعيقني عن الإستمرار، وبعد أن أتخطاه أجد عائقا غيره، ولكنني تغلبت على كل هذا وأثبتت أني صاحب موهبة حقيقية، هناك لاعبين يثيرون مشاكل ومشاغبون أكثر مني إلا أنهم لا يحظوا بأي إهتمام لأنهم ليسوا في نجومية ولا كاريزما إبراهيم سعيد، وأقول لأي شاب عليك أن تتحدى نفسك حتى تحقق أهدافك. تفتكر الناس لما بتتكلم على إبراهيم سعيد بتقول أيه؟ الناس تقول عني أنني أجمد لاعب كرة في تاريخ مصر، وأن مشكلتي في دماغي وأنني عصبي ومجنون ومثير للمشاكل ودماغي مطرقعة. متى تعتزل؟ وأين ستنهي مشوارك؟ أنا مازال أمامي في الملاعب 6 سنوات، وسأعتزل وعمري 37 عاما، ولن أستمر بعدها لأنني لا أريد أن يتكرر معي ما حدث مع حازم إمام عندما طالبه الجمهور بالإعتزال، وسوف أنهي حياتي الكروية كما بدأتها سواء مع الأهلي أو الزمالك أو الإسماعيلي. هناك شخص صورته دائما في دماغك وتتمنى أن تكون مثله؟ أنا أحب طموح حسام حسن، ولكن بعيدا عن الكرة أنا معجب جدا بشخصية أحمد السقا في فيلم "الجزيرة"، فهي شخصية مركبة إنسان عنده قلب وطيب وذكي وشجاع وكان خيّر، ولكن في النهاية تركيبة شخصيته أوصلته للناس بهذه الصورة. بعد سنوات طويلة من الآن ماذا ستقول لأبناءك عن تاريخك؟ سيعرفون أن رأسي دائما كانت مرفوعة وأنني تحديت الجميع ولم أكسر، وسيعرفون أن والدهم كان محترما ولكن من يتطاول عليه يرد عليه هذا التطاول، أنا عندي قصص وحكايات كثيرة سواء مرتبطة بكرة القدم أم لا، فأنا كنت اذهب للنادي بالأتوبيس وفي إحدي المرات مشيت على قدمي من النادي الأهلي وحتى منزلي في كوبري القبة.